الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هرطقات إيمانية // تقيؤنا يرحمكم الله .. تقيؤنا تصحوا .. !!

ارنست وليم شاكر

2015 / 1 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تقيؤنا يرحمكم الله ... تقيؤنا تصحوا .!!

أعترف بأنا نحن الجيل الذي يجب أن تدفن ذكراه معه .. ويحرق ميراثه الخرافي بنار المعرفة الحقة، الممحصة لكل خبيثة اخترعناها ، فاستعبدتنا .. وستستعبدكم أن تتركوا شيء من "كراكيب" فكرنا السقيم يتسلل إلى عقولكم فيخربها...

هذا العصر الغبي الذي يعصر إنسانيتنا عصراً هو صنيعة آفاقنا الضيقة، والنوايا الخبيثة التي تعامينا عنها إما لجهلنا وضعف مداركنا أو لقضاء مصلحة في ظلالها التعسه وفيئها المسموم ، وترك الشأن العام للمُتربحين من الدين ، ذاك الذي بدأ تنظيرا، وسفسطة ، من عقول مخربة حاقدة .. فصار بتهاون أولي الأمر المترنح بين سياسات التخاذل وبين التوظيف والاستغلال السياسي "الساداتي" (الرئيس المؤمن لدولة العلم والإيمان ، والحاكم المسلم لدولة إسلامية ) واقعا وارهابا معاشا ، راح فيه داهية السياسة نفسه و"الأنور" من النَوّرِ، فكان الرئيس المؤمن أول ضحايا التكفير ، البكر قبل أن يُفتح الباب على مصرعيه لنستقبل جهنم بصدورنا العارية... فويل ثم ويل ثم ويل لمن يحالف الشيطان ، ومع إبليس يعقد الصفقة..
أنقلب السحر على الساحر ، فما أسهل خروج العفريت ولكن صرفه ليس بالممكن الهين، فهو يعشق امتصاص الحياة من العروق ولعق الدماء ، ويهيم على وجه الأرض يدك فيها أركانها وينبت فيها الخراب فتموت الرياحين وينتحر الأمل.. وهذا جزء من عدالة الجحيم...

فهكذا أورثنا سيد الساسة، وسادات ساداتنا، سقم وسرطان ينهش فلذات الكبدِ، فكانت نكسة التحالف مع الحركات الإسلامية ، ودعم الأفغان في حروبهم لا القومية لتحرير الوطن من وطئ المستعمر الروسي بل تحولت بقدرة قادر لحرب صارت دينية ، الدين في مواجهة الشيوعية ، والإسلام في مواجهة الكفر.. وأصبحت القضية قضية رفع لراية الإسلام خفاقة في العالمين، وخُلطت الأوراق فانتهى الاحتلال وبقي الوطن منتهك، فقط غير المستبد القاهر لغته ودينه ، فبعد ان كان روسيا شيوعي اشقر، صار وهابي اجعد اصهب ينهق كالحمير .. وإن أنكر الأصوات لصوت الغشوم من أي ملة ومن أي دين ، لو كان يدعى انه صاحب دين...

هذه النكسة هي الأشد، والأعنف، والأعمق أثرا من نكسة العرب عام 67 ، وأمام الدولة المستضعفة آنذاك : إسرائيل..

فصارت نكستنا من داخلنا تتقيح ، وتفجر قاذورات وعفونة وأمراض نفسية وشرجية "تستفرغها" في وجوهنا الصامتة الصامدة حتى التبلد، تتلقى اللطمة بعد البثق، والبثق بعد اللطم.. والشتم في هذا لا يحسب ولا يعد ، حتى تشوه الوجه فما بقي من كرامتنا إلا القفى والدبر .. فامتطينا كالبغال ... وكل ما قدر حماتنا ، وحماة الأوطان ، ونحن ننتهك ونهان حتى أعماق الهوان إلا التعذر أو الجعجعة والطنطنة والنعير كما لبهيم ، أعزكم الله .... حتى صرنا كائنات ثرثارة لا تفقه من المعنى قولا ولا تدرك من القول معنى..

بربكم ما معنى التنديد والشجب، وحرب الكرامة والصمود ، ودوله الدين ودين السياسة ، ومباركة الأزهر والكنيسة.. أو ممثلي الطوائف والملل أو القبائل والعشائر وكبار العائلات ، في دولة تدعي أنها حديثة تعمل وفق قانون لا عرف ومواطنة لا جزء من قطيع يساق.. وتلتقط الصور وتذيع نشرات الأخبار تبادل قبلات العاهرين وهم في وضاعتهم فخورين، موزعين البسمات على حضور ومشاركين عقولها من طين مهين ... والجميع كاذب المستمع أكذب من المتكلم .. ومؤتمراتنا المجهضة من سفاح تستمر ، سنة بعد سنه ، بمناسبة وغير مناسبة وعقد يسلم عقدا حتى فرط الشمل .. وأوشكت أركان الدولة أن تنهار ، ولولا قليل لسقط البنيان على يد إخوة الثعبان..

أفخورين نحن بمناوراتنا الساذجة لسياسات بلا سياسة ولا ساسة؟!!... أراضين ، نحن ، عن مشاريعنا الحضارية التنموية بلا خطة ولا رؤية ولا إدارة... بلا استراتيجية ولا آفاق ؟!! ...أكنا جادين حقا ونحن نهزي .. نسابق الزمن ونحن حاقدين مغلولين، "نهري" في عداوات قديمة لا نريد أن نخرج من مستنقعها الأسن ، رغم مرور أكثر من 1000 عام على بعضا منها ؟!! .. أبهذا الميراث الواجب تقيؤه نريد أن نواجه أنفسنا والآخرين والجيل القادم من حمئة الحضيض ؟!!..
ثم لتكتمل دائرة البؤس الخصبة "المتفحلة" يخرج علينا ساداتنا في بعضا من التخنث والاستعطاف والتباكي على الذات لما فعله الاستعمار الذي كان ، أو بمؤامرة الأعداء حينا والأصدقاء حينا ، وسوء حالة الطقس في كل الأحيان!!
أو ربما تعذر بالقسمة والنصيب ، أو انه القدر واراده الله في علاه ... ولا راد لمشيئة الله ، فهو القدر الذي نؤمن به، ومن انكره أنكر ركنا من اركان الإيمان أو صار بسبه اياه ، كمن يسب الله، أستغفر الله، فالقدر هو الله !! .. كم نحن ، هكذا، نستحق الحرق لا الشفقة!!

فصارت سياسات الخزي والتخاذل هي السمة الخبيثة من سمات عصرنا الشقي ... وصار هو زماننا الرديء الذي يجب أن نعترف به أنه زماننا .. وهو تاريخنا الذي سيخجل منه أبنائنا أن لم يخرجوا من ثوبنا البالي ، الذي لا يدفئ من برد ، ولا بساتر من عوره..فالأجيال القادمة إن لم يرفعوا خزي جاهليتنا عنهم، فأنهم سيكتوون بحموضه أمعائنا القذرة التي سممنا بها عقولهم الفتية .. فإن لم يفعلوا فإنهم لا محالة هالكون..
فبربكم أي تراث، وأي تاريخ وأي عادات سلوكية وأخلاقية نتركها بعدنا لتجمل بعضا من صور وجوهنا القبيحة ... عممنا الحجاب ، وكرمنا ذوات النقاب .. أطلنا اللحى وحففنا الشارب ، قصرنا الجلباب ودعكنا المؤخرة بثلاث ناعمات ... أفبهذا فخرنا؟!!..

نحن من قيل فيهم ، بالصوب فخرهم في خزيهم !! ... وماذا عن الصدق ؟.. وقد صار الكذب هو القاعدة والأمانة استثناء ، بالاستقامة يفقر المرء وتجعله النزاهة رقيق مهان ، وذريته تلتمس الخبز فلا تجد غير النكران .. فتفشت الرشوة ، وصار طلبها عرف كشرب الشاي .. واضفنا ، لثقل تفاكهنا السخيف، عليه بعضا من "الياسمين" .. حتى أرق الكلمات جعلتموها وجعلناها بذائة عندما تخرج من أفوهنا المتقيحة فسادا ورمم نتنة..
وماذا عن إزالة الأذى عن الطريق وقد صرنا نحن الأذى وصيرنا الطريق ضربا من ضروب التهلكة ... وماذا عن المصري الأصيل والصعيدي الشهم الذي يحمي المرأة بدماه لو أقتضى الحال ... لقد نذع عصرنا المنافق الشهامة عن الصعيدي ، فصار في غباءه البهيمي ، هو المتحرش بالنساء ... يا وقاحة عورة أمك وأختك وأنت الفاضح!!..

وصار المصري بلا رجولة يخلط بين التلطف والرومانسية وبين التنطع والبلطجة ... وأي ذكرا نتركها خلفنا إلا وهي قد صارت بالفعل ، وللأسف والحزن والكمد ، نجاسة تنجس الأرض.. الأرض التي صارت لصيرورتنا على هذه الصائرة .. تلفظنا، تبثق في وجوهنا، تتقيؤنا تقيئ المحموم لتسممه والذي في تقيئه، وفي تقيئه فقط قد تكون له النجاة .. وبغير القيئ لا أمل له في البقاء..
فالأرض التي سودنا وجهها، ولوثنا ترابها فسقيناها لا ماءا زلالا من السماء، بل دم ساخن متدفق من الرقاب ... من عروق الأعناق المشرئبة نحو رب السماء .. السماء الخرساء الصماء ... ولكنها ورغم الدعاء والاستجارة والتذلل صارت ، ورغم كل ذلك، صارت المقطعة قصعا والمحشوشة حشا .. كالأطراف التي خلقت للعمل وللتعاون والعون وفعل الحسن صارت هي المبتورة بترا .. ففي كل ذلك صارت الإنسانية هي، في أخر المطاف ، المنحورة نحرا .. وصمتت السماء!!
فلو وعت الأرض المُنتهكة لحظة فقط ، وفقط لحظة، عمق ما نحن فيه من تردي بين الغبن والغباء وبين السفه وصمت اللئيم ، لسبت لكم الدين ، ورب هذا الدين الذي لم تعرفه الأرض الجوادة الكريمة منذ أن أصبح الإنسان إنسانا، واضحى الزمان زماناً .. ولا سمعت امنا الأرض الجوادة عنه، فربهم هم ، ما هو بربها ولا ربنا وما هو بخالقها ولا هو بموجدها وما هو برب الجمال والحسن الذي يملئ السمو والسماء، فتمطر الافاق فنا وشعرا وضياء .. والذي ليس هو مَن خَلق الإنسان فأحسن خلقه وهو برأس على عنقه لا بين ايديكم القذرة تعبثون بها...

ألم تسمعوا إياها ، يا أيها الجهلاء ، ألم تسمعوا حقا صوت جوارح الأرض وهي تسب دين أبوكم ؟!!... حتى جعلتم العاقل يسأل : دين أبوكم أسمه أيه؟؟ وربما نسي شاعرنا أنكم بلا دين رغم أنف الأزهر، الذي لو فهم الدين لما قال : الله أعلم في شأنكم ... أنتم بلا دين ولو فتح الله لكم الأرض كلها .. وحتى ولو سبيتم بنات الأصفر .. ولو غنمتم بعد المصرين (العراق) العريق المجيد، والشام الحبيب واليمن الذي ما عاد سعيد ، مصر الأم التي إن سقطت سقط وجه السماء على الأرض ، وضاع الأمل هذه المرة وإلى الأبد ... لو غنمتم الأمصار بعد المصرين وحتى ولو بعد مصر، تبقون بلا دين ولو كان دين القرود والبهائم ، التي تسبح الله بلا لسان ولا نفاق ولا ايهام...

حتى باطنها دنسناه فصارت الأرض مقبرة لجثث مقطعة الرؤوس والأطراف في فعل همجي مصحوب دوما وعلى الدوام بالتكبير لأسم الله ، الله أكبر ، الله أكبر ... الله المدعو خالق الأرض وواضع الرؤوس فوق الأعناق !! يستحق التكبير الكفري ، التكبير المهين فالله أكبر .. الله أكبر ... فليسمع أذا ، وليسمع ثانيا وثالثا ويسمع حتى أخر الدنيا .. ليسمع هذا الذي إليه يكبرون .. صوت التكبير من الحناجر العاهرة صوت تسبيحه في نشيد الدم، ومزامير الحقد، والتشفي في بقر البطون وفقأ العيون وعزف السيوف ، فهل طرب أم هو يدعوكم بصوت التهليل للمزيد..

فهل وصلت لآذانه صوت ازيز الدم المراق في الساحات وعلى الطرقات.. على الرمال وعلى التراب ؟؟!!... لتكن عندكم الشجاعة فسألوه .. لعله يجيبكم .. أنا عن نفسي أسأل ولم يجيبني بعد ..... ولكني لن أكف عن السؤال ولو كان في السؤال حياتي .... هذا عهدا أخذته على نفسي ... والله ، والذي لا تعرفونه ، على ما أقول شهيد!!

فأي تراث نتركه ؟؟ .. وهل لمثل ذلك أن يكون ميراث ؟!!... فأنكم أيها الجيل القادم إن لم تحرقوا ذكرانا، فيكون جيلنا نسي منسيا .. وكل ما أخذتموه عنا من ماهية الدين وفهمنا للشرع والشريعة، النقل والعقل، والعيب والحرام، والحلال والمباح ، القبح واللمم ، الكبيرة والصغيرة، الوسطية والوسط و"الوسط " .... النص والنصل والنصب .... كل هذا وبجملته تحملونه بأطراف أصابعكم حتى لا تتسخ ايدكم ثم تلقونه في أقرب مزبلة ، فيكون مصيره النار... فهذا ما نستحقه وهذا ما نحن أهل له .. دعنا نكون صرحاء .. لقد تقدمت الدنيا ، ونحن بهذا التراث تخلفنا وبلغنا قاع القاع الذي لا قاع بعده ... فأن لم تفعلوا فأن ذكرانا ستصير أشباحا تؤرق عيشكم الهادئ ، بل ستخنقكم وتُصيركم كما نحن أشباحا لا تعيش ولكنها تفسد عيش من يعيش..

تقيؤنا يرحمكم الله ... تقيؤنا تصحوا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #shorts - 49- Baqarah


.. #shorts - 50-Baqarah




.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا


.. #shorts -21- Baqarah




.. #shorts - 22- Baqarah