الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صحوة ما قبل الموت

مصطفى بالي

2014 / 12 / 29
الارهاب, الحرب والسلام


صحوة ما قبل الموت
تؤكد الدراسات العلمية أن الكائنات،كل الكائنات،قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة،تعود الذاكرة لكل خلاياها،الإنسان المُحتضَر،تعود له الذاكرة ويشعر بأنه على خير ما يرام لدرجة يوهم نفسه أنه شفي من مرضه،يتعرف على كل الأشخاص المحيطين به،يتذكر كل ما مر به في حياته،بحلوها ومرها،سلبياتها وإيجابياتها،لدرجة أنه يقيم حياته في لحظات،كأنه يقدم تحليلا لمجمل تجربته،ويقدم نقدا ذاتيا في بضعة جمل، ويعطي النتيجة النهائية على شكل وصية أخيرة لورثته.
لكن المحزن في تجربة الإنسان،رغم كونه أذكى الكائنات،أو هكذا يصف نفسه،أنه لا يستفيد من تجربة غيره،ويعود ليرتكب نفس الحماقات التي ارتكبها أسلافه في غباء متكرر منقطع النظير،متناسيا تماما المقولة الشهيرة(الحمار لا يرتكب نفس الخطأ في نفس المكان مرتين).وكأن البشرية،أو جزء منها لم يسمع مقولة إينشتاين(الأغبياء فقط يقومون بنفس الأفعال متوقعين نتائج مختلفة)فالتجربة البشرية تقول إن نفس المقدمات تؤدي إلى نفس النتائج.
بعد أكثر من مئة خازوق يدق في أسفل الإرهاب في شوارع كوباني،وفي تكرار فوتوكوبي لإرهاب عياض بن غنم سيء الصيت والذكر،ما زال الحمقى معتقدين أن الطريق إلى الحوريات يمر من أزقة كوباني،متناسين أن الحوريات هن من يقاومن هذا الخبل،وجاهلين أن أزقة كوباني الضيقة ليست واسعة بما يكفي لمرور هذا الإرهاب،أحفاد عياض بن غنم وزبانيته يرغون ويزبدون،متوعدين لنا بسوء العذاب وك|ان إلها في السماء أعطاهم صك ملكية لأرواحنا في الدنيا والآخرة،ويبشروننا بجحيم عرضه السموات والأرض ناسين انهم بهذا قد حولوا حياتنا لجحيم وكأن ذاك الإله الذي يزعمون ما خلقنا إلا ليتلذذ بتعذيبنا في الدنيا والآخرة وهو ما يتناقض كليا مع جوهر العدل الإلهي الذي نُقِل عنه قوله(قل اعملوا).
الإرهاب الذي بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة،وفي صحوة ما قبل موته راح يتخبط يمينا وشمالا تماما كشخص فقد توازنه وراح يترنح تحت وطأة سكرته الأخيرة،فجرب حظه مع عفرين هذه المرة,متجاهلا أن حبه للموت الذي يتباهى به لم يكسر عشقنا للحياة في كوباني،فكيف سيهزم عشق عفرين للحياة.
كل المعطيات تقول إن عفرين وأهلها عشاق للحياة من الطراز الأول،وتجربتنا تقول أن الكوبانيين لم يزدادوا عشقا للحياة إلا لأنهم أشقاء عفرين وتوأمها المذكر،فعفرين أنثى تداعياتنا العذبة،وعفرثين مهبط آلهة أشعارنا،وعفرين مهوى أفئدة شبابنا وصبايانا العاشقات،وعفرين هي الجغرافيا التي علمتنا طقوس العشق للحياة حتى النخاع.
من تحطمت أسطورته على صخرة عناد الكوبانيين عليه ان يعلم أن عفرين كان لها نصيب الأسد في الدفاع عن كوباني ماديا ومعنويا،فعبر العقول الماضية كانت عفرين تمد شريانا عشقيا لترويض الجفاف الكوباني،وعبر هذه الحملة ضد كوباني مئات الشباب و الفتيات العاشقات جاؤوا من عفرين إلى كوباني ليمنحوها شرف العشق العفريني الأصيل،بعضهم تحولوا إلى نجوم تضيء سماءاتنا حتى طبقاتها السبعة والبعض الآخر ما زال شامخا كالطود في وجه الإعصار.
أكثر من ثلاثين سيارة مفخخة لم تسقط إرادة الحياة في كوباني فلن تسقط سيارة محملة بالإرهاب جذوة الحياة في عفرين،ما هذه السيارة سوى صحوة ما قبل الموت،وسيبقى غصن الزيتون رسول الحياة الحرة لعفرين.وستبقى قطمة صدى زرادشت لشناكلنا الإيزيدية.
هنا كوباني وهناك عفرين:حيث ما زلنا وما زالوا على قيد المقاومة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة