الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قليل من كثير يقال عن الكرم ...

حمدي حمودي

2015 / 1 / 23
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الكرم تلك الصفة الصحراوية الانسانية العظيمة التي تجعل الانسان يقدم كل ما يملك بكل حب و طواعية بل و يتباهى بفقدان تلك الاملاك التي عمل و اهدر كثيرا من الجهد و الوقت و الروح احيانا من اجل امتلاكها...و التي في نظر غيره نوع من الغباء و قلة العقل و ضعف القدرة على استشراق المستقبل...لعجزهم عن فهم و تفسير الظاهرة و الانسان كما يقال "عدو ما يجهل" ... ويبقى المتمعن المنصف حائرا امام الظاهرة التي عجز الاخرون عن فهم مكنوناتها و مطالبون بان نسبر اغوار الظاهرة القديمة الجديدة في الثوب الذي تستحقه ؟؟؟

يعتبر الكرم من الصفاة الحميدة التي يفتخر بها الانسان الصحراوي و البدوي بصفة عامة و تتطاول الاعناق الصحراوية الى التعالى للتباهي بها في حين كلما نقترب من المدن و الحضر بصفة عامة تتقلص اهمية الظاهرة. الانسان البدوي و الصحراوي بصفة خاصة يعيش في تجمعات صغيرة مقارنة بالمساحات الشاسعة و في امكنة من الناحية المناخية صعبة و قاسية .

و تختلف الاسباب و التحليلات لاسباب اختياره لتلك الاماكن و السكن فيها رغم اتساع الارض و قلة البشر في الكرة الارضية انذاك و هنا يمكن اسقاط ذلك على شعوب اخرى كالاسكيمو و الشعوب الغابية و الجبلية القاسية و بصفة عامة المناخات القاسية ؟؟؟

اسئلة تحتاج الى دراسات مستقلة و تحاليل عميقة و اجابات دقيقة لا تتسع المقالة المقتضبة لاحتوائها....
لقد استطاع الانسان في الصحراء الغربية على مر اجيال ان يتغلب على اكراهات الحياة و المناخ من الحرارة الشديدة نهارا و البرودة شتاء و قلة الكلأ و نقل تلك التراكمات المعرفية و التجارب الميدانية جيلا بعد جيل و عبر صور كثيرة متمثلة في العادات و التقاليد و في التراث المعرفي في الشعر و القصة و الرواية و المثل و الالعاب ...الخ لا نريد ان نقدم او نطرح اشكالية الذكاء الصحراوي على المحك لانه جزء من ذكاء الانسان لا يخفى اختيار الجمل و استئناسه و لا الخيمة و لا الملبس و لا التجمعات و...الخ في عبقرية و عظمة ذلك الذكاء... واستطاع الصحراوي ان يطوع المناخ لصالحه و يعيش الهناء و السعادة و الاستقرار و لم يقبل بديلا لتلك البقاع التي اصبحت بذكائه ملكا له و متحكما فيها بل و يهزأ و يعيب المجتمع الزراعي ...في حين تعتبر للاخرين صحاري جرداء و مناطق لا تصلح للحياة... فمثلا استطاع الصحراوي ان يستانس حيوانا يرعى نفسه و يتنقل عبر الصحاري الواسعة و ابن البيئة و منه الماكل و المشرب و السكن و النقل و اشياء اخرى لتبسيط و تقليل المتغيرات....و لكي يظل يتبع حركة حيواناته التي يعيش عليها من بعيد يجب ان ياخذ المعلومات من المارة بجنب اماكن تمركزه... و المارة هؤلاء هم الجزء المهم من الحكاية ...حيث سيكون هو الضيف التي تقدم له الضيافة التي هي الكرم موضع المناقشة... ولاخذ المعلومات الدقيقة كان منطقيا تقديم لصاحب المعلومات الثمينة الثمن المستحق الذي هو حسن الضيافة المتمثلة في الكرم دون الخوض في تحديد ماهيته. المعلومات عن الابل و عن الارض و اماكن الرعي و تساقط الامطار و حتى اخبار العدوان و الغزو و الامن و الاسعار... و كل امور الحياة التي كان ينقلها راكب لاخر بصدق مسافات شاسعة كفت عن عناء السفر و المجهودات المضنية و الشاقة التي كان سيتكبدها الصحراوي لو لم يجد القادم الثمين... وهكذا تبدا الحكاية و لتتجذر القصة التي تتحول فيما بعد و عبر تراكمات زمنية طويلة الى الكرم الصحراوي التي تحكيه كتب التاريخ و الادب و ليعلي الله المكرمة و الصفة الحميدة الى المعاني العظيمة من العطاء الانساني... و يجبرنا في الاخير الحال الى اظهار عكس الكرم و هو البخل لاكمال الصورة و الذي ظل يعتبر عيبا و نقصا و جرحا للرجل الصحراوي ... و هذا قليل من كثير يقال في الكرم الذي هو من مميزات الهوية الصحراوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دراسة: السعودية ستشهد ظواهر مناخية أكثر حدة في السنوات المقب


.. تحديث في -واتساب- يغضب المستخدمين.. والشركة تتراجع




.. مصادر العربية: البيت الأبيض يطلب التزام الصمت بشأن هجوم أصفه


.. الحرس الثوري: هجوم إسرائيل لا يستدعي الرد




.. لحظة انهيار مبنى سكني مكون من 4 طوابق في مدينة نيودلهي الهند