الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثينا ..صداع أوربي مزمن ؟!

سيمون خوري

2015 / 1 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أثينا ..
صداع أوربي مزمن.

يعترف العديد من المحللين السياسيين في الاتحاد الأوربي، ان اليونان بغض النظر عن الحزب الحاكم ، شكلت على الدوام حالة صداع مزمنة لبروكسيل .
ومع موعد كل انتخابات يونانية، يرتفع معدل تناول الحبوب المهدئة والأسبرين من قبل قادة الاتحاد الأوربي، حول مصير اليونان داخل أم خارج الإتحاد . والمواطن اليوناني عموماً عصي على الفهم، وقد يغير موقفه في اللحظة الأخيرة أمام صندوق الانتخابات. وعموماً تتحكم في مواقفه مجموعة عوامل منها اقتصادية وروابط عائلية، وحتى نوعية انتماء المرشح لأي فريق رياضي.
اليونان، مرة أخرى على موعد مع انتخابات برلمانية يوم الأحد 25-1 - 2015. وحتى منتصف ليلة الأحد، سيبقى قادة الاتحاد الأوربي في حالة قلق. ليس فقط على مصير ديونهم ولا حول خسارة اليمين اليوناني ، بل لأن فوز اليسار الاشتراكي " سيرزا " يعني بداية تحول وتغيير في خارطة القوى السياسية الأوربية . وبالتالي ما تخشاه السيدة مركيل ومعها الاسباني والايطالي هو سقوط أحزاب اليمين تحت تأثير الدومينو اليوناني .
او ربما لنقل ان الصراع بين التيار الأمريكي ، وبين التيار الألماني في دائرة الاتحاد قد يصبح أكثر حدة على مستقبل أسواق بلدان الاتحاد وجزء من بلدان الشرق الأوسط المستهلكة لكل المنتجات الأوربية الزائدة عن حاجة المواطن الأوربي بعد إغلاق أسواق روسيا أمام البضائع الأوربية بقرار أميركي .
قد لا تعجب البعض العبارة الأخيرة.. لا بأس ، دائما الاقتصاد هو محرك التاريخ . والنفط والغاز في المتوسط هو عنوان كبير لفهم جدلية الحرب والسلام في المنطقة، وصراع المصالح.
لنعود الى الانتخابات، سيشارك في هذه الانتخابات حوالي 21 حزباً منهم الحزبين الرئيسيين . أو قطبي الصراع . حزب الديمقراطية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء المستقيل السيد أدوني سماراس ."62 عاماً" المخضرم وريث الحزب اليميني العريق. وبين حزب " سيرزا " بقيادة الشاب " ألكسي تسبرا " من مواليد 1975 وهو أحد منظمي الإعتصامات الطلابية قبل انتخابه رئيساً لتجمع اليسار اليوناني قبل سنوات قليلة.
على كلا الحالات فوز " سيرزا " سيشكل سابقة من نوعها في التاريخ السياسي لليونان سواء القديم ام الحديث فمنذ قرابة الأربعين عاماًُ كان يتداول السلطة حزبي الديمقراطية الجديدة اليميني وحزب الباسوك . الأن هناك أحزاب جديدة في الخارطة السياسية لليونان. أضافة الى أحزاب صغيرة ربما تلعب دوراً هاماً في مستقبل التحالفات القادمة ، وعموماً فهي في خانة اليمين .
إما حزب الباسوك فقد تحول الى حزبين بعد تشكيل السيد يورغوس باباندريو لحزبه الخاص وانشقاقه عن الباسوك نتيجة استيلاء السيد فنزيلوس نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في الحكومة السابقة على حزب الباسوك .
وفي كلا الحالات فإن الباسوك وقد اشرنا لذلك في مقالات سابقة حول اليونان لم يعد فقط في المرتبة الثالثة بل تراجع الى المرتبة الخامسة . ومع احتمالات عدم وصوله الى البرلمان وحتى باباندريو سواء كحزب وكشخص إلا إذا حصلت معجزة حزبية في صفوف ناخبيه السابقين ، وهذا غير متوقعا. فإن الحديث يجري حول تحالفات أخرى لا علاقة للإيديولوجية بها . بل تتحكم بها المصالح . ومن الناحية العملية لم تعد تعني الأيديولوجية الشئ الكثير للمواطن الذي سحقته الضرائب والاستقطاعات المالية لصالح سداد ديون اليونان . بل البحث عمن يمتلك برنامج واقعي وعملي . هناك مشكلة الضمان الاجتماعي ومشاكل التنمية المتعثرة والبطالة المتفاقمة ..الخ
في أوساط الشارع الحديث يجري حول ضرورة تشكيل حكومة توافق وطني عريضة من قبل مختلف القوى الفائزة. بهدف إيجاد حل واقعي ينقذ البلاد مع جدولة واقعية لمشكلة الديون الحكومية المتعثرة.
وبتقديري أنه من الصعب على احد الحزبين الرئيسيين اليمين واليسار الفوز بالأغلبية التي تؤهله تشكيل حكومته الخاصة والانفراد في الحكم. وربما هناك جولة أخرى ..؟ فالمعركة حادة جداً بين الحزبين وحجم البروبغندا الممارس من قبل الجميع عالي بل ووصل الى درجة غير مقبولة في بعض الحالات.
بطبيعة الحال هناك قوى أخرى مرشحة للخروج من البرلمان مثل اليسار الديمقراطي وحزب المستقلين اليميني.
أما الحزب الشيوعي، فليغفر لنا أصدقاءنا، أنه خارج المعادلة السياسية وغير مؤثر في الحياة العامة السياسية للبلد. فلا يكفي أن تتظاهر في الساحات العامة ثم تغادر المكان، لا بد من إعادة نظر في السياسات والممارسات القائمة. في زمن سابق عندما كان الأمين العام للحزب الراحل " فلوراكس " تحالف مع اليمين في حكومة واحدة . وأدى هذا التحالف الى فرملة خطوات اليمين وضبط سياساته العمالية . أم سياسة إدارة الظهر لما يجري فقد أدت الى ظهور قوى سياسية جديدة منذ أشهر تمكنت من الوصول الى المرتبة الثالثة في جدول الفائزين المتوقعين .المشكلة ليست في عدد نواب الحزب بل في فاعليتهم اليومية السياسية مع القوى الأخرى . أعتقد أن هذا عصر التحالف مع الأخريين كما أن اليمين موحد في جبهة واحدة ، لا أدري ماذا يمنع ويحو ول دون ائتلاف كافة القوى التي ترفع راية اليسار أو الشيوعية والتقدمية أو العلمانية حول برنامج عمل مشترك يمثل الحد الأدنى . يستجيب للمصالح الضرورية للمواطن في الصحة والتعليم وإيجاد فرص العمل الممكنة ...؟! انتهى عصر ياعمال العالم اتحدوا ربما ايها الفقراء والمسحوقين والجائعين والمواطنين الصالحين اتحدوا.
عموماً سياسة التقوقع على الذات ، واعتبار أي حزب لذاته أنه النخبة هو برأي الشخصي حالة مرضية ، وهي المقدمة الأولى لعقلية الديكتاتورية.
وبانتظار نتائج الانتخابات، نتمنى للجميع حظ جيد ، فالديمقراطية هي أن تحكم مع وجود الأخر المختلف وحقه في التعبير عن نفسه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ولكن
حميد خنجي ( 2015 / 1 / 15 - 23:02 )
شكرا أيها الزميل العزيز على هذا الطرح الموجز لأحدى البلدان الأوروبية الأكثر تعقيدا، والأكثر حدة في صراعاته الاجتماعية والطبقية! نعم اتفق معك إلى حد ما، في نقدك للحزب الشيوعي، كونه أضحى حزبا دوغمائيا وانعزاليا، في زمن يتسم بالفوضي الشاملة، وتراجعات في الفكر والمفهوم الطبقيين، حيث الحاجة تستدعي سياسة بروغماتية وتدريجية، خاصة أن البروليتاريا الاوروبية باتت ضعيفة ومهمشة، نتيجة تحويل الاقتصاد السائد إلى خدماتي بالدرجة الأولى، في الحقبة الحالية (هذا شأن آخر في حاجة إلى مقاربة مستقلة إذا سنحت لي الفرصة!).. لقد ابتعد الحزب المذكورعن نهج الثعلب السياسي المحنك ؛- فلوراكيس-، الذي كان بمثابة بيضة القبان في وقته.. بعكس القيادة الحالية للحزب، المتسمة بالمراهقة اليساروية (راجع كتاب لينين/اليسارية مرض الشيوعية الطفولي!). صار لديها (القيادة الحالية) خلط عجيب بين الاستراتيجية والتكتيك.. بين الاهداف البعيدة المدى والأهداف المرحلية! صحيح أن حزب الشاب-الكسي تسبرا- (سيريزا) هو حزب برجوازي صغير، أقرب للاشتراكية الديمقراطية/البرجوازية. وبالتالي لايستطيع هذا الحزب أو سواه من حل مشاكل اليونان!.. ولكن ؟؟؟


2 - اخي حميد خنجي المحترم
سيمون خوري ( 2015 / 1 / 16 - 13:30 )
اخي حميد خنجي المحترم تحية لك وشكرا على تعليقك الوافي الذي اتفق معه بالكامل. تحية لجهدك


3 - تحية استاذ سيمون خوري
عبله عبدالرحمن ( 2015 / 1 / 16 - 18:39 )
الاستاذ سيمون خوري المحترم
نحن بانتظار دائم لابداعك
دمت مبدعا

اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر