الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة يناير الشعبية فى مصر ناجحة أم فاشلة؟

خليل كلفت

2015 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ثورة يناير الشعبية فى مصر
ناجحة أم فاشلة؟
بقلم: خليل كلفت
هناك آراء متضاربة. ويتنوع القائلون بنجاح الثورة، ويتنوع القائلون بفشلها، ويتنوع أولئك الذين يمكن أن نستنتج من مواقفهم ومشاعرهم المعلنة أنها فشلت بينما يؤكدون أنها لم تنجح فقط بل ما زالت مستمرة إلى أن تحقق أهدافها المعلنة والضمنية، وهناك قلة، منها كاتب هذه السطور، تعتقد أن الثورة المصرية (وربما ثورة تونس) نجحت وحققت نصرا مبينا على العكس من ثورات سوريا وليبيا واليمن.
ويرى الحكم الجديد وكُتَّابه أن الثورة نجحت وانتصرت. لماذا؟ لأنهم نجحوا فى استعادة السيطرة الطبقية وسلطة الدولة، ولم تفلح الثورة فى إسقاط النظام. ويرجع اعتقادهم أن الثورة ناجحة، بل أنها مستمرة، وتحقق أهدافها وأكثر من أهدافها بالتدريج، إلى إدراكهم أن هذا الرأى ضرورى لاستمرار نجاح الدولة بعد أن نجحت بالفعل فى استعادة سيطرتها. ولا يكتفى الحكم الجديد بتأكيد أن الثورة انتصرت، بل يؤكد أن الثورة ثورته، وأنه يمثلها باعتباره قيادة الثورة؛ بفضل الدور الذى لعبته الدولة بقيادة الجيش فى نجاح التصفية التدريجية للثورة الشعبية، وفى وضع حدٍّ لمشروع الدولة الإسلامية.
وهناك بالطبع مَنْ يعتقدون أنهم يشترون رِضَى الحكم الجديد عن طريق الهجوم المتواصل على الثورة الشعبية. وهناك بالأخص ذلك الهجوم الأكثر شراسة على الثورة، والذى يأتى من جانب أولئك الذين يُعرفون بالفلول والذين يخدمون سيِّديْن بحكم ازدواج ولائهم: للحكم الجديد من ناحية ولعصابة مبارك من ناحية أخرى، إذا ميَّزنا بينهما تمييزا دقيقا؛ بعيدا عن تطابُق تام مفترض.
وبين أولئك الذين يستشعرون نجاح الثورة مَنْ تؤكد لهم أبسط مقارنة عفوية لثورة يناير بكوارث ثورات سوريا وليبيا واليمن، فمهما استمرت وتفاقمت الأزمة الاقتصادية والمجتمعية يكون الأهم هو تأمين بقاء الشعب.
ويتنوع القائلون بأن الثورة فشلت. وينبع هذا الحكم من واقع أن الثورة لم تحقق لهم لا العيش ولا العدالة الاجتماعية ولا الكرامة الإنسانية؛ وإنْ كانت قد حققت حرية "منتزعة" ينبغى أن يدركوا ضرورة العمل على تطويرها والبناء عليها بدلا من إنكار ما انتزعته الثورة الشعبية بنفسها وليس بفضل غيرها من حرية من بين أنياب نظام مبارك.
وهناك أولئك الذين يتخذون موقفا متناقضا إذ يشعرون بأن الثورة فشلت بدليل كل هذا الإحباط الذى أصاب مُشعلى شرارة الثورة، ويؤكدون فى الوقت نفسه ما مؤداه أن الثورة نجحت لأنها مستمرة إلى أن تحقق أهدافها. ويمكن استنتاج أن تأكيد الثوار الشباب، الذين كانوا شرارة الثورة والذين استمروا بقيادتها سنوات، أن الثورة مستمرة ليس سوى تعويذة سحرية ضد إحباطهم اليائس الذى كان يمكن أن يُبدِّده أىّ تصور حقيقى عن نجاح الثورة.
ويبقى الموقف القائل بأن ثورة يناير فى مصر نجحت وانتصرت بالتأكيد ولم تفشل.
وينطلق هذا الموقف من فكرة أن حساب نجاح أو فشل ثورة شعبية وثيق الارتباط بالمعايير التى نقيس بها النجاح والفشل. وطبيعة الثورة هى التى تفرض المعايير الصحيحة للحكم على نجاحاتها وإخفاقاتها.
وقد أخطأ المثقفون الثوريون وشباب الثورة فى آن معًا عندما طبَّقوا معايير ما يسمى فى الفكر الثورى ﺑ-;-"الثورة الاجتماعية" على ثوراتنا الشعبية.
ولا ينطبق مفهوم ما يسمَّى ﺑ-;-"الثورة الاجتماعية" على الثورة الشعبية رغم قوى الطبقات الاجتماعية للثورة الشعبية وأهدافها ورغم مطالبها الاجتماعية. ذلك أن "الثورة الاجتماعية" شيء والثورة الشعبية شيء آخر. وتتمثل وظيفة ما يسمَّى ﺑ-;-"الثورة الاجتماعية" فى تغيير المجتمع، ونمط الإنتاج الاجتماعى، وبناء المجتمع الجديد المختلف كيفيا عن المجتمع السابق؛ أما الثورة الشعبية فإنها ثورة احتجاجية ضد الظلم لتحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية للشعب.
وأنا أسمِّى "الثورة الاجتماعية" تحوُّلا اجتماعيا مثل الانتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية، وهو على كل حال مصطلح أساسى فى الفكر الثورى النظرى، ولا ينبغى أن نطلق اسم الثورة على ظاهرتين اجتماعيتين مختلفتين تماما: ظاهرة التحول الاجتماعى-السياسى وظاهرة الثورة الشعبية.
غير أن مشكلة الثورة الشعبية تتمثل فى أنها، باستثناءات تُؤكِّد القاعدة، منحة ومحنة لأنها مغامرة كبرى قد تُقدِّم منحة ضئيلة أو مهمة غير أن محنتها تتمثل فى إغراق الشعب فى الدم، وهذا ما حدث فى كل الثورات الشعبية طوال التاريخ، وهو مرجع لا ينبغى إغفاله.
وبالمقارنة مع المنحة المعدومة فى الثورات التى تحولت إلى حروب أهلية مدمرة ما تزال الشعوب المعنية تعانى ويلاتها، حققت ثورة يناير فى مصر إنجازات كبرى: تفادى حرب أهلية مدمرة، والتخلص من عصابة مبارك بعد أن أوشكت على دفن الشعب حيًّا، وإسقاط مشروع الدولة الإسلامية، والخطوة الكبرى التى قطعتها المرأة على طريق تحرُّرها، والتسييس الواسع النطاق للشعب.
وما تزال تُحيط بالشعب الذى قام بثورة يناير مخاطر حقيقية: فالحرب الأهلية الإخوانية-السلفية ما تزال دائرة، والأزمة الاقتصادية تتفاقم، ويدفع هاجس الديكتاتورية العسكرية بكثير من شباب الثورة إلى أن يصيروا رغم أنفهم ركيزة لمشروع الإخوان المسلمين والسلفيين.
ولم تكن ثورة يناير ثورة استقلالية بصورة مباشرة ولهذا فلا مجال للحديث عن فشلها فى تحقيق التحرُّر من التبعية الاستعمارية مع أنه الهدف الكبير الضمنى لثورة بلد ينتمى إلى العالم الثالث.
9 فبراير 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ