الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والإلحاد وجهاً لوجه [1]

إسلام بحيري

2014 / 12 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


-1-
ليس في الحضارة الإسلامية ملحد بالمعنى الحديث للإلحاد
دليل (كامبريدج) للإلحاد يقول: "من الصعب ان نضع تعريفا للإلحاد لأن هذا المفهوم (مذهب الإلحاد) تطور عبر العصور مواكبةً لتطور مفهوم (الإلــه). ورد عن سقراط أنه دعى إلى توحيد الألهة - لذلك بعض الإسلاميين ظن ان سقراط - كان نبياً - كان إلحاده، لأن الإغريق ضد التوحيد، كانوا يؤمنون بتعدد الألهة، وهنا نرى تطور مفهوم الإلـه.. فمن الصعب ان نقدِّم تعريفا واضحا للإلحاد، هذا يعتمد على مفهوم الإلـه ..
ولذلك إذا عرفنا الإلحاد بأنه (انكار وجود الله) فسوف تكون النتيجة أنه ليس في الحضارة الإسلامية ملحد واحد ولا ابو العلاء المعرّي ولا محمد بن زكريا الرازي ولا ابن الراوندي، وهؤلاء هم كبار الملاحدة المشهورين في تاريخنا كما ورد في كتاب د. عبد الرحمن بدوي (من تاريخ الإلحاد في الإسلام) : لا يوجد واحد منهم انكر وجود الله تبارك وتعالى، لكن انكروا اشياء دون ذلك، حتى ابن سينا، ابن رشد، وخاصة ابن سينا انكر العناية الإلهيـة متابعة لأرسطو الذي كان فكرهُ: (الله خلق العالم ثم تركه يُدير نفسه، الله لايعلم الجزئيات غير مشغول بها، الله مشغول في التأمل في ذاته الكريمة).. ولذلك وُسِما (ابن رشد وابن سينا) بالإلحاد. (ملحوظة : أخطأ أرسطو وابن رشد وابن سينا في هذه الجزئية، وأصاب محي الدين بن عربي وإخوان الصفا والصوفية، فإنهم قالوا أن العالم هو مرآة لله تعالى يرى فيه صفاته وأسمائه، ويقول السيد محمد ماضي أبو العزائم : أن هذه العوالم لا وجود لها إلا بعمل الأسماء والصفات الإلهية فيها إيجاداً ثم إمداداً).
واختلط مصطلح الإلحاد في السياق الاسلامي بمصطلح الزندقة.. انكار النبوة الحاد .. محمد بن زكريا الرازي أسُّ مشروعه الإلحادي الزندقي – ان جاز التعبير – إنكـــار النبوّة، ينكر النبوة ويسخر منها، لكن يؤمن بالله، يقول:" الله موجود لكن الله ليس بحاجة إلى أن يتصل بهذا العالم عبر بشر يُسمّونَ رسلاً.
من جهته الفيلسوف الشهير ( أندريـه لالاند) في قاموسه الفلسفي الشهير جدا وهو من أدق المعجمات والفواميس الفلسفية على الإطلاق، يقول: " لايمكن تعريف هذه المفردة إلا تعريفا لفظيا، نظرا لأن مضمون فكرة التلحيد يتباين وجوبا حسب ترابطه بمختلف التصورات الممكنة لله" .. تصوراتنا عن الإله مختلفة بين الثقافات والحضارات مختلفة، فأين الإلحاد ؟! ماهوا الإلحاد ؟ انكار ماذا ؟ .. ماتنكره هنا يُعدُّ هناك ايمانا وليس إلحادا والعكس.. إذن فتعريفه صعب.

-2-
لماذا ظل الناس يفعلون هذا
(علي عزت بيكوفيتش)
موضوع البحث عن وجود الله تبارك و تعالى و ما يتعلق بهذه الذات المقدسة التي تمثل أصل الوجود وأعلى مراتبه, ظل عبر العصور يستحوذ على مخيلة و على أذهان كبارالمفكرين و العلماء و الفلاسفة وعلى مخيلة الإنسان العادي.
وإذا ثبت أن الله تبارك و تعالى هو حقيقة الحقائق التي يبرهن بها ولا يبرهن عليها, فخطير جدا وخسارة فادحة أن يضل الإنسان عن هذه الحقيقة. فإن هذا سيكلفه الكثيرفي الدنيا و في العالم الآخر الذي لا يؤمن به.
وسوف يظل الموت لغزاً أمام كل ملحد، وطلسماً لا يستطيع فك رموزه، طالما أنه لا يستهدي بهدي الأنبياء والرسل الكرام الذين كانت دعوتهم واحدة على مدار التاريخ دون أن يلتقوا ببعضهم البعض في عصور لم تعرف أي وسيلة من وسائل الإتصالات الحديثة ولا القديمة.
سيجموند فرويْد كان يرى أن الإنسان هو الذي خلق واخترع إلــهه - وليس العكس – وقال في كتابه الشهير (مستقبل وهم) : (سيأتي يومٌ يتخفف فيه الإنسان من هذه العقيدة) (عقيدة وجود الله), يعني أن هذه العقبدة من ضمن أساطير الأولين البدائية، وخرافات ومخاوف عصور ما قبل التاريخ، ولكن رد عليه الفيلسوف المسلم " علي عزت بيجوفتش", قال : (لماذا ظل الناس يفعلون ذلك؟).. لماذا ظل الناس يخلقون إلههم في عصر الفضاء والسيطرة التكنولوجية على الطبيعة ؟ أنت يا فرويد تفترض أن الإنسان فعل هذا حين كان بدائيا و بسيط التفكير، لكن الإنسان الآن في القرن العشرين, و ما زال علماء كبار و فلاسفة و مفكرون و أذكياء من البشر يؤمنون، وهم الأكثر.. بحسب بعض الدراسات الإحصائية فإن هناك فقط 2,3 % من سكان الأرض الآن في القرن الواحد و العشرين ممن يصرحون بأنهم ملاحدة, أما اللاأدريين, الذين لا يعلمون أو لا يجزمون هل هناك إله أم لا، هؤلاء زهاء 12 %، و البقية على الإيمان, يؤمنون بالإله , إذن التأليه هو المذهب السائد و الكاسح حتى إحصائياً. فالأصل هو الإيمان حتى في الدول الغربية، والإستثناء هو الإلحاد.

-3-
الفرق بين الأمر المدلل والأمر المعلل
وحتى الآن لا يملك الملحدون براهين أو حجج قوية على مذهبهم اللاعقلاني، وهذا شئ طبيعي لأن كثير جداً من الأسباب التي دعت للإلحاد لم تكن محض أسباب عقلية برهانية إستدلالية إستنتاجية, بل كانت من باب العوامل. و هناك فرق بين السبب و العامل, بين الدليل و العلة, هذا أمر مدلل وهذا أمر معلل. الموضوع المدلَّل هو الذي يقوم دليل ما على برهنته اصاب أو أخطأ.. الموضوع المُعلَّل يتبرر بعوامل معينة بعِلَل لا بأدلة.. وأكثر ما يُقال انه اسباب ومبررات للإلحاد هي عوامل او علل للإلحاد ليست براهين وأدلة، اذن الإلحاد هو معلل لا مدلل ..
الآن ما يُعرف بالإلحاد الجديد مثل إلحاد "دوكنز" و "سام هيريس" و "دانيل دينيت" وأمثال هؤلاء إلحادهم يستند كثيرا على علل، على عوامل، وليس على أدلة .. يقول لك (الأديان هي سبب نكبة البشرية! انظر الى الحروب! انظر الى تاريخ الدنيا! ..الأديان دائما هي السبب!... لذلك نحن ألحَدنا !. هذا ليس برهان ، هذا تعليل.

والحديث بقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية