الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوف والفعل

هاشم عبد الرحمن تكروري

2015 / 1 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الخوف والفعل
الخوف غريزة تنبع من لدن كل مخلوق حي، تهدف في المقام الأول لتشكيل خط الدفاع النفسي عن كينونة هذا المخلوق؛ لتدفعه فيما بعد لأخذ ما يلزم من تدابير تساعده على إعادة الهدوء والطمأنينة لنفسه، وأداة التحذير هذه تعمل بشكل فوري بمجرد استشعار العقل الواعي أو الباطني بخطر قد يهدد أو يتربص بمصالح هذا المخلوق -سواء مخلوق عاقل أو دون ذلك-، فالغريزة في المقام الأول تهدف لتلبية رغبة، والرغبة هنا هي الحفاظ على كينونة هذا المخلوق ومصالحه، والغريزة لا تخطئ بطبيعة الحال لأن هدفها معروف، على عكس العقل الذي قد يتخذ مواقف أخرى قد يرى فيها عدم تلبية مصلحة في الوقت الحالي، على تلبية تلبيتها في وقت لاحق جلباً لمصلحة أو تجنباً لمضرة، والخوف نوعان، خوف سلبي، وخوف إيجابي، والخوف السلبي مذموم على عكس الخوف الإيجابي، فالخوف السلبي يدفع بصاحبه إلى التقوقع والانسحاب من مسرح الحياة، وعدم الدفاع عن النفس، وهذا خطره شديد، فهو لا يدفع بصاحبه لاتخاذ تدابير لحماية النفس، ولكن يدفعه إلى الجمود وشلل القدرة على التصرف، ونصطلح على تسميته هنا بالجُبن، وهذا ما سوف نتجنبه وندعو إلى تحيده والابتعاد عنه، وما نحن بصدده والذي ندعو لتنميته واستغلال وجوده الطبيعي في كل مخلوق هو الخوف الإيجابي، الذي لو أُحسن استغلاله لغدى أداة تقدم ونجاح، فتنمية الخوف بالنفس من الله تدفع بالمرء إلى اجتناب نواهيه واتباع ما يأمر به من خير هدفه الإنسان -فالله لا يناله منا شيئاً، لا خير ولا شر-، وعلم المخلوق بما قد يواجهه يُنبت في نفسه الخوف المانع من إيراد النفس إلى مهلكها، وهذا بالقطع خوف محمود والعمل على تنميته مرغوب، كذلك الخوف من الفشل يدفع الإنسان إلى بذل المجهود لتحصيل النجاح والحفاظ عليه، ومجالات الخوف الإيجابي في تنمية الإنسان وتقدمهُ كثيرة، ونستطيع استحضار عشرات الأمثلة التي تدعم وجهة نظرنا المتواضعة هذه.
والخوف هنا لا يهدف إلى قتل الإبداع في النفس وتقييدها بقيود تمنعها من الإبداع والتجديد، بل على العكس من ذلك تماماً، فهذا خوف مُحفز للنفس مُطلق لإبداعها، فالفنان على سبيل المثل لا الحصر يدفعه خوفه من عدم تقديم ابداع جديد إلى العمل على انجاز كل ما هو جديد ليبقى وجوده محفور في وجدان وعقول من يتابع فنه، والعالم الذي يعمل على اكتشاف وإيجاد حلول لمشاكل قائمة يدفعه حافز خوفه على العمل بشكل مثابر لا يعرف الكلل للوصول إلى ما يريد، والمقاتل في الجبهة يستبسل في قتاله للعدو خوفا من قيام هذا المحتل باحتلال أرضة واستباحة بيضة أمته، وهكذا لكل إنسان في مجاله وموقعه، وهنا لا بد لنا من ضم هذا المُحفز لمنظومة المحفزات والتنمية الهادفة إلى الارتقاء بسلوك وأخلاق ومهارات الإنسان وصولاً إلى درجة اعلى من الكمال البشري المنشود، وهذا كله لا يعني اهمال جوانب الدافعية والتحفيز الأخرى، بل يسعى إلى استغلال دافع آخر هو الخوف الإيجابي وتحويله من عامل من عوامل الفشل والانجماد، إلى عامل من عوامل الدافعية المؤدية إلى ارتقاء البشر وتحقيقهم لما يصبون إليه، ويمكن تصميم تقنية نفسية قائمة على الخوف الإيجابي المؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة، وتوجيهه إلى كافة فئات المجتمع لبث الوعي في أنفسهم بأهمية استغلال ما كان يُعتبر عامل هدم، وإظهار جانبه المُشرق بحال تم السيطرة عليه وتغيير اتجاه بوصلته بالاتجاه الذي يدفعنا لا استخدامه جسراً يوصلنا إلى ما نصبو إليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخ العزيز هاشم عبد الرحمن
جمشيد ابراهيم ( 2015 / 1 / 29 - 17:16 )
عزيزي هاشم
يا ريت لو تطرقت بالتفصيل الى الخوف السلبي لان الخوف الايجابي معروف فوائده
تحياتي الاخوية

اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو