الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 8

عباس الزيدي

2015 / 1 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


قيادة الحركة الإسلامية في العراق
1980 – 2003
الحلقة الثامنة
عباس الزيدي – عبد الهادي الزيدي

ولم يكن نصيب الشعب العراقي من المعارضة خارج العراق سوى التنكيل في كثير من الاحيان، ووصمه بالجهل والخنوع والإتكالية، كأن المطلوب من الشعب أن ينتحر ليرضي تلك المعارضة، وعلى الرغم من أن الشعب أخرس كل تلك الألسن بانتفاضة شعبان المشرفة إلا أن النظرة الإستعلائية كانت ولا زالت هي السائدة، يذكر أحد مؤرخي حزب الدعوة من الخارج ضمن نقاط:
((2 ـ التضليل الدعائي والتعتيم الاعلامي، اللذان مارسهما النظام الحاكم، وضعا الشعب العراقي في متاهات يصعب العثور على مخرج لها، فهو يتلاعب بالأحداث وبشعور الامة كيفما يشاء، الى حدٍّ قد يسلب معها قدرتها على الفرز والتقويم الصحيح.
3 ـ التخلف الفكري والسياسي لدى قسم من أبناء الشعب، بشكل جعله ينخدع بالكثير من المظاهر البراقة والشعارات الفارغة.
4 ـ ضعف الوعي الاسلامي وارتباط الامة برسالتها، والذي أدّى الى عواقب سلبية، في مقدمتها الشعور بعدم جدوى المواجهة، وربما يحمل البعض قدراً كافيا من الثقافة الاسلامية والوعي، الا انه يحتفظ كنظريات وأفكار ليس إلا.
5 ـ التمزق وغياب التلاحم الاجتماعي، وتتجلى صور ذلك حتى في أصغر وحدة اجتماعية وهي (العائلة)، فالفرد ـ كنموذج ـ لا يشعر بالاطمئنان على نفسه حتى من أفراد عائلته، فقد يكتبون تقريراً ضده الى السلطة أو يشون به الى أجهزة الامن وهكذا. وعندما تغيب وحدة الموقف وتتعدد مظاهر التفكك، فإن تعامل أبناء الأمة مع بعضهم يبقى كتعامل الغرباء، ووفقاً لقواعد المصلحة والتزلف.
6 ـ تفشي روح الخوف والرعب التي طوقت السلطة بها الشعب، واحاطتها ـ من خلال تلك الروح ـ بحاجز فولاذي من الصعب اختراقه.
7 ـ تعوّد الشعب على حالة اللامبالاة، فتصدّع روح الردع والحزم والصدام يخول النظام لاقتراف أي ذنب أو ممارسة سلبية.
8 ـ الاتكالية وعدم الشعور بالمسئولية، إذ ينتظر معظم أبناء الشعب من ينقذهم ويضحي دونهم، وقد يرفض الكثيرون هذه الظاهرة مبدئياً، إلا أنهم في النهاية يمارسونها بشكل عملي.
9 ـ الازدواجية في المبادئ والسلوك، نتيجة الانفتاح على مختلف الافكار الوضعية المنحرفة، والتمسك ببعض الممارسات السلبية الموروثة.
10 ـ تفشي روح العنصرية والطائفية والفئوية، وقد أدّت الفجوة التي حدثت بين أجزاء الامة منذ زمن التراجع الى تشجيع الاستعمار والانظمة المتعاقبة على ممارسة أساليب التفرقة والعزل بأوضح صورها، بشكل تأصل جراءه العداء المصطنع بين القوميات المتعايشة (عرب ـ أكراد ـ ايرانيون ـ تركمان ـ آشوريون وكلدان) والمذاهب الاسلامية (شيعة وسنة).
11 ـ تآكل البنية العشائرية، لأسباب سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، مما أدّى الى تحول معظمها الى هياكل متآكلة من الداخل، في وقت كانت هذه العشائر هي التي تحمل راية الثورة ضد الانظمة.
12 ـ شعور الكثيرين بوحدة المصير مع النظام، نتيجة مشاركتهم له في ممارساته، فاستمروا في الدفاع عنه حرصاً على أنفسهم، آخذين بنظر الاعتبار أن أي خطر يتهدده فهو يتهددهم أولاً(1))).

لا تخلو بعض هذه النقاط من الصحة ولكن بدرجة أقل بكثير مما يريد الكاتب، ولكنها تتضمن بوضوح الأمراض التي فشت في جسد المعارضة الإسلامية خارج العراق، وما موقف هذه المعارضة السلبي بكل مستوياتها من حركة الصدر الثاني إلا دلالة على الحنق الذي كانت تشعر به المعارضة تجاه أي تحرك مثمر داخل العراق، باستثناء بعض الشخصيات التي سوف نأتي على ذكرها في حينه إن شاء الله تعالى، فما دام هذا التحرك لا يمتُّ بأية صلة بهم فهو لا قيمة له، وقد عبَّرت قيادات المعارضة بكل صلافة عن مكنونها تجاه حركة السيد الصدر بشتى التعابير ابتداءً من وصف السيد الصدر بـ(ساذج، عميل، بعثي، مجنون، درويش، يصلي صلاة الليل،...) الخ، مما أتاحت لهم قرائحهم المريضة، وحقيقة الأمر أنه حسد لما حققه من ثورة لم ولن تندثر، أما حصة أتباع السيد الصدر فهم (وهابية جدد، بعثيون، جهلة، وغيرها الكثير)، مع أن الملاحظ أن المعارضة بكل تأريخها الذي امتد منذ عام 1980 ـ 2003 خارج العراق لم تنتج مفكراً واحداً معتداً به، ولا زالوا يتغنون بأمجاد خلت وانقرضت وأفكار أتى عليها الزمن ولم تعد تصلح لمواجهة ما نواجهه الآن، ولكنهم كانوا في بعض أوقات الصراحة الانفعالية ينفجرون: ((نحن جاهدنا وتعبنا ثم يأتي محمد الصدر ليستولي على كل ذلك، هذا لن يكون)).
ولعل أخطر هذه التصريحات هي التي صدرت عن السيد محمود الهاشمي، عندما اعتبر وبشكل غير مسبوق كل علماء وطلبة الحوزة في النجف الأشرف بعد استشهاد السيد محمد باقر الصدر من البعثيين، ومكمن الخطر أن هذا التصريح صدر منه بعد سقوط نظام صدام، حيث قال:
((استطاع صدام أن يقضي على حوزة النجف ويخليها من الفضلاء والعلماء، فلم يبق من الإيرانيين سوى عدد قليل، أمَّا أكابر العرب واللبنانيين فبين راحل وسجين. نعم، بقي فيها مجموعة من البعثيين.
لقد تلقت الحوزة من صدام ضربة قاصمة لم تتعاف منها حتى يومنا هذا. واليوم وبعد مرور أربع أو خمس سنوات على زوال صدام قد يتحدث القادم من هناك عن وجود حوزة في ذلك البلد، ولكن الحقيقة أنه لا وجود لحوزة هناك، فقد استأصلها صدام من جذورها وأتى على أساسها. (2))).
وأغرب من ذلك أن هذه التصريحات والتوجهات تخالف تماماً تصريحات القيادات الدينية والسياسية في إيران، فالمتابع لتصريحات السيد الخميني طيلة أيام الحرب يجد الإشادة بالشعب العراقي في أحلك الأوقات، وكذلك تصريحات السيد الخامنئي المتواصلة، وعلى نفس الوتيرة تصريحات مراجع الدين في مدينة قم (على قلَّتها)، ويمكن القول أن تصريحات القيادات الإيرانية تحمل أبعاداً سياسية مستقبلية ومحاولة التأثير على القواعد الجماهيرية، وحتى على هذا الاحتمال فهي أفضل بكثير من تصريحات المحسوبين على قيادة الحركة الإسلامية، الذين كان الأجدر بهم أن يتكتموا على ما تنطوي عليه أنفسهم حتى على فرض صحته، لأن مهمتهم كاتجاه ديني هو هداية المجتمع حسب مدَّعاهم وليس التنكيل به، أمَّا إذا اعتبرناهم مجرد سياسيين فمن الجهل أن تحقِّر أو تتهم مجتمعاً ترغب في أن تكون رمزاً وقائداً له.

--------------------------------------------------
(1) المؤمن، مصدر سابق، ص533 ـ 535.
(2) الاجتهاد والتجديد، ص64، العدد السادس ربيع 2007م. 1428هـ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح