الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقوق الدولة

سعدي الابراهيم
(Saaide Alabrahem)

2015 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


قديما قالوا بأن الدولة هي مثل الكائن الحي ، تولد وتنمو وتهرم وتموت ، وقالوا ايضا بأن الأمة هي مثل الأم وان الافراد المنتمين الى امة معينة هم مثل ابناءها .
هذا الحديث هو جانب قصير من حديث طويل استمتعت به مع احد اساتذة العلوم السياسية الاكفاء في جامعة النهرين ببغداد ، وهو الاستاذ ( احمد فؤاد ) ، والاستاذ ( احمد فؤاد ) لمن لا يعرفه قد امضى سنتين كاملتين من عمره وهو يبحث ويكتب عن هجرة العقل العربي وخاصة العقل العراقي ، الى الدول الغربية ، واثناء تبادلنا للحديث اعطاني هذا الاستاذ الكريم شذرات من علمه الواسع ومن معلوماته القيمة حول اسباب هذا النوع من الهجرة التي تعاني منه اغلب الدول العربية .
ولم يقف كرم هذا الاستاذ العربي الكريم عند هذا الحد ، بل انه زودني ايضا ببعض الاليات الكفيلة بوقف نزيف العقول الى ما وراء الارض العربية ، لأن استمرار النزيف يعني بكل بساطة ان العرب سيصبحون اجساد هامدة بلا عقول ، مآكل ومشرب و ... فقط .
ومن بين الاشياء التي اثارها الاستاذ (احمد فؤاد) ، والتي بصراحة هي التي جعلتني اكتب هذه المقالة ، هو قوله بأن الدول في عالم الجنوب عامة والدول العربية خاصة تصرف الأموال الطائلة على تعليم ابناءها منذ مرحلة الطفولة ، من رعاية صحية ومن مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية وتعليم جامعي ، وعندما يصل الانسان العربي الى درجة استاذ جامعة او حتى مهندس او طبيب ، فأنه يتحين الفرص لكي يهرب من الدولة التي بنت شخصيته وجعلت منه شخصا مذكورا ، ويضيف الاستاذ ( احمد فؤاد ) بان حجة هؤلاء الذين يهجرون اوطانهم ، بأن دولهم هي دول فاشلة لا تهيئ لهم المناخ المناسب للعمل والابداع ، وان الغرب يوفر لهم مساحة واسعة من العمل والاستقرار النفسي .
ولكني والحق يقال لم اتفق مع الاستاذ ( احمد فؤاد ) ، وطلبت منه ان يجد لي مبررا اخر يفسر به هجرة العقل العربي للدولة التي علمته ونشأته حتى حصل على شهادات جامعية عليا وفي مختلف التخصصات .
وبعد شد وجذب ، وبعد ان ارتفعت اصواتنا ولأكثر من مرة من حدة النقاش ، وبعد ان تناولنا اكواب الشاي ولأكثر من مرة ، بل ان حتى اكواب الشاي البغدادي الحار لم تنفع ، فاضطررنا الى ان نتناول عصير (نومي البصرة) وهو عصير تشتهر به محافظة البصرة العراقية ، نقول في النهاية توصلنا الى حل وسط والحمد لله ، وهذا الحل الوسط قبل به كل منا ، انا والاستاذ (احمد فؤاد) وليس من الضروري ان يكون مقبولا لدى جميع القراء الكرام ، وهذا الحل الوسط انما تمثل في ان الانسان العربي لا يهجر دولته و وطنه لأنه يعاني من ازمات اقتصادية وسياسية وامنية فحسب ، بل لأنه يعاني من ازمة اخلاق تجعله ينكر على اهل الفضل فضلهم ، ويعق الدولة التي نشأته وعلمته ، نعم ان هجرة العقل العربي هي عقوق للدولة ونكران لفضلها عليه .
فهل سيتطور القانون الدولي بحيث يصبح للدولة حقوق كما ان للإنسان حقوق ؟ وبالتالي سيكون من حق الدولة ان تسجل المواطن الذي صرفت عليه اموال طائلة لكي تجعل منه متعلما ، ان تسجله باسمها كما تسجل الطائرات والشركات ، ومن ثم تسترده اين ما يذهب ولا يجوز لغيرها من دول العالم الانتفاع منه ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يلتقي الشرع في البيت الأبيض ويؤكد أن واشنطن تعمل مع إس


.. نتانياهو يبحث مع كوشنر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق ال




.. السودان- مفوض أممي: الفاشر تشهد فظائع مروعة والأطفال فيها يم


.. الشرع لـ-فوكس نيوز-: سوريا دخلت عهدا جديدا بعد النظام السابق




.. فلسطينيو مخيم نور شمس يشكون النزوح القسري