الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مالكة حبرشيد بين القصيدة والناي الحزين

بشرى رسوان

2015 / 2 / 20
مقابلات و حوارات


قدري - منذ نعومتي- أن أكتب دون مقدمات،
أهذي كثيرا عند منتصف البوح ، أفر منطوية على آخر جرح
كي لا يزهر الصمت ، وتفوح رائحة الموت




من هي مالكة حبرشيد؟

مالكة حبرشيد
تلك الطفلة التي لا تكبر إلا أمام القصيدة وحدها القصيدة تخزّني تنكز دواخلي وتجعلني أدرك أني هرمت وأنا أقتات الحسرة على وطني الكبير والصغير على أحلامي التي تقزمت .بعدما كانت عملاقة شاهقة تطال السماء صارت تبحث عن الفتات كي تقو على الاستمرار. وسط دهاليز واقع مر لا يرحم

ومالكة صورة طبق الأصل عن كل إنسان بسيط يبحث عن عالم جميل يرسمه خياله الفسيح عالم فيه عزة وكرامة وحب يعني لا أطلب=نطلب =الكثير فقط أريد الحفاظ على إنسانيتي لا أريد أن أفقد القدرة على تمييز الألوان والأشكال الإحساس بالجمال في الملامح والطبيعة لان بالإحساس فقط نستطيع استنباطه حتى في الخريف بدون هذه القدرة وهذا الإحساس لا يمكن أن أقول =نقول=أنني أعيش وأنني إنسان
بعيدا عن القصيدة أظل آخر العنقود المدلل المحبوب عند كل الأهل والأحباب والأقارب بل حتى عند الأصدقاء . وهذه نعمة من الله لا يمنحها إلا لمن لديه مخزون كبير من الحب لكل من حوله لا ينفذ مهما قست الحياة وشحت القلوب تظل قادرا على الامتداد والعطاء والاحتواء واستيعاب الآخر بكل مزاجياته وتقلباته


كيف كانت مالكة الطفلة؟


مالكة الطفلة مازالت طفلة كانت مدللة . ومازالت كذلك .رغم الحزن الطافح على المحيا
كانت تلعب بأواني الخزف والطين وهي مازالت تلعب حتى اليوم فقط استبدلت أدواتها بالحروف كان رفيقها من قبل قلم رصاص يمسح دمعها يمسد حزنها . واليوم احتلت الأزرار مكانه وإن كنت أحسها باردة مقارنة بالقلم .أو ربما ما عشته من فقد جعلها باردة فقلم الرصاص عاش معي سنوات الدفء . والأزرار تقاسمني رعشة الانحدار الفقد يجعلنا نفقد النضارة وقد أنهكني وأرهق دواخلي. أتعبني الحضور الغائب وأرهقني الغياب الدائم. لكنها سنة الله في الكون ولابد من تقبل المكتوب
كل صباح أحاول ترميم الوجوه المتلاشية في بحر الزمن من تقاطيع الشعر أرتب أعضاء الغد .ومن رعشات الفرح النادر أنظم أغنية لذواتي المذعورة كي تطلع الأناشيد الغرقى من تحت الوحشة التي دثرتها آيات السكينة. هكذا فقط أرتب نفسي كي أقوى على الاستمرار



يكتب طاغور فيقول (يتأتى للطفل أن يطير إلى السماء,... ولكنه لا يفعل لأن لديه ما يحمله على ألا يغادرنا، إنه ليحب أن يوسد رأسه على صدر أمه، ولا يقوى البتة على رؤيتها تغيب عن ناظريه).. كيف هي علاقة مالكة حبرشيد بأمها ؟.


الأمومة عاطفة ركزت في الأنثى السوية تدفعها إلى مزيد من العطاء والرحمة والعطف والشفقة وأم كل شيء هو أصله هي فكرة شعرية بالأصل روح تنفصل إلى جسدين بينهما حبل سري والكثير من القصائد هي الوطن الأول الحبيبة الأولى والأخيرة التي لا تخون مهما جار الزمان هي الدواء والطبيب. السؤال والجواب مهما أنهك التعب كاهلها لا تردك مزجورا خائبا
لقد سماها التاريخ بأسماء عديدة كلها تصغر أمام لفظة أمي مهما كبرت تظل صغيرها المدلل الذي يحتاج حنانها و اهتمامها و حضنها كي يشعر بالأمان حين يخونك الصديق و الرفيق و الجسد


كذا كانت علاقتي بأمي ، الغائبة الحاضرة رغم السنين المتراكمة في بوصلة الرأس يقول عبد الله خوجة وهو يناديها من فوق كرسي الوزارة

" أماه إني قد أتيت وفي يديّ طفولتي
وتركت خلفي كلّ أحلام الشباب
وبحثت عن يدك النحيلة كي تعانق أوبتي
ورأيتها ممدودة عبر السحاب
وكأنها طوق النجاة لحيرتي
وقفزتُ ألثمها أعانقها
.. فعانقني السراب "


وتقول مالكة حبرشيد


حين أقفرت الحياة ،
وصرخ المدى في الجوف نائحا رحيلها
كيف أفتح كينونتي الظامئة
في هذا الفراغ الكبير
وقد رحل الحضن الفسيح
شحت ينابيع الري ؟
ضؤلت قلوب الحب يا أمي
فكيف أستنير بشهقة غياب ؟
وأنا تائهة بين العيون الغريبة
الوقت سكين
يذبح الحياة
مهما جلست في بقعة الضوء
حيث لفظت آخر نفس
لا يسعفني الكلام
لا يمدني بغيمة
تروي جفاف وجودي

الأم ما من أبجدية تكفي أو تفي غرض تعريفها أو وصفها هي الحضن الحنون الذي يعلمك الاحتواء والاحتضان يثبت جذورك في الأرض ويشدك إلى التراب الأم تعلمك كيف تحب الأرض والوطن . كيف تحفظ تاريخ الإنسان
أمي كانت أمية لكنها لم تكن جاهلة علمتني كيف أحب الحياة وأناضل من أجلها كيف أحب الإنسان ولا أقبل استغلاله وقهره . كيف أعطي بلا حدود دون أن أجف وأصاب بالقحط . علمتني كيف أن الجماعة تغلب الفرد
و بالتضامن نبلغ المقاصد ونحقق الأهداف علمتني أشياء كثيرة بدأت تندثر من حياتنا الحب الحنان الحلم
علمتني معنى الأبوة والأخوة والصداقة كيف أحس ألم الآخر وأقاسمه رغيف الوجع المر وكيف أحفظ سره وماء وجهه كيما اجرح عزته وكبرياءه علمتني كيف أكون إنسانا بأفعالي وتصرفاتي وسلوكياتي، لا بملامحي فحسب
رحمها الله وأسكنها وأمهات المسلمين فسيح جناته



من يكتب يقرأ مرتين. لمن تقرأ مالكة حبرشيد؟ ولمن تكتب؟


من يكتب عليه أن يقرأ أكثر من مرتين لأنه مدرك أن خلف الحروف خطابا اخر أكبر و أهم من الخطاب المباشر بين السطور رسائل لم تقلها الحروف لكن تبلغها البياضات وهذا ما تتميز به قصيدة النثر بل حتى القصص التي تنتهج الأسلوب الحديث في الكتابة و التي تعتمد على تكثيف و ترميز يساعد على تبليغ الكثير بكلمات قليلة
قرأت لكبار الأدباء الذين تربينا على مؤلفاتهم و آدابهم و معارفهم من نجيب محفوظ احسان عبد القدوس لطفي المنفلوطي العقاد و غيرهم كثير من القدماء و قرأت للطاهر بن جلون بالفرنسية
ومحمد شكري وغادة السمان مبارك ربيع عبد الرحمن منيف.
أما في القصيدة فأنا أقرأ كل ما تعثر عليه يدي وعيني من أكبر شاعر حتى أصغر هاو أو مبتديء قرأت لمظفر النواب نزار قباني أحمد مطر محمود درويش الماغوط شكسبير ولوركا.
وأقرا للشاعر الفلسطيني القدير زياد هديب وربيع عقب الباب المصري ومحمد الخضور وهيثم الريماوي وللمغربي محمد علي الريباوي . أحمد بلبداوي
أقرا كل شيء أجده أمامي حتى قصص الأطفال والمحفوظات والنصوص القرائية البسيطة نوادر جحا ، وقصص الأقزام والأميرة النائمة المتداولة لها عندي ألف معنى وتأويلات كثيرة لأنها تنفتح على كل الجهات . أو ربما هكذا أراها بحكم أني أكتب القصيدة . وأدرس في نفس الوقت كل كلمة تحتاج وقفة تأمل لأن لها ألف معنى خصوصا في زمننا هذا


قلت لي يوما ( أحبها حد الموت ). ماذا تمثل لك الخنيفرة؟


خنيفرة هي حبي الأبدي الذي لا بديل عنه جرحي النازف وحكايتي الغريبة التي أعشق اجترار مرارتها كي أتألم أكثر وأحبها أكثر وأكثر هي لغز كبير - رغم جغرافتيها الصغيرة- استعصى على التاريخ فكه وعلى الناس فهمه
خنيفرة هي أمي وابنتي مهما ابتعدت أسمعها تناديني وبداخلي دائما حنين إليها . وأنا بين ظهرانيها.
هي كالفجر تشرق في حيثما كنت يهزني فقرها يرجني حزنها وابتسامات أطفالها العائدين من المدارس وقد جمد الصقيع أطرافهم وسدت الثلوج دروبهم وأنهك الجوع أجسادهم الصغيرة .
لكن أرواحهم شامخة شموخ الأرز صامدة صمود جبالها التي لا تطأطئ هاماتها مهما أمعن القهر
خنيفرة ماية أطلسية تهز الإنسان لينفض عنه غبار الموت والفقر والجهل والجوع .بحثا عن الحياة...الجمال ولو في قمامة الزمن . هي البحيرات التي تروي ضفاف النوى وحقول الجحود وقلوب الصقيع التي لا تمنحها لفتة
جغرافيا مهمشة منفية مبعدة كليا عن دائرة الاهتمامات الرسمية عبر التاريخ لكنها باقية ما بقي الأرز والإنسان هي القصيدة وأنا الناي الحزين . توحدنا ملحمة النضال - في الهواء الطلق - لوطن يحكمه الحجر الصلد و قوانين التهميش



تحت جسرك "أم الربيع"(4(
يرتشف "البندير" (5) حزنه
مناغيا وترة
تهدهد أطفالها
على شهقات أنين
وشوارع الحمراء
حزمت أوجاعها
استعدادا لرقصة "أحيدوس"(6(
"باموسى .... " ( 7 )
ما عادت تهزه
مايات المقابر
ولا "بوحاياتي"(8(
يرد صدى الذكريات
حين تردد المناجل أشعارها
في بيادر القمح

بين المداهمة والهروب
وقفت "تمليازت"(9(
تطقطق أسنانها
داخل توابيت الثلج
كلما أمعن الجوع
في تعرية جمجمة "أقلال"(10(
سقط صغار الحلم
في هوة استكانة
من قصيدتي=بين القصيدة وحزن الناي

=سر المرأة في حقيبة يدها .لو فتشنا حقيبة يد مالكة حبرشيد (عدا عن أشيائنا النسائية الصغيرة ) ماذا يمكن أن نجد ؟
.
بسيطة جدا حقيبة مالكة مثلها تماما لكنها كبيرة مضحكة وموجعة في ان .تجدين فيها بعض الأشياء النسائية القليلة قلم رصاص مفكرة صغيرة جهاز لقياس الضغط اخر لقياس السكر حقن أدوية لابد منها كي تحافظ على توازنها .بعدما أصبحت حياتها مرهونة بها
والكثير من الأحلام التي لا تمل انتظار الإشراق رغم عبوس الكون .




تمارس مالكة حبرشيد الكتابة إلى جانب التدريس .إضافة لبعض النشاطات الجمعوية .أين تجدين نفسك أكثر ؟


في بداية دخولي ميدان التدريس كنت أجد نفسي فيه أؤديه بنشاط وحيوية وإحساس كبير بالمسؤولية وضرورة تبليغ الخطاب لأني مقتنعة أن المدرسة هي أساس نجاح الأوطان وتقدم المجتمعات . كل المواطنين يتعلمون على طاولات المدرسة - من الوزير إلى المحامي إلى الطبيب إلى المدرس والمهندس والقاضي الكل يأخذ مبادئ الحياة واحترامها . واجبه نحو الوطن وحقوقه التي يجب أن يتمتع بها .كله يتم بالفصل على مقعد الدراسة وهذه المسؤولية لا تقل أهمية عن المحارب الذي يقف في الجبهة دفاعا عن الوطن بل أراها أكبر.
لكن مع مرور السنين احتلتني العلل وجدتني غير قادرة على أداء واجبي كما يجب راسلت كل الجهات علني أحظى بوظيفة لا تتطلب كل هذه المجهودات لكن دون جدوى وها أنا مازلت بالفصل أقاوم قدر المستطاع
أما الجمعيات فهي شريان الحياة اليوم هي التي تستنهض الهمم . لكن للأسف قلة قليلة هي التي تحظى بالمصداقية أما الأغلبية . فلها أهداف أخرى بعيدة كل البعد عن تنمية الإنسان شانها شأن النقابات والأحزاب في البلاد العربية
اليوم أجد نفسي أكثر في المهرجانات الثقافية التي لم يعد يهتم بها إلا المثقف الكادح والشاعر المهموم والقاص المنكوب وهلم جرة هناك نلتقي ونتقاسم كأس المرار ورغيف الصبر




تنشطين في بعض المنتديات الأدبية .هل سبق أن تعرضت لمضايقات ؟


نعم تعرضت للكثير من المضايقات الاستفزازات ومحاولة التقزيم والتحبيط أحيانا كنت أنهار وتوازني الفكري . لكن سرعان ما أستجمع قواي وأعود أقوى أرد وأبتعد حفاظا على هدوئي النفسي على كل محاولات إجهاض الإبداع ومصادرة المثقف
وقد نجحت والحمد لله رغم كل ذلك ولدي أصدقاء كثر يحبون كلماتي وهم من كبار الكتاب ومن المبتدئين الذين يقرأون لمالكة باستمرار عندما تكون صادقا فإن صدقك يكون له امتداد . كما للحب وللألم امتداد

يحتاج قلبي
إلى ضماد حي
من أعشاب البحر
وما خلفه الغجر من كلمات
سقطت سهوا ...أو قصدا
دون وعي من الرمل الممسد
لأستطيع امتطاء الهزيع الأخير
من ثمالة الوجع
لأغادر سكون الغياب
هدوء الحضور
استغفال القدر
قبل أن أخرّ على جمر نفسي
وأهدّ كل ما بنيت من قوافي
وما صغت من جمل :
فعلية ...
اسمية ...
مجازية ...
وشرطية
لأرتب أوراق روحي
وأنظم شعرا :
مدحا ...
غزلا ...
لتلك القبيلة التي
رمتني بالجمر
حين تشقق وجهي
على لحاف رجائها
وخار صبري
على كأس مرها

من قصيدة =سوق عكاظ



الكتاب الذي غير مفاهيمك عن الحياة ؟

كتاب "سيكولوجية الإنسان المقهور" لمصطفى حجازي هذا الكتاب أظن له تأثير كبير وقوي على كل من قرأه ويقرأه لأنه صادق حد التعب. يضع الإنسان العربي أمام نفسه دون تجميل أو ماكياج يوضح مليا أسباب عدوانية الإنسان لوطنه من غربة واغتراب ما يعيشه من تسلط وقهر واستيلاب وتدجين وتنميط . يوضح مشكلات التعلم وفشل التعليم في الدول النامية انفصام العلم أو المؤسسة التعليمية عن الحياة الاجتماعية حيث لا جسور تربط بينهما ولا انفتاح للمؤسسات على المحيط الخارجي وهذا يعطينا منتوجا لا يساهم في بناء الوطن بل في تخريبه لأنه ينشا غريبا عدوانيا أنانيا لا يستطيع التعايش ولا الإنتاج .كما يكبر فيه الشعور بالاضطهاد والبحث عن مخطيء يحمل وزر العدوانية المتراكمة داخليا
يقول مصطفى حجازي الإنسان المقهور يراهن على خلاصه على يد الزعيم دون أن يعطي لنفسه دورا في السعي لهذا الخلاص. سوى دور التابع المعجب المؤيد دون تحفظ والمنتظر للمعجزة
يقول : الماضي حصن من لا حاضر له ولا مستقبل
ونحن أمة مازالت - حتى اللحظة - تتغنى بأمجادها الماضية بل أكثر هناك من يعاديك وقد يقتلك إذا ما تمردت على أمجاده الخالية وهذه نقطة ضعف تعكس مدى التخلف والجهل الذي تعيشه بلداننا العربية
عندما يقهر الإنسان يعبر عن ذلك بطرق شتى هناك من يتعاطى المخدرات من يلوذ بالشعوذة قوارب الموت الجنون الدعارة كل هذه تعبيرات عن رفض الواقع بأساليب مختلفة نراها نحن خروجا عن القانون وعدم تربية وانهيار أخلاق بينما لكل ظاهرة أسبابها ودوافعها التي تتجنب الجهات المسؤولة الحديث عنها كيما تفتح على نفسها جبهاتهي في غنى عنها .كي تستمر في استنزاف الأوطان واستحلاب الجبال
الجشعُ =مرتزقةٌ=
أصابَ البحرَ بفقرِ الدم
النّهرَ بالإسهال
الجبالَ بهشاشةِ الحجر
والشوارعَ بزكامٍ حادٍ
رافعٍ للحرارة
خافضٍ للضغط
جمجمةُ البلادِ ميدانُ جنائز
والأمواتُ خطباءُ عصرٍ مجهول
مزيدٌ من المشاهد ..
يمنحنا صورةً دراميةً حداثية ..
لطحالبٍ تنمو تلقائيا ..
في قلب الفجر !
من قصيدة = لهيب الحواس

باختصار هو كتاب مهم جدا ، وحمولته لا تسقط بالتقادم ، بل من النوع الذي يصلح لكل عصر وزمان .




عندما يتمرد القلم و يعلن العصيان. ماذا تفعل مالكة ؟


عندما يتمرد القلم ويعلن العصيان تختنق مالكة و لا تجد لها متنفسا غير الهروب نحو الغابة غابة الارز الممتدة على بحيرة أكلمام هناك أجلس لأستجمع ذواتي .هدوء تام خضرة تغسل الدواخل من غبار الأيام و مياه تروي القحط الزاحف نحوي تؤدة هكذا أكسر فصل الجفاف .وأعود أكثر انتعاشا وقابلية للكتابة
الغريب أن أغلب كتاباتي حضرتني بالليل وإن عجزت عن النهوض قلت : غدا أمسك بها تفلت مني ولا أتذكر حرفا منها.
من يقول أنه يستطيع الكتابة في أي وقت استغرب له فكثيرا ما يتمرد القلم ويجد الإنسان نفسه يدور في نفس البؤرة كأنه لم يكتب يوما كلمة ولاقصيدة بل أحيانا أشعر بالعجز عن كتابة رسالة عادية

استحلبوا الجبال النضاحة...قدوا البحر من قبل ومن دبر..على مرأى ومسمع بنيه تعكس قصائدك حزنا عميقا على الوطن .لماذا؟

ما أصعب هذه =لماذا =وما أكبر جوابها وما أعمق جرحها
من أين تراني أبدأ ؟ من الذين يحلمون كل غفوة بالكنز أو المحاصرين بأسوار الاحتراق بعيدا عن خدعة الانعتاق أو عن قوافل الصمت الخجولة-المنزوية أسفل الريح- تعزف لحن الهروب وهي تشيّع فلذاتها أو عن الذين يقتسمون رغيف الموت بالقسط ...عند عتبات الصبح القتيل ؟
هل أبدأ من ماسح الأحذية الذي كان في الأصل شاعرا . أو بائع السجائر بالقسط حين لم يجد له في المدرسة مقعدا أو عن الحيتان التي تلتهم الأوطان تجهض الأحلام .وتصادر الأماني قبل طلوع الفرحة كي ما تكسب العقول المناعة والقلوب الشجاعة على تحطيم الأصنام واختراق الأسوار . دحض الأحكام المرتجلة التي أدمت أثداء الأشجار...وصدور الجبال . اغتصبوا الغيم كيما يروي قحط الأيام ، وأسقطوا الربيع من دورة الفصول ؟
كيف لا أحزن ؟ وأنا جزء من هذا الوطن -الجميل جدا- . لكنه منكوب من أبنائه الذين استنزفوه انهكوه وهرّبوه - وراء الشمس- اقتسموه وتركوا لنا الحرقة والأرق

وأنا صغيرة ....حسبت القضية سيفا
يفجر صخر الزمن نهر عسل
يلعقه الصغار حتى تتفتح حدائق الأرواح
من جذوع الشجر ...ينبثق الأمل
في حضن الشمس يكبر
ليلقي عصاه في عين الرماد
من رمال النسيان يخرج المدن
ويقتلع الأصنام

حسبت الكثير فإذا القضية
قوقعة منفية خارج الكواكب
دمع اعشوشب تحت الأقدام
استسلام يتمطى في كف القسوة
الريح غذاءه
حشرجة الخوف لبانة تحت لسانه
كلما اعتلاه الضجر لاكها
انتظارا لامرأة تعجن الحسرة بالموال
توزعه رغيفا على الأفراح العابرة
وتطعم الفتات
للأجساد المستحمة في زيف الحكاية

من قصيدة=استسلام يتمطى في كف القسوة



نصفك أما زيغي . فهل تتقنين اللهجة الأمازيغية ؟التراث الشعبي الأمازيغي غني. برأيك هل تعرض هذا الموروث الثقافي للتهميش ؟وكيف يمكن الحفاظ عليه جنبا إلى جنب مع الموروث العربي والحساني ؟

ما عدا درس سكان المغرب الأولون الذي تلقاه التلاميذ المغاربة في المستوى الثاني ابتدائي لم تكن مقررات التاريخ المدرسي تقدم من التاريخ القديم سوى ما يرتبط بالمؤثرات الخارجية والشعوب الوافدة على أرض المغرب . وهذا تحريف وظيفي أيديولوجي استغل بشكل مغرض لإقصاء كل ما يرتبط بالأمازيغية من فضاء النقاش و التفكير السياسي و الثقافي على المستوى اللاشعور الفردي و الجماعي. و اقرانها بالتفرقة و النزوع العنصري
هذا هو التبرير الذي قام على تحريف التاريخ لخلق أسطورة بهواجس سياسية شكلت الإطار المرجعي الذي تحكم في إقصاء الأمازيغية منذ حوالي ثمانين سنة .وإبقائها على تخوم الهامش خارج دائرة التداول والتدبير السياسي والثقافي الوطني.
لم يفسح المجال - لاستحضار الممالك الأمازيغية - في دروس التاريخ إلا مؤخرا . وهو حضور باهت لا يفي المنطقة وأهلها حقهم كما يطمس الأهمية السياسية والتاريخية . لهذه الدول التي امتد نفوذها على مدى شمال إفريقيا . من القرن الرابع ق.م إلى حدود منتصف القرن الأول الميلادي . والتي عرفت أوج ازدهارها مع الملك " يوكرتن ويوبا الأول وبوكوس الأول وماسينيسا - الذي تحدثت المصادر التاريخية عن تمكنه من توسيع مملكته وهزم قرطاج وتنظيم دولة على النموذج الإغريقي . حيث طور آليات الحكم السياسي والتنظيم الاقتصادي وطور الزراعة وحقق نهضة ثقافية بتشجيع الأدب والفن . والاستفادة من الفكر اليوناني . مما جعل من عاصمة مملكته مدينة راقية من الجانبين المادي والثقافي في مستوى ازدهار مدينة أثينا الإغريقية

أما عن الخلاف حول العلاقة اللغوية بين العربية والأمازيغية فان التفاعل اللغوي بينهما يتضح بجلاء بعد الفتح الإسلامي فبعض الأمازيغ تعربوا وبعض العرب تمزغوا . أما الأمازيغ غير المعربين فيستعملون كلمات عربية – خصوصا- في مجال الدين والعبادات إضافة إلى كلمات لاتينية في مجال التجارة والعمل كما أن تأثير الأمازيغية في اللهجات العربية المغاربية واضح - صوتا وصرفا وتركيبا - ودلالة ، وذلك نتيجة قرون طويلة من التفاعل بين اللغتين على ألسنة الساكنة المحلية عربية كانت أو أمازيغية
وما تجدر الإشارة إليه هو أن الأمازيغية لم تنل قسطا مناسبا من الاهتمام كي تتطور وتصلح في كل المجالات والقطاعات على غرار اللغات الأخرى . لأنها لم تدعم بإيديولوجيات قومية أو دينية . كما حدث مع اللغة العربية واللاتينية..ربما لو وجدت الاهتمام الكافي . لكانت - اليوم - هي اللغة الرسمية لدول شمال أفريقيا خصوصا وأن اللغات السامية لم تظهر إلا في الألفية الثالثة قبل الميلاد . بينما الأمازيغية ظهرت مع الإنسان القفصي -على أقل تقدير- . والإنسان القفصي هو الأمازيغي الأول الذي ظهر في مدة تتراوح بين الألفية السابعة والتاسعة قبل الميلاد وهذا يعني أن اللغة الأمازيغية أقدم بأربعة آلاف سنة عن اللغات السامية
أما عن إتقاني اللغة الأمازيغية فأقول- بكل فخر نعم أتقنها لأنها لغة أمي . وسعيدة أني أتقن العربية التي هي لغة أبي وهذا دليل قاطع على قدرة تعايشهما معا بعيدا عن الفتن و النعرات التي يحاول البعض اشعالها لتقسيم المقسم وتشتيت المشتت .فمنذ دائما استطاع المغرب الحفاظ عن وحدته
بتوفره على فسيفساء ثقافية قل نظيرها في العالم بأسره وهدا دليل آخر على تعايش المغاربة مع بعضهم البعض بغض النظر عن انتمائهم
ومن يعيش في المغرب يلحظ التلاحم والانسجام الواضح بين الثقافتين الحسانية والأمازيغية على الرغم من الاختلاف الحاصل في النطق والمفاهيم حتى أن بعض الألفاظ الأمازيغية الصرفة تستعمل في القاموس الحساني
أما على المستوى الجغرافي فهناك قرائن ودلائل تؤكد عمق التعايش بين الثقافتين لأن الوحدة الترابية ساهمت بكثير في التوحيد بين العنصر الأمازيغي والحساني منذ الاستعمار إلى الآن


هل تؤمنين بضرورة أن يحمل الأدب رسالة وهدف سام؟

على عاتق الأدب أكثر من أي جانب آخر من جوانب الحياة تقع مسؤولية التغيير والتطوير والنهوض بالإنسان .كل الفنون لابد ومن الواجب أن تحمل رسالة هادفة تساعد على رقي المجتمعات وتغيير الراكد فيها والأدب أكثر من أي فن آخر . لأن جزءا كبيرا منه يدخل مناهج التدريس وهذه الأخيرة هي التي تعطينا مواطن الغد بالمعايير التي يطرحها الأدب الإنساني بعيدا عن الأيديولوجيات السياسية .نحن نريد إنسانا مواطنا صالحا فاعلا همه الإنسان والرقي به في كل جوانب الحياة ولن يتحقق ذلك إلا إذا كانت المضامين تحمل رسالة سامية بأهداف نبيلة . تأخذ من الماضي أسسا قوية من أجل حاضر مشرق واستشراف غد يكون في مستوى تحديات العالم
الإحساس بألم الآخر وأوجاعه يجب أن يؤرق المثقف بالدرجة الأولى والأديب من النخبة المثقفة التي يقع على عاتقها مسؤولية التغيير . والتغيير لن يتم إلا إذا شخصنا العلل وسلطنا الضوء على مواطن الضعف . كي نستطيع اقتراح بدائل
ولأني أكتب القصيدة النثرية =وهي الجنس الأدبي اللصيق بالشارع وهمومه وضغوطاته=فأنا ممن يلاحقون الوجع حيثما كان . أترصده في كل حين ومكان، أتوحد معه ليصير جزءا مني ومن أوجاعي .فأستطيع ترجمته بشكل يشعر المتلقي أنه يترجم نفسه . هو نوع من طرح المشكلات على جوهر الوعي عند الآخر .في محاولة لكشف القناع عن الوجوه البشعة للحياة المقنعة عندنا في الإعلام، والمناهج والكتب المدرسية التي تعمل جاهدة على تضليل الناشئة وحشو أدمغتها . بما يناسب أصحاب القرار في بلداننا المقهورة .
لدي إيمان عميق بالإنسان وبالجماهير وبقدرتها على تغيير أوضاعها إنما تحتاج إلى بدائل سليمة ترسم لها طريقا وسط الدم والنار لتتمكن من نقد أوضاعها الاجتماعية والسياسية وتصبح قادرة على المبادرة واتخاذ قرارات من أجل تغيير المجتمعات التي أنكرت عليها فرصة المشاركة كما ترفض النظر إلى المجتمع على أنه عملية متجددة متغيرة وليس وضعا ثابتا فيزيقيا واجتماعيا وسياسيا
إن الوعي والنظرة الناقدة هي مفتاح الطريق إلى حياة أفضل تضمن كرامة الإنسان ..وأرى الأجناس الأدبية والفنية كافة وقصيدة النثر خاصة وسيلة لتحقيق التغيير ونزع هالة الأسطورية عن المجتمع ...هكذا فقط نستطيع أن نتفق مع الطبيعة التاريخية للإنسان والتأكيد على تقدمه وتطلعه إلى الأمام والأفضل

.

قصيدة النثر تمردت على مفهوم الشعر التقليدي( القافية والعروض).لماذا
اختارت مالكة حبرشيد .هذا النمط الدخيل نسبيا على الشعر العربي ؟



أولا أسجل اعتراضي على لفظ الدخيل الذي وصمت به قصيدة النثر ، لأنه لم يكن أبدا دخيلا على البلاغة و الذائقة العربية و إن لم يكن يحمل المصطلح شأنه في ذلك شأن القصة القصيرة و الرواية التي لا يمكن أن نقول أبدا أنهما جنسان دخيلان على الأدب العربي و كتب التراث تعج بالكثير و الكثير من هذه الأجناس و إن لم تكن مكتفية بذاتها ، أي بكينونتها و مجانية أن تحلق بذاتها و مسماها
ما ظل خاملا لحقب طويلة ، آن له أن يتحرك ، أن يثور في وجه الجمود والتسلط و الصوت الواحد .ومحاولات التجديد لم تتوقف في وقت من الأوقات وإن خبا صوتها ، و كان حراكها خجولا متراجعا ، في مواجهة الخطاب المسيطر والأكثر طغيانا مما تسبب عنه الكثير من العلل و هو يدور في ذات الدائرة و بنفس الكلمات و نفس لتشكيل حتى و إن بدا القليل منه متجاوبا لمتطلبات الذائقة العصرية إلا أنه استنفد كل أغراضه ، و ربما توقف تماما لكنه لم يتوقف عن تسلطه و فرض ارادته بل فرض ما هو أعلى شانا كونه داخل دائرة التقديس و التابو
هنا صور تفرغ الأشكال والألوان من دلالاتها العادية ..المألوفة والتقليدية الحقائق الجارحة التي تصفعنا يوميا ، حيثما ولينا وجوهنا تقف لناب المرصاد مهما تنوعت طرق الهروب . نجدها في الصحف والمجلات والإذاعات وفي الممارسات المختلفة ..تدل على أننا أمة يباح دمها في كل مكان ...كما
أنها أصبحت عالة على الوضع الدولي برمته إذا ما ظلت على حالها علما بأنه ليس ثمة مشروع عربي يطيح بهذه الكيانات المهلهلة المستسلمة ليعيد سبكها في حركة نضالية بحجم الأمة العربية الكبير .وأيضا بحجم مشكلاتها المتفاقمة ، في الداخل والخارجهناك أزمة : الجوع والفقر والأمية والجهل وأزمات تنموية وصلت إلى طريق مسدود في كل الأقطار العربية على اختلاف
أنظمتها .
وأرى قصيدة النثر أقرب إلى الواقع المرير للمواطن العربي تحاول ترجمة ما يعانيه بصدق
كما أراها تحاول التحرر من القوالب الشعرية المتحجرة التي حاولت طوال تاريخ الأمة العربية الحجر على الفكر العربي وسجنه في بحور وأوزان لا تسمح له بالتحليق بعيدا في سماء القضية بلغة تشد المتلقي وتجعله يتوحد معك في استشراف أفق بديل
نحتاج جوّا من الحرية يوفر للمبدع التلقائية والمبادرة والقدرة على ابتكار حلول جديدة بأساليب جديدة تتجاوب مع احتياجات المجتمع العربي وتتجاوز روح العصر من أجل تكاتف يصوب سير المجتمع ، نحو الأهداف المتوخاة من نضاله
.قصيدة النثر أسلوب نضالي سلاح سلمي من أجل خلق وحدة ، تحفظ التوازن بين المحلي والإقليمي والدولي


ماهي خصوصيات الشعر الحديث؟


تواريخ ولادة شعراء قصيدة النثر تحيلنا إلى الخمسينات من هذا القرن أو قبلها بقليل أي إلى العهود الاستقلالية حيث تأسست هنا وهناك في مخاض معارك التحرر الوطني . والفكاك من الاستعمار المباشر تجارب أولى لصياغة إيجابية للشخصية الوطنية محليا وحضاريا
إنهم شباب أبهرتهم صورة "جميلةبوحيرد" ودغدغهم صوت "عبد الناصر" ليتظاهروا بدورهم مع حركات الطلبة والشبيبة في أوروبا كانفتاح على أفكار اليسار الجديد =جيفارا =ماوتسيتونغ=وأغنيات بوب ديلان. والشيخ إمام وأشعار احمد فؤاد نجم . لكنهم متمردون على قدر من الرومانسية غاضبون على قدر من الثورية
تشغلهم أفكار ماركوز وقصائد ريكليه أفلام جيمس دين الفدائي الفلسطيني كانوا مندفعين بقوة الشباب ، وزخم الأفكار الجديدة لدرجة أنهم لا يتبينون تماما فداحة الهزيمة خاصة وأن الحداثة الجديدة بعد الهزيمة أشعلت وقود الاندفاع في الكتابة كما في القيم

إلا أنهم كانوا شعراء أساسا مدفوعين بهاجس التخطي والتجاوز وضرورة التميز عن سابقيهم من الشعراء هاجسهم كان إبداع حداثة في الحداثة ، على وزن ثورة في الثورة .
هؤلاء الشباب كانوا يرون في قتل الأب =في الشعر=الرمزية والضرورية . لتأكيد الذات الناشئة والمتوثبة فهم كانوا يرون في المتنبي وامرؤ القيس وأبو تمام أسلافهم . وفي احمد شوقي والجواهري أجدادهم .وصراع الأجيال وارد على جميع الأصعدة على امتداد تاريخ البشرية .
ومهما ابتعدت قصيدة النثر أو القصيدة الحداثوية عن القواعد والقوالب الجامدة المعروفة فإنها تبقى على علاقة صميمة للغاية مع الشعر بمعناه التأملي والفلسفي بعيدا عن التوظيف الضيق والدعائي له

في القصيدة المتجددة نجد هموم الذات الانفرادية المحضة في وحدتها وعبتها في جنونها وكابتها
ثم يتسع الشعر للإحاطة بموضوعات مهملة من وقائع الحياة اليومية والتعبير عن الأفق المسدود الذي انغلق أمام طموحات الناشئة
قصائد حزينة وقصائد عابثة قصائد لاهية ومتمردة ومتفتحة على حركة الحياة من كل جوانبها لا قصائد الموقف المسبق والمعلن مثل شعارات التظاهرات
القصيدة الحداثوية لا تقدم رؤيا جاهزة مكتملة ونهائية بل هي التقاط للعابر وكشف للغامض وملاعبة تتخذ شكل الغرابة السوريالية أو السخرية إنه الشاعر الهامشي المقهور ، لا الرؤيوي أو الرسولي
ان اختلاف الشعراء المتجددين عن الشعراء القدامى هو اختلاف في الحساسية في النبرة الشعرية ، أكثر منه في الموقف على مناخات التجريب وعلى الاختبارية في صيغ الكلام ، ومنها صيغ النثر ما ما تحاوله قصيدة النثر : هو كتابة مفتوحة على مناخات التجريب وعلى الاختبارية في صيغ الكلام ومنها صيغ النثر في حركة صياغة تفتحت على أنواع الكلام دون أن تحتذي أو تطبق نموذجا بعينه بل هي قصيدة تندفع نحو فضاء أرحب من أجل عطاء أعمق وأكبر رافضة القيود التقليدية والعصرية لأنها هكذا فقط تستطيع أن تكون في مستوى التحديات التي يعرفها عالم اليوم
وهذا ما لاحظناه . ونلاحظه عند شعراء قصيدة النثر أمثال : سليم بركات وبول شاوول والشيخ جعفر .. الذين كانوا شعراء الحداثة حد التعصب .
من خلال ما سبق يتضح أن لا حدود للتجديد في قصيدة النثر . وهي تفتح ذراعيها لكل الكتاب .شرط توفرهم على أدوات سليمة تساعد على دخولها .والخوض فيها بلغة لا تسيء للشعر بل بأسلوب يساعد على الرقي بها أكثر


برأيك لماذا يلجأ الأديب إلى أسلوب الغموض والتعتيم فيحيل النص إلى مجموعة من الألغاز يصعب على القارئ فك رموزها و طلاسمها وادراك معانيها .فهل هي موضة أم أن الأدب الواضح أصبح أدبا قديما متجاوزا؟

صدقيني إذا قلت لك أن كلمة الغموض مزحة يختبئ خلفها القارئ والناقد ، حين يفشل في هضم عمل ما أو محاولة الاقتراب من عمل ما لسبر أغواره.طالما حكمنا أن ما أمامنا أدبا . و ليس مجرد أحاج وألغاز و لعب بالكلمات و نحن نملك من الوعي الذي نستطيع به التمييز بين الأدب و اللاأدب . كما أننا ندرك متى كان ما أمامنا أدبا من عدمه ربما هناك غموض بالفعل و لكن ليس لدرجة الإغلاق طالما كان ما أمامنا جاذبا و مدهشا لنحتفظ له بدهشته وروعته .
و إن كان هناك ترميز و تلغيز فنحن ندرك أسبابه في تتبع حركة الفن في التاريخ ومتى كان غارقا في الرمزية و متى كسرها و عبر فوقها بعد أن أخذ منها ما يلزمه لبناء عمل فني جديد له ملامح مختلفة
لكن ا ذا بلغ درجة الغموض و الطلسمة فانا معك انها ليست أدبا بل هروبا واختباء خلف الطلاسم لإخفاء عجز ما في جانب ما اما القاموس اللغوي او القدرة على بناء الصورة وهذا النوع غالبا ما ينصرف عنه المتلقي خصوصا ونحن فيعصر الاكتئاب والضغوطات التي لا تمنحك هامش الصبر لفك الطلاسم. غير ذلك يمكنني الجزم أن قصيدة النثر أضافت الكثير للأدب العربي والانساني سواء شكلا أو مضمونا

يقال (عندما تصبح المكتبة في البيت ضرورة كالطاولة و السرير والكرسي و المطبخ ، عندئذ يمكن القول بأننا أصبحنا قوما متحضرين)
كمجتمع بعيدين عن التحضر ؟ برأيك هل لازلنا

كنا متحضرين وتعلمت منا الدنيا كلها الكثير من العلوم الانسانية والمبادئ الحياتية وواجبات التعايش مع الاخر رغم البساطة التي كان عليها العرب والمسلمون في حياتهم اليومية. الا انهم ابدعوا في شتى الميادين
اليوم هناك تقدم تكنولوجي مستورد من خلاله نمارس النفاق الخداع الفساد النصب والاحتيال لم نستغل هذا التطور التكنولوجي فيما ينفع الانسان والحياة وان كان فهي قلة قليلة هاجسها الانسان =وهذا هو الطبيعي =لكن ما نعيشه من تفرقة دينية ونفاق اجتماعي وفساد اخلاقي وسياسي جعلنا نعود القهقرا نحو الانسان الاول =الذي تطور ببطء شديد=
نحن لسنا في حاجة الى مكتبة كي نتحضر من جديد بل نحتاج الى مراجعة كل ادواتنا التربوية ...نحتاج عملية =فيدباك=جرد لكل الماضي وما يحدث حاليا كي نصحح انفسنا وادواتنا هناك كتب كثير وابداع يغدق المكتبات والارصفة منه الايجابي ومنه السلبي لكن السؤال المطروح هو=أين دور المتلقي؟
معظم الدارسين وعلماء النفس اليوم يتفقون حول دور المتلقي ويعترفون بضرورة دراسة القارئ والمشاهد والمستمع ومعرفة حاجاتهم واهتماماتهم.فمن هو المتلقي ؟ وهل يشكل جزءا من العملية الابداعية ؟
للإجابة على هذا السؤال لابد من التعرف على الاسباب التي تدفع الى الابداع فنا أو ادبا أو مسرحا.
المبدع ينتج وفي اعتباره دائما أنه ينتج للأخرين وسأتكلم عن الكاتب خصوصا...فهو يؤلف للآخر سواء كان نخبة أو شريحة أو طبقة أو أمة أو أفرادا متخيلين ...ومنذ شروع المبدع في موضوعه والمتلقي ماثل في ذهنه ..هذا المتلقي القبلي الذي يتصوره ..من هنا نستنتج أن المتلقي =فردا أو مجموعة=هو كيان نوعي ..وما لا شك فيه أن كل أشكال الابداع والتعبير لا معنى لها دون متلق ومشاهد ومستمع ..وهذا بديهي لأننا نمارس القراءة والمشاهدة والاستماع في حياتنا اليومية بشكل متكرر ومألوف غير أن ذلك لا يعني أن التلقي واحد عند الناس ...هناك اختلاف يعود الى خصائص المتلقين ..المحيط الذي يعيشون فيه ومزاياهم العقلية والنفسية والاجتماعية ..لان الناس متفاوتون في قدراتهم العقلية وامكاناتهم النفسية بسبب الفروق الفردية ..كما انهم متفاوتون بتحصيلهم واهتماماتهم ومواقعهم الاجتماعية ..ما يهمنا من هذه الفروق يتحدد فقط بمدى تأثيرها على عملية التلقي في مستوياتها المختلفة ...
من خلال ما سبق نستنتج أن وجود المكتبة أو كل وسائل التعلم بالبيت لا يعطينا بالضرورة انسانا متحضرا بل هناك من يتوفر على كل الوسائل لكن يضعها في البيت=ديكور=يزين به بيته او مكتبته ...نحتاج وعيا بالإنسان ومتطلباته وضرورة تطوره وتغيره كي يكون في مستوى التحديات التي يعرفها العالم وهذا دور الاسرة والمدرسة ووسائل التعليم والاعلام والشارع ومؤسسات المجتمع المدني ...أ ي هي مسؤولية نتقاسمها جميعا ...ولو تظافرت الجهود من المؤكد سنصل إلى الانسان الانسان ...المواطن الصالح بالفعل لا كما تفصله المناهج التربوية والبرامج الاعلامية .
وهناك ملاحظة بالعالم العربي عامة وبالمغرب خاصة ...عزوف عن القراءة ...مهما كان الابداع غزيرا...ومهما توفر البيت على مكتبة ...لان الوسائل الديداكتيكية الحية التي تمكن المتلقي من المحاورة والتفاعل بشكل حي يساعده على الانفتاح على الاخر مهما كان هذا الاخر ودون انتقاء أو اختيار ودون حدود تضبط العلاقات ...أو تقنن الحوارات ....جعلت الكتاب =موضة قديمة= أمام الكم الهائل من وسائل الاتصال والتواصل والتعلم ...لأنه جامد لا يتحرك ...كئيب لا يحمل الألوان البراقة التي تشد المتلقي ...مع أن الحضارة العربية ازدهرت حين كان الاهتمام كبيرا بالكتاب ...لانه يعطي القارئ فرصة التركيز والرجوع الى ما قبل أو ما بعد متى شعرنا بعدم الفهم ...أو التركيز


الشاعر يملك من الأدوات ما يخوله لخوض تجربة السرد. فهل فكرت مالكة حبرشيد في الإقدام على هذه الخطوة ؟

عذرا منك .. فالشعر أنساق سردية متعددة منها المأتلف و المختلف أم أنك تقصدين الأجناس الأدبية في المجمل ؟
ربما كنت تقصدين بالفعل الأجناس الأدبية مثل القصة و الرواية و المسرحية
و لم لا ؟.. نعم لدي محاولات متعددة في القصة القصيرة و القصيرة جدا .وربما أفكار مجنحة تذهب إلي الرواية التي كانت دائما طموح كل المبدعين و منذ القديم.لكن لقصيدة النثر دائما الحضور القوي . فهي غيورة حاضرة لا تشرك في عشقها أحدا إلا بمحاولات مضنية للفكاك منها .ومرجع هذا التشابك القوي بين قصيدة النثر و التشكيل من حيث الجزالة و التكثيف و الـتأطير .و التصوير الرئوي و المجازي .. هذه كلها أدوات مشتركة بين القص و قصيدة النثر
هناك دائما رغبة جامحة في قصيدة نثرية لا أدري ما تكون ملامحها لكنها بحجم رغبتي في الحياة و الوجود . بحجم حبي للبشر و الوطن و الحرية
هذا إلي جانب الخروج من حالة السكون التي فرضتها غربتي عن مركز صناعة الكتاب في العاصمة و اتحاد الكتاب .و خروج أعمالي إلى الحياة . إلى التنفس الصحي بين نبضات القراء الذين أستهدف الوصول إليهم
....كثيرة هي مجموعاتي الشعرية التي تنتظر التحليق
كما أن هناك مجموعة قصص قصيرة و قصيرة جدا في ذات الأدراج تبكي غربتها


جزء من قصة قصيرة =رواية مجهولة الاوصاف


المطبخ كما هو لا يتغير لونه ولا رائحته وأنا جزء منه . بل أنا توابله التي تتراقص في الإناء لتطلع الطبخة شهية . وليمة تليق بقناص أجاد ترويض الكابوس لتصبح البندقية زهرة تناغي ما تبقى مني
كل ليلة تسقط الدمعة في راحته هدية فيخضر الحزن يزهر الوجع ، وينتشي بلحظات مغلقة بين قفلين لا مفاتيح لهما غير كلمة سر .. تقول=اسبحي في النار، أينعي في اللهيب بين الصدى والخواء


كيف تقرئين تجربة أدونيس و قاسم حداد ؟


يقول أدونيس=أحب أن أعترف بانني كنت بين من أخذوا بثقافة الغرب غير أني كنت كذلك بين الاوائل الذين ما لبثوا ان تجاوزوا ذلك وقد تسلحوا بوعي ومفاهيم تمكنهم من أن يعيدوا قراءة موروثهم بنظرة جديدة وأن يحققوا استقلالهم الذاتي =
ان قراءة ادونيس للأدب الغربي =بودلير =كمثال هي التي غيرت معرفته بأبي نواس والبحتري وغيرهم كثير وقراءته =مالارميه =أوضحت له اسرار اللغة الشعرية وأبعادها الحديثة عند أبي تمام وقراءته =لرامبو ونرفال ووبريتون=قادته الى اكتشاف التجربة الصوفية بمفرداتها وبهائها وقراءة النقد الفرنسي الحديث دلته على حداثة النظرة النقدية عند الجرجاني.وهذا يدل على أن ادونيس لم يتجمد ولم يظل على حال بعينها بل تقلب بين مواقف عدة ومدارس عدة بقدر من الحيرة والاجتهاد والنمو والحيوية ولا أراني في مكان يخول لي تقييم الكبير أدونيس الذي قدم الكثير للشعر والحداثة والنقد بامكانك أن تفهم فيزيائيا ..لكنك لا تستطيع أن تفند حياة قديس هكذا كان يقول بيتس عن الشعر وهذا الكلام ينطبق الى حد كبير على النظرة العامة والخاصة لشعراء افنوا حياتهم في البحث والتجريب والاحتراق من أجل الانسان مادامت المعاناة مصدر الابداع عند أي فنان والشاعر برايي أكبر فنان وأكثرهم احتياجا للمعاناة كي يتوهج فالألم يتعب الكاتب لكن يمنحه طاقة غريبة من أجل التحليق في سماء الابداع والخلق لان الكتابة تفريغ لشحنة عاطفية ذات طبيعة مؤلمة
لقد دأب أدونيس على مفاجأة المتلقي بإقامة ارتباط غير منتظر بين الكلمات التي يبني بها عباراته وجمله، كما أن الكلمة لديه هي غيرها في معجم العادة، لقد تغيرت دلالاتها، وتغير الإطار والتركيب اللذان تندمج فيهما وللوقوف على ذلك نأخذ مثالا من شعر أدونيس من خلال المقطع التالي:
ونَادِرُ الأسْود
كانَ الصَّدى وكانَ
يجلس بين القمر الجائع والبستان
يكتشف الظل، يغطي جوعَه وكانَ
كالدهر فلاحا من الفُرات
يخيط جرحَ الماء
يمشي وتمشي خلفه السَّماء
هكذا تبدو الصلة بين مفردات لا صلة بينها في السياق كالصدى، والقمر الجائع والدهر والفلاح وجرح الماء والسماء، والظل.. وتبدو تبعا لذلك ثورة أدونيس على المنطق العادي لمفهوم الكلمات في هذا السياق، لتدل على أشياء غير موجودة في واقع الأمر على الإطلاق

لقد نقل أدونيس اللغة من وظيفتها في التوصيل والإفهام إلى وظيفة تركيبية خارج حدود المجاز كثيرون أولئك الذين حاربوا أدونيس وانتقدوه لكنه استطاع الخروج من النزعات القومية الضيقة فأحب الإنسان وآمن بحقوقه في هذه الحياة كاملة غير منقوصة، وغنى للإنسان الحر مطالباً إياه بالسير في فضاءات الحداثة والتحديث وخاصة في الأدب والشعر. والحداثة الشعرية لدى أدونيس هي رؤيا عصرية تكتنفها الحيرة والتساؤل ثم التمرد والتوتر والصراع بين الجمود والثبات، بين التحول والتغيير، وهي بالإضافة إلى هذا وذاك انعطافة نحو الذات بالدرجة الأولى، ولكنها الذات المتجردة من ذاكرتها الماضوية

قاسم حداد ومع أني لم اقرا له وعنه الكثير الا ان القليل الذي وقفت عليه يوضح بجلاء أنه قامة عالية، متمردة رافضة للقيود .كاسرة للمألوف والمعتاد سواء في الحياة او في الشعر شخصية كبيرة عميقة متشعبة
تحتاج إلى وقفة طويلة ومتأنية ونفس يساعدك على دخول عالمه الواسع. الواعي في الفن و التحريض على التجريب في الحياة بحثاً عن آفاق وأوضاع جديدة طازجة تحرر الإنسانية من جمودها تحت نعال المستبدين
نصوصه تنساب دفقة شعور واحدة تترجم دواخله بلغة ارادها ايقاعية تهز الدواخل بما تحمل من موسيقى وهم انساني وجودي لغة عتيقة عريقة تترجم الدواخل بصدق وترسم ملامح الانسان =يقول قاسم حداد

الظلام يقف هناك
وأنت تتعثر بحجر ناشز
في رصيف خباز ينعي تنوراً موحشاً
كيف يمكن احتمال خباز يرثي تنوره

في شتاءٍ حزين لفرط الطحين الغائب؟
بين أن تختبر الجوع بأمعائك
وخمسين كتاباً عن القمح
مسافة من التجربة التي تذيب الجلاميد
موغل في جحيم الطريق
فيما الدروب مكتظة بالأجساد المعروقة
و الأرواح الشريدة
فلا تدع شعور الوحشة ينالك
وهو أيضا من المتمردين على الأشكال التقليدية الموروثة ... ليس مهماً عنده أن يتقصد القصائد، أن يسكب شعوره في عبوات جماهيرية تباع على الأرصفة أو تدر عليه مدخولا . إنما هو فنان تنفجر فيه اللغة إلى شظايا شعورية سرعان ما تنصهر في حرارة قلبه، حتى إذا فاض بها انسكبت على الورقة صانعة شكلها الموسيقي الذي يجيء شكلاً لحركة الشعور في لحظة المخاض....وأنا أقرأه أشعر بانه قادم من أفق شعري أصيل الا انه مزدوج الماهية بين الاصالة والمعاصرة ...ويبقى الاحساس بالإنسان والنضال من أجل تحرره والنهوض به نقطة تقاطع تجمع كل الشعراء المؤرقين بهموم هذه الأمة


ماذا تعني لك هذه الأسماء
ربيع عقب الباب . أحمد بوزفور .أحمد مطر .نزار قباني .تشي جيفارا


ربيع عقب الباب : الإنسان قبل الأديب أحييه من هذا المنبر على سعة صدره وتوجيهه وإرشاده فهو أديب كبير . لم يأخذ حقه كما يجب في الساحة الأدبية . له من الروايات والقصص والقصيدة وأدب الطفل الكثير الذي يخوله حق اهتمام الجهات المسؤولة به =لكنه كان مدرسا ، والمدرس بعالمنا العربي آخر اهتمامات هذه الجهات!
ربيع عقب الباب أعاد مالكة إلى الكتابة ، والكتابة لمالكة حين وهنت أصابعي وسقط القلم مهما شكرته لن أفيه حقه

أحمد بوزفور :ما قلته عن ربيع عقب الباب ، أعيده بشان الكبير بوزفور أعطى الكثير لوطنه و للاجيال الصاعدة ، لكنه لم يحظ باهتمام كاف ، يفيه حق تعبه وارقه وكتاباته التي تسعى إلى النهوض بالإنسان ...أحمد بوزفور انتبه باكرا إلى أن الإنسان هو الثروة الحقيقية للشعوب ...سبق جيله وعصره بأرق وقلق ووعي

أحمد مطر : رسالة أدبية سامية لم نقراها بعد . تحتاج زمنا أكبر من الزمن .كي نفهم رموزها وأبعادها .وما تحمل من مضامين متنوعة ومختلفة .في كل جوانب الحياة . وما تنفتح عليه من ثقافات وقيم وأخلاق ، تكاد تندثر من مجتمعاتنا .
نزار قباني : هو عشقي الأبدي ، عشقي الكبير للإنسان ...للشعر ...للحرية كسر المعتاد والمألوف ، والتمرد على العادات والتقاليد والجمود..نزار قباني علم أجيالا وأجيالا : كيف يحب الإنسان ، كيف يغضب ويثور ، دون أن يفقد إنسانيته وحبه للحياة والجمال والتراب ..

تشي جيفارا: صوت الحرية ، صرخة المعذبين في الأرض ...الرافضين للقهر مهما كانت الدوافع أو المغريات والمكتسبات . تشي جيفارا ، مثال الإنسان الذي تنشده الشعوب القادمة قبل الماضية والحاضرة .


بطاقة الشاعرة:
الاسم الكامل :مالكة حبرشيد
تاريخ ومكان الازدياد. :5 شتنبر بخنيفرة في سنة غير قابلة للتثبيت
الدراسات :
باكالوريا
دبلوم أساتذة لغة عربية
دراسات في التربية وعلم نفس الطفل
الأعمال والإصدارات :
باكورة أعمالي زهرة النار
بعده ديوان مشترك مع الروائي =ربيع عقب الباب بعنوان =بين هدي البحر ولهاث الغاب
تحت الطبع :

مجموعة قصصية تحت عنوان:سيف النهار
وأكثر من ديوان شعري أذكر منها :بين القصيدة وحزن الناي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى