الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاهرة كما شاهدها ابن خلدون منذ ستة قرون

حسني إبراهيم عبد العظيم

2014 / 12 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


القاهرة كما شاهدها ابن خلدون منذ ستة قرون


ابن خلدون هو ولي الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن جابر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن خالد بن عثمان الحضرمي, ولد في تونس عام 1332م/732هـ لأسرة أندلسية عريقة تعود إلى أصول يمنية في حضرموت, وينتهي نسبها إلي الصحابي الجليل " وائل بن حجر" رضي الله عنه، الذي كان من كبار الصحابة وتولى تعليم القرآن ونشر الإسلام في اليمن.

كانت حياة ابن خلدون مليئة بالأحداث، وجاب في الشطر الأول من حياته العالم الإسلامي من غربه إلى شرقة، وتنقل بين مدنه العامرة من ابتداءا من تونس مسثط رأسه إلى غرناطة، وإشبيلية بالأندلس، مرورا بفاس وتلمسان وبسكرة ووهران بالمغرب العربي، ثم الإسكندرية والفيوم والقاهرة بمصر، ودمشق، في الشام.

غير أنه لم ينبهر بأي مدينة زارها قدر انبهاره بمدينة القاهرة، ولم تطل إقامته بمدينة قدر إقامته بالقاهرة، ولم تنعم حياته بالاستقرار والسكينة والهدوء إلا في جنباتها، حيث كانت حياته قبل مجيئه للقاهرة عرضة لتقلبات وأزمات شتى، سردها بنفسه في كتابه التعريف بابن خلدون ورحلته غرباً وشرقاً.

وصل ابن خلدون القاهرة قي عام 1382ميلادية ، الموافق لعام 784 هجرية، وكان ذلك في عهد السلطان المملوكي "الظاهر برقوق" ولم تكن القاهرة مقصده في الأساس، وإنما كان متجها للحجاز لأداء فريضة الحج، ولما دخلها انبهر بها إيما انبهار، وقال فيها كلاما أقرب للشعر من فرط إعجابه بها.

كتب ابن خلدون (فانتقلت إلى القاهرة أول ذي القعدة، فرأيت حاضرة الدنيا وبستان العالم، ومحشر الأمم، ومدرج الذر من البشر، وإيوان الإسلام وكرسي الملك، تلوح القصور والأواوين في جوه، وتزهر الخوانق (وهي مساكن الصوفية المنقطغين للعبادة وأعمال الخير ومفردها خانقاه) والمدارس بآفاقه، وتضئ البدور والكواكب من علمائه، قد مثل بشاطئ بحر النيل نهر الجنة،ومدفع مياه السماء، يسقيهم النهل والعلل سيحه، ويجبى إليهم الثمرات والخيرات ثجة، ومررت في سكك المدينة تغص بزحام المارة، وأسواقها تزخر بالنعم) (ابن خلدون التعريف 2006: 246-247)

ثم يستطرد قائلا:(وما زلنا نحَدِّث عن هذا البلد، وبُعد مداه في العمران، واتساع الأحوال، ولقد اختلفت عبارات من لقيناه من شيوخنا وأصحابنا، حاجّهم وتاجرهم بالحديث عنه، سألت صاحبنا قاضي الجماعة بفاس، وكبير العلماء بالمغرب: أبا عبد الله المقرمي، فقلت له كيف هذه القاهرة؟ فقال من لم يرها لم يعرف عز الإسلام).

وسألت شيخنا أبا العباس بن إدريس كبير العلماء ببجاية مثل ذلك فقال كأنما انطلق أهله من الحساب، يشير إلى كثرة أممه، وأمنهم العواقب، وقال الفقيه القاضي أبو القاسم البرجي عندما سُئل عن القاهرة، وكان في حضرة الســـلطان أبي عنان: (أقول فى العبــارة عنها على سبيل الاختصار : إن الذى يتخيله الإنسان فإنما يراه دون الصورة التى تخيلها، لا تساع الخيال عن كل محسوس، إلا القاهرة ، فإنها أوسع من كل ما يتخيل فيها؛ فأعجب السلطان والحاضرون بذلك) (ابن خلدون التعريف 2006: 247-248)

تلك كانت صورة القاهرة كما وصفها ابن خلدون منذ أكثر من ستمائة عام، كانت جوهرة الدنيا في العصور الوسطى، وستظل القاهرة رغم كل شيئ قلب الأمة العربية، ودرة تاجها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 26 - 23:24 )
بارك الله فيك .
مًصر قلب العالم الإسلامي , و تاريخها مشرّف لكل مسلم , بل و لكل إنسان .
ر حم الله العلامة | ابن خلدون .


2 - الان القاهرة صارت مقهورة
عبد الله اغونان ( 2014 / 12 / 28 - 00:28 )

الانقلاب

والقتل

والبلطجة

والاعلام المضلل

مصر الان أرملة الدنيا

لنبك الديار والأطلال

كما بكى الأندلس أبو البقاء الرندي

اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة