الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبرَ ذلك القميص الحريريِّ الأحمر

حازم شحادة
كاتب سوري

2015 / 2 / 16
الادب والفن


جارتي امرأةٌ غريبة الطباع
كلّ يوم في تمام العاشرة مساءً تخرجُ إلى شرفتها مرتديةً قميصاً حريرياً أحمراً يسمحُ للنسيمِ بمداعبة جسدها كعاشقٍ جيّد، تضع على طاولتها ركوة القهوة ثم تجلسُ مبحلقة بالسماء،، وما هي إلا ساعة من الزمن حتى تشرع بالرقص على أنغام موسيقى سحرية.
اعتدتُ رؤيتها مذ قطنتُ هذا الحيّ قبل أشهر ولأنّي أعيش وحيداً كانت مشاهدة هذا الطقس اليومي دون ملل مدعاة بهجة لي،، لكن لأكون صريحاً،، في الآونة الأخيرة بدأت أتساءل عن قدسية هذا الطقس اليومي فهي لا تفوته على الإطلاق.
حرصاً مني على عدم لفت انتباهها أطفئ أضواء المنزل كلها واتخذ زاوية محجوبة على الشرفة ثم أشعل سجائري الواحدة تلو الأخرى منتظراً أي حركة تجعل من نهديها يهتزان أو يبدوان أكثر إذا ما انحنت.
إن اهتزاز نهدي المرأة بشكل عفوي يولد في نفس الرجل شعوراً أجمل من شعور المشي على سطح القمر.. اهتزازهما يخلص الرجل من ثقل الجاذبية اللعين ويكاد الواحد منا يطير.
بعد مراقبة استمرت طيلة هذا الزمن استنتجت من خلالها أن هذه السيدة تعيش وحيدة لا تزور أحداً ولا يزورها أحد.. قررت أن أطرق بابها،، هي وحيدة وأنا مثلها وحيد،، من يدري،، ربما تقبل.
ارتديت عند التاسعة مساء أجمل قميص عندي بعد أن حلقت ذقني ورششت بعض العطر خلف أذني وحين أصبحت جاهزاً كانت دقات قلبي قد تجاوزت الألف لكني كنت عاقد العزم شديد البأس فانطلقت باتجاه منزلها كأسد الأدغال.
طرقت الباب أول مرة فلم أسمع جواباً فطرقت ثانية وثالثة لكن لا جواب..
وقفت حزيناً أجهل سبب عدم الرد وحين أوشكت على الانصراف لمحت عجوزاً صاعداً الدرج فاستفسر مني عن سبب وقوفي هنا وحين أخبرته أوقع من يده كيساً كان ممتلئاً بالتفاح وفتح فمه باندهاش كبير.
- هل أنت متأكد أنك ترى هذه المرأة يومياً أيها السيد؟
استفسر الشيخ باستغراب عظيم..
- كما أقول لك،، لكني أطرق الباب منذ دقائق ولا تجيب
حين أخبرني العجوز بكلماته التالية ركعت أرضاً دون أن استطيع نطق حرف واحد..
لا أدري كيف وصلت البيت،، وسط خوفي تسللت إلى الشرفة بعد أن أطفأت جميع الأضواء مستعيداً ما قاله العجوز..
- هذا منزل مهجور يا بني منذ زمن بعيد،، كانت صاحبته امرأة رائعة الجمال لكنها انتحرت ملقية نفسها عن الشرفة دون أن يعلم أحد السبب..
أشعلت سيجارتي ورحت أراقب من بعيد شبحاً لامرأة ترقص على أنغام موسيقى سحرية يداعب النسيم جسدها كعاشقٍ جيد عبر ذلك القميص الحريري الأحمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب


.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل




.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال