الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين رأيناك

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2015 / 2 / 10
الادب والفن


[]مرحباً[]

أردتُ أن أدقَّ البابَ
لألقي تحيّةً عاديّةً وأنصرف
ربما كنتُ سأحدِّثُكِ قليلاً
وأشرب قليلاً من الماء
وأدّعي أنني كنتُ صدفةً في الجوار
وبينما تنتظرينَ كلاماً جدّياً
سأكونُ مشغولاً بفروةِ قطّتكِ الصفراء
وعيناي مثبّتتان على البابِ المفتوح مرّةً
وعلى صورتِكِ التي تملأُ الحائط مرّةً
وكنتُ ـ ربّما ـ سأغامرُ وأدعوكِ للخروج
وألف ربما أخرى
لكني مضيتُ كأي عابر طريق
ولم تلمس يداي أخشاب الباب...


[]ذاكرة[]

وكنتُ ـ مثلَ أيّ طفلٍ لم يتجاوز آخر الشارع ـ
أظنُّ أنّ أول انحناءةٍ في الشارع، هي أمريكا
وأنّ الجانب غير المرئي من بيت الجيران
هو القاهرة التي يغني فيها عبد الحليم
وحين جاءَ الجنودُ نيابةً عن الدولةِ
ليغيّروا شكلَ بيتِنا من بيتٍ إلى شارع
عرفتُ يومها فقط، أن الجيوش
لا تحبُّ الجغرافيا


[]قمح[]

ألم تكن قمحاً في الصيف الذي مرّ؟
ألم تشكُ من حماماتِ المواسمِ وهنّ يلقّطنَ جسدَكَ حبّةً حبّة؟
احتملناكَ حينَ تحوّلتَ إلى بلبلٍ غامضٍ لا يسكتُ
وتعوّدنا عليكَ عندما صرتَ حصاناً في أسطورةٍ في حُلُم
وقلنا بعدها بعامٍ: لا بأسَ أن تأتينا غيمةً من فضّةٍ
أو أن تتحوّلَ إلى بكاءِ أرملةٍ على شكلِ شجرة
أما ما لم ولن نحتمله مطلقاً
أن تأتينا على طبيعتك
مجرّد رجلٍ حزين

[]حين رأيناك[]

حين رأيناك تكسرُ نايَاتِكَ
وضحكنا من جنونِكَ ولم ننقذ آخر القصبات من بين يديك
ما عاد القصبُ ينبتُ على حافةِ الوادي
واختفى الطائرُ ذو الألف لونٍ من الأفق
والأفقُ كذلك
ومنذُ قرنٍ تقريباً نتسوَّلُ نغمةً كانت بين أيدينا
وأنت ترانا وتضحك بتعالٍ
وتصفّرُ لحناً صعباً
لم نستطع أن نجاريه
رغم أننا سمعناه أكثر مما سمعنا أسماءنا

[]مصادفة[]

نجونا مصادفةً
من قصص حبِّنا الأولى
وقد ظننّا أن القلبَ سينكسر
نجونا من حربٍ
أكَلَتْ طفولتَنا وأطفالَنا
نجونا من وقتٍ هبطَ فجأةً
من غيمةٍ على غصنٍ قريبٍ من الشبّاك
لماذا نجونا يا إلهي؟

[]خيارات[]

وتلا موتَه خياراتٌ كثيرةٌ
أن يصيرَ شجرةَ رمّانٍ أو أغنية
أو حرفاً في الحكاية
لكنه [وقد كانت ضمن الخيارات]
لم يختر العودةَ للحياة

[]جناية[]

لو أنّكَ أعطيتَني لغةً غير هذه
لو أنّكَ ربّيتني بطريقةٍ أخرى
وقلتَ لي أن الحياة لمن يأخذها غِلابا
لربما كنتُ غيرَ ما أنا عليه
أسامحُ الأصدقاء
وغير الأصدقاء
وأطعم الحمام
وأغضبُ حين تنهي الحماماتُ الفتاتَ قبل أن تأتي العصافير
لربما صرتُ شيئاً آخر
سعيداً ومكتفياً
لكنك يا أبي
قلت لي: كن ذهباً حتى لو كان العالم كلُّهُ من حديد
فجنيتَ عليّْ.

[]طيبة[]

وضّبتُ خوفي عليكَ رُزَماً على الرفِّ المخبّأ عن أعين الفضوليين
خوفي من موتكَ المبكر، كي لا ينقصفَ عمرُ الأغاني
خوفي من سيلان قلبِكَ في سبيلِ طائرٍ دوَّخَهُ العطش
خوفي على ذراعِكَ التي تمسِّدُ جدائلَ المساءِ بحنّيّةِ أمٍّ طاغية
خوفي من لهاثك في الحلمِ أكثر مما يمكن لصدرٍ أن يتسع
خوفي من سكَّرِكَ الذي يشعلُ غاباتِ الخيالِ في دفاترِ الصغيرات المدرسية
وخوفي من كلِّ شيءٍ عليكَ
وخوفي على كلِّ شيءٍ منكَ
كيفَ تحمّلني كلّ هذا الخوف، وأنت بكلّ تلك الطيبة؟

[]جندي[]

يبتسم الجندي ويطلق النار ويقتل ولداً مارّا مصادفة
ويكمل حديثه مع حمامة وقفت على ذراع بندقيته
يخبرها كم هي الحياة صعبة
ثم يمرّ مزارع عجوز، على حصانٍ عجوز
تزعج الجندي آثار خطوات الحصان
فيطلق رصاصةً عبقريةً من أعلى إلى أسفل
تقتل الراكب والحصان
فتجفل الحمامة وتطير
الجندي يشعر بالحزن، ويكاد يبكي
ثم تمرّ امرأة قرب السياج...

العاشر من شباط 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و