الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علماء الأزهر.. هل تحولوا إلى دعاة يصدون عن سبيل الله ؟!

إسلام بحيري

2014 / 12 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من الحقائق المعروفة تاريخياً أن الشيعة الإسماعيلية (الفاطميون) هم الذين قاموا بإنشاء الأزهر، وذلك لكي يكون جامعة إسلامية ومؤسسة تعمل على وحدة المسلمين والتقاء جميع المذاهب الإسلامية على أساس من التسامح والإنفتاح الفكري والثقافة الإسلامية الأصيلة المنبثقة عن مدرسة أهل البيت النبوي.. ولذلك كان الأزهر الشريف من أهم إنجازات الدولة الفاطمية، لأنه قام بصنع الشخصية المسلمة السوية الوسطية، التي لا تقبل التطرف، ولا تقبل كذلك الذل لمستعمر، وتاريخ الأزهر يشهد بذلك فلقد قاد الأزهر الشريف المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي في مصر، وصب الفرنسيون جام غضبهم على الأزهر وضربوه بالمدافع والقاذفات وصدعوا جداره وبعض البيوت حوله، ولكنه لم يتراجع يوماً، وحاول نابليون أن يخدع علمائه ويقنعهم أنه مسلم إلا أنه لم ينجح.. قام أحد شبابه سليمان الحلبي بقتل الجنرال كليبر أحد أكبر جنرالات فرنسا الدمويين المشتركين في الحملة..

استمر دور الأزهر الشريف على هذا الخط التعليمي الثوري، إلى أن ظهرت جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 م التي أسسها "حسن البنا" الذي اعتبره "عباس محمود العقاد" أحد اليهود المتخفين مثله مثل مصطفى كمال أتاتورك في تركيا العثمانية.. كان حسن البنا صناعة بريطانية (لا يختلف في هذا عن محمد بن عبد الوهاب)، وكان تبعاً لهذا أحرص ما يكون على تثبيت أقدام المستعمر الإنجليزي في مصر، وهذا شئ بديهي لأنه لم يقتل هو وجماعته أي قيادي إستعماري واحد كما فعل "سليمان الحلبي" وإنما كان كل قتلاه مسلمون مصريون لهم مكانة بارزة في الحكومة المصرية آنذاك، قتل أحمد ماهر باشا، النقراشي باشا، أحمد الخازندار باشا، وغيرهم كثير في قائمة طويلة كان آخرها الرئيس محمد أنور السادات، السبب بديهي طبعاً.. لأنه كان سبب نصر 6 أكتوبر 1973 م. وهناك صورة مشهورة (موجودة على الإنترنت الآن) لحسن البنا وهو يمتطي سيارة للمستعمر الإنجليزي يخذّل الجماهير الثائرة ويقوم بتخديرها لمصلحة الإستعمار، وهناك صورة أخرى له وهو يركع ويقبل يد ولي نعمته الملك عبد العزيز آل سعود الذي كان يدعمه ويموّله ليكون حركة سياسية تبسط عباءة الفكر الوهابي على مصر لتكون ولاية تابعة للرياض، وكان هذا رد فعل على حملات "محمد علي" باشا على حركة "محمد بن عبد الوهاب" المتطرفة، وانتقاماً من مصر عن طريق جماعة "الخُوّان المسلمين" كما كان يسميهم "عباس العقاد" رحمه الله.

لما اندلعت ثورة 1919 م بقيادة الزعيم الوطني الكبير سعد زغلول باشا، كان كل علماء الأزهر متحالفون معه ضد الإنجليز.. واستمر هذا التحالف حتى سنة كم ؟ 1928 م ! السنة الكبيسة التي ولدت فيها الجماعة الصهيونية.. حيث ظهر بعد ذلك تيار أصولي داخل الازهر (من الإهوان المسلمين) يعارض سعد زغلول (نفس سياسة تأييد المستعمر).

ومن ضمن جرائمه الخفيّة الكثيرة في حق مصر، والتي لا يفهمها إلا سياسي محنك : أحدث "جمال عبد الناصر" أول صدع حقيقي في جدار مكانة الأزهر في المعارضة السياسية هو صدور قانون "تنظيم الأزهر" الذي صدر عام 1961 الذي كان بمثابة قانون لتأميم وتكميم للأفواه، حيث جعل اختيار شيخ الأزهر بالتعيين بقرار جمهوري عن طريق السلطة لا بالإنتخاب.. وقد تم إلغاء هذا القانون المشئوم سنة 2012 م بعد ثورة 25 يناير في محاولة لاستعادة دور الأزهر شبه الميّت.

رسالة إلى علماء وأساتذة وطلبة الأزهر :
1- إياكم أن تتخذوا رسالتكم حرفة أو وظيفة، لأنكم أصحاب امانة ومؤتمنون على دين وثقافة الأمة ومسيرتها الحضارية، لابد أن تكونوا أصحاب هدف وحملة رسالة. كان سفيان الثوري يقول : يا معشر العلماء يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد!.
2- لابد أن يصل صوتكم إلى الجهات المسؤولة في الأزهر.. لا تسكتوا على منكر ترونه، تكلموا ولا تخشوا في الله لومة لائم، لابد أن يعلو صوت الحق صوت الباطل، فكثرة المعارضة تكسبها قوة ولابد أن تترك أثراً ولو بعد حين، والله حافظ لكم ومسددكم ومؤيدكم.
3- لا تقتصروا في مطالعاتكم على التراث المكرور ومقررات الازهر التقليدية، بل لابد من النظر في تراث حركة النهضة الإصلاحية التي تزعمها الشيخ محمد عبده في القرن الماضي، وأهم منها تراث الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم، فهذا رجل عظيم مجهول القدر، وعالم أزهري مقاصدي صوفيّ مستنير يفوق الشيخ محمد عبده، ولكن عليه تعتيم إعلامي كبير، وهو عالم ومفكّر وإصلاحي لم يُوفّ - حتى الآن - حقه من الإنصاف والإعتراف.
4- لابد أن تعلموا علم اليقين أن التراث -بما فيه الأحاديث المنسوبة للنبي ص- قد امتدت إليها يد الحكام وطالتها ألاعيب السياسة، وتم تهذيبها وتشذيبها وأنسنتها بما يتوافق مع استقرار الأمر للحاكم والسلطان لا سيما في عصر الدولة الأموية والعباسية حتى قرب استواء تدوين السنة على سوقه في عصر الخليفة المتوكل العباسي.
لذلك لا تقشعر جلودكم حين تسمعون مسلماً مثقفاً يرد بعض أحاديث البخاري أو مسلم وهما أصح كتابين بعد كتاب الله.. نعم هما أصح كتب الحديث، لكن لا يجوز مقارنتهما بكتاب الله لأن نقله تم بالتواتر ووهو متعبد بتلاوته وبحفظه في الصدور عن ظهر قلب، فهل البخاري متعبد بتلاوته وحفظه ؟ كلا ! إذن ليست له قدسية كتاب ينقل (ظنياً) عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، وكلكم يعلم مرتبة حديث الآحاد وأنه ظني الثبوت.
5- وهنا نقطة مهمة هي: (وجوب معرفة الفرق بين العالم والمفكر)..
حدثت في الفترة الماضية خلافات ومشادّات بين بعض علماء الأزهر التقليديين (الذين لا يعلمون الأثر السياسي على مسار كتابة الحديث) وبين بعض الشخصيات المستنيرة التي لا نشك في إخلاصها وتجردها لله ورسوله، مثل المستشار "أحمد عبده ماهر" والباحث والكاتب المحترم "سامح عيد" والإستشاري النفسي د. "أحمد عمارة" (يقول أن هذه النوعية من الأحاديث تسبب لكثير من الشباب أزمات نفسية، وقد يأتوني وقد ألحدوا بالفعل)! ومنهم مؤخراً شخصيات أزهرية عليها عمامة الأزهر كالشاب المستنير والشيخ القيادي الثوري الميداني "محمد عبد الله نصر" خطيب ثوار ميدان التحرير.. أقول :
يجب على علماء الأزهر أن يعلموا العلاقة بين العالم والمفكر لكي ينحل هذا الصراع (وإن كنت أجزم أنه لن ينحل بالطبع لأن هناك عوامل أخرى تتدخّل مثل المصالح الشخصية والمكانة الأدبية التي تحول ضعفاء النفوس والعقول دون الإنصياع للحق).
فالعالِم يبحث في الجزئيات والمفكر يبحث في الكليات.. والجزئيات هي دقائق علم الفقه والتفسير والكلام.. وأما الكليات فهي دراسة الحريات العامة في الإسلام وخصائصه ومميزاته، ومعرفة الجاهلية ومذاهبها، وتاريخ الحركة الثقافية والسياسية في الإسلام، ومعرفة العلاقة بين العلماء والسلطان عبر التاريخ وأثر هذا على كتابة الحديث والفقه، ودراسة واقع الأمة ومحاولة إيجاد العلاج..
لذلك فالعالم يمكن أن تصدر عنه فتاوى معتمدة صحيحة لا يستطيعها المفكر، والمفكر يستطيع حل إشكالات في التراث ويعالج قضايا دينية يثيرها الرأي العام قد يقف أمامها العالِم التقليدي مكتوف الأيدي أو مربوط اللسان، وإن تحديث كان حديثه موضع التندّر والسخرية لأنه يبحث في الجزئيات فقط ! نواقض وضوء.. سجدة سهو.. طلاق معلّق.. الخ، ولو كان من علماء الكلام يبحث في العقائد، ولكن لا يستطيع أيضاً أن يواجه تيار الإلحاد المعاصر، لأنه في الغالب سيرد عليهم بما قاله أحد علماء خراسان أو بلخ أو ترمذ في القرن الرابع الهجري! وأما المفكر فيقدر على مواجهة الملاحدة في سهولة ويسر لأنه يبحث في الكلّيّات.. ويدري جيداً فضل الإسلام على البشرية، ولذلك لو واجهه ربوبي لا ديني بشبهة حول الجهاد أو التعددية فسوف يرد عليه بقلب ثابت لأنه يعلم أن الإسلام جاء لتحرير الشعوب، ويعلم تاريخ هذه الشعوب كيف كانت تئن تحت نير الطغاة حتى حررتها جيوش الإسلام، وأما العالم فلا يعلم شيئاً عن هذا..
لذلك أرجو من علماء الأزهر أن يفقهوا هذه القضية تماماً لأنهم لو لم ينتهوا فسوف يخسف الله بهم الأرض كما فعل بالجماعات المتطرفة.

والله ناصر دينه ولو كره المتكبرون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا ابن عمي
ياقوت الصحراء ( 2014 / 12 / 20 - 13:54 )
ألم ترى كيف ان الأزهر افتى برضاع الكبير و حمل المرأة يمكن ان يكون 4سنوات،اضافة الى فتوى قتل الدكتور فرج فودة و المناظرة التي يتهم فيها سالم عبد الجليل الدكتور سيد القمني بالكفرـالأهر مؤسسة ارهابية بامتياز بل و كل المساجد لاتي لم تخرج لنا الا نصائح الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر اي معنى ان تمنع الحرية و قيد للتدخل في شؤون بعضنا البعض،على فكرة انا حبيت الإسلام على طريقة جمال البنا,,,,,,عندي سؤال الك يا دكتور انت متجوز؟

اخر الافلام

.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي


.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل




.. بحجة الأعياد اليهودية.. الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي لمدة


.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر




.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري