الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعلام الإرهاب يشكل خطرا على مصر

منعم زيدان صويص

2015 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ما يحصل في المنطقة هو أسوأ ما يمكن للعقل أن يستوعبه، فالتدهور مستمر في سوريا والعراق وليبيا واليمن، وما اصطلحنا على تسميته تطرف، وهي كلمة لا تفي بالغرض ولا تعطي المعنى المقصود، يضرب منطقتنا العربية وأفغانستان وباكستان ودول الصحراء الكبرى الإفريقية ويبعث على الخوف وانقطاع الأمل. كنا نعتقد أن داعش وجبهة النصرة و أنصار الشريعة وبوكو حرام يمكن القضاء عليها خلال أسابع، ولكننا اكتشفنا أن هذه المنظمات ليست بالبسيطة، لا من ناحية الفكر الإرهابي الذي يستدرج الشباب ويحولهم إلى شياطين وأبناء للجن ينفذون أوامر المسئولين عنهم بحذافيرها، لا بل يزيدون عليهم في الانحراف والتفنن في الإجرام، ولا من ناحية الدعم الذي لا يتوقف والذي يصلها من مؤيدين ودول متنفذة تتبناها، في المنطقة وخارجها، وتجد لها الوسائل للحصول على المال والسلاح.

هل يمكن أن تتدهور الأمور أكثر مما تدهورت؟ هل يمكن أن تصبح هذه الكوارث أكثر إيلاما وأبعد مدى؟ الشيء الذي يقلق المرء ويهزه من رأسه إلى أخمص قدميه هو احتمال أن ينتشر عدم الاستقرار في مصر وتسقط هذه البلاد العظيمة في مستنقع كمستنقعات سوريا والعراق وليبيا واليمن، ويتم تدمير ثقافتها وتراثها العظيم، وعندها سيختفي كل أمل، وستُترك المنطقة للخراب والموت لأجيال قادمة. مصر تواجه موقفا صعبا، ويظهر أنها ستبدأ حربا على داعش ليبيا بعد الحرب المشتعلة بينها وبين داعش سيناء. مصر تحتاج لدعم قوى التقدم والحياة، والأحداث تشير إلى أن القيادة المصرية الحالية تريد أن تجعل التاريخ يعيد نفسه. في عام 1955 خرج جمال عبد الناصر عن طوع الولايات المتحدة وحلفائها، المؤيدين لإسرائيل، وكسر احتكار السلاح، كما كان يقال في ذلك الزمان، وعقد صفقة الأسلحة التشيكية مع الإتحاد السوفيتي. أما الآن فعبد الفتاح السيسي يتقرب من، ويخطب ود، الزعيم الروسي فلاديمير بوتن الذي يبحث عن موطئ قدم آخر لروسيا في المنطقة بالإضافة إلى سوريا. هل يستطيع كل منهما أن يُسعف الآخر، رغم العقوبات الاقتصادية الغربية التي أنهكت الروس؟

منذ أن تدخل الجيش المصري لإعادة الاستقرار إلى البلاد، قررت إحدى القنوات الفضائية العربية أن تناصبه العداء، وكشفت عن تحيزها المطلق الحاقد على النظام المصري الجديد، رافعة الشعارات الكاذبة عن حرية التعبير وحقوق الإنسان، وخصصت كل برامجها لمحاربة السيسي وحكومته وتحريض المتطرفين على مصر بأسلوب شيطاني خبيث، وأصبحت هذه القناة تذكرنا بالحملات الإذاعية بين الدول العربية في الخمسينات والستينات عندما انقسم العرب إلى قسمين: قسم مع المعسكر الغربي وقسم مع المعسكر الشرقي، كما كانت دول الغرب العظمى من جهة والإتحاد السوفييتي من الجهة الأخرى يسمّيان في زمن الحرب الباردة التي انتهت بانهيار الأخير في نهاية الثمانينات. وصممت هذه القناة على التشهير بمصر واستهداف استقرارها، بنفس الطريقة التي حاربت بها سوريا والعراق وليبيا واليمن، منذ أعلنت المملكة العربية السعودية تأييدها للنظام المصري ووضعت الحزب الذي تدافع عنه هذه القناة على قائمة الإرهاب وأجبرت بعض دول الخليج على طرد زعماء هذا الحزب خارج بلدانها.

وفي هذا المقال سأستشهد فقط بمثال واحد، من مئات الأمثلة، على تشهير هذه القناة بمصر، وهو المتعلق بإقدام داعش ليبيا على ذبح 21 عاملا مصريا، والغارات الجوية المصرية التي تلت ذلك. فمع بدء الغارات لم تترك القناة أية فرصة لمهاجمة النظام المصري الحالي إلا واستغلتها بطريقة رخيصة جدا. فمعظم نشراتها الإخبارية منذ 16 شباط فبراير كانت هجمات إعلامية منظمة، شككت في الإعدامات البربرية ولامت مصر. أحد تقارير القناة قال إن "سبعة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال وامرأتان قتلوا في الغارات وجرح 17 جميعهم مدنيون،" وأضافت، بطريقة استهزائية، أن الجيش المصري قال انه "وجه ضربة جوية لتنظيم الدولة، تشمل معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر،" وادّعت "أن القصف أصاب أحياء بالمدينة وتسبب بانهيار عدد من المنازل." ولم نسمع هذه الأخبار من أي مصدر إعلامي آخر، فقتل المدنيين، إذا كان قد حصل فعلا، في هجوم كهذا وتحت هذه الظروف، أمر وارد، لأن المجرمين الذين نفذوا العملية التي يندى لها جبين الإنسانية غالبا ما يندسون بين الأطفال والنساء، بعد أن ينفذوا جرائمهم.

لقد دأبت القناة على استغلال قتل أطفال أو نساء في أي عملية لا تعجبها بقصد الإثارة واللعب على عواطف المشاهدين، وذلك لتحويل الانتباه عن الهدف الحقيقي للغارات. وقالت القناة إن الضربة الجوية "أثارت الكثير من الجدل وفتحت الباب لتساؤلات عدة تتعلق بمصير أكثر من مليون مصري في ليبيا، بالإضافة إلى مدى قدرة الجيش المصري على تحديد أهداف لتنظيم الدولة بدلا من القصف العشوائي الذي لا يجني إلا مزيدا من الضحايا."

واستهزأت تقارير القناة بالسيسي لأنه "طالب بحشد دولي لمواجهة ما يسمى بالإرهاب في ليبيا." وبالمناسبة فان القناة لا تعترف بأن هناك شيء اسمه إرهاب، ولا تعتبر أتباع داعش أو أنصار الشريعة إرهابيين فالقناة تحترم داعش، التي عبرت عن استيائها من هذا الاسم، لدرجة أنها لا تتلفظ بهذه الكلمة ولا تدعوه إلا تنظيم "الدولة." وفي محاولة لتبييض صفحة الإرهابيين، قالت أن "مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها أعلن أنه سيوفر الحماية للرعايا المصريين العاملين في المدينة وسيضمن عدم التعرض لهم." واستمرت التقارير مستشهدة ببيان أستغرق عدة دقائق قرأه رئيس حكومة الإنقاذ الوطني في ليبيا عمر الحاسي، الذي لا تعترف به أية دوله في العالم سوى هذه القناة ومن يملكونها، وقال إن الهجوم المصري استهدف المدنيين ووصفه بالغاشم واعتبره خرقا للسيادة الليبية والقانون الدولي، و"محاولة يائسة من النظام المصري لتصدير أزمته إلى الخارج." وشكك الحاسي في صحة الشريط الذي يُظهر إعدام المصريين. وبعد ذلك عرضت القناة شريطا يظهر محتجين مصريين يقولون إن أقاربهم "مخطوفون" في ليبيا ومعتقلون في"معسكر خليفة حفتر."

ولأن هذه القناة في نظر العالم مرتبطة بالإرهاب، فقد تأسست إلى جانبها قناة أخرى باللغة الإنجليزية، واستقطبت أشهر المذيعين في العالم - فكل له ثمنه - وهذه القناة الإنجليزية لا تذيع أبدا مثل هذه التقارير لأنها تعرف أنها أخبار متحيزة ستشوه صورتها في العالم المتحضر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخطر من الاعداء
عمور ( 2015 / 2 / 22 - 19:29 )
كان على مصر ان تعي ان استهداف سوريا من قبل عملاء السي اي اي وخاصة دويلة قطر وقناتها هو استهداف لها اولا للاسف الشديد ان الدولة المصرية لحد الان مازالت تؤي العديد من عملاء اميركا ممن يدعون انهم معارضون للنظام السوري .ولكن اعتقد ان القيادة المصرية الجديدة بدات تعي دورها الحقيقي الان بمحاولة مد جسور التعاون مع روسيا العظيمة وبمحاربة الارهاب في ليبيا و سيناء

اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE