الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تعادي بريطانيا-العظمى- كوردستان الناشئة؟

آزاد أحمد علي

2015 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



مصطلح معاداة ومفردة تعادي قد يعدان شديدان وسافران إلى أبعد الحدود، خاصة عندما يقصد بهما توصيف حالة ودرجات المواقف البريطانية، هذه المواقف التي تظهر بهدوء ونعومة على الساحة الدولية. فعلى سبيل المثال قبل عدة أيام و بدعوة من وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند عقد في لندن إجتماع لوزراء خارجية (21) دولة، إضافة الى الإتحاد الأوربي والأمم المتحدة، وذلك لبحث تنسيق جهود التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، حسب ما ورد على لسان المتحدثة بإسم وزارة الخارجية البريطانية فرح دخل الله، التي أشارت إلى أن هذا اللقاء: "سيكون جزءاً مهمّاً من جهود التنسيق مع شركائنا في التحالف للعمل بأكثر السبل فعالية … وهي فرصة لاستعراض الجهود المبذولة للتصدي لـداعش، وكذلك سبل مكافحة تمويله، والحد من تدفق المقاتلين الأجانب للإنضمام لصفوف التنظيم"، إلى آخر بنود أجندة الإجتماع. جدير ذكره أن بريطانيا تعمل نظرياً مع التحالف الدولي الذي يضم أكثر من (60) بلد في العالم، لتنظيم الجهود لتقويض الإرهاب، على الرغم من أن مشاركتها هي مجارة للأحداث، وأكذوبة تفضحها عدد الطلعات الجوية لسلاح طيرانها، فعدد هذه الطلعات لا تعادل نصف طلعات سلاح الجو الاماراتي؟!
لقد تفاجأت القوى العراقية الرئيسة التي تقاتل داعش على الأرض من عدم دعوتها إلى هذا الإجتماع الذي يخص ما يجري في مناطقهم مباشرة، في الوقت الذي دعت إليها دويلات مثل البحرين ذات الإمكانات المتواضعة، وقطر المشكوك في مصداقيتها في محاربة الإرهاب.
وكرد فعل أولي على إجتماع لندن الكرنفالي، أبدى رئيس إقليم كوردستان العراق من الجبهات الأمامية لقتال داعش عن إستيائه وأسفه لعدم دعوة ممثلين عن إقليم كوردستان إلى هذا الإجتماع، وذلك في بيان وزع يوم الجمعة 23/1/2015.
من جهتها أعلنت القوى العربية السنية في العراق عن موقف مشابه، وأوضحوا لجهات إعلامية متعددة، بأن الوفد المشارك في مؤتمر لندن يفتقر إلى أي مسؤول من المكون السني. كما بينت الهيئة السياسية لتحالف القوى العراقية وإئتلاف الوطنية، بأن تركيبة الوفد (السيدين العبادي والجعفري) يعد تهميشاً جديداً وإستئثاراً غير مبرراً لحضور المؤتمر.
وفي محاولة لمعرفة حقيقة الموقف الأمريكي من هذه الدعوة الملتبسة، والمتمثل بإقصاء فظ لممثلي إقليم كوردستان العراق، والقوى العربية السنية في العراق، وبناء على إصرار مراسل شبكة رووداو الإخبارية في واشطن نامو عبدالله، أجابت المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية في مؤتمر صحفي عقد يوم 23/1 في العاصمة واشنطن، حيث ردت جين ساكي على التساؤل بطريقة إستفزازية: "نعم، حيدر العبادي يمثل جميع العراقيين".
وهذا ما يشير إلى أن أمريكا متفهمة للعبة بريطانيا القديمة – الجديدة والسخيفة في الوقت نفسه، فقد إستجرت حكومة كاميرون وراءها إدارة أوباما الهزيلة في هذا الموقف على أقل تقدير.
ما حدث لم يكن مفاجئاً للمراقب المهتم بالسياسة البريطانية، فهو تعبير صادق عن الذهنية البريطانية الكولونيالية في معالجة شؤون العراق، لأنها حلقة جديدة في نفس سياسة إعادة إنتاج المشاكل، وليس حلها، بل زرع الألغام السياسية عاماً بعد آخر. وهي نفس السياسة المتبعة منذ العهد الملكي، المتلخص في الميل الواضح والصريح إلى جانب سطوة السلطة المركزية، أياً كانت هذه السلطة، ملكية أو بعثية أو شيعية، لأنها سياسة مريبة ورتيبة، وبشكل خاص تتغاضى اليوم عن عمق وطبيعة المتغيرات الداخلية والمحيطة بالعراق اليوم.
أما بالنسبة للكورد وكوردستان فالموقف البريطاني، هو إستمرار وترجمة جديدة لحقيقة معاداة حكوماتها المتعاقبة لطموحات الشعب الكوردي، طوال قرن كامل من الزمن. فمنذ أن تفوه تشرشل بكلمات معادية للكورد وترجمها بتحطيم كوردستان على أرض الواقع بعد الحرب العالمية الأولى، وحتى يوم أمس، تنفذ نفس السياسات، عندما تعمدت حكومة ديفد كاميرون (اليمينية المحافظة) في إلغاء دور الكورد والتعتيم على إنتصاراتهم في ساحات محاربة الإرهاب. إن موقف حكومة كاميرون هذا ما هو إلا محاولة للإستدارة حول المنجز السياسي والعسكري والدبلوماسي الذي حققه إقليم كوردستان في الأشهر والسنوات الأخيرة، وهي محاولة يائسة لإعادة تحويل إقليم كوردستان إلى محافظة منسية في إحدى "مستعمراتها" حسب ذهنية حكومة كاميرون الزهايمرية.
أما ما هو مستغرب أنه حتى الآن لم تتأكد النخب الكوردية الثقافية والسياسية، بأن بريطانيا تعادي الكورد بإستمرار وبشكل سافر، ويصعب عليها أن تجد كوردستان متقدمة ومنتصرة. فعلينا إعادة قراءة مواقف بريطانيا، وكذلك العديد من النصوص التي تثبت هذا العداء، بدءاً بمذكرات تشرشل وصولا إلى الوثائق البريطانية المفرج عنها مؤخراً، مروراً بعدد كبير من المستشرقين والرحالة والصحفيين والباحثين الأكادميين، فثمة إتفاق عندهم جميعاً، تتخلها بعض الإستثناءات، فهم يُسَفهون الكورد ويُصورونهم كغزاة ومحتلون لأراض الغير. قبائل متشرذمة، غير قادرين على بناء دولة عصرية، ولذلك حَرَمهم العرش البريطاني من التمتع بحق تقرير المصير سابقاً. الموقف البريطاني هو أسوأ طريقة يمكن أن نتصورها للتكفير عن الذنب، لأن جريمتها الأولى لا تُغتَفر، وستظل ماثلة أمام أعين أجيال من أبناء ضحايا هذه السياسة.
ما يفرض نفسه إزاء السياسة البريطانية والسياسة الذيلية لإدارة أوباما في موضوع محاربة داعش، هو إعادة التأكيد على ضرورة التوجه نحو تحالفات محلية في العراق وسورية ودول الجوار، لإيجاد حل مستدام لمعضلات المنطقة، فبهكذا منطق وسياسة بريطانية ملتوية، لن تصل المنطقة إلى بر السلام والتنمية.
أخيراً وبهذه المناسبة أجد من الضروري أن تفكر النخب الثقافية والمنظمات الحقوقية الكوردستانية لوضع تصور وترتيبات لرفع دعوة قضائية ضد الحكومة البريطانية، بصفتها وريثة بريطانيا الإستعمارية العظمى، وكونها تتحمل مسؤلية المشاركة في تقسيم كوردستان، وتقع على عاتقها مسؤولية الإبادات الجماعية والحروب السياسية ضد الكورد. فعلى أبناء الضحايا وذويهم بدءاً من ضحايا قصف السليمانية وبارزان من قبل الطائرات البريطانية، وصولاً إلى مجزرة حلبجة، رفع دعوة قضائية في المحاكم الدولية المختصة ضد من يتحملون وزر ما تعرض له الكورد من مجازر وحرمان سياسي خلال مائة عام. فحكومة بريطانيا ومعظم رؤساءها السابقون مسؤولون عن مأساة الكورد، وهم شركاء في تقسيم وتحطيم كوردستان، وبالتالي هم متهمون بسفك وهدر الدم الكوردي طوال قرن من الزمان، فمشكلتنا مع بريطانيا أكبر من هذا المؤتمر أو تلك الدعوة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أشد على يدكم كاكه آزاد
HAMID KIRKUKI/ SAYADI ( 2015 / 1 / 29 - 09:55 )
الأنگليز هم ليسوا فقط العدو اللدود للكورد وإنما لكل ما هو إيراني التأريخ والسبب بسيط جدا الأنگليز يكرهون جميع الأقوام الإيرانية لأن علمهم English Jack الإستعماري غرست في جميع العالم ماعدى إيران!! حيث لقنهم الجنرال رضا خان درسا أسخفتهم في آبادان وخرمشهر 1920 أوحلت علمهم في مياه الخليج الفارسي وكذلك شيخ محمود الحفيد كان شوكة في عيونهم!
الشمطاء ملكة الدعارة تتذكر كل ذلك ولذلك لآ أمل منهم هم اللذين خلقوا شيوخ العرب والسعودية و نخاسة پآكستان المقززة للنفس ضد مهاتما گاندي .
ما العمل إذن بوجه هذه الممومسة المشيخة اللئيمة؟ هو تحويل القوى الديمقراطية العالمية لمعرفة خساستها وإستعماريتها وعلينا أن نفتح مدرسة لتثقيف الكاوبوي الآمريكي بعدم السماع لهذه البليهة المخربة للسلام العالمي والمنتجة لدواعش إنگليزية عربية من لندنستان البريطانية!


2 - اصبعي ابتره ويدي أطهرها لو لامسا يدك
كاميران تركستان ( 2015 / 1 / 29 - 10:26 )
HAMID KIRKUKI/ SAYADI

بريطانيا العظمى حمى شعب الله المختار أبناء الله وأحباؤه في صهيواسرائيلستان الكبرى، ومحرقة الهولوكوست للأقوام الأخرى!!.

تركيا أعلنت مكافحتها للعنصرية ورئيسها أردوغان لا يسمح بدولة الفرد العشائري المتخلف ابن ملا برزاني.


3 - الاستعمار لا يغيير جلده و طبعة امريكا عدوة الشعوب
علاء الصفار ( 2015 / 1 / 29 - 20:39 )
تحيات استاذ ازاد علي
وجه الاستعمار الذي تجسد بالقائد تشرشل و سايكس بيكو, الجميع نسى التاريخ و صدق خرافة ان امريكا بعد سقوط السوفيت ستقيم العدالة في الشرق الاوسط( منطقة نفوذها) و كأن الاستعمار الامريكي صار البديل الثوري في العالم لا بل تبنى مبدء الشيوعيين في اقامة الجمهوريات الحرة الديمقراطية, نسى الكثير وحتى المخضرمين أن الذئب لا يمكن أن ينقلب حملاً وديع! هكذا تلاعب الغرب وأمريكا بعدغزو للعراق على مشاعر النخب و المثقفين الاكراد و مغازلة توق الشعب الكردي في الحرية, فنسى النخب- شعار نابليون الصليبي نحن محررين لا فاتحين-,أمريكا وعبر تصريحات البيت الاسود و رؤساءها قالوها صريحة- ليس لدينا اصدقاء بل لدينا مصالح- لكن العقل العربي العشائري المتمثل بصدام البعث اعتبر امريكا و فرنسا حلفاء واصداقاء لحين يوم حبل المشنقة.هكذا للاسف صدق الكثير من اليساريين باقوال بوش بأنه سيقيم الحرية في العراق والسلام في كردستان,ونسوا حلبجة, لنرى كيف فضلت امريكا القاعدة و داعش لتبيع النفط الرخيص و لتحارب بها ليس الروس و ايران بل لتحطيم طموح الاكراد بعد ان رؤوا الشعب الكردي يطمح للحياة. اشد على يدك ايها الرفيق!ن


4 - الاخ الكاتب
اّرام ( 2015 / 1 / 30 - 12:43 )
اعطني مثالا واحدا عن معاداة الانكليز لكردستان ..وللعلم ان سياسة بريطانيا تختلف عن سياسة امريكا التي هي مثار الشك ..

اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية