الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تغيرت الشرطة بعد 25 يناير؟

اسلام احمد

2015 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


اعتمد مبارك في سبيل بقائه في السلطة لثلاثين عاما على القبضة الأمنية فقط بدون تقديم أي إصلاحات سياسية أو اجتماعية ومن هنا فقد منح جهاز الشرطة وخاصة جهاز مباحث أمن الدولة سلطات مهولة جعلته فوق القانون والدستور لذا كان من الطبيعي أن يلحق جهاز الشرطة جانب كبير من الفساد الذي طال كل مؤسسات الدولة في عهده

ولذلك لم يكن غريبا أن يختار الشباب الذي فجر الثورة يوم 25 يناير للقيام بثورتهم بالتزامن مع عيد الشرطة باعتبارها رمز فساد النظام واستبداده ومصدر جرائمه , وكما هو معروف فقد انتهت المواجهة بين الشعب والشرطة بهزيمة الأخيرة يوم 28 يناير بعد أن انكسرت الشرطة وانسحبت بشكل مهين ومن ثم دخلت البلاد في مرحلة من الفوضى والانفلات نتيجة الغياب الأمني الكبير الذي خلفه انكسار الشرطة مما دفع الجيش إلى التدخل لسد الفراغ الأمني والحفاظ على البلد من الضياع

والحقيقة أن العلاقة بين الشرطة والشعب ظلت متوترة طوال فترة حكم المجلس العسكري والإخوان خاصة بسبب المماطلة في محاكمة قتلة شهداء الثورة وعدم تحقيق العدالة الناجزة , غير أن الوضع تغير عقب ثورة 30 يونيو إذ شهدت البلاد حالة رائعة من التوحد بين الشعب والشرطة والقوت المسلحة بعد أن انحازت المؤسسة العسكرية ومعها جهاز الشرطة لصالح الشعب وخلصوا البلاد والعباد من كابوس حكم الإخوان

ومنذ ذلك الحين بدأت الشرطة في التعافي وأعتقد أنها استردت عافيتها بشكل كبير الآن خاصة عقب إقرار الدستور الجديد وانتخاب الرئيس السيسي ليس فقط بسبب بزيادة الميزانية المخصصة للأمن وزيادة التسليح الحديث للجهاز ولكن لأن الشرطة , وهذا هو المهم , أصبح لديها سند شعبي كبير في حربها ضد الإرهاب ما أدى إلى حدوث تغيير نوعي كبير في جهاز الشرطة , ولكن هل تغيرت العقيدة الأمنية للجهاز؟

أزعم أن الإجابة بالنفي ولكي أؤكد ذلك أسوق ثلاثة أدلة :

الأول تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان الأخير الذي أكد حدوث وفيات داخل السجون بسبب تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة والافتقار إلى الرعاية الطبية

الثاني تقرير الطب الشرعي الذي أكد واقعة اغتصاب أميني شرطة لفتاة الساحل منذ أسبوعين , وهو ما تم التعتيم عليه إعلاميا بعد أن أخلت المحكمة سبيل المتهمين!

وأخيرا واقعة مقتل الناشطة شيماء الصباغ عضو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي في مظاهرة طلعت حرب في الذكرى الرابعة لثورة يناير 2015 , ولكي تكون الصورة واضحة أنقل شهادة الصحفية نانسي عطية على الحادث تقول : "في شارع هدي شعراوي بوسط المدينة، الساعة الثالثة والنصف عصرًا ظهرت مسيرة رفعت لافتات تحمل شعار حزب التحالف الشعبي، لم يتجاوز عددها 100 شخص.
بعد لحظات من انطلاقها، قامت قوات الشرطة بتحريك مدرعاتها باتجاه المسيرة وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة، وأنا كنت في الشارع المجاور للمسيرة بجانب قهوة «زهرة البستان».
وفجأة سمعت أصوات أعيرة نارية لا أعرف مصدرها، فجريت مرة أخري نحو شارع القهوة، كانت بنادق الشرطة في اتجاه المتظاهرين، لحظات ورأيت عددًا من الشباب يحملون نفس الفتاة، وقاموا بوضعها أمام القهوة وطلبوا مني مستغيثين بإسعافها باعتباري فتاة مثلها.
رأيت الفتاة كانت تنزف من رأسها بغزارة حاولت كبح النزيف بيدي لكني لم أستطع.. فتحت حقيبة يديها لمعرفة هويتها والاتصال بمعارفها فعلمت أن اسمها شيماء الصباغ، سيدة متزوجة من مدينة الإسكندرية، في هذه اﻷ-;-ثناء رن هاتفها المحمول كان شخص اسمه حسام قلت له إن شيماء توفت، بعد أن وضعت يدي على رقبتها وتأكدت من توقف نبضها.
كان الجميع يصرخ من حولي طالبًا سيارة إسعاف، وفي هذه اﻷ-;-ثناء هاجمت قوات الشرطة أمامنا للقبض على من يوجد بالشارع، وقاموا بالقبض على عدد من الشباب والرجال الكبار وقاموا بسبهم بألفاظ نابية والاعتداء عليهم بالضرب.. وتركوا الفتاة تنزف حتى الموت وحدها على الرصيف.
فاتت لحظات وأنا أصرخ ويدي تحاول وقف دماء شيماء، مطالبة المارة بسيارة إسعاف وأنا على يقين تام أنها قد رحلت عن الدنيا.
رن هاتف شيماء مرة أخري، كانت فتاة طلبت مني التحدث لشيماء أكدت لها أنها توفيت وأبلغتني الفتاة بأنها واحدة من أعضاء حزب التحالف، وأكدت لي أن هناك بعض الشباب قادمين لها في الطريق.
لحظات بعد أن تجمع حولي أنا وشيماء عدد من قوات اﻷ-;-من بزي مدني يحملون أسلحة، جاءت سيارة أحمل رقمها بها رجلين وسيدة، رفعوا شيماء نحو السيارة وأسرعوا منطلقين إلى مستشفي الهلال، حسبما أكدوا لي.
رحلت شيماء في السيارة وعادت قوات الأمن ومدرعات الشرطة بمسح محيط شارع طلعت حرب والشوارع المجاورة، تقبض علي الشباب المتناثر في الشارع بشكل عشوائي.
ملحوظة: شيماء سيدة كانت لا تحمل بحقيبتها سوى 5 جنيهات وباسبور مصري وجهازين محمول ليس أكثر.. فبأي ذنب قتلت؟!"

في سياق كهذا يتبين لنا أن العقيدة الأمنية لجهاز الشرطة وممارساتها مازالت كما هي لم تتغير حيث يظل الفساد والاستبداد سيدا الموقف بعيدا عن قواعد الدستور والقانون فهل يعقل أن نصل إلى تلك النتيجة بعد ثورتين؟!

والحقيقة أنه أتيحت فرصة ذهبية لإصلاح جهاز الشرطة عقب 3 يوليو اثر حالة التوحد بين الشرطة والشعب ولكن الدولة أهدرتها إذ اكتفت بإصلاحات شكلية تتعلق باستبدال القيادات وتحديث الجهاز بالأسلحة بدلا من القيام بإصلاح هيكلي في بنية الجهاز وعقيدته الأمنية

ولأن الرئيس حرص في الاحتفال بعيد الشرطة على التأكيد على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون فيتعين أن يكون ذلك ملزما لكل رجال الشرطة لاسيما أن الدستور ينص في مادته (206) على أن الشرطة هيئة مدنية نظامية، فى خدمة الشعب، وولاؤها له، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن، وتسهر على حفظ النظام العام، والآداب العامة، وتلتزم بما يفرضه عليها الدستور والقانون من واجبات، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية

ولأخذ توجيهات الرئيس على محمل الجد يجب التحقيق في الوقائع السالفة الذكر وخاصة الواقعة الأخيرة الخاصة بمقتل شيماء الصباغ وصولا لتطبيق القانون على الجميع وتحقيق العدالة , وما لم يحدث ذلك فان البديل قد تكون عواقبه كارثية وتشكل خطرا على أمن البلد واستقرارها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE