الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن الحق في التعليم.. من زاوية أخرى وضد أعداء آخرين

مصطفى بن صالح

2015 / 2 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


دفاعا عن الحق في التعليم.. من زاوية أخرى
وضد أعداء آخرين
خلال سنوات وعقود مضت، خاضت الجماهير الطلابية معارك مصيرية دفاعا عن الحق في التعليم، إن لم نقل أنها كانت في طليعة جميع القوى السياسية والنقابية والجمعوية المدافعة عن هذا الحق، بقيادة إطارها العتيد الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وبتأطير من الفصائل التقدمية الطلابية، التي كانت تدافع عن هذا الحق دون تمييز بين الطلبة المطرودين، وبدون النبش الاستخباراتي المشبوه في هوياتهم الإيديولوجية أو السياسية أو الإثنية..الخ
كان الحق في التعليم مقدسا، وكان الاتحاد عبر أجهزته التمثيلية ملزما بالدفاع عن كافة الطلبة لنيل حقوقهم المادية والمعنوية، وحين نقول الاتحاد، فنعني به جميع فصائله ونشطائه وطلائعه الدينامية، يعني جميع التقدميين الديمقراطيين الطلبة الذين نجحوا في لحظة تاريخية مهمة من تاريخ الاتحاد، في تغيير إحدى قوانينه التي ألغت الانتساب للاتحاد عبر التبطيق، ليصبح الانضمام لإوطم تلقائيا بعد التسجيل بإحدى معاهد أو مدارس أو كليات الجامعة المغربية.
كانت جميع الفصائل التقدمية تقدر معنى وقيمة حقوق الجماهير الطلابية خاصة والجماهير الشعبية عامة، باعتبار أن مطلب الحق في التعليم، والدفاع عنه، يعد مطلبا شعبيا إستراتيجيا غير قابل للمساومة.. ولم يكن ليتجرّء أحدهم ويعرّضه للزبونية السياسية، وهذا ما جسّدته فعلا الفصائل السبعينية بخطيها الثوري والإصلاحي، ولم يكن قط، محط خلاف أو نزاع.. صحيح أنه كانت هناك خلافات فكرية وسياسية بين الفريقين، ناتجة عن التباعد في المرجعيتين، وفي درجة الالتزام، والكفاحية، والتعاطي الإيجابي مع نضالات الجماهير الشعبية، ومع القضية الفلسطينية، ومع حركات التحرر الوطني، ومع الخلافات داخل الحركة الشيوعية العالمية..الخ لكن ومع كل هذا لم يقع أن تجرء أحدهم للتشكيك في مصداقية وشرعية المطالب الطلابية، وأهمها الحق في التعليم، ثم الانخراط عمليا وميدانيا في معارك الصّد والمواجهة لحملات الطرد والتصفية الممنهجة التي كان وما زال، يتعرض لها الطلاب عبر بنود تقنين التكرار الذي يمكن أن يؤدي بالطالب إلى الطرد النهائي من الجامعة وحرمانه بالتالي من الحق في متابعة الدراسة.
ما تشهده الجامعة الآن، أو لنقل بعض الجامعات ـ فاس على الأخص ـ من ممارسات غريبة ومريبة، ارتباطا بهذا المطلب.. يستحق النقاش بعمق، ويتطلب جرأة نضالية قوية لخوضه بعيدا عن المراوغات والمداهنات والتبريرات الفارغة.. بعد أن أصبح الفصيل الطلابي المهيمن باسم الاتحاد، وعلى خلفية التراث النضالي الذي راكمته حركة الطلبة القاعديين في الموقع نفسه.. يتمادى في نفس الممارسات الصبيانية المشبوهة، التي لا علاقة لها بالنضال التقدمي وبادعاءات البعض ممن يدافعون عن هذه الممارسات، من داخل وخارج الحركة الطلابية والفضاء الجامعي ككل.
فلم تعد تكفي الممارسات البلطجية والدموية التي لحقت وما زالت، بالطلبة والطالبات وبالأساتذة والباعة المتجولين.. تجسيدا لدكتاتورية "البرنامج المرحلي"، تفتقت عبقرية الزعماء، وشرّع وأفتى فقهاؤهم على الطريقة الداعشية، بالقصاص من المخالفين الذين يحملون أفكار ومواقف سياسية "هدّامة" تمس "بالثوابت والأعراف".! وقبل تنفيذ القصاص يتم الإنذار والتأديب عبر ما يعرف بـ"التشرميل"، كما حدث مؤخرا في حق مناضلين ثبت بعد التنصت والتـّرصد والتخابر، بأنهما "يدينان بدين جديد" اسمه "الماوية" و"كفروا" بالتالي بدين الأجداد "البرنامج المرحلي"، وهو الشيء الذي استوجب من "الحرس الثوري" بظهر المهراز منعهما من اجتياز الامتحانات، بما يعني ذلك الطرد النهائي من الجامعة.
كان لزاما على الرفيقين بأن يتشبثا بأفكارهما واختياراتهما السياسية، والحال أنها لا تمس بمبادئ الاتحاد الطلابي في شيء، ولا تنشر أفكارا "هدّامة" تشكك في مشروعية المطالب الطلابية، أو تبخـّس من النضالات والمعارك التي تخوضها الجماهير من أجلها.. كل ما في الأمر، أن الرفاق الماويين "حسموا الأمر بطريقة نهائية وأممية، في وصفة التغيير الملائمة للواقع المغربي، وفي الطبقات الاجتماعية المؤهلة للسهر على عملية التغيير في إطار تحالف جبهوي عريض يضم كل من الطبقة العاملة والبرجوازية الصغرى والفلاحين الفقراء والبرجوازية الكبرى الوطنية، في إطار ما يعرف بالجبهة الوطنية المتحدة، وعبر مسلسل حرب الشعب الطويلة الأمد..الخ من الأطروحة الماوية.
التزم الرفيقان بأطروحتهما، وكان عين العقل، بالرغم مما كان ينتظرهما من منع وقمع وتنكيل، ردّا على صمودهما وتباتهما على مبادئهما التقدمية الصريحة، مهما كانت درجة انتقادنا لها فهي على الأقل مواقف وممارسات منسجمة مع بعضها.. أما الارتباك الفظيع فهو الحاصل في الجهة الأخرى المتحكمة، إذ لم تمر سوى أشهر قليلة على استشهاد أحد مناضلي فصيل "البرنامج المرحلي" ـ مصطفى المزياني ـ بعد إضراب عن الطعام دفاعا عن الحق في متابعة الدراسة، حيث تلقى الدعم والمساندة اللازمة من جميع الحركات والهيئات السياسية والفصائل الطلابية التقدمية، من زاوية الدفاع عن الحق في التعليم، بشكل مبدئي وبدون شروط مسبقة أو بحث في هوية المعني، وفي فحوى وطبيعة اختياراته الفكرية والسياسية.
كان من المفروض بعد حدث الاستشهاد الأليم، أن يتم القطع نهائيا مع هكذا ممارسات وبأن يكون أنصار التيار في صدارة المدافعين عن الحق في التعليم ونصرة الطلبة المطرودين لأسباب نضالية أو غيرها، عوض أن يشرفوا هم نفسهم على طرد المخالفين والمعارضين والمنتقدين.
ثم ما هو سر هذا الخلاف الذي يتخذ أبعادا دموية، إذا كانت جميع منوعات "البرنامج المرحلي" إضافة لتيار "الكراس" بشقيه، تتبنى الأطروحة الماوية، أطروحة الجبهة والثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية وحزب العمال والفلاحين وحرب التحرير الشعبية..الخ؟!
فهل يحق الصمت أمام هذه الممارسات الشنيعة؟ أم أن الواجب هو فضحها وتعرية جميع الانتهازيين المتسترين عن أصحابها، خصوصا أولئك المتاجرين بحقوق الإنسان وبجمعياته المغتنية، والتي ما تأخرت قط عن القبول بعضوية أنصار الفصيل المذكور داخل هياكلها التنظيمية المحلية والوطنية، والتستر بالتالي، على جرائم هاته المخلوقات "الثورية"، في محاولة انتهازية لتبييض هذه الممارسات، المناقضة بشكل جذري لما يتم الترويج له عن حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب وحرية الرأي والحق في الحياة والدفاع عن الحريات الفردية والشخصية..الخ
كيف يستقيم الوضع، والحال أن عددا مهمّا من المناضلين تمت محاكمتهم وعقابهم "جماهيريا" ـ عدد الجمهور في ظهر المهراز يتراوح بين عشرين ومائة شخص ـ بتهمة الانتماء لتيار إصلاحي أو تحريفي! كما جرت محاكمة طلبة بتهمة نشر الميوعة وقلة الحياء، بعد أن ضبطهم البصّاصون متلبّسين بتقبيل بعضهما علنا.. الشيء الذي أصبح يعتد من المحرمات المناقضة للمبادئ والأعراف!!
فلا عذر بعد هذا للصامتين وللمتلكئين، تجاه المحاسبة لبعض المنافقين المتمسكنين، وهم في حقيقة الأمر الساهرون الحقيقيون على رادارات التوجيه، الذين يروجون نهارا وبخبث لثقافة وقيم حقوق الإنسان والدفاع عن الحق في الرأي والتعبير..الخ ليبيّتوا بالليل المكائد، وخطط التعنيف، وينصبون الأفخاخ للنيل من المخالفين في الرأي، سواء أكان فكريا أو سياسيا أو حتى إثنيا..الخ في تحدّ صارخ لسمعة النضال الطلابي التقدمي وللتراث النضالي الإوطمي ولجميع التضحيات القاعدية التي قدمتها حركة الطلبة القاعديين دفاعا على هذا التاريخ وهذا التراث النضالي المهم.
لا عذر كذلك لزعماء التيار، الذين لم يقدروا حجم مضاعفات هاته الممارسات، في لحظة لا يحسد عليها التيار، والحال أن إحدى عشر من أعضاءه يتابعون بجريمة قتل وتصفية لأحد العناصر الظلامية، في رحاب الجامعة.. وبالتالي فلن تزيد هذه الممارسات سوى مشاكل وتعقيدات، إن لم يكن تأكيدا للتهم في حق المعتقلين. فاللعب بالنار لن يفيد في شيء سوى حرق أيادي المنتشين بلهيبه، ومن يبحث عن البطولة الحقيقية فيجب أن يجسدها في دور له في بعث الاتحاد من جديد وتوسيع رقعة المتعاطفين والمنتسبين له، وبأن يعزز الثقة في معاركه، وبأن يقوي من حجم وقيمة المكتسبات المنتزعة باسمه، وبأن يعمل على نشر الأفكار التقدمية والاشتراكية في صفوفه وقواعده، تعزيزا لموقع الحركة الطلابية ضمن الاحتجاجات الشعبية والصراعات الطبقية الدائرة رحاها في ميادين العصيان والانتفاضات..الخ
كلمة أخيرة، نحيي فيها الرفاق الذين فضـّلوا فصلهم عن الدراسة، عوض أن يتاجروا بمواقفهم ومبادئهم كما يفعل البعض مهرولا تجاه أقرب مقر لحزب البام الملكي الرجعي بحثا عن وظيفة استخباراتية تضمن له مستقبله وضدا على مصلحة قوى التقدم والتغيير، وعلى ما روّج له سابقا من مواقف وأفكار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الهجوم على إسرائيل: كيف ستتعامل ألمانيا مع إيران؟


.. زيلينسكي مستاء من الدعم الغربي المحدود لأوكرانيا بعد صدّ اله




.. العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية: توتر وانفراج ثم توتر؟


.. خالد جرادة: ماالذي تعنيه حرية الحركة عندما تكون من غزة؟ • فر




.. موقف الدول العربية بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم