الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نمط الجملة ودلالاتها النفسية والسياسية

محمد خضر خزعلي

2015 / 1 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


1-
أ- عمر ابن الخطاب اعدل الناس.
عمر بن الخطاب حاكم عادل.
ب- محمد خضر افضل او اسوء الناس .
محمد خضر شخص سيء ، او شخص جيد.
هل هناك فروقات بين الجمليتن؟
هل هناك دلالة نفسية وسياسية لكل واحدة منهما؟
2-
الجمل الاولى مطلقة ، وتقوم على استبدال الشخص مكان المفهوم ، مفهومي عن العدل ، السيء ، الجيد ، الخير ، الشر ...الخ من مفاهيم مكان الشخص.
حيث يصبح الشخص الفلاني هو المثال في تشكيل مفهومي عن مفهوم معين ، وهو المثال خلال عمليات القياس او الحكم .
حيث ان جملة عمر اعدل الناس هي جملة مطلقة ، وتماما مثل جملة محمد خضر من اسوء او افضل الناس ، وهذه الجمل قد تنطوي على ان يكون مقياسي في الحكم على شخص ما ، ليس من خلال المفهوم كالعدالة مثلا ، بل حكمي سيكون من خلال ما شكلته ذهنيتي عن الشخص العادل وهو عمر. وتماما ينطبق ذلك على الجمل بالصياغة الاخرى سابقا.
3-من المفهوم الى الشخص:
اذا كانت حياتنا قائمة على مثل هذا الاستبدال وغيره في المفاهيم الاخرى ، اذن يصبح الحكم لا للفكرة بل للشخص .ومع مرور الوقت يسود انطباع ان ما حدث في الماضي مثلا لن يتكرر ، فبموت الشخص يموت معه مفهومنا عنه كالعدل ، ونقول لن يأتي الزمن بمثله.
ومع مرور الايام يصبح ما هو ماضي افضل من الحاضر ، واذا اردنا ان نكون سعداء فلا بد من استرجاع الماضي في المستقبل.
4-هل ينطوي مثل هذا الاستبدال على دلالة نفسية او سياسية؟:
أ- الدلالة النفسية:
على سبيل المثال : لو سأل سائلا احدا منكم عني ، فأنني استطيع ان حدد طبيعتك النفسية تجاهي من خلال نمط الجمل في اجابتك كالتالي:
الجواب الاول : محمد خضر من افضل او اسوء الناس.
هذه الجملة تدل على ان معيار حكمك هو معيار شخصي ، فلأنك تكرهني قلت هو من اسوء الناس ، او لأنك تحبني قلت انه من افضل الناس.
الجواب الثاني : محمد خضر شخص سيء او جيد : وهذه تدل على ان معيار حكمك موضوعي ، ويستند حكمك على وجود مخزون معرفي لديك عن مفهوم السوء او الحسن ، وانت قارنت بما هو انا عليه فعلا ، وبما لديك من ذاك المخزون المعرفي عن تلك المفاهيم.
5-الدلالة السياسية الناتجة عن الصيغتين:
ما دامت الصيغ الاولى للجمل تدل على معيار الحكم هو معيار شخصي وليس معيار الفكرة او المفهوم ، فإن لهذا الامر ان يجعل ولاؤنا للشخص لا للفكرة ، وما دامت الدولة او المؤسسة فكرة ، فلن يكون لدينا ولاء وانتماء لمفهوم الدولة القائمة على حكم القانون مثلا ، لأننا لا نملك مخزون معرفي ذهني عن مفاهيم مثل الدولة والقانون والمؤسسة ، لأننا دائما ما فهمنا او تشكل لدينا مخزون معرفي طوال التاريخ من الدولة هي شخص الحاكم. فهو الدولة والدولة هو.
اما لو كانت الصيغ الثانية هي التي تسود المجتمع ، فإن هذا دليل على ان هذا المجتمع لديه مخزون معرفي ذهني عن مفاهيم مثل العدالة والقانون والدولة .
هذا الفارق هو الذي يؤدي الى تبجيل الاشخاص في الدول العربية لدرجة تقترب من الأولوهه ، في حين ان في الغرب اي شخص يستطيع ان ينتقد الحاكم او الرئيس علنا ، فهو خادم للشعب وموظف في الدولة.
6-
اذن ، ان لشيوع نمط معين من الجمل المستخدمة في حياتنا اليومية له دلائل معينة ، ومنها انها تحدد نمط الشخصية العامة في مجتمع معين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة