الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا أكفر إذن أنا موجود !

إسلام بحيري

2014 / 12 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


-1-
في إحدى المقابلات مع "ريتشارد دوكنز" سأله المحاوِر عن نظرية التطور وأنه ليس لها علاقة بعلم الفيزياء ونشأة الكون والحياة.. فلماذا يفسر دوكنز بها كل شئ.. حتى وجود الله ؟

فتهرب دوكنز إلى محور آخر قائلاً : لماذا لا نتحدث عن الطبيعة نفسها فقط، وننتهي عن الحديث عن إله غامض ؟!

فتسائل المحاوِر عن كيفية غموضه

فقال له : لأنه لا يغفر! اهـ

من أسباب الإلحاد في الغرب المسيحي : تلك الصورة البولسيّة السيئة (التي وضعها اليهودي بولس) عن الله..

فالله في المسيحية الحديثة لا يغفر بالفعل.. على عكس ما هو في الإسلام..

وهم يعتقدون أن المسيح قد مات على الصليب لحل هذه الجزئية.. لأن الله لا يغفر ولكنه يريد أن يغفر!! فكان الحل أن أرسل ابنه الوحيد ليفدي به العالم.. هذه هي فلسفة الغفران والصلب والفداء في المسيحية، وهي تعقيد بائد طبعاً وكلام فارغ وأساطير وثنية، لأن كل الوثنيات تشترك في مسألة الصلب هذه، بسبب عدم فهم الإنسان لربه - على التمام - قبل بعثة النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حيث كانت البشرية في طور الطفولة والمراهقة لم تبلغ رشدها بعد، وما أن سطع نجم هذا النبي الكريم في مكة حتى أضاء الدنيا بعلوم نورانية ومعارف أدبية وحقائق إيمانية لم تعرفها البشرية من قبل.

الله في الإسلام غفور رحيم.. (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم).. بل خلق الخلق لكي يغفر لهم ويرحمهم.. لأنه بدونهم لا يمكن ظهور هذه المعاني مطلقاً.. سيغفر لمن ويرحم من.. الملائكة كائنات مطيعة لا تعصي الله.. ولذلك لا يمكن ظهور الغفران والرحمة من خلالها.. ولذلك خلق الله الإنسان فيه إرادة الشر والخير متصارعتان.. (وهديناه النجدين).

يقول النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم (والله لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم)!

وهذا الحديث من أغرب الأحاديث النبوية معنى عند من لم يفهم فلسفة ظهور الأسماء والصفات.. وهي من كنوز المعرفة الصوفية في الإسلام. وأكثر من حذقها وأتقنها السيد محمد ماضي أبو العزائم ثم محي الدين بن عربي.

وعليه : فنحن ليست لدينا مشكلة مع الله في الإسلام، وليس عندنا هذه (الكلاكيع) والتورّمات اللاهوتيّة التي في الفكر البولسي المسيحي.

-2-

ألاحظ أن الملاحدة العرب يهربون من واقعهم المتخلف إلى عالم يصنعونه بخيالهم على حساب عقولهم ومشاركتهم المجتمعية في البناء والنهضة.. يحاولون رفع مكانتهم الأدبية عن طريق التميُّز الكاذب عن الآخرين "ولا بأس أن يسمونهم قطيع" مع أنني أشعر أن الملحدين قطيع من قطعان كثيرة في موكب البشرية اليوم.. فالقطعان أشكال وألوان! وما ظنك بقوم يتبعون أهوائهم على حساب عقولهم ؟ ويتدرعون ويتترسون بالعلم التجريبي تارة وبالعقل تارة على عدم وجود الله، في حين أن كليهما ليس له علاقة بهم بل هما حجة عليهم.. فالعلم التجريبي لا يثبت ولا ينفي الميتافيزيقا ولا يستطيع البحث فيها.. وإنما هذا يتعلق بالعقل الذي يتبجحون به بقولهم (اقنعني) و (ما الدليل).. وهم في هذا يدورون حول محور (البصر) لا (العقل).. لأن العقل يقول بضرورة وجود مصمم لهذا العالم الكبير ولهذا الإنسان (العالم الصغير).. وليس هو الإنتخاب الطبيعي، لأن الإنتخاب لا يفسر النشأة وإنما التطور فقط.. وأما نفس نشأة الكون وخلق الإنسان بهذا النظام الدقيق المحكم : فإن العقل يرفض مذهب الإلحاد جملة وتفصيلاً وينادي بوجود خالق عظيم حكيم عليم رحيم بالإنسان.

إذن ماذا يريد هؤلاء البصريين غير التميّز بالكفر ؟ كأنهم يقولون : أنا أكفُر إذن أنا موجود!!

وليس أنا (أفكّر) لأنهم لا يفكّرون بل يعطلون عقولهم تماماً.. وبالفعل تجد مستوى التفكير والمستوى العلمي متدني تماماً في كتاباتهم. وتلمس تشابهاً كبيراً بينهم وبين (السلفيين) في أصول التفكير ومحاولة التميّز عن طريق "السلطة الدينية" سلباً أو إيجاباً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد