الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نعوم تشومسكي - شارلي ابدو : نحن جميعاً مستهدفون
فضيلة يوسف
2015 / 1 / 13الصحافة والاعلام
الإرهاب ليس إرهاباً عندما يتم تنفيذ هجوم إرهابي قاس من قبل الصالحين بحكم سلطتهم
تفاعل العالم برعب مع الهجوم القاتل على المجلة الفرنسية الساخرة شارلي ابدو. وصف مراسل اوروبا المخضرم في صحيفة نيويورك تايمز، Steven Erlanger بيانياً ما حدث أعقاب، ما أسماه البعض 11 أيلول الفرنسي ، " يوم صفارات الإنذار وطائرات الهليكوبتر في الهواء، ونشرات الأخبار المسعورة ، تطويق الشرطة للأماكن والحشود القلقة من الأطفال الصغار تترك المدارس إلى بر الأمان.
كان يوماً، مثل اليومين السابقين، من الدم والرعب في باريس وما حولها. "وغضب هائل في جميع أنحاء العالم يرافقه التفكير في الجذور العميقة للأعمال الشريرة. كان عنوان صحيفة نيويورك تايمز " يلمس العديدون صراع الحضارات".
رد الفعل من الرعب والاشمئزاز حول الجريمة له ما يبرره ، كما هو البحث عن الجذور العميقة ، ما دمنا نحافظ على المبادئ راسخة في العقول. يجب أن يكون رد الفعل مستقلاً تماماً عن تفكيرنا حول هذه المجلة وما تنشره .
لا ينبغي أن يكون المقصود بالهتافات الحماسية في كل مكان "أنا تشارلي"، وما شابه ذلك، الإشارة، أو حتى التلميح، على الارتباط بالمجلة، على الأقل في سياق الدفاع عن حرية التعبير. ينبغي أن تُعبّر عن الدفاع عن الحق في حرية التعبير بدلاً من ذلك، مهما كانت الآراء، حتى لو اُعتبرت مكروهة ومنحرفة.
وينبغي أن تُعبّر الهتافات أيضاً عن إدانتها لأعمال العنف والإرهاب. كان اسحق هرتسوغ ، رئيس حزب العمل الإسرائيلي والمنافس الرئيس في الانتخابات المقبلة في إسرائيل، على حق تماماً عندما قال :إن "الإرهاب هو الإرهاب ، ليس هناك أُسلوبين لذلك "ومن الصحيح القول أيضاً أن" جميع الدول التي تسعى للسلام والحرية [تواجه] تحدياً هائلاً "من الإرهاب القاتل - إذا وضعنا جانباً التفسير الانتقائي المتوقع من هذا التحدي.
يصف Erlanger بوضوح مشهد الرعب. اقتبس عن صحافي بقي على قيد الحياة قوله " تحطم كل شيء ، لم يكن هناك مخرج ، كان هناك دخان في كل مكان، كان الأمر فظيعاً، والناس يصرخون، إنه كابوس ". وأفاد صحافي آخر بقي على قيد الحياة " كان التفجير ضخماً ، أظلم كل شيء تماماً. كان المشهد، كما أفاد Erlanger " الزجاج المكسور والجدران المحطمة ، الأخشاب الملتوية، والطلاء المحروق والدمار العاطفي ". تم الإبلاغ عن وفاة 10 أشخاص على الأقل مرة واحدة في الانفجار، واُعتبر 20 شخصاً في عداد المفقودين،" يُفترض أنهم دُفنوا تحت الأنقاض ".
هذه الاقتباسات ، كما يُذكرنا David Petersonالذي لا يعرف الكلل ، كأنها ليست من كانون ثاني عام 2015. وإنما من رواية Erlanger في 24 نيسان عام 1999، على صفحة 6 من صحيفة نيويورك تايمز، عن الهجوم الصاروخي الذي قام به حلف شمال الأطلسي (أعني الولايات المتحدة) على مقر التلفزيون الحكومي الصربي الذي أوقف بث راديو وتلفزيون صربيا."
كان هناك مبرر رسمي للهجوم ، على أنه محاولة لتقويض نظام الرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش في يوغوسلافيا. دافع المتحدث باسم البنتاغون كينيث بيكون ومسؤولون أميركيون في حلف شمال الأطلسي عن الهجوم كما جاء في تقرير Erlanger ، وأوضح بيكون في مؤتمر صحفي في واشنطن ان "التلفزيون الصربي هو جزء من آلة القتل التابعة ميلوسيفيتش مثل جيشه "وهو بالتالي هدف مشروع للهجوم".
قالت الحكومة اليوغسلافية أن "الأمة كلها مع رئيسنا، سلوبودان ميلوسيفيتش"، كما جاء في تقرير Erlanger ، وأضاف في تقريره " لم يكن واضحاً كيف عرفت الحكومة ذلك بمثل هذه الدقة ".
لم نجد هذه التعليقات الساخرة عندما قرأنا عن نعي فرنسا للقتلى وغضب العالم على الجريمة . هناك حاجة للتحقيق في الجذور العميقة أيضاً، والاستقصاء العميق حول من يقف مع الحضارة، ومن يقف مع الهمجية.
كان اسحق هرتسوغ، إذن، مخطئاً عندما قال أن "الإرهاب هو الإرهاب، لا يوجد أسلوبين له ".هناك أسلوبين بالتأكيد تماماً: الإرهاب ليس إرهاباً عندما يتم تنفيذ هجوم إرهابي قاس من قبل الصالحين بحكم سلطتهم. وبالمثل، لا يوجد أي هجوم ضد حرية التعبير عندما يهاجم ويدمر الصالحون قناة تلفزيونية داعمة للحكومة.
وعلى نفس المنوال، يمكننا فهم تعليق محامي الحقوق المدنية Floyd Abrams في صحيفة نيويورك تايمز بسهولة ، في دفاعه القوي عن حرية التعبير، "إن الهجوم على شارلي ابدو هو "الهجوم الأكثر تهديداً على الصحافة في الذاكرة الحية. وهو صحيح تماماً عن" الذاكرة الحية "، التي تُصنف الاعتداءات على الصحافة وأعمال الإرهاب للفئات المناسبة:
( إرهابهم )، وهو بشع ، و(إرهابنا )، وهو شريف وطاهر ويمكن محوه بسهولة من الذاكرة الحية.
ونحن نتذكر واحدة فقط من العديد من هجمات الصالحين على حرية التعبير. أود أن أذكر مثالاً واحدا فقط تم مسحه بسهولة من "الذاكرة الحية" : هجوم القوات الأمريكية على الفلوجة في تشرين الثاني عام 2004، وكان من أسوأ جرائم غزو العراق، احتلال مستشفى الفلوجة العام. الاحتلال العسكري للمستشفى بحد ذاته ، بطبيعة الحال، جريمة خطيرة من جرائم الحرب ، بغض النظر عن الطريقة التي تمت بها ، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في صفحتها الاولى ، وأرفقته مع صورة للجريمة تملّقاً . وجاء في التقرير : "نقل جنود مسلحون المرضى وموظفي المستشفى من الغرف وأمروهم بالجلوس أو الاستلقاء على الأرض وأيديهم مربوطة وراء ظهورهم." تم تبرير الجريمة ومكافأتها : " أوقف الهجوم أيضاً ما قال الضباط أنه القنبلة الدعائية للمتشددين: " تيارات التقارير الصادرة عن مستشفى الفلوجة العام ، عن وقوع إصابات بين المدنيين ".
بوضوح :لا يمكن أن يُسمح لوكالة الدعاية هذه أن تتقيأ كلماتها النابية والمبتذلة.
مترجم
نعوم تشومسكي
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية في السنغال: باسيرو فاي ينال 54,28% من ال
.. إسبانيا: النيابة العامة تطالب بسجن روبياليس صاحب القبلة القس
.. نتنياهو يأمر بشراء عشرات آلاف الخيم من الصين لإنشاء مخيم في
.. كامالا هاريس تصفق لأغنية إسبانية داعمة لفلسطين خلال زيارتها
.. قناة إسرائيلية: إدارة بايدن طلبت من إسرائيل السماح لضباط أمر