الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلول الإستراتيجية للصراعات المستعصية(1) نحو تطوير وإرساء مبادئ ومعايير الصراع العادل والحضاري

مصطفى فؤاد عبيد

2015 / 1 / 7
السياسة والعلاقات الدولية


الحلول الإستراتيجية للصراعات المستعصية (1)
نحو تطوير وإرساء مبادئ ومعايير الصراع العادل والحضاري

The Strategic Solutions Of Intractable Conflicts
Towards Development And Establishing
The Fair And Civilized Conflict Principles And Criteria

النموذج - Model
الصراع العربي– الإسرائيلي
The Arab-Israeli Conflict

بقلم: مصطفى فؤاد عبيد
By: Moustapha F. Ebaid

التاريخ: 7 يناير، 2015

مقدمة

لو استطعنا تصنيف منجزات الجنس البشري على مر العصور والأزمنة المختلفة منذ بدء الخليقة وحتى لحظة كتابة هذه السطور لوجدنا أنها تنقسم، من منطلق أهدافها، إلى قسمين لا ثالث لهما، قسم يهدف للتطور والتقدم الحضاري والتنمية والازدهار وحل المشكلات ومواجهة الكوارث الطبيعية وتخطي العقبات وتوفير الوقت والجهد والرقي بالحياة الإنسانية السلمية الكريمة والسليمة المعافاة من كل المتاعب، وقسم آخر يهدف، ربما بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى عكس كل تلك الأهداف، أو على أقل تقدير يحمل في طياته ما يجعله كذلك، حتى وإن كان بدون قصد، بحيث يبدو المشهد وكأنه صراع لانهائي بين منجزات تهدف إلى الخير وأخرى تهدف إلى الشر، مع تباين أوجه وأساليب كل منها. وتبقى المعضلة في هذه التجزئة أنها قد لا تكون مُنصفة للكثير من المنجزات، وقد تجعلنا في لحظة ما في حيرة من أمرنا، إذ أنه من الممكن اعتبار صناعة المركبات، مثلاً، وتطوير سرعاتها وتسارعها وقوة محركاتها وصلابة هياكلها، شراً يُراد به زيادة حوادث المرور وإيقاع أكبر عدد من الضحايا المشاة والمركبات الأخرى وليس حماية ركابها وتوفير الوقت والجهد لهم، وبطبيعة الحال ينسحب هذا الأمر على الكثير من المنجزات والابتكارات الأخرى.

وإذا أمعنا النظر في مسيرة الكثير من المنجزات لوجدنا أنها تغيرت كلياً وطرأ تحول جذري على أهدافها وطبيعتها التي سادت في بداياتها لتنتقل من أحد الأقسام إلى القسم المقابل في ذلك التصنيف، فابتكار رياضة كرة القدم مثلاً بدأ مصحوباً بتقاليد عجيبة كإيقاع عقوبة الجلد على الفريق المهزوم في بلد المنشأ وهو الصين ثم اللعب ببقايا الجثث ورؤوس البشر احتفالاً بالانتصارات في الحروب في إنجلترا، ولكنها تطورت بعد ذلك على مر العصور لتصبح على ما هي عليه الآن بتقاليدها وأهدافها "الخيّرة" الكثيرة لصالح كل الأمم والشعوب، والعجيب في هذا الأمر أن هذا التحول كان بسبب تطور القوانين والأحكام التي تنظم هذه اللعبة عبر الأجيال المتعاقبة وتُلزم اللاعبين بإتباعها وليس بسبب تطور أخلاقيات البشر أنفسهم، تماماً مثلما تساهم قوانين وأحكام السير والمرور التي يتم تطويرها وإقرارها في ضبط السير والحد من تهور السائقين ومنع ارتكابهم للحوادث، وهي بذلك تجعل من اختراع المركبات، بقدر الإمكان، خيراً للبشرية وليس شراً لها.

ولو اعتبرنا أن الصراعات المستعصية بين مختلف الأمم والشعوب والقوميات، وبخاصة تلك التي يُعتقد بأنها ستظل دائمة من قِبل أطرافها المتعددة، والتي لم تتوصل للسلام العادل والشامل المعزز بالثقة البينية المتبادلة باعتبارها ضرباً من المستحيل، أنها كالمنافسات الرياضية المتجددة، اللانهائية، فيكون من الحكمة أن يتم العمل على تطوير القوانين والمبادئ والمعايير التي ينبغي أن تحكم وتُنظم تلك الصراعات، ليصبح صراعاً حضارياً مبني على أسس الاحترام والثقة المتبادلة وهو أفضل بكثير من سلام يشوبه الشك والريبة وتعتريه العقبات وتختلف عليه وجهات النظر المتعددة في كل جانب، تماماً مثلما يحدث بين الفرق الرياضية المتنافسة في أرض الملعب، بحيث تعمل تلك المبادئ والمعايير على المساهمة في توجيه وضبط وتطوير الصراع ليعود بالنفع على البشرية جمعاء.

فمن جهة، سوف يحقق هذا الأمر مطلب مؤيدي السلام والتسامح من كل طرف من الأطراف المتصارعة بحكم أنه سيرتقي بالصراع لمستوى حضاري يمكن التعايش معه بدون التعرض لأي خسائر من أي نوع، كما أنه سوف يحقق مطلب المؤيدين لاستمرار الصراع إلى ما لانهاية بحكم معتقداتهم وإيمانهم بذلك، من جهة أخرى، الأمر الذي سوف يعمل أيضاً على توحيد وجهات النظر في كل طرف بدلاً من تعارضها ويجعلها قادرة على العمل معاً كالفريق الرياضي الواحد الذي يتعاون ويوزع بين لاعبيه الأدوار المختلفة من أجل الفوز في الصراع بأسلوب حضاري يعود بالمنفعة على الجميع وفقاً للمبادئ والقوانين والنظم التي تحكمه والتي يتم تطويرها دورياً وفق ما تتطلبه الظروف والأحوال والتغيرات على مر الأجيال المتعاقبة من جميع الأطراف، بما فيها الأجيال التي تعمل على إيجاد الحلول الإستراتيجية للصراعات المستعصية في كل بقاع الأرض!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة