الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعودية وأزمة اليمن وباب المندب ...

خالد ممدوح العزي

2015 / 1 / 31
السياسة والعلاقات الدولية


مما لا شك فيه بان الصراع الجيو-سياسي بين الدول هو بالأساس للسيطرة على مناطق نفوذ جديدة تمكنها من بسط نفوذها على دول صغيرة، في الصراع تعتمد كل الوسائل الاقتصادية والإعلامية والسياسية والمذهبية لبسط النفوذ ، فالصراع على المضائق والمنافذ البحرية يكمن في صلب هذه السياسات التي تعمل عليها إيران للتحكم بخطوط التجارة، ولبسط نفوذها الجيو-سياسي في الخليج.
فإيران تخوض صراعها في المنطقة من خلال السيطرة على المنافذ البحرية في سورية ولبنان والعراق وغزة واليمن ، فالإستراتيجية الإيرانية تأخذ بعين الاعتبار بان السيطرة على ممرات النفط والتجارة يمكنها من اللعب على الساحة الإقليمية وخاصة بعد أن عرفت أهمية خليج العرب حيث تهدد باستمرار بإغلاقه بوجه الملاحة الدولية بحال تعرضت لأي هجوم عسكري أمريكي . ولكن بعد مد أنابيب جديدة لنقل النفط إلى موانئ خليجية أخرى بعيدة عن الخطر الإيراني فهمت إيران بأنه بإمكانها الضغط على التجارة العالمية من خلال استخدام هذه الورقة للحصول على مكاسب سياسة. كان ردها سريعا باستخدام القراصنة الصوماليين الذين أرعبوا العالم وخاصة بسبب عدم وجود قانون دولي يتعامل مع هذا الحالة الجديدة، ولكن بعد الانفتاح الأمريكي الإيراني انتهت قصة القراصنة دون معرفة تفصيل النهاية السعيدة، ومع خروج وحش التطرف "الداعشي" عن السيطرة وسيطرتهم على أجزاء كبيرة من سورية والعراق بظل اختلال التوازن على الأرض و مع الضغط الغربي لجهة الملف النووي ، استخدمت إيران ورقة الحوثيين مجددا بوجه الخليج العربي الراعي للمبادرة الخليجية وتحديدا السعودية الراعي والداعم لليمن من اجل الوصول إلى باب المندب الذي يعتبر مطلبا إيرانيا للدخول إلى ملعب الحليج كلاعب أساسي من خلال السيطرة على هذا المرفأ الحيوي والهام للمنطقة والذي يمكن إيران من وضع نفسها شريكا أساسيا في تجارة المنطقة المعتمدة :"على بيع النفط والتجارة وتهريب السلاح وتبيض الأموال ". فالحوثيون يطمعون بالسيطرة على باب المندب لتأمين موطئ قدم للجمهورية الإيرانية ومن اجل تهريب البضائع واستلم السلاح الذي يعتبر البحر أهم طرقه، وبحال تمت سيطرتهم ستكون الصفعة الأولى للسعودية الذين سيشكلون لها عامل قلق وإزعاج من خلال وجود إيران على جانبها وخاصة بان الحوثيين خاضوا معركة في العام 2009- 2010 مع السعودية إضافة إلى أن السيطرة على باب المندب ستكون الصفة الثانية لمصر لان قناة السويس تعتبر وجهها الأساسي باب المندب. لذلك لايزال الموقف السعودي متحفظا حيال ما يجري على الأرض محاولة من السعودية التي تجري اتصالات في اليمن مع الجميع من أجل تحقيق مصالحة عامة بين أطراف النزاع السياسي الذي اندلع في البلاد عام 2011، لاسيما بين الرئيسين السابق والحالي وحزب الإصلاح الإسلامي والحوثيين .
إن صعود الحوثيين وسيطرتهم على مختلف المحافظات، لاسيما محافظة "حجة" الحدودية مع المملكة السعودية يعد بمثابة تهديد كبير، وخطر لدول الخليج عامة، والمملكة السعودية على وجه الخصوص التعامل معه بكثير من الحذر. فالمملكة السعودية تعلم بذلك لأنها تقع بين شقي رحى، تهديدات في الجنوب من جانب الحوثيين وامتدادهم الشيعي التابع لإيران ومن جانب"داعش"، في العراق، وتخوفات من تمدده وتأثيره على المناطق الحدودية بين المملكة والعراق، لكن المملكة كشفت بهذا السكوت صراع التطرف بين الحوثيين والقاعدة و التي تركت الكلمة الأخيرة لليمنيين لأن أن الحوثيين لن يتمكنوا نهائيا من السيطرة على الدولة.
أما الموقف الروسي الذي يرى بهذه الخطوة هي تقاسم النفوذ وتقسيم المنطقة مع أمريكا، فالسيطرة على مضيق باب المندب سيكون في صلب خطته الهادفة لتمرير تجارة السلاح والتحكم بنقل البترول والغاز بهذا الممر الحيوي من خلال علاقته بإيران .
فالخوف الفعلي من الموقف الأمريكي الذي ينظر إلى هذا الصراع على كونه يأتي ضمن إستراتيجية "شد الأطراف وبترها"، والتي يجري من خلالها إعادة ترسيم المنطقة العربية وتقسيمها في إطار "سايكس بيكو" جديدة. والتي تجري في الأساس عبر إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، وهو ما يحدث في اليمن، وقد تنتقل العدوى إلى السعودية وخاصة المنطقة الشرقية، وهو ما تسعى إيران إليه وتأمل تحقيقه في أسرع وقت وخاصة تحاول أن تساوم مع الأميركي على ملفات عديدة منها النووي الإيراني و"داعش" والملف السوري والرئاسة في لبنان ،ولان الإدارة الأمريكية بحاجة إلى نصر سريع في ملف إيران النووي قد تذهب إلى تفويض إيران بأي موضوع حتى على حساب امن السعودية.
بالرغم من التزام الرئيس براك اوباما جانب الحياد بهذا الصراع الذي لا يحبذ فيه التحيز إلى طرفي الصراع الدائر بين أنصار الله الحوثية والقاعدة لكنه سوف يكون بالأغلب إلى جانب الطرف الشيعي ضد القاعدة التي تشكل عداء إيديولوجي لأمريكا وليس سياسي كما طهران.
ومن هنا ستعمل المملكة على ممارسة ثلاثة خطوة سريعة :
-الأولى : الخطوة الكلاسيكية وهي العمل على إحياء مصالحة بين الأطراف المتنازعة .
ولكن بحال فشلت المصالحة وحاولت طهران لعب شد الحبال بينها وبين الرياض، لكون طهران لها مخططات تسعى لتفعيل وتأصيل التواجد الحوثي في اليمن، لتكون بذلك شوكة في خاصرة المملكة السعودية تثيرها في الوقت الذي تحتاجه لتحقيق مصالح وكسب نقاط تأثير على المملكة.
- الخطوة الثانية : ستقوم المملكة بدعم لهذه القبائل الحدودية والتي أصبحت على رفض كامل لما تمارسه الحركة الحوثية وبالتالي إدخال اليمن في حرب وصراعات لا تنتهي نهائيا ولن تتحمل أعبائها إيران بظل حصارها الاقتصادي ومشاكلها المفتوحة مع العالم وجبهاتها المشتعلة في مناطق نفوذها.
-الخطوة الثالثة: إدخال مصر على خط المواجهة، لان قناة السويس ارتباطات بمضيق باب المندب ومن أهم ما يحكم علاقة مصر باليمن، إذ إن اغلق باب المندب سيؤثر حتما على حركة الملاحة العالمية في القناة
وستواجه مصر مأزقا إستراتيجيا خطيرا، بعد محاصرة جماعة الحوثي في اليمن لمضيق "باب المندب" الذي يشكّل رئة قناة السويس، و يعد الممر النافذ على المحيط ومنه تمر البواخر والسفن التجارية عبر البحر الأحمر إلى قناة السويس التي تعد الداعم الرئيس للاقتصاد المصري..
وبالرغم من أن اليمن لا ترتبط بحدود جغرافية مع مصر إلا أن علاقتهما الشعبية تاريخية ومميزة وتربطهما مصالح تجارية، وارتباط قناة السويس بمضيق باب المندب من أهم ما يحكم علاقة البلدين ، إذ إن تأثر باب المندب سيؤثر حتمًا على حركة الملاحة العالمية في قناة السويس. وعلى الرغم من استعادة مصر لدورها المؤثر في المنطقة، ولعبها دورا أساسيا في أكثر من ملف ، بقي الساسة المصريون بعيدين عما يجري في اليمن رغم تأثيره الإستراتيجي والاقتصادي على مصر، التي ستكون في حال إحكام الحوثيين السيطرة على "باب المندب" بشكل رسمي تحت رحمة الحوثيين الذراع الإيراني في اليمن."
نتذكر قبل سنوات أن مجموعة من القراصنة الصوماليين بوسائل بدائية أوقفوا أساطيل وناقلات نفط في باب المندب، فما الحال لو انفجر الوضع في اليمن، فلن تتمكن أي قوة عسكرية في تأمين خط الملاحة العالمية".
وهذا الحال سوف يجعل المملكة تفكر ربما جديا بتغير مسار السيطرة من البدء على المدى البعيد بإبعاد الخطر الإيراني عن باب المندب من خلال التفكير الجدي بإيجاد البديل لهذه القناة من خلال العلاقة المحورية مع دول الخليج العربي ومصر الذي تحاول استعادة مكانتها ودورها على الصعيد العربي بظل الإمكانيات المالية واللوجستية التي تتمتع بها المملكة السعودية اليوم الذي يخولها لدورها وموقعها بالتوجه نحو هذا الأفكار وتسويقها من خلال بناء تحالفات دولية جديدة تحددها الاتفاقات الدولية والمعاهدات التي تحترم القوانين الدولية بحال تعرضت القانونيين الدولية للعربدة وربما هذا التفكير ينتظر إلى أين تتجه إليه اليوم ومكوناتها . وبالتالي هذه الأوراق التي لا تزال تحتفظ بها المملكة تمكنها بسهولة من خلط الأوراق الجيو-سياسية وقلبها لمصلحتها وطرحها بوجه الجميع مما يساعدها بان تكون الرقم الصعب في إدارة اللعبة من خلال إقناع مصر بشق قناة جديدة كالقناة السويس وهذه الخطوة وسرعة العمل بها ستكون الحافز في إقناع الدول المتضررة من سيطرة إيران على باب المندب بتغير مجرى القناة من خلال استحداث وشق قناة جديدة على الجهة الغربية التي تغيير مجرى الملاحة البحرية في منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى واسيا الوسطى ، وخاصة بان التجارة العالمية والدول الكبرى متجه نحو منطقة المحيط الهادئ حث الاستقرار الاقتصادي والتجارة العالمية الجديدة بظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعالم، وسلطنة عمان لن تكون عائقا فعليا بوجه هذا القرار أذا تم اتخذه بالرغم من كونها "عراب" إيران الجديد في الخليج والعالم العربي لان الاقتصاد العماني مرتبط بالاقتصاد الخليجي وأمنها واستقرارها من خلال الازدهار الاقتصادي وليس العلاقات السياسة والأمنية الإيرانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي