الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليس في بلاد عجائب فيتو مجلس الأمن

فضيلة يوسف

2015 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


بزغ فجر السنة الجديدة على فيتو أمريكي آخر في مجلس الأمن الدولي - ويُحسب لصالح فرنسا أنها لم تكن جزءاً منه. وقد أصبحت هذه الطقوس رمزاً مناسباً لتخفيف قبضة واشنطن في أنحاء الشرق الأوسط. ويعكس ذلك قوة كافية للاعتراض، ولكنها أضعف بكثير من القدرة على بناء أي شيء دائم في مكانها. رفضت فرنسا رغبة كثير من الدول العربية إضافة لإسرائيل للتحالف ضد الدولة الإسلامية. ودبلوماسية جعلت من نفسها غير ذي صلة. هذا هو الخلاف بين الحلفاء الذين يؤمنون بحل الدولتين. لقد مرّ معظم الفلسطينيين منذ فترة طويلة على تلك النقطة.
تم تشديد التحرك في الأمم المتحدة بشأن إقامة دولة فلسطينية لتشمل القدس الشرقية عاصمة لها، وإطلاق سراح السجناء، ووقف الاستيطان، وتحديد موعد نهائي لإجراء المفاوضات "سنة". لكنه لم يكن قوياً بما فيه الكفاية لحماس التي رفضت قبول تقسيم القدس أو الصياغة المواربة حول حق العودة.
وكان خارج نطاق وزارة الخارجية، التي استمرت في النظر حصراً من خلال المنظور الإسرائيلي "الاحتياجات الأمنية المشروعة". وهو منظور دائم التغيير يضم الآن المستوطنات حول القدس، ووجود دائم في وادي الأردن، ورفض حق العودة ولو بشكل رمزي.
تُبين لك هذه المجموعة من المواقف المتناقضة كل ما تحتاج أن تعرفه عن أليس في بلاد العجائب "نظرة العالم حول حل الدولتين". مثل القط Cheshire ، الذي يختفي على هواه، ولا يتبق منه سوى ابتسامة. ولكن يمكن لشيء مختف أن يطلّ برأسه مرة أخرى ، يجب على باراك أوباما أن يقرأ قصة "اليس".
الوضع الراهن في الصراع الفلسطيني في مأزق من السياسات السابقة ، ولا يجب أن ينخدع أحد على أعتاب عام 2015 بأن وضع الصلابة الراهن يمثل استقراراً. التيارات المتدفقة تحت السطح قوية وسريعة. القدس بلا قيادة ، ولا تمتلك السلطة الفلسطينية فيها أي نفوذ، ويمكن أن تشتعل في أي لحظة. كذلك الضفة الغربية، شاهدوا الأصوات في جنازة إمام جميل دويكات يوم الثلاثاء الماضي.
ويمكن أن يقال الشيء نفسه عن المنطقة ككل. أُعلن عام 2014 كعام وصل فيه "الإخوان المسلمون " إلى الدرك الأسفل وكذلك القوى الثورية العلمانية التي أطاحت بالحكام المستبدين مثل العيدان الخشبية قبل أربع سنوات. إذا كانت الإطاحة بهم تبدو هزيمة ، ما هو بالضبط الانتصار؟ يمكن بحق إعلان أربع دول فاشلة - العراق وسوريا واليمن وليبيا.
دعنا ننظر للحظة كيف يكون عام 2015 من خلال عيون المنتصر المفترض في هذا الصراع، الملك عبد الله عاهل المملكة السعودية. ماذا في انتظاره في العام الجديد ؟
في أي اتجاه ينظر الملك ،تبدو المملكة العربية السعودية دولة فاشلة أكثر مما ورثها. إلى الشمال ترفرف الأعلام السوداء للدولة الإسلامية "داعش"،وإلى الجنوب، في اليمن، يتقدم تنظيم القاعدة باعتباره حام لأهل السنة. وتفتخر إيران الآن، من دون الكثير من الغلو، بوجود أربعة عواصم عربية في جيبها.
ولا يبدو التحالف العسكري الوقح ضد داعش في صحة جيدة. بدأ الاهتزاز في الموقف الأردني عند القبض على واحد فقط من طياريها، ويرضخ قادتها تحت ضغوط داخلية مكثفة لتأمين الافراج عن الطيار وبالتزامن وقّع ثمانية نواب على طلب برلماني يطالب الحكومة الانسحاب من الائتلاف.
تنطلق أضواء التحذير داخل المملكة السعودية نفسها بانتظام ، داخل وخارج الأسرة الحاكمة على حد سواء. تدهورت صحة ولي عهده ويوجد صراع على خلافته من المعسكرين المتنافسين. وفي الخارج، كانت مشاهد يوم الأحد في قرية تسمى " عوامية" مزعجة بما فيه الكفاية. خرج 15000 من الرجال والنساء والأطفال إلى الشوارع للمشاركة في جنازة أربعة قُتلوا على يد قوات الأمن. وقالت وزارة الداخلية أن أربعة "إرهابيين" قُتلوا في عملية بدأت بقتل شرطي. هتف أهل القرية في الجنازة، "يسقط ، يسقط ، آل سعود". لم تكن التظاهرة تُطالب بتحقيق العدالة. كانوا يُطالبون بالثأر.

هل يستطيع أي جهاز أمن دولة يحترم نفسه أن يقول للملك بكل ثقة أن هذه الفلاشات أقل قوة من الغضب الشعبي للبائع التونسي الذي ضحى بنفسه في الشارع في تونس، أو إلقاء القبض على الأطفال الذين كتبوا على الجدران في درعا : "الشعب يريد اسقاط النظام " ؟ نفس القوى التي أطلقت العنان للثورات العربية قبل أربع سنوات موجودة اليوم.
سيكون "انتصار" الملك عبد الله السعودي بتوريث العالم العربي خيار ثنائي بين شكلين من الاستبداد ( الفساد والمحسوبية وعدم المساواة في الملكية المطلقة، أو استبداد الدولة الإسلامية "داعش").
والمنظر من مكتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لا يبدو أكثر إشراقاً. ونحن نعلم من التسريبات الأخيرة من المحادثات الهاتفية ما يتجادل حوله قادة مصر الكبار: كيفية إخفاء حقيقة أن الرئيس المخلوع محمد مرسي قد اعتقل من قبل الجيش، وليس من قبل وزارة الداخلية، وكيفية التأثير في القضاة الذين ينظرون في قضية أربعة من ضباط الشرطة سيُحكمون بالسجن لمدة 10 سنوات ل "الإهمال" على مقتل 37 سجيناً في سيارة الشرطة؛ وكيفية رفع حظر السفر المفروض على نجل السياسي المخضرم المؤيد للسيسي ورئيس تحرير الأهرام السابق محمد حسنين هيكل.
صحيح أن الجماهير التي نزلت إلى ميدان التحرير لا تزال مقسمة بمرارة ،وانقسامها أقوى مصدر لراحة السيسي . وإذا كانت الجماعات الثورية العلمانية لا يمكن أن تغفر للإخوان التخلي عنهم في معارك شوارع محمد محمود في عام 2011، ولا تغفر جماعة الإخوان لأولئك الذين دعموا الإطاحة بمحمد مرسي في 30 حزيران، فلا يمر يوم واحد، دون تذكير الليبراليين العلمانيين بحماقتهم في دعم الاطاحة العنيف بالرئيس مرسي ،ولكن في الواقع كان عند كلا جناحي ميدان التحرير سوء تقدير مذهل عن دور الجيش والطبيعة الحقيقية للسيسي نفسه.
ولكن طرفي المعارضة لن تبقى كمية ثابتة. ويجري تهميش القادة القدماء، وظهور قادة جدد. تم استبدال نحو 70 في المئة، من قيادة الإخوان المسلمين في مصر حسب مصدر مطلع ، وليس من المرجح أن يكون القادة الشباب الجدد سذّجاً كما كان الجيل السابق حول ما سيجعل الثورة القادمة تنجح.
على الرغم من جهود عبد الله، لا يزال الملايين يعتبرون الديمقراطية وسيلة للخروج. وحتى في مصر، تزداد أسهم جماعة الإخوان المسلمين في الواقع، وفقاً لاستطلاعات زغبي المتعاقبة.
وجدت أحدث استطلاعات الرأي أن أعداداً متساوية من المصريين (43٪-;- / 44٪-;-) أعطت إجابات ايجابية وسلبية لتأثير الإخوان على التطورات في مصر. هذا لا يعني بالضرورة أن شعبية الإخوان المسلمين تزداد، ولكن تدل على مستوى القلق العام حول حكم عبد الفتاح السيسي للبلاد.
عندما ننظر في الأمر من جميع الجوانب ، فإن الشعلة التي اوقدت قبل أربع سنوات لن تنطفئ بسهولة أو بسرعة. قد تكون الفترة الزمنية لهذه الثورة في الواقع أطول مما اعتقد أي شخص قبل أربع سنوات. ولننظر إلى الثورات البرجوازية الأخرى. في غضون عام، تم سحق ثورة العمال الأوروبية عام 1848 من قبل دكتاتورية نابليون، والليبراليون الذين انضموا إلى الثورات تم احتواؤهم من أجل إعادة تثبيت أشكال جديدة من الدكتاتورية. تماماً كما تم في مصر.
عاشت أفكار عام 1848 نفسها لرؤية يوم آخر. والشيء نفسه سيحدث في جميع أنحاء العالم العربي. وعلينا نحن بالطبع أن نقبل الديمقراطية كشكل ثابت في الحكومات في كل مكان في العالم العربي. هذا ما يقوله من استخدم الفيتو في الأمم المتحدة حالياً. فالوضع الراهن لا يمكن الدفاع عنه .
مترجم
David Hearst








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي