الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة الذكرى 60 لتأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية ( الحلقة الأخيرة )

جبهة التحرير الوطني - البحرين

2015 / 2 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


من ارشيف الجبهة
أول صلة مع الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية
نشأ الحزب وتطور في سنواته الأولى بجهوده وامكانياته المتاحة المتواضعة .. ذلك النفر القليل الذي أسس الحزب ورافق عملية نموه وتطوره في المراحل الأولى راكم تجربته الخاصة بحكم عمله، ولم تنشأ صلة مع الأحزاب الشيوعية إلا بعد انتصار ثورة 1958 في العراق، حين سافر بعض الرفاق من البحرين والتقوا بالحزب الشيوعي العراقي، ولم تأتي الستينات إلا وكانت العلاقة بين الشيوعيين في البحرين والحزب الشيوعي اللبناني قد أقيمت .. إلا ان هذه العلاقة الرسمية المباشرة سبقتها علاقة من نوع آخر علاقة غير مباشرة، إذ كانت الصحافة الشيوعية العربية تقرأ في البلاد من قبل مناضلي الجبهة، فكانت هناك جريدة (اتحاد الشعب) التي يصدرها الشيوعيين العراقيين، و "الاخبار" و (الثقافة الوطنية) اللتان يصدرهما الحزب الشيوعي اللبناني، كما كانت تقرأ بشكل واسع مجلة (الشرق) المصرية التي تحرر من قبل الشيوعيين المصريين .. ساهمت جميع هذه الصحف في مساعدة الجبهة على نشر الأفكار التقدمية والتعاليم الماركسية وتربية الخلايا القاعدية.
اعتمدت المادة التثقيفية التربوية في تلك الفترة بدرجة أساسية على مؤلفات جورج حنا وسلامة موسى ومكسيم جوركي وارنست همنجواي وجورج امادو وغيرهم وكانت هناك أيضا نماذج من أدب السجون من ابداع الشيوعيين العراقيين، وأولت الجبهة اهتماما خاصا بتدريس مؤلفات ماركس وانجلز ولينين، ووثيقة (البيان الشيوعي) وكتاب سيغال عن (تطور المجتمع البشري منذ بدء التاريخ) .
تصاعد النضال الجماهيري ردا على المشاريع المشبوهة
في عام 1968 ، في ظل نشاط الدوائر الاستعمارية والرجعية في تقديم مشاريعها التآمرية المشبوهة، وفي مقدمتها معاهدة حلف الدفاع المشترك بين بريطانيا وبين دول الخليج والسعودية وإيران الشاه بهدف ضرب حركة التحرر الوطني وايقاف المد الثوري المتصاعد في المنطقة شددت الجبهة من كفاحها لفضح أهداف هذا المشروع وسواه من المشاريع المشابهة له، يشهد على ذلك بيانات ومذكرات الجبهة التي كانت تعري النوايا الاستعمارية التآمرية وراء مثل هذه المشاريع، كما صعدت الجبهة من النضال الجماهيري، وبالذات في صفوف الطبقة العاملة حيث دعت إلى تشكيل النقابات العمالية لمواجهة نفوذ الشركات الاحتكارية واستغلالها البشع للعمال، ومن أجل إطلاق الحريات الديمقراطية بشكل عام، وهكذا شهد هذا العام عددا من التحركات العمالية في إدارة الكهرباء و وزارة الصحة و طيران الخليج، تراوحت بين المذكرات والعرائض والاضرابات عن العمل، وكان مطلب تشكيل النقابات العمالية هو المطلب الرئيسي الذي قامت هذه التحركات من أجل تحقيقه، غير ان السلطة رفضت الاستجابة لمطالب العمال، فشكلوا لجان سرية في مواقع مختلفة لقيادة نضالاتهم وللوقوف في وجه هجمة الاستعمار الجديد المتمثل في الشركات والبنوك الأمريكية والاحتكارات متعددة الجنسية.
غير ان هذا التصاعد في نضال الجبهة، وحجم الالتفاف الجماهيري المتزايد حولها اثار حفيظة وحنق الاستخبارات البريطانية، وهكذا في أواخر عام 1968 خططت المخابرات بقيادة هندرسون لتوجيه ضربة كبرى للجبهة لتكون "كالضربة القاضية" فتصفي الجبهة وتنهي دورها النضالي، وتهيء ذلك المناخ الملائم لغزوة الاحتكارات الاستعمارية للبلاد، وتسهيل تمرير المشاريع الجديدة للمستعمرين.
حملة 1968 الإرهابية
ابتدأت الحملة من المنطقة الشرقية بالسعودية حينما قامت المخابرات باعتقالات في صفوف بعض المناضلين البحرانيين المقيمين في السعودية، وامتدت إلى البحرين لتشمل عشرات المناضلين من مختلف مدن وقرى البلاد، حيث مورست ضدهم أشكال التعذيب الوحشي، ونفي بعضهم إلى خارج البلاد، كما أبقي عدد آخر في السجن لفترة طويلة.
وتراءى لهندرسون حينها ان الجبهة قد قضي عليها وان الباب قد أضحى مشرعا أمام الشركات الاحتكارية والبنوك لتمارس نهبها لثروات البلاد، وخطب هو نفسه في احتفال أقيم لمدراء ومسؤولي الشركات والاحتكارات مخاطبا إياهم: اعملوا في أمان فقد قضينا على جبهة التحرير.
لكن ذلك لم يكن سوى وهما في ذهن هندرسون وعصابته فلم يأت عام 1969 حتى كانت المظاهرات العمالية والطلابية تجوب الشوارع مطالبة بهدف رئيسي هو اطلاق سراح مناضلي جبهة التحرير الوطني البحرانية المعتقلين، لدرجة اعترف معها هندرسون فيما بعد انه أتى متأخرا وانه أصبح لجبهة التحرير جذورا عميقة يصعب اقتلاعها.
وما خططت له المخابرات لم يقدر له النجاح، فلقد تكرست الجبهة كقوة في حياة البلاد السياسية وفي وجدان الجماهير وعقولها، واستمر النضال الجماهيري يتصاعد ويتسع، فمنذ عام 1970 وحتى عام 71 شهدت البلاد موجة من الاضرابات العمالية الواسعة في مختلف الشركات والمؤسسات الحكومية: في طيران الخليج، وفي البرق واللاسلكي، ودوائر الصحة والأشغال العامة وشركة الالمنيوم (ألبا) وغيرها، وكانت هذه الشركات أيضا منصبة على مطلب حرية العمل النقابي وتحسين مستوى المعيشة واطلاق الحريات العامة بشكل عام.
وهكذا فإن هجمة الاحتكارات قد جوبهت بمعارضة شعبية واسعة اتخذت أشكالا وصورا شتى، ولم يفلح جهاز المخابرات رغم وحشية وشراسة أساليبه في إيقاف هذه المعارضة والحد من تناميها واستمراريتها.
انتزاع استقلال البلاد
عام 1971 ولفضل النضالات المريرة التي خاضها شعبنا ضد المستعمرين البريطانيين، وبفضل التضحيات الجسيمة التي قدمها في هذا النضال من شهداء سقطوا برصاص المستعمر والسلطة الغاشمة، ومن مئات المعتقلين الذين زاروا المعتقلات والسجون وتعرضوا للتعذيب، ومن عشرات المشردين والمنفيين، وبفضل ميزان القوى الاقليمي والعربي والعالمي الجديد الذي يتسم بتوجهات لصالح القوى الثورية العالمية والتراجع الذي منيت به الامبريالية العالمية في أكثر من موقع: خاصة ذلك التراجع الذي منيت بها بريطانيا بالذات اثر هزيمتها في الجنوب اليمني، بفضل ذلك كله حصلت البحرين على استقلالها السياسي، رغم ما شاب هذا الاستقلال من نقص وثغرات وعيوب، إلا ان ذلك سجل خطوة إلى الأمام في طريق تقليص سيطرة النفوذ الأجنبي وانهائها.
وفي هذه الفترة كان يتعمق ويتعزز دور الطبقة العاملة وطليعتها المنظمة جبهة التحرير الوطني البحرانية في قيادة نضال الجماهير والتصدي للسلطة والشركات الاحتكارية – وراكمت الطبقة العاملة تجربة من النضالات والاضرابات التي خاضتها في السنوات الماضية، بحيث شكلت مقدمات ضرورية للتحرك العمالي الواسع في مارس 1972 عندما احتشدت جماهير العمال الغفيرة في مسيرة شاسعة مبرهنة على المكانة الطليعية التي أصبحت الطبقة العاملة البحرانية تحتلها في قلب النضال الوطني والطبقي للجماهير الكادحة البحرانية.
السلطة تتراجع
ورغم ان السلطة قد قمعت هذه المسيرات بوحشية حيث أطلقت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع على العمال المتظاهرين وساقت إلى السجن العديد من النقابيين والوطنيين، إلا انها فرضت على السلطة الاسراع في تقديم بعض التنازلات التي حرصت على ان تبقيها شكلية حيث دعت لاتعقاد مجلس تأسيسي نصف عدد أعضائه معيّن من قبلها لإقرار مسودة الدستور المعد والمقرر سلفا، غير ان جبهة التحرير والقوى الوطنية الأخرى قاطعت هذه الانتخابات مشترطة للمشاركة توفير مناخ وشروط ديمقراطية وإلغاء مبدأ التعيين.
الشعب يصوت لممثليه الحقيقيين
وحين جرت الدعوة لانتخابات المجلس الوطني (البرلمان) بعد أن أقر الدستور، الذي رغم عيوبه ونواقصه تضمن الحد الأدنى من النص على الحريات، ومن أجل منع السلطة من التصرف والتحدث، وحدها، باسم القانون والمجلس، ومن أجل نقل صوت الحركة الوطنية المعارض إلى داخل المؤسسة التشريعية البرجوازية ذاتها دعت جبهة التحرير الوطني للمشاركة في انتخابات المجلس الوطني من أجل فرض الحياة الديمقراطية ولو بحدها الأدنى، وهكذا ساهمت الجبهة بدور أساسي وفعال في تشكيل (كتلة الشعب، حيث كان مشاركة مرشحيها في الانتخابات فرصة هامة لطرح برنامج عمل وطني الذي هو برنامج الحد الأدنى لمطالب الجماهير الشعبية، لحشد الجماهير حوله، وكان وصول ثمانية من أعضاء التكتل إلى مقاعد المجلس، في انتخابات 7 ديسمبر 1973، انتصارا وطنيا كبيرا أذهل السلطة وخلق جوا جديدا في البلاد اتسم بارتفاع معنويات الجماهير وبميلها المتزايد إلى خوض النضالات من أجل انتزاع حقوقها وتحسين مستوى معيشتها، حيث قامت الطبقة العاملة وأوسع الجماهير الشعبية بأكثر من 26 اضرابا وتكونت أربع نقابات عمالية في "ألبا" و وزارة الصحة و إدارة الكهرباء و لعمال البناء والمهن الانشائية وتم الاحتفال بعيد أول مايو لأول مرة بشكل علني.
الهجوم الرجعي المعادي للديمقراطية
إلا ان السلطة رأت في هذا النهوض الجماهيري خطرا على مصالحها وعلى مصالح الامبريالية والأنظمة الرجعية المرتبطة بها في المنطقة، فعادت مجددا إلى أسلوب القمع حين شنت في 25 يونية 1974 حملة اعتقالات جديدة شملت 28 وطنيا من قادة الحركة الوطنية والنقابات العمالية ونشطائها، وفي ذات الفترة أقدم النظام على تجديد الاتفاقية المتعلقة باستخدام ميناء الجفير من قبل البحرية الأمريكية- ولقد وقفت جماهير الشعب وكل القوى الأخرى المحبة للحرية ضد حملة الاعتقالات هذه، ووقع (15000) مواطن بحراني على عرائض تحتج على هذه الأساليب اللاديمقراطية وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين.
إلا ان السلطة عادت فسنت قانون تدابير أمن الدولة بغية إرهاب الحركة الوطنية وشل عملها بين الجماهير، حيث ينص القانون على حق وزير الداخلية في اعتقال المواطنين لمدة ثلاث سنوات دون محاكمة، وشنت الجبهة والقوى الوطنية الأخرى حملة تعرية وفضح واسعة ضده داخل البحرين وخارجها، اضافة إلى عرائض التوقيعات المعارضة للقانون، نظمت زيارات إلى نواب المجلس الوطني بمختلف كتله لحثهم على معارضة القانون والوقوف في وجهه، ولعب تكتل الشعب والنواب الوطنيون في المجلس الوطني دورا بارزا، في ايصال كل النواب إلى قناعة بعدم التصويت إلى جانب القانون، وهكذا تم التوقيع على وثيقة بين الكتل البرلمانية الثلاث: تكتل الشعب، تكتل الوسط، والتكتل الديني تطالب الحكومة بسحب مشروع القانون .. وأمام هذا الموقف الموحد، قاطعت الحكومة جلسات المجلس المتبقية قبل عطلته الصيفية الثانية، وفي 23 أغسطس 1975 نفذت الرجعية مخططها المعادي للديمقراطية فشنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف مناضلي جبهة التحرير والجبهة الشعبية في البحرين، وحلت المجلس الوطني وعلقت العمل بمواد رئيسية وهامة من الدستور.
وبعد حوالي العام أي في نهاية عام 1976 استثمرت أبشع استثمار عملية قتل عبدالله المدني فشنت حملة هستيرية من الإرهاب والقمع، حيث زجت في السجون عشرات المناضلين وعرضتهم لأشكال وحشية من التعذيب، وقدمت الحركة الوطنية شهيدين من مناضليها البواسل حيث استشهد الرفيقان محمد غلوم عضو الجبهة الشعبية في البحرين والشاعر والصحفي سعيد العويناتي عضو جبهتنا.
وسادت البلاد موجات متتالية من الاعتقالات والتعذيب، وأشاعت المخابرات أجواء الخوف والحذر في صفوف الناس .. وحوربت الطبقة العاملة ورفضت السلطة بمكابرة ووقاحة حقها في تشكيل نقاباتها، وسعت عبر أشكال وصيغ شتى إلى تزييف الإرادة العمالية والتحايل على هذا المطلب المشروع والطبيعي، وتعرضت حركة الشباب والطلبة إلى حملة منظمة وواسعة حيث حورب الاتحاد الوطني لطلبة البحرين وطوردت كوادره ونشطائه ومنع العشرات من السفر وسحب جوازاتهم.
جزء من جيش الشيوعيين الجبار
وتعتبر الجبهة نفسها فصيل من فصائل الحركة الشيوعية العالمية، جزء من جيش الشيوعيين الجبار الظافر في عالمنا، متمسكة بأمانة بمبادئ الماركسية – اللينينية والأممية البروليتارية، رافضة لكل الانحرافات عنها سواء أتت من اليمين أو من اليسار ووفية لكافة التزاماتها الأممية وتعتز بالخبرة الثورية التنظيمية للحزب الشيوعي السوفيتي، حزب لينين العظيم، وبالدور الكبير الذي يضطلع به في الحركة الشيوعية العالمية .. وكانت الجبهة على الدوام متمسكة بوحدة هذه الحركة بوصف ذلك شرطا من شروط ازدياد وتطور فاعليتها في نضال الشعوب من أجل الغد المشرق، ووقفت ضد النهج الانشقاقي التخريبي لقادة الصين الذين أوصلتهم سياسة معاداة السوفيات إلى منزلق التخلف السافر مع الامبريالية الامريكية ضد مصلحة ومستقبل الحركة الثورية العالمية، ورأت الجبهة دائما في التحالف بين حركة التحرر الوطني العربية وبين بلدان المنظومة الاشتراكية وطليعتها الاتحاد السوفيتي أحد أهم موجبات احراز النصر على الامبريالية والصهيونية والرجعية، ووقفت ضد كافة الدعاوى المشبوهة التي تشكك في أهمية هذا التحالف وتقلل من قيمته تحت أي شعار جاءت، وبأي رداء تسترت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد