الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعدام بريء

عندليب الحسبان

2014 / 12 / 27
الغاء عقوبة الاعدام


عندما تلتف مكونات مجتمع حول قضية ما , وتكاد تتلاشى الفروقات الطاحنة بينها سياسيا وعقائديا ومذهبيا وفكريا , أعرفُ حينها أن هذه القضية صارت رمزا لعصب مركزي في وجدان هذه الجماعة, فأحب أن أضرب عليها ...
تأييد تنفيذ حكم الاعدام الجماعي ,قضية التفّ حولها المكوّنُ الاجتماعي الاردني في الآونة الأخيرة , ولا أراها ترمز الا إلى تسيّد خيار القتل على العقل الاردني بلا استثناء , فمثل هذه القضايا التي على تماس مباشر مع الجسد والسلطة مسبارٌ يقيس بجدارة عمق الثقافي في العقل البشري , وكأن الجسد مثلما يحمل في خريطته الجينية كروموسوماتنا المتنحية والسائدة , يحمل أيضا خريطتنا المعرفية ومفاتيحها , فيفضح ويفصح ,ويعرّي مثلما يتعرى ,.
في الأردن مثلا , النظام والشعب , توافقاو بسرعة تثير الحسد , ومثلهما الماركسي والاسلامي , والبعثان , والناصري والملكي , والعشائري والاممي , والرجل والمرأة , والملحد والمؤمن ’ والأكاديمي والأمي , .والمقاوم والمعتدل , والفنان ورجل الأمن ......كل هؤلاء الاضداد وبقدرة القَبَلي _ القَبْلي القابع في قاعهم الثقافي اتفقوا , ووجدوا في حكم الاعدام بوصلتهم الموحدة ...
.فعلى ماذا اتفقوا ؟
اتفقوا على الجسد , ذلك" الحزين "..الأبدي بتعبير مالارمييه , الذي حمل على عظامه المهروسة ومنذ نفسه الأول على هذه الارض كلَّ خطايا وآثام العقل الحضاري , فعُذّب وحُرق ,وسُحل ,وجُلد , وصّلب , ومُزّق , وهُرس , وجاع , ومرض ,
والانسان العربي خير من تنبئ خريطته المعرفية بهذا الجين السائد والمتنحي في آن , هو خير من ينكر الجسد ويؤذيه إلى الآن ,
اليس هو الجسد ذلك القابع في سجون ومعتقلات النظام االسياسي العربي يدفع أسنانه وعظامه ثمن كلمة لم ترق لرجل أمن لم يقرأ يوما كلمة .....؟!
...اليس هو ذلك المنسي المرمي على هامش قضايا الأمة الكبرى التي تزدحم بها اروقة الاحزاب السياسية ؟؟
أليس هو ذلك التراب الهش الذي تدوسه أعراف العائلة ,وتبني منه بيوت شرفها وحسبها ونسبها ؟!
أليس هو ذلك المنتظر في سوق العرض والطلب للمقاومة , والمرصوص جسرا من لحم للممانعة ,؟ ا
أليس هو فائض القيمة الذي قذف به إلى حشا موصومة بالشرف في لحظة عناق مشوبة بالتوتر العاطفي التاريخي ؟!!
.
كل عربي شرب من هذه الأرض تسري في جسده ثقافة نكران جسده واهانته !
كل عربي في جيبه الآن رصاصة يخبئها لخصمه الايديولوجي و السياسي , ...النسوية تريد الاعدام لقاتلي المرأة في جرائم الشرف ,ولكنها لا تريده لمكافحة الارهاب حتى لا يطال من وجهتهم بوصلتَها ,.
. والشيوعي يريده للاسلامي , ولا يريده لمقاومي المشروع الغربي الامبريالي , ..!!!..والاسلامي يريده للزانية والزاني , ولا يريده لمكافحة الارهاب حتى لا يطال حبلُه عنقَ بوصلته , ...!!..وابن العشيرة يريده لكل الناس , ولا يريده لقاتلي النساء في جرائم الشرف ,
والملحد يريده لداعش , ولا يريده للمرتد
وداعش تريده لكل الناس
والنظام العربي يريده لمن يريد لحظة ما يريد ......
وأنا ..لا اريده .....حتى لمن يقتلني في جريمة شرف ...
لأن الجسد دائما بريء من كل التهم الموجهة اليه تاريخيا
فلمَ اذن يُعدم ؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكاتبة المحترمة
شامل عبد العزيز ( 2014 / 12 / 27 - 09:07 )
مبروك مقالكِ الأول في الحوار المتمدن ولقد تمنيت منذ فترة أن تنشري مواضيعكِ في هذا الموقع
نتمنى المزيد
خلاصة الكلام كرأي شخصي
الثقافة المعطوبة وبدون استثناء لكافة الأفكار هي السبب
نحن شعوب أحادية النظرة وضيق الأفق هو السائد
كل منا هو الحق وهو الصحيح
كلنا داعش وهذه حقيقة
منذ رفاعة رافع الطهطاوي وهو من رواد التنوير ولحد الآن ونحن إلى الوراء سر
بل على العكس قبل أكثر من 60 عاماً كنا افضل
إعادة تقييم الثقافة وتشخيص الخلل والاعتراف بالفشل خطوات لا بد من البدء بها
الطريق صعب وشائك وطويل ويحتاج لجهود جبارة
ولكن لا يوجد من يقوم بأي شئ
الشعوب داخل السياج والحاكم هو الحارس ولا يوجد من يستطيع أن يقفز أو يحاول الخروج من داخل السور
المثقف صنو الحاكم
وهناك مقال عن ذلك
تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د


.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي




.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا