الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيئات الحاضنة والمفرخة للإرهاب فى مصر

محفوظ أبوكيلة

2015 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


طريقة تعاملنا مع الإرهاب مازالت تقوم على فكرة أن هناك قتلة أشرارا وإرهابيين يعتدون على شعبنا جنودا ومدنيين، وأن تكليف الرئيس لقائد عسكرى جديد بالقضاء على الإرهاب وعدم تكبيل أيادى الشرطة والجيش فى الثأر للشهداء بشرط عدم الظلم سيكون حلا منجزا. والمؤكد أن الحرب مع الإرهاب تتعلق فى جانب كبير منها بالبيئة الإجتماعية والسياسية والثقافية المحيطة به، فالبيئة الحاضنة لجماعات العنف هى أخطر من الإرهاب نفسه لأنها تخص فئات ولو محدودة من المجتمع، منها المتأثرة بعقيدة تكفيرية وهى قبائل البدو بالعريش ورفح والشيخ زويد الموجودة فى شمال سيناء. ومنها ماتتبنى رواية سياسية مكتملة - بصرف النظر عن رأينا فيها - وهى الفئات المتاخمة لجماعة الأخوان والمتأثرة بخطابها وتتواجد بالمدن الكبرى وعواصم وحواضر الأقاليم. وثالثها الفئات المتأثرة بالخطاب الدينى االدعوى السلفى الوهابى، من سكان عشوائيات المدن وقرى الصعيد الفقيرة، وسكان البوادى. وسنلقى نظرة سريعة على كل من البيئات الثلاثة فيما يلى:
أولا: البيئة الحاضنة والمفرخة للإرهاب فى سيناء
تتحرك الجماعات الإرهابية المتواجدة فى شمال سيناء فى بيئة حاضنة ومفرخة للإرهاب تختلف عن نظيرتها فى الوادى فهى بيئة تتكون من القبائل البدوية التى لايتجاوز عدد أفرادها 100,000 بدوى فى مناطق العمليات بالمراكز الثلاث العريش ورفح والشيخ زويد.. وهم مثل غالبية سكان الحدود فى بلاد العالم، يتسمون بضعف انتمئاتهم للأوطان، ويمتهنون قطع الطرق وتهريب السلع والسلاح والمخدرات والبشرمنذ الأزل، وقد فشلت كافة محاولات دمجهم فى فى المجتمع والعمل بمشاريع التنمية الحديثة منذ بناء الدولة الحديثة فى عصر محمد على وحتى العقود الأخيرة. مما يستوجب دراسة تفصيلية سريعة وجريئة لكيفية التصرف حيال حرمان الجماعات الإرهابية من هذه البيئة الحاضنة التى توفر لهم ماعون سخى من المقاتلين الجدد بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية والتمويه على سلطات الدولة.
ثانيا: البيئة الحاضنة والمفرخة للإرهاب فى المدن الكبرى وعواصم وحواضر الأقاليم
نحن أمام بيئة حاضنة أخرى تتكون فى أوساط الشباب، وقطاعات من الفقراء، ومن بعض أوساط الطبقة الوسطى الملولة، هذه الفئات تشكل الجمهرة الواسعة من المتدينين، ومن هذه الجمهرة المتدينة تأتى الدوائر المتعاطفة والأكثر ارتباطا بخطاب الإخوان وحلفائهم، من هؤلاء من كانوا يتابعون الجزيرة مباشر مصر، و يتابعون الجزيرة وأخواتها من القنوات التى تبث من تركيا وأقمار أخرى ، غالبية هؤلاء ليسوا من الإخوان، ولكنهم رصيد احتياطى يمكننا أن نعتبرهم تخوم للإخوان. ويشكل جزء منهم مع بعض كوادر الإخوان الفرق المتبعثرة التى تتذايد أعدادها يوم بعد يوم والتى تمارس الإرهاب بأدوات بدائية الصنع، وهى مرشحة لتطوير تنظيمها وأدواتها البدائية. هذه الفئات والفرق تتبنى خطاب جماعة الإخوان ورؤاها السياسية، ولا يحركها تفسير دينى تكفيرى إنما قناعاتها مستمدة من خطاب مظلومية سياسية وكراهية ومرارة تجاه الشعب والدولة. وقد أدى تآكل تأثير القيادات الإخوانية القديمة الناتج عن ضعف خطوط الإتصال وتصاعد اللامركزية فى التنظيم بفعل الضربات الأمنية العنيفة المتلاحقة، وميل جيل الشباب إلى العمل التصعيدى والتخريبى العنيف تحت شعار كل ما هو دون الرصاص فهو مُباح. إلى تفريخ عدد من الفرق والتنظيمات المتناثرة بدائية التنظيم والتدريب والتسليح.
ثالثا البيئة المفرخة للإرهاب فى عشوائيات المدن، والبوادى، والقرى الفقيرة
قطعاً، نحنُ فى مأزق كبير، حيث ورثنا خطايا الزمن الطويل: تسطيح الثقافة، تدنى مستوى التعليم، التفاوت الطبقى، إنسحاب الدولة من تأدية مهامها الإجتماعية تزامنا مع الترهل الإدارى وفساد الجهاز البيروقراطى، استبداد النظام السياسى، غياب الطبقة السياسية المؤهلة، زحف التطرف الدينى على الدولة. أنتج لنا هذا الإرث ضمن ما أنتج مناطق عشوائية فى غالبية مدن الجمهورية وقراها الكبيرة تزداد مسحاتها وعدد سكانها وتتنوع أنشطتها يوما بعد يوم حتى أصبحت تنتج أكثر من 50% من الناتج المحلى الإجمالى، وتقدر نسبة سكانها من العدد الإجمالى للسكان بأكثر من40%. هذه العشوائيات صارت موطن للجماعات السلفية الدينيةالدعوية الوهابية التى تمول بمليارات الدولارات من أموال زكاة وصدقات شيوخ الخليج ومنظماتهم الخيرية، ومن خلال أعمال البر والإحسان سيطرت هذه الجماعات على غالبية هذه المناطق وصارت تمارس غالبية مهام الدولة الإقتصادية والإجتماعية والأمنية والثقافية بالتنسق وتحت رعاية الأجهزة الحكومية. لدرجة أن بعض المراقبين يعتبرونها دولة داخل الدولة. وبالطبع فقد تكون لدى سكانها استعداد قوى للتعاطف مع الخطاب الدينى العنيف مماجعلها بيئة مفرخة للإرهاب المحلى والعالمى.
وهكذا فإنه أصبح لا توجد لدينا خيارات فى الحرب مع الإرهاب سوى الإنخراط فى بناء دولة مدنية قوية تمتلك نظام سياسى ديموقراطى يضمن مشاركة كافة القوى الإجتماعية والسياسية فى أساليب التنمية الحديثة ونظام حكم رشيد، بحيث تكون قادرة على تنفيذ خطة تنمية شاملة تعطى الأولوية للتعليم والثقافة، تعمل على تحديث الأفكار الدينية بحيث يكون الاهتداء بالأديان قوة بناء وليس طاقة تخريب.مثل هذة الدولة هى القادرة على التعامل مع هذا الواقع المعقد والمتشابك غير المسبوق، الذى يمكن تحديد مجالاته فى التالى:
* إخلاء منطقة العمليات فى سيناء من السكان، مستفيدين من تجربة تهجير واحد و نصف مليون من أبناء مدن القنال فى سبعينيات القرن الماضى أثناء حرب الإستنزاف.
* تبنى رؤى سياسية قائمة على الإقناع وتصحيح الأخطاء، فى أوساط فئات البيئة الحاضنة والمفرخة للإرهاب المتعاطفة والمتاخمة لجماعة الإخوان. وهذا تحد كبير لا بديل عنه فالمواجهة الحاسمة والسريعة مع هذه التشكيلات العنيفة وهى فى طور التكوين. وحسم موقفها فى اتجاه العمل السياسى السلمى يتطلب إستيعاب هؤلاء المواطنين ضمن الحياة السياسية قبل أن يقعوا فريسة فى أيدى الإرهاب العالمى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي