الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيكولوجية الاعتقاد(2)..دور الوعى

يوسف شوقى مجدى

2015 / 2 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لقد تحدثنا فى المقال السابق عن دور اللاوعى فى الاعتقاد و قولنا ان اللاوعى هو جزء من الذاكرة يُخزن فيه الاحداث التى تحدث لنا و نحن فى حالة لاوعى (اى بدون ارادتنا) و لا تكون الاشياء التى تُخزن على شكل معلومات و لكن كمشاعر و تنعكس هذة المشاعر انعكاسا مباشرا على الاعتقاد بالله .. و السؤال هنا ماذا عن الجزء الواعى فى ذاكرتنا الذى يسمى الوعى ؟!.. هل تؤثر المعلومات التى نتلقاها و نحن صغار على معتقداتنا ؟!.. صدقوا قديما عندما قالوا ان التعليم فى الصغر مثل النقش على الحجر و مما لا شك فيه ان ذلك المَثل الرائع لم يكن مُجرد مثلا قديما من الممكن التشكيك فيه علميا و لكن هو مثلا يَكمن ورائه علما كبيرا و هذا كامثال كثيرة مثل "الطيور على أشكالها تقع" .. فالمعلومات التى يتقاها الانسان و هو صغيرتظل عالقة فى ذهنه علي شكل صور و من المعروف ان الصور بشكل عام لديها تأثير اكبر من اى وسيلة اخرى لمعرفة شىء معين فمثلا عندما يُعلم الوالدان ابنهم القصة الشهيرة ان أعضائنا ستعترف علينا امام الله بعد الموت بالسيئات التى فعلناها بواسطتها ، فالطفل عندما يسمع تلك القصة يبدأ ان يتخيل يديه على سبيل المثال تتكلم و تعترف عليه و تظل تلك الصورة فى عقله حتى عندما يكبر و من الممكن ان تأتيه تلك الصورة أثناء نومه فى احلامه !.. و لو طبقنا ذلك الكلام على القضية السابقة التى تحدثنا عنها فى المقال السابق و هى قضية وجود الله ، سنرى ان المعارف التى نتلقاها فى طفولتنا تنعكس على اعتقادنا بالله و لكن هذة المرة لن يكون اعتقادنا فى اطار سؤال "هل الله موجود ام لا؟" كالمرة السابقة و لكن فى اطار "من هو الله؟"..و سنتكلم عن ثلاثة حالات او بيئات يعيش فيها اى طفل يؤثروا على اعتقاده عندما يبلغ ، البيئة الاولى هى بيئة تؤمن بما يسمى بالدين الشعبى ، الاعتقاد الشعبى بالله ، الله بالنسبة الى المنظور الشعبى .. فتتلخص صورة الله لدى الناس الذين ينتمون الي هذة البيئة في تلك العبارات البسيطة المتداولة عند الناس "ربنا يسهل" ، "انشاء الله" ، "ساعة لقلبك و ساعة لربك" ..وهكذا و اعتقد ان معظم الذين ينتمون لتلك الثقافة هم من طبقة العمال و الفلاحين ..طبعا مع بعض التحفظ ، فهذة الطبقة لا تفكر بشيء الا العمل لكسب القوت و العيش فهم لن ينشغلوا بالتعمق فى الدين لانه لديهم ما يشغلهم و فى نفس الوقت لن يتركوا الله او يلحدوا ، فهم يحتاجون القوة العليا لانها من وجهة نظرهم تُسهل امورهم و تيسرها و تجعلهم مطمئنين و مرتاحين و تزيل عنهم الخوف من المستقبل و لقد شرحنا ذلك بالتفصيل فى مقالنا "الخوف والاعتقاد بالقوة العليا" و يُورِث هؤلاء اعتقادهم البسيط بالله لأولادهم الذين فى الغالب سيعملون فى نفس مجال اهلهم فيظل الانسان الذى علمه اهله الاعتقاد البسيط ، يعيش و يعمل حتى يتزوج و يأتى بأطفال و يعلمهم نفس الكلام و لكن قبل ان يتزوج او حتى بعد من الممكن ان يتعرض ذلك الانسان لخطر التطرف الفكرى بسبب دعاة التطرف و هم ما أكثرهم فى مجتمعنا ! و حينها سشعر ذلك الانسان بالذنب بسبب الايام التى قضاها فى الكفر! و سيود ان يكفر عن اعماله و يرضى الله و هذا سيتجه به الى الاعمال الاجرامية و الارهابية . و البيئتان او الحالتان التى سأتكلم عنهم هما مقابلان لبعضهما فالبيئة الاولى تتجه للانغلاق و التطرف و التعصب و البيئة الثانية تتجه للانفتاح و التنوير و فى الحقيقة البيئتان هم نتيجة لشىء واحد و هو التعمق فى الدين و فى فهم الكتب المقدسة .. فينشأ نتيجة فهم حقيقة الدين تياران ..الاول ، هو قبول الشكل المتطرف للدين و الايمان به و الثانى هو رفض ذلك الشكل و يتجه بعد ذلك للتنوير و الانفتاح .. التيار الاول يورث الاهل افكارهم المتطرفة للابناء و يعيش الابن فى المجتمع بتلك الافكار و لو كان ذلك الابن من ذوى العقول المُتسائلة و الناقدة .. فذلك سيجعله يتسائل عن الدين و أكتشاف المتناقضات و لاثيما لو تعرف على العلم ليكتشف كم يتعارض الدين مع العلم و هذا سيجعله يدخل فى صراع بين عقله و بين موروثه لينجح الواحد بقمع الاخر و ينتصر فى النهاية ، التيار الثانى وهو المتفتح سيورث اولاده نفس افكاره التنويرية المُتحررة و لن أخوض فى وصف اكثر لذلك التيار لكى لا أبعد عن الواقع و أقع فى خطا الخيال و المثالية فمجتمعاتنا تقريبا خالية تماما من ذلك النموذج حتى الان ، لعل الاجيال الجديدة (و الذى واحد منها) تُنشأ أسر و تعطى لأولادها النور فكما يقول الشاعر العظيم أمل دنقل .." ربما ننفق كل العمر كي نثقب ثغرة..ليمر النور للأجيال مرة "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح