الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في مكتب السيد الرئيس / قصة قصيرة
ملهم جديد
2014 / 12 / 22الادب والفن
نهض عن كرسيه و اتجه نحو النافذة ، بعد أن أمر حاجبه بإدخال وزير الدفاع . لم ينتبه الرئيس إلى جمال السماء الزرقاء بعد أسبوع طويل معتم لم تتوقف فيه الأمطار عن الهطول ، كما لم ينتبه إلى زقزقة العصافير و هي تحتفل على طريقتها بعودة الشمس . كان ما زال واقفا خلف النافذة ، عندما دوت خلفه خبطة حذاء وزيره على بلاط المكتب اللامع كقطعة من الكريستال . كان الرئيس قد أمر بتغيير البلاط عشرات المرات في العشرين سنة الأخيرة ، و لم يتوقف عدم رضاه و تذمره ، حتى انضم إلى مهندسي القصر مهندس شاب فهم على التو رغبة الجنرال في إكساء مكتبه ببلاط يضاعف من صوت ارتطام أحذية من يدخلون المكتب بالأرض و هم يؤدون التحية العسكرية . لم يلتفت خلفه ، و تابع التحديق بالعاصمة التي تمتد من سفح الجبل الذي يقبع قصره على قمته ، و حتى المطار البعيد الذي كان بالكاد يُرى ، و لم يكن هناك من علامة على وجوده سوى الدخان الأسود الذي كان ما زال يتصاعد منه ، بعد القصف الذي تعرض له في الأيام الماضية قبل الإتفاق على الهدنة التي يحمل وزير دفاعه نسخة منه ليوقعها الرئيس قبل العودة إلى طاولة المفاوضات . كان وزير الدفاع ما زال واقفا كصنم في وسط المكتب الأنيق و الموحش . " ضع الورقة على المكتب " " أمرك سيدي " تقدم الوزير بهدوء متحاشيا إصدار أي صوت . بعد أن وضع الورقة عاد إلى حيث كان يقف منتظرا ، و لم يكن ليُؤْنِس وحدته تلك، سوى نحلة بدأت تحوم فوق سطح المكتب الزجاجي ، حيث قدَّر بأنها تبحث عن بقايا العسل الذي ،ربما، لم تصله ممسحة الحاجب بعد تناول الرئيس لفطوره . و بينما كان ما زال يفكر إذا كان من الحكمة أن يقول " أية أوامر أخرى سيدي " أو الإنتظار ، استدار الرئيس و اتجه نحو كرسي المكتب . كانت الورقة أمامه و لم يكن ليحتاج سوى إلى قلم سارع الوزير إلى مناولته إياه ، و العودة حيث كان يقف . " سآخذ باقتراحك و أوافق على الهدنة. " ارتبك الوزير الذي لا يتذكر بأنه سُئل عن رأيه في الهدنة ، و مع أنه كان قد بدأ يعاني في السنوات القليلة الماضية من النسيان و فقدان متقطع للذاكرة ، إلا أنه كان متأكدا بأن الرئيس لم يسأله عن رأيه . كان الرئيس ما زال يحدّق فيه، فهز برأسه ، ثم تابع الرئيس" اقتراحك ليس سيئا ، فالهدنة فترة ضرورية للتحضير من أجل متابعة الحرب " ، ابتسم بعدها ، و طلب بلهجة ودودة من وزير دفاعه الجلوس . ربما كانت هذه هي المرة الثانية التي يجلس فيها وزير الدفاع في المكتب طيلة السنوات العشرين الماضية. شعر الوزير بالإسترخاء ، ففك الزر الأخير في ياقة قميصه المشدودة على رقبته المنتفخة ، و تردد لبعض الوقت، قبل أن يتجرأ و يطرح السؤال الذي سوف يكلفه حياته فيما بعد " و إذا لم تحصل الحرب ؟." تغيرت ملامح الرئيس و اختفت الأسنان اللامعة في فكه ، حدّق في وزيره و قال " إذا لم تحصل الحرب تكون فترة الهدنة قد ذهبت هدرا ." تلعثم الوزير و كان يود أن يقول شيئا عندما أكمل الرئيس ، و كان صوته قد بدأ بالإرتفاع " و لأنني أكره الهدر فلا بد أن تحصل الحرب ."
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح