الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطر القومية العربية على سورية -2من2 نظرية قومية لسورية تطابق الوطنية السورية

فراس سعد

2005 / 9 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


خطر القومية العربية على وحدة المجتمع السوري
في الجزء الأول من هذا المقال تحدثنا عن القومية و القومية العربية عموماً, فماذا عن القومية العربية في سورية, ماذا فعلت القومية العربية بالمجتمع السوري ؟!
مشكلة القومية العربية في سورية أنها أخذت إحدى النظريات القومية الأوروبية التي تعتمد على القومية- اللغة أساساً (نظرية القومية الألمانية) و تبنّتها دون أن تلقي بالاً إلى باقي النظريات القومية الأوروبية التي تعتمد القومية التاريخ أو الأمة-التاريخ أو التاريخ المشترك عيشاً و علاقات وعادات...( نظرية القومية الفرنسية مثلاً), أدى تطبيق النظرية الألمانية التي تقوم على عقيدة الأمة –اللغة في سورية إلى اعتبار كل من لا يتحدث العربية أو ليست هي لغته الأم ليس عربياً أي مواطنا من الدرجة الثانية أو الثالثة, كما أصبح هؤلاء خارج نطاق القومية العربية و الوطنية السورية في حال توفر الشعور الوطني السوري منفصلاً عن الشعور القومي العربي للسوريين و للنظام الحزبي السوري الذي كان دائما نظاما قوميا عربيا أياً كان الحزب أو التيار الحاكم, من هنا كان السوريون الواقعون تحت وهج القومية العربية ينظرون للأكراد و الآشوريين و السريان و التركمان و سواهم من السوريين غير الناطقين بالعربية كلغة أم, كغرباء أو رعايا يعيشون على أرض عربية, و هذا ما جعل وطنية هؤلاء غير الناطقين بالعربية منقوصة برأي السوريين الناطقين بالعربية, الأمر الذي كان يعني مزيدا من التصعيد الدعائي ألأعلامي الحزبي القومي العربي الذي دفع تلك الأقليات السورية غير الناطقة بالعربية إلى طريقين متناقضين أو مفترقين, الأول بحث الأكراد السوريين فيه عن قومية خاصة بهم تميزهم عن الناطقين بالعربية في سورية تكون حامية لوجودهم اللغوي فيما يشبه كانتون ثقافي نفسي تحوّل للأسف إلى كانتون اجتماعي سياسي لاحقاً دون أن ننسى أن " ولادة الفكرة القومية الكردية عموماً كانت بسبب الترويج لفكرة الدولة القومية أثناء الحرب العالمية الأولى و بسبب ولادة الحركة القومية التركية إضافة لحركة القومية العربية التي نادت ببعث إمبراطورية عربية إسلامية جديدة " ( راجع الجزء الخامس من بحث بعنوان الأكراد تحت الانتداب الفرنسي بقلم خالد عيسى ). الطريق الثاني كان عبر البحث عن نظرية أخرى تصعّد الهوية السورية الوطنية باتجاه اعتبار العرب جزءا من الهوية السورية لا تكتمل إلا مع باقي الأجزاء و الجماعات المكونة لسورية تاريخياً و التي هي أساساً أكثر قدماً و سوريةً من القادمين العرب الذين استولوا على المجال الثقافي اللغوي الديني السياسي لسورية تباعاً و على مدى أكثر من ألف أو ألفي سنة ( مع الأخذ بعين الاعتبار الهجرات العربية المتلاحقة من الحجاز إلى سورية قبل الدعوة الإسلامية و بعدها). من هنا كانت الفكرة والعقيدة القومية العربية مضادة و مهشّمة للوطنية تركمان.بل منتقصة منها بدليل أن العقل القومي العربي لقوميي سورية العرب لم يستوعب كل السوريين و كان يرى في الأكراد و المجموعات اللغوية الثقافية السورية غير العربية أجانب أو أغراب على خلاف ما يراه بالنسبة للمصريين أو المغاربة الذين لا يشاركوه بالوطنية السورية لكنه كان يجدهم اقرب من أبناء وطنه سورية الذين يعيش معهم داخل حدود واحدة و يخضعوا لقوانين و دستور واحد و لهم مصير مشترك, بهذا يكون الشعور القومي العربي ناف للشعور الوطني السوري بالأخص ناف للتفاعل الاجتماعي النفسي الإنساني بين السوريين, فلماذا يفضل كثير من السوريين الزواج من سعوديات و فلسطينيات وجزائريات على أن يتزوجوا من كرديات سوريات ؟ و هذا ينطبق على زواج السوريات من عرب على زواجهن من أكراد سوريين أو تركمان...
إن القومية العربية ساهمت إلى حد بعيد في تغييب و عدم نضج الوطنية السورية, هذه التي بقيت شعورا مرتبطا بالأعمال العسكرية المرتبطة بالصراع السوري الإسرائيلي, و لم ترتق لتصبح حالة مدنية اجتماعية قائمة على التفاعل الايجابي الشامل لكل المستويات بين السوريين جميعا, لكن ما نخشاه هو استمرار العقل القومي العربي و محازبيه في تنفيذ سايكس بيكو جديد أكثر شناعة و خطراً على وحدة البلاد و العباد, و لنا في أحداث المناطق الشرقية و الجزيرة الأخيرة أكثر من دليل.

نظرية قومية لسورية تطابق الوطنية السورية:
كل دعوة فوق وطنية أو تحت وطنية تؤدي إلى إضعاف الوطن وشرذمته. لا بد من الوصول إلى قومية تطابق الوطنية بحيث يتطابق الشعور القومي للمواطن السوري مع شعوره الوطني فتكون القومية والوطنية مترادفتان للمعنى والشعور ذاته.. القومية في النهاية شعور بالانتماء إلى قوم أو مجموعة, الواجب الوطني والأخلاقي يحتم على السوري من باب الولاء والوفاء للوطن بأن يكون شعوره القومي هو شعور الولاء والوفاء لسورية فقط دون سواها وليس الولاء إلى أي دولة ووطن آخر ولا طائفة ولا....
أزمة الفكر القومي في البلاد العربية ( سواء كان قومي عربي أم قومي سوري ) على خلاف الفكر القومي في أوروبا تكمن في مشكلة عدم تطابق الفكر القومي في البلاد العربية مع الوطنيات العربية أو مع حدود الدول العربية وعدم تطابق الهوية القومية مع الهوية الوطنية بالمعنى القانوني الدستوري.
على خلاف الفكر القومي في أوروبا فالقومية الفرنسية لا تختلف ولا تتجاوز الوطنية الفرنسية إنها تتطابق معها فإذا قلت فرنسا فهذا يعني الفرنسيين كقوم كأمة وهذا يعني فرنسا الوطن, على خلاف إذا ما قلت سورية فسورية في الفكر القومي العربي هي بلد عربي جزء من الأمة العربية وهذا خلاف سورية الوطن بحدوده ودولته, هنا يكمن الخلل – خلل تاريخي مفاهيمي نفسي أدى إلى خلل سياسي كان السبب في تخلف الفكر السياسي السوري طوال نصف قرن وأدى إلى جميع أنواع التخلف الاجتماعي الاقتصادي الفكري بحلول حزب يحمل هذا الفكر الذي عمّمه على كل شيء في سورية, فصار الطابع العام لسورية والسوريين طابع قومي عربي عطّل أي شعور بالانتماء السوري وبالتالي عطّل تكوّن الهوية السورية والمواطنية, فالمواطنية السورية لا يمكن بحال من الأحوال أن تقوم على شعور بالانتماء إلى الوطن العربي وخدمته وبذل الذات في سبيل هذا الوطن – الوطن العربي مفهوم افتراضي ليس له أي وجود حقيقي لا دستوري لا قانوني لا سياسي لا اقتصادي لا اجتماعي حتى لا ثقافي ولا إعلامي - و لو افترضنا أنه وجد حقاً فالمواطنية السورية لا تكون إلا خضوعاً للدستور والقوانين السورية وممارسة للحقوق والحريات التي يكفلها القانون وانتماءً لسورية يقوم على المحبة والخدمة واحترام المواطنين والقوانين وطلباً للعيش الكريم والعدالة والكرامة والرقي 0
إذاً لا وطنية و لا مواطنية سورية طالما أن العقل القومي العربي فوق السوري مازال مهيمنا على تفكير و سلوك وقرارات الحكم و النخبة السورية العليا, إني اتهم هذا العقل بتحطيم الوطنية و المواطنية السورية باتجاه تحطيم المجتمع و تقسيم سورية إلى كانتونات قومية عرقية لغوية.
إن قومية سورية لسورية تتطابق مع الوطنية والمواطنية السورية هي الكفيلة بإنقاذ الشعب السوري و حماية الوطن السوري من التقسيم, إن هكذا قومية كفيلة بمنح السوريين داخل هذه الحدود المصنوعة في سايكس بيكو وهو اتفاق أدى إلى واقع تجزيئي من الناحية السياسية الحقوقية لكنه من ناحية أخرى منح المجموعات اللغوية والطوائف داخل الكيان السوري- الجمهورية العربية السوري- الفرصة الأولى منذ ألف عام لأن تتفاعل و تختلف وتتفق وتتعايش وتعيش كشركاء في الحياة والمجتمع والمصير الواحد خروجاً على المذاهب و الطوائف والانتماءات الثقافية اللغوية المتعددة و المختلفة بهذا القدر أو ذاك, وطنية تضمنها مواطنية راقية تعني العدالة و الكفاية والكرامة.
ملاحظة: قدمت هذه الورقة إلى منتدى الحوار الثقافي في اللاذقية قبل القبض على أعضائه و من ثم إغلاقه لاحقاً في آب 2005و قد تم توسيع الورقة وإضافة بعض الأفكار والعناوين إليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي