الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
القومية العربية والمشروع الامريكي الجديد في المنطقة
سعدي الابراهيم
(Saaide Alabrahem)
2014 / 12 / 13
السياسة والعلاقات الدولية
قبل اكثر من قرن من الزمان كانت بريطانيا هي الامبراطورية الاكثر نفوذا في العالم ، الى الدرجة التي وصفها البعض بأنها الامبراطورية التي لا تغيب عن مستعمراتها الشمس .
وكان المشروع البريطاني في المنطقة العربية يقوم على اساس دعم الفكر العربي القومي ، على حساب الفكر الاسلامي ، والغرض من ذلك هو تشتيت قوة الدولة العثمانية واضعافها ، من خلال كسر شوكتها التي كانت تعتمد كثيرا على الاسلام في ضمان ولاء الاقوام الخاضعة لسيطرتها ، ومنهم العرب .
وفعلا نجحت بريطانيا في ان تحرض العرب للوقوف بوجه الدولة العثمانية والثورة عليها ، اذ اصبحت العروبة لدى الانسان العربي اولا ، والاسلام ثانيا ، ومن اجل تدعيم هذا المشروع وضمان عدم الارتداد عنه دعمت تشكيل دول عربية على اساس قومي ، كما هو الحال في العراق ومصر .
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية ، كان النفوذ البريطاني العالمي قد قل تأثيره وتراجع شيئا فشيئا لصالح الاقطاب الجديدة ، وهي الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي ، الا ان الاتحاد السوفييتي كان اكثر نفوذا في المنطقة العربية من الولايات المتحدة الامريكية ، والاتحاد السوفيتي ايضا يمقت الفكر الديني لذلك استمر بدعم الدول العربية التي تجعل من الفكر القومي أيديولوجية سياسية للحكم .
الا ان هذا الأمر لم يعد يروق للولايات المتحدة الامريكية بعد ان انفردت بالقطبية الاحادية بعد عام 1990 عشية انتهاء الحرب الباردة ، فقررت ان تعيد صياغة العالم العربي الذي لم يكن لها دور في تشكيله في بدايات القرن العشرين ، وتعتبر القومية العربية والفكر العربي القومي الذي كان مدعوما بقوة من قبل بريطانيا ، خاصة في فترة ما بعد الحرب العالمية الاولى ، ومن قبل الاتحاد السوفيتي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، من اول الاشياء التي عملت الولايات المتحدة الامريكية على مسخها وتغييرها بصيغ جديدة حسب رؤيتها للعالم وكيفية ادارتها لمصالحها العالمية .
اما ما هو البديل الذي تريد الولايات المتحدة الامريكية ان تزرعه في المنطقة العربية كبديل عن الفكر العربي القومي ؟ ، فالإجابة على مثل هذا السؤال لا تحتاج الى الكثير من التفكير ، اذ ان الاحداث التي مرت بها الكثير من الدول العربية بعد عام 2011 تثبت بما لا يقبل الشك بأن الفكر الاسلامي هو الوريث الشرعي للفكر العربي القومي ، طبعا المقصود بالفكر الاسلامي هنا هو الاسلام السياسي الذي ترضى عنه الولايات المتحدة الامريكية والمسيطر على ايقاعاته من قبلها .
وهكذا ، فاذا كانت بريطانيا قد دعمت الفكر العربي القومي في بدايات القرن العشرين ، فأن الولايات المتحدة قد دعمت الفكر الاسلامي في بدايات القرن الواحد والعشرين .
ولكن اذا كان الهدف البريطاني من دعم الفكر العربي القومي هو أضعاف الدولة العثمانية وانهائها ، فما هو هدف الولايات المتحدة الأمريكية من دعم الفكر الاسلامي ؟
في الحقيقة ليس لدينا اجابة واحدة على هذا السؤال ، بل عدة اجابات ، لعل ابرزها هي لأضعاف الرابطة العربية القومية التي كان العرب يشعرون بوجودها دون ان يتمكنوا من ترجمتها الى ارض الواقع بدولة عربية كبرى .
واظهار الاسلام عاجزا عن حل مشاكل الدول التي تعتنقه ، كما فشلت العروبة في ان تحلها ، وبالتالي ستتخلى الشعوب العربية عن الاسلام السياسي كما تخلت عن الفكر العروبي من قبل ، وهكذا ستتأمن مصالح الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة وحلفائها وعلى رأسهم اسرائيل ، لأن الفكر العربي القومي ، والفكر الاسلامي ، يتفقان من حيث المبدأ على معاداة الغرب واسرائيل ، وبالتالي فأن الولايات المتحدة تجد ان من حقها التخلص من الاثنين معا ، عن طريق ضرب بعضهما بالبعض الأخر . وهو ما يحدث الآن في المنطقة العربية .
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ترامب يلتقي الشرع في البيت الأبيض ويؤكد أن واشنطن تعمل مع إس
.. نتانياهو يبحث مع كوشنر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق ال
.. السودان- مفوض أممي: الفاشر تشهد فظائع مروعة والأطفال فيها يم
.. الشرع لـ-فوكس نيوز-: سوريا دخلت عهدا جديدا بعد النظام السابق
.. فلسطينيو مخيم نور شمس يشكون النزوح القسري