الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم الله - الجزء الثالث : مَن خلق الكون ؟

مهاب مجدى يوسف
()

2014 / 12 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


.
( يُرجى مراجعة المقال السابق عن المغالطات المنطقية أو فتح المقالتين معاً أثناء القراءة :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=446501 )
.

في البداية لابد من إيضاح الفرق بين ثلاثة أسئلة :
1- كيف تكوّن الكون ؟
2 - مَن خلق الكون ؟
3 - لماذا خُلق الكون ؟

السؤال الأول يجيب عنه العلم فقط ، " لأن العلم يصف الظاهر و المحسوس فينطلق منه ليصل إلى الإعتراف بأن هناك تسلسلاً زمنياً ، و ذلك التسلسل خاضع لإختبار حسي " . أما السؤال الثاني و الثالث : هما من إختصاص العقل ( الفلسفة ) أو العقل و الوحي معاً ( اللاهوت ) .

هذا المقال ليس لمناقشة السؤال الأول فهو سؤال علمى بحت .. لكني سأناقش السؤال الثاني من زاوية فلسفية فقط ( المقال القادم نظرة لاهوتية للأسئلة الثلاث معاً ) ، فلنبدأ ....

صفحات الإنترنت و كتب اللاهوت النظري تمتلئ بما يُسمى الدليل الكوزمولوجي ، يتلخص هذا الدليل في أن " الكون موجود ، و كل موجود لابد له من واجد ، إذاً الكون مخلوق و خالقه هو الله "، و هذه هي الطريقة الكلاسيكية لعرض هذا الدليل . يوجد طريقة درامية لعرض الدليل و هي تبدأ بالنظريات الآخري التى تُقدم بديلاً عن فكرة الخلق ، ثم يقوم المتحدث بنقد هذه النظريات ليثبت صحة نظريته بناءاً على خطا النظريات الآخرى ، أو يقول بأن نظريته صحيحة لعدم القدرة على إثبات خطأها أو إثبات عكسها ( مغالطة عبء الإثبات Burden of proof ) ، أو الإلتجاء إلى نقد النظريات الآخرى عن جهل أو بقصد عن طريق السخرية و هي مغالطة منطقية آخرى : رجل القش Straw man ، ثم تبدأ المشاكل و المشادات و الخلط بين الخطاب العلمي و الخطاب الفلسفي . لا شك أن الكون مثير جداً للتساؤل عن تكوينه و إبداعه ، و أن عقل الإنسان يسعى إلى طرح تساؤلاته اللانهائية عن الكون و مَن خلقه ؟ و هل هناك قصد في ذلك ؟ و لكنني لا أرى أن هذه التساؤلات يمكنها أن تقوم مقام الدليل ...

فمثلاً سؤال " مَن خلق الكون ؟ " ، هذا السؤال هو نقطة الخلاف الأولى بين المؤمن بوجود إله و الغير مؤمن ، و رأيي الشخصي أن هذا السؤال في حد ذاته مغالطة منطقية تُسمى إستجداء السؤال Begging the question ، فمَن يستخدم هذا السؤال يحتج بنقطة الخلاف و هي " خلق الكون " ، لذا لابد من مناقشة خلق الكون لحل الخلاف أولاً ! و لكن ماذا سيكون " الدليل " على أن الكون مخلوق ؟؟ لا يمكن أن يكون الدليل أنه لا يوجد أي تفسير آخر ! لأنه في هذه الحالة ستكون مغالطة منطقية آخرى كما ذكرنا . لذا فالكون هو مُثير للتساؤل عن خالق الكون ( لكنه ليس دليلاً ) و عن هل هناك من الأساس خالق للكون أم لا . فجميعها تساؤلات الفيلسوف الذي يفكر أو الإنسان العادى الباحث عن الأجوبة ، و لكن لا يجوز إعتبار هذه التساؤلات أدلة .

* و لابد أن أذكر أن إتخاذ عدم وجود دليل على أن الكون مخلوق كدليل على أنه غير مخلوق هو أيضاً وقوع في مغالطة عبء الإثبات ، لأنه كما ذكرنا في المقال السابق أن هذه المغالطة ثنائية ، يمكن الوقوع فيها من الطرفين .

نقطة ثانية .. " إله الفراغات " :
تسائلت الديانات الوثنية عن سبب ميلاد شخص جميل الوجه و شخص قبيح الوجه و توصلوا بفلسفتهم البسيطة أنه لابد أن يكون هناك إله للجمال ، و تسائل غيرهم عن سبب أن هناك شخص يربح في عمله و شخص يخسر فتوصلوا إلى أنه هناك إله للحظ ، ثم جاء بعدهم البعض ليسأل عن سبب حدوث كسوف الشمس ليصلوا إلى القول بأن هناك إله يأكل الشمس ثم يقومون بإصدار أصوات و طبول ظناً منهم أنهم هكذا يخيفونه ليهرب . كل هذه الأمثلة قد تجعلنا ننظر إلى الموضوع بهذه النظرة بسبب إستخدام إله لسد أى شئ غير مفهوم ( مؤقتاً ) !

الخلاصة : قد يكون الكون يثير التساؤل عن " الخالق " ( لكنه ليس دليلاً ) أو عن هل هناك خالق أم لا ، و لكن ليس بالضرورة أن يكون هذا التساؤل يقود إلى الإيمان بوجود خالق .

.
.
http://www.facebook.com/mohab.magdy.youssef








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س


.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: صيغة تريتب أركان الإسلام منتج بش