الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما أخطأ البابا.. وأصابت امرأة !!

ارنست وليم شاكر

2014 / 12 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما أخطأ البابا .. وأصابت امرأة

في عام 1948 م وقفت راهبة في الثلاثينيات من العمر ، أمام باب الدير حيث تقيم .. وهو المدرسة أيضا التي تُعلم فيها في "جلجوتا" ، واحدة من المقاطعات الفقيرة في الهند ... تُعلم فيها البنات من الطبقة البرجوازية .. هذه الطبقة المترفعة عن العوام .. الحسنة الهندام .. على النمط الإنجليزي المثلج في الهند الواقعة جغرافيا على ضفاف جهنم الغربية .. عاشت هذه الطبقة في انعزال خوفا من أن تتأذى برائحة الفقراء .. فتفسد عليها الأجواء، هم لا يسيرون على الأرض إلا قليلا .. خوفا على قمصانهم البيضاء من التراب .. وإن ساروا فهم يسيرون على الأرض في خيلاء، ساخطين على الطرقات التي تحمل قاذورات أسمها فقراء ...الفقراء مصدر كل بلاء ، وسبب انتشار الأمراض .. وأس القبح .. فوجودهم خطأ واجب التصحيح وإلا تقيأت الأرض في وجه الجميع ......

كان على الراهبة أن تختار ... أما العودة للدير .. في رهبنتها حسب قواعد اللعبة المرسومة ، والمراسيم المسنونة .. وأما الهجر .. والنوم خارج الدير .. فالدير لا يأوي ولا يطعم إلا أبناء الطاعة ... وقد حُذرت أكثر من مره أما الأتباع أو الترك بغير معروف ... فرئيسة الدير ، مدعومة برأي أسقف الدائرة .. بعد بحث قضية هذه الراهبة المعاندة، التي بلغت في تجاوزها حد الصلف لأنها ... أولا : أخلت بمبدأ الطاعة العمياء هي أول قوانين الرهبنة .. ومن خالف هذه القاعدة صار أسوء ممن ترك الإيمان برمته .. ثانيا : صورة الكنيسة والدير ... مهددة بهذا الراهبة التي تريد الخروج من الدير لا لتبضع وشراء كل ما تجود به الهند من كل ما لذ وطاب .. بل تريد مساعدة الفقراء !! .. ومعالجة الضعفاء !!.. وتطبيب أصحاب العاهات !!... ومسك يد محتضرا أوشك على الموت في أخر لحظات له في هذه الحياة !! ....

بقيت هذه الراهبة .. بين ناريين ... نار النذور ، والعهد المقطوع بالطاعة العمياء .. ووعدها لأبيها قبل الرحيل إلى عالم الغير-عائدين ، بأن تهجر الحياة وتستريح في حضن المسيح ... ولكنها تتذكر أبيها الذي أوصاها قبل أن يموت: كوني ما تشائين ولكن كوني في خدمة الآخرين .. كوني بسمة على وجوه المحزونين .. كوني يد ممدودة لتمسح دموع المستضعفين ....

هي في حضن المسيح؟! نعم !!... ولكن مَن يعزي قلوب هذا الجمع الغفير من بشر ، صار لونهم لون التراب .. طعامهم من قاذورات ما يلقيه الأغنياء بعد تعفنه ... والمرضى بالجذام والمنبوذين أصحاب الأمراض المعدية والمحتضرين .. وهل من الإيمان ومن الحب ومن العدل أن يموت البشر في الطرقات ... ينفقون كما تنفق الكلاب ...

صوت داخل قلب الأم تريزا صرخ ... وكأنها تعيد اكتشاف معنى المسيح .. عندما يكون حياة وحب وعطاء ... المؤسسة تخطئ ولو كان عددها فوق المليار على الأرض ... البابا يخطئ ولو كان معصوما بقرار من مجمع مقدس .. وعصمته صارت قانون إيمان ... الكنيسة تحولت لبنايات من حجر .. وكان عليها أن تكون سحابة من القلوب الرحيمة ... العالم كله يمكن أن يفقد صوابه في اليوم الذي فيه رجل واحد يموت على قارعة الطريق بلا لمسة صدق إنساني تسبق خروج أخر نفس من صدره الممزق .. الدنيا جحيم، كلها نار أكلة ، مادام هناك طفل لا يجد صدر امرأة حانية ....

وكان قرار الأم تريزا ترك الدير .. والالتزام بالرسالة .. هجر القوانين والسير وفق صوت القلب النابض الذي أدرك معنى المسيح ، المعنى الذي هجرته الكنيسة/الدولة/المؤسسة ....

بلا دعم ولا عون ولا موضع لرأس .. خرجت لم تعرف أين ستنام ليلها .. كل ما عرفته أن هناك شيخ يلفظ أخر أنفاسه تحت أنقاض من قاذورات والمارة يمرون ولا أحد يسمع حشرجات صوته الأخيرة .. فقد أعتاد الناس الموت على الطرقات ...
لتكن هذه هي رسالة المسيح .. لن يطيل وجودها بجانبه دقيقة من عمره .. ولكن يكفيها أن الشيخ في أخر لحظة .. شعر أن الإنسان لم ينقرض بعد من الأرض .. ويكفيها أنها أغمضت عين شيخ قرر أن يموت فلا يرى وحشية البشر بعد .. فقد شبع المسكين من فجرهم ....

مرت الأيام بالأم تريزة .. تارة يجيء دعم من بعض من رقت قلوبهم لحالها وحال من ترعاهم .. وكثيرا ما ينقطع الدعم ، لأن كثيرين انضموا لصوت الكنيسة .. هذه امرأة مجنونه .. الشيء الوحيد الذي لم ينقطع هو شعورها بأن هذا هو الطريق .... وبقيت حتى الموت مصباح ينير هذا الطريق .. رغم دعوة المندوبين البابويين للكف عن هذه السفاهة .. والعودة للرشد .. وطاعة المرشدين الروحيين .. وصوت الكنيسة النافذ .. فلا تجيب بغير : لو كان الأمر بيدي لأطعت ؟؟؟
في "جلجوتا" حولت جزء من معبد مهجور ل" كالي " إلهة الموت والدمار في الديانة الهندوسية إلى منزل لرعاية المصابين بأمراض غير قابلة للشفاء ليموتوا بكرامة . وتوالت بعد ذلك المنشئات التي شيدتها بدموع العطف .. فأقامت " القلب النقي " دار للمحتضرين أيضا وليس لهم أهل يرعاهم .. و "مدينة السلام" لإيواء المنبوذين المصابين بأمراض معدية .. ثم أول مأوى للأيتام في يشيد في هذه المدينة .... وأمتد نشاطها حتى شمل كل الهند وأستمر وبلغ بلدان أخرى ..
وجاء المحتاجين من كل حدب وصوب يتباركون بحضورها النقي يتلمسون طرف ثوبها المقدس ، وجاء أصحاب القلوب الرحيمة يعطفون على أصحاب المقهورين في الأرض عند قدميها .. ووقفت هي في عقد الإيمان الطاهر العامل بالمحبة .. عالية الهامة تصل إلى السماء ..

ولينظر العالم كله كيف أن البابا أخطأ وأصابت المرأة
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عيب اعمل معروف
سرجون البابلي ( 2014 / 12 / 26 - 09:52 )
هل القصة من خيالك ام حقيقية واي دير يمنع الراهبات من مساعدة الفقراء ؟
عليك بقراءة سيرة حياتها الحقيقية وليس من خيالك عيب؟

اخر الافلام

.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #


.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع




.. #shorts yyyuiiooo


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. يهود #بريطانيا يعتصمون أمام البرلمان في العاصمة #لندن للمطال