الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزوف الشباب عن الشأن العام لماذا؟

محمد الشريف قاسي

2014 / 12 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن الأمية السياسية لدى الشباب المثقف عربيا، تجعله ضحية للطغاة المستبدين و رجال الدين المنافقين و المصلحيين النفعيين، يكفيك أن تثير قضية عاطفية تدغدغ المشاعر
و العصبيات لتجعلهم يثورون، فهم لا يحسنون إلا الشتم
و السب و اللعن، هؤلاء المساكين من الشباب العاطفي الهجين ،و الأمثلة كثيرة لتعرف الأمية السياسية لدى الشباب العربي العاطفي، و السبب في ذلك هو أن معظم أوقاتهم يقضونها في الإستماع إلى أغاني الشاب حسني و إليسا
و غيرهما من الأغاني التي لا تزيدهم إلا ضعفا و مزيدا من الذوبان، و تجدهم مع المخدرات و شد الحيطان و متابعة القنوات الجنسية و الكروية و الرسوم المتحركة و الألعاب،
و حتى الأنترنات يستعملونه في مشاهدة الجنس و الدردشة
و الشتم و الإتهامات الباطلة. و من منهم يذهب إلى التدين
و التمسح بالإسلام هروبا من الواقع المر، يقع فريسة للتيارات السلفية المتحجرة و المتطرفة فتراه لا يقرأ إلا الكتب الصفراء، لينقب عن الإختلافات المذهبية و الفتاوى القديمة لعصور البعر و البعير، فيستورد فتاوى آل سعود، فيصبح ديكتاتوريا من الطراز الأول و لا يتسامح مع المخالف له في الفكر أو السلوك، و لا يطالع أو يقرأ إلا ما يجعله جامدا خاملا، لا يسعى إلا للهدم و التدمير، يقرأ بلا فهم و لا إستعمال عقل، كله عاطفة و حنين إلى الماضي كما صوره له سادته
و قدوته، فالثقافة العصرية و العالمية عنده حرام، و العلم عنده علم عصور الإنحطاط و التخلف. بإمكانك أن تجعله يثور لأتفه الأسباب، خاصة إذا دغدغت مشاعره العاطفية تراه يثور كالثور الهائج متى لوحت له بالمنديل الأحمر، فتسيره كما تريد، و لذلك رسم ذلك الكاريكاتوري الدنماركي الذي لا قيمة له، فهيجهم و جعلهم يصرخون و يتباكون و يثورون في كل مكان من العالم الإسلامي و يحرقون السفارات، لكنهم و في الوقت نفسه لا يثورون على واقعهم المر و طغيان حكامهم الذين سرقوهم و جهلوهم، لو كانوا عقلانيين و لديهم وعي سياسي لثاروا على الظلم و الإستبداد و الهوان الإقتصادي لمجتمعاتهم، ليغيروا ما بهم نحو الأفظل، و خير دليل على أميتهم السياسية أنهم كادوا أن يشعلوا حربا مسلحة بين الجزائر و مصر من أجل كرة قدم ، فالأمية السياسية
و التجهيل و دوافع الحقد و الكراهية على الأخر أفة الشعوب المتخلفة. إن شعب عاطفي و أمي سياسيا بإمكان أهل الإستبداد و الفاساد (المافيا) أن تستعمله في تحطيم ثرواته
و مقدراته بنفسه ( يخربون بيوتهم بأيديهم).
و هذا ما نراه في تعليقاتهم على بعض الأحداث أو الأخبار في الجرائد. فمثلا الشعب الأفغاني أو الباكستاني و الصومالي ثار ضد الكاتب الدنماركي و ذلك الأب المسيحي الذي أراد حرق مصحف، لكنه لم يثر على واقعه المزري، لم يثر على الجهل
و الفقر، لم يثر على الظلم و الإستبداد، لم يثر على الأجنبي القابع فوق رأسه. و هذه من المفارقات العجيبة لحال هذه الشعوب، لكن لما نعرف ثقافة و معتقدات هذه المجتمعات المتخلفة و السلفية التي رضيت بالإستبداد و الفقر و الجهل، ألا تعلم هذه الشعوب أن العدو الحقيقي هو إستبداد حكامها
و فقرها و جهلها، و لكن هذا أمر طبيعي نتيجة لثقافتهم
و معتقداتهم،و لفهمهم للحياة و الأحياء بهذا النحو اللامعقول، فهم ضحايا و ليسوا مجرمين، إنهم ضحايا هذه الثقافة
و المعتقدات التي رضعوها مع حليب أمهاتهم، فلا يمكن أن ترى في هذذه المجتمعات إلا حاكما ديكتاتوريا مستبدا و متدينا مغشوشا و شعبا خاملا مخمورا و مجندا إرهابيا مرتزقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت استاذي
ياقوت العقل ( 2014 / 12 / 29 - 10:26 )
مقالك منتهى التحليل و الدقة،الأمر متوقف على المدرسة و الرداءة الفكرية و عدم الإلتزام الذي يعاني منه اطاراتها،
لكي تدرك سيدي ان الجزائريين غير سعداء تماما انظر للناس في الشارع فسترى 111بين حواجبهم و هي علامة تطبعها الطبيعة على الإنسان الذي تغيب عنه الإبتسامة
و لا يمكن للعقل ان يفكر و السعادة و الرضا عن الذات غائبين عنه


2 - ردعلى الموضوع
حيدرية ( 2014 / 12 / 29 - 14:24 )
نعم اخي محمد الشريف هناك مشكلة عويصة اكترمن امية القراءة والكتابة وهي الامية السياسة وجهل الشباب لما يديور من حولهم لما يجعلهم فريسة سهلة في يدي .الاستغلاليين

اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية