الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيش المصري وباب المندب

هويدا احمد الملاخ

2015 / 2 / 6
السياسة والعلاقات الدولية


كانت من أهم أولويات السياسة الخارجية لمصر بعد ثورة 23 يوليو 1952 م القضاء علي الاستعمار في المناطق العربية والعمل علي تحريرها ، وكانت عدن في مقدمه هذه المناطق نظرا لموقعها الاستراتيجي المتميز علي ساحل البحر الاحمر وتحكمها في المدخل الجنونى ، والتي من خلالها استطاعت قوات الاحتلال البريطاني استهداف المناطق العربية سياسيا وعسكريا وظهر ذلك واضحا في عدوان 1956 م.
وفي 26 سبتمبر سنة 1962 قامت الثورة في اليمن وطلب مجلس قيادة الثورة اليمنية مساعدات عسكرية من مصر ، لأن الأمام البدر إمام اليمن تمكن من الفرار ، على اثر ذلك قامت القوى المحلية والاقليمية والدولية بدعمة عسكريا وسياسيا للقضاء على الثورة الوليدة فى صنعاء ، واستجابت القيادة المصرية لمطالب الثوار و بدأ التدخل العسكرى المصرى فى اليمن لمساندة ثورة 26 سبتمبر عام 1962 .
الجدير بالذكر ان التدخل المصرى فى اليمن 1962- 1967 م لم يكن مجرد قوة عسكرية لتثبيت اركان الجهمورية الوليدة وردع مؤامرات تحاك ضدها ، إنما كان تدخل حضاري ثقافى على ارض اليمن ، من خلاله تم إرسال نخبة من والعلماء والخبراء والمتخصصين الذين أسهموا بجهودهم في مساعدة الشعب اليمني علي اجتياز مرحلة النقاهه من الأمراض وغياهب العصور الوسطى والتخلف والعزلة والفقر، الى مرحلة بناء الدولة الحديثة و وتكونت الوزارات لأول مرة ، ونظموا هياكل الإدارة والاقتصاد ، ومؤسسات الحكم وبناء المدارس ومعاهد التدريب ونشر العلم والثقافة وحافظوا علي تراث اليمن ، لاشك بان الدور المصرى فى اليمن ، هو الذي مكن الثورة اليمنية من الصمود والاستمرار حتى تحقيق الانتصار في حصار السبعين يوماً بفضل صمود ضباط القوات المسلحة وشبابها الخريجين المثقفين من مدارس وكليات مصر واليمن على أيدي الخبراء العسكريين المصريين والدعم المتواصل من القيادات المصرية .
وفى الذكرى الثانية والخمسين لثورة 26 سبتمبر 1962 م ، التي أطاحت نظام الإمامة، وأعلنت قيام الجمهورية اليمنية بدعم عسكرى وسياسى من مصر ، سقطت صنعاء بيد الحوثيين يبدو من الوهلة الاولى انها مفارقة عجيبة ... لكن فى حقيقة الامر ان قصة السقوط مرتب ومخطط لها جيدة ، جماعة تبتلع دولة ، حيث تحاول جماعة الحوثي احتكار تمثيل أتباع المذهب الزيدي في اليمن، وينظر إلى زعيمها، عبد الملك الحوثي، على أنّه صاحب صفة دينية، فضلًا عن الصفة السياسية .

البيت الأبيض يعطى سك الشريعة لجماعة الحوثيين المتمردة في السيطرة على مقاليد الحكم في الدولة اليمنية ، وكان ذلك عندما صرح الرئيس الامريكى " أوباما " بان الأولوية في اليمن هي محاربة الإرهاب ! فانه يعلن للمجتمع الدولى ان الناتو يعلن الحرب جنبا إلى جنب مع الحوثيين على الإرهاب !
إيران تريد السيطرة علي المضايق الإستراتيجية في المنطقة العربية عن طريق الحوثيين ، لا سيما مضيقي هرمز وباب المندب ، ومن ناحية اخرى تسعى إيران جاهدة لأن تكون طرفا أصيلا في استراتيجيه التحكم في مسار نقل البترول للمعسكر الغربى من خلال السيطرة على مضيق باب المندب، وهو الممر الذي يتحكم بالتجارة العالمية بين ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوربا ، خاصة بعد ان سيطرت على مضيق هرمز الذي يمر من خلاله أكثر من 5 ملايين برميل نفط يوميا ، وتحاول الآن السيطرة على باب المندب الذي يمر من خلاله 3 ملايين برميل نفط يومي

مما يعنى تهديد حركة التجارة في البحر الأحمر وقناة السويس ، والتأثير على الأمن القومي والاقتصادي لمصر فضلا عن مشاريعها الطموحة في قناة السويس ، و لم يكن أحد يتوقع أن يجتاح الحوثيون صنعاء بكل سهولة ويسر ، ومن ثم أصبحت كلمة السر التي قد تقع في يد جماعة الحوثيين المسلحة بعد سيطرتها على مفاصل الجمهورية اليمنية ، وقد تستخدمها في السيطرة على سريان الحياة في قناة السويس، كان من المتوقع بان الشعب اليمني هو الذي سيحمي مضيق باب المندب؛ لأن العلاقات بين مصر واليمن ممتدة و تاريخية، والشعب اليمنى يحمل للشعب المصري كل القيم والمعاني الطيبة والعديد من الذكريات التي لا يمكن أن ينساها"، وان الأمور لن تصل إلى تهديد الأمن القومي المصري.
لكن اليمن أصبح فى وضع لا يحسد عليه ، خاصة في ظل غياب هيبة الدولة، والأمن، وعدم تشكيل حكومة، وهذه العوامل تركت مجالًا للفوضى بان تنتشر على ارض اليمن ، لكن في الوقت نفسه هناك عوامل استراتيجية، وشؤون إقليمية، لا يمكن المساس بها ، حيث اصبح البحر الأحمر أحد دوائر الأمن القومي المصري، التي باتت مهددة بسبب الزحف الحوثي على العاصمة ، الذى استغل الفراغ السياسي والعسكري فى اليمن فضلا عن انشغال اقليمى ودولى بداعش ، كل تلك الظروف هيأت للحوثيين بملء الفراغ فى اليمن .

وقد أثارت تطورات الاحداث بشكل متسارع على ارض اليمن من وجود تحركات عسكرية لعناصر حوثية ، باتجاه مضيق باب المندب للسيطرة عليه قلق القاهرة ، مما اضطر رئيس هيئة قناة السويس " مهاب مميش " على التأكيد بان مصر لن تقبل بإغلاق المضيق بأي حال من الأحوال، وستتدخل عسكريا إذا استدعت الحاجة ، أن مصر لن تسمح بالتأثير على أمنها القومي والاقتصادي ، خاصة و أن مصر سبق لها إغلاق مضيق باب المندب باستخدام غواصاتها البحرية، وبمساعدة الدول العربية خلال حرب أكتوبر 1973، ولا يستبعد أن يتكرر السيناريو نفسه، مرة أخرى إذا حدثت أية تهديدات للمضيق ،
والجدير بالذكر ان عوائد مصر من قناة السويس تقدر بنحو 5.6 مليارات دولار سنويا، ما يعادل نحو 10% من إيرادات النقد الأجنبي للبلاد، في حين تتوزع الموارد الأخرى ما بين السياحة والاستثمارات الخارجية والصادرات وتحويلات العاملين في الخارج. ، ان مناصرة المجتمع الدولى لدفع الخطر عن باب المندب وقناة السويس أمر غير مضمون في ظل الأحقاد الدولية على القناة والقيمة الاستراتيجية التي تحققها لمصر

ان القوات البحرية المصرية أجرت مناورات أطلقت عليها اسم "ذات الصواري".و إعلان قائد القوات البحرية المصرية الفريق أسامة الجندي، صراحة إمكانية التدخل لحماية الأمن القومي المصري، وقال في تصريحات له على هامش المناورات، إن مصر "تتابع الموقف في اليمن يومياً وتأثيره على مضيق باب المندب"و القوات البحرية جاهزة لحماية المياه الإقليمية والمصالح الاقتصادية والسواحل المصرية في الاتجاهات كافة .
يبدو ان التحركات المصرية المباشر والغير مباشرة الهدف منها تبليغ رسائل عملية إلى الحوثيين ومن ورائهم إيران.. مسافة السكة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ