الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق اليسار - العدد 69

تجمع اليسار الماركسي في سورية

2015 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية




جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي في سورية / تيم /
* العدد 69 ـ شباط / فبراير 2015 - [email protected] E-M: *


* الافتتاحية *
البيت الأبيض والكرملين

مع انهيار الاتحاد السوفياتي في الأسبوع الأخير من عام1991وصل المدى الجغرافي الروسي إلى حدود غير مسبوقة منذ اعلان الدولة القيصرية الروسية عام1547من حيث التقلص الجغرافي.
كان يلتسين حتى تسليمه السلطة لبوتين في اليوم الأخير من عام1999مستسلماً للواقع الجديد ولم يكن مزعجاً لواشنطن التي أصبحت القطب الأوحد للعالم مع انهيار الثنائية القطبية التي سادت في فترة الحرب الباردة(1947-1989).منذ الأشهر الأولى لتوليه الرئاسة أوحى بوتين بأن مافعله في جمهورية الشيشان المتمردة على سلطة مركز الاتحاد الروسي،أثناء توليه رئاسة الوزراء في الأشهر الأربعة الأخيرة الأخيرة من عام1999،سيكون عنواناً لسلطته:استكمل في شباط 2000عملية سحق التمرد الشيشاني ولوعلى أنقاض مدينة غروزني،وهو الذي أتى لرئاسة الوزارة الروسية كحاجز وضعه يلتسين بعد أن حاول الشيشانيون في آب1999 مد تمردهم على موسكو إلى جمهورية داغستان المنضوية في الاتحاد الروسي أيضاً.أسقط التمرد الشيشاني ،البادىء منذ1994 ،يلتسين،ثم ساهم سحقه في صعود نجم بوتين،وكان المصعد الذي أوصله من رئاسة الوزراء إلى الكرملين.كانت غروزني عنواناً لتثبيت دعائم الاتحاد الروسي ومنع انفراطه على غرار الاتحاد السوفياتي. بعد أن استكمل زعيم الكرملين الجديد عملية توطيد بنائه الداخلي اتجه إلى مالم يتجرأ يلتسين على فعله في أزمة كوسوفو عام1999عندما لم يفعل شيئاً تقريباً لماقام حلف الأطلسي بزعامة واشنطن بضرب حليفه ميلوسيفيتش الرئيس الصربي في البلقان التي كان يعتبرها القياصرة حديقتهم الخلفية بحكم العاملين السلافي والأرثودكسي ثم كانت في زمن ستالين وخروتشوف وبريجنيف جزءاً من "المنظومةالسوفياتية"بالرغم من تمرد تيتو على ستالين،وقد ظهر هذا في أثناء تحضيرات واشنطن لغزو العراق عام2003عندما شكلت موسكو مع باريس وبرلين حاجزاً منع بوش الابن من أن يستظل بمظلة مجلس الأمن مثلما كان أبيه في حرب خليج عام1991. لم يستطع بوتين أن يكون نداً للجالس في البيت الأبيض،ولكنه أثبت بأنه قادر على التحدي.لم يواصل تحديه لمابدأت في عام2006واشنطن بجر مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على ايران بسبب استئناف برنامجها النووي بل مشى سيد الكرملين وراء بوش الابن.عندما استخدم الكرملين في 4تشرين أول2011الفيتو بالتشارك مع الصين في مشروع قرار يتعلق بالأزمة السورية كان هناك ثلاث سنوات سابقة من المكاسب الروسية في جيورجيا2008وقرغيزية2009مع اغلاق قاعدة ماناس الجوية الأميركية التي كانت بمثابة قاعدة الترانزيت للقوات الأميركية في أفغانستان بعد قرض روسي بملياري دولار ثم أوكرانية2010مع وصول زعيم حزب الأقاليم الموالي لموسكو فيكتور يانوكيفيتش للرئاسة في شباط2010،فيما عالمياً تعززت هذه الاستعادة للنفوذ الروسي في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة مع عملية تشكيل مجموعة دول البريكس:روسيا،الصين ، الهند،البرازيل في حزيران2009(انضمت لها جمهورية جنوب افريقية في العالم التالي)وهي التي وضعت هدفها في بيانها التأسيسي نحو"تشكيل عالم متعدد الأقطاب".لم يكن ممكناً هذا التحدي الروسي للولايات المتحدة في قاعة مجلس الأمن لولا تلك المكاسب الروسية ولولا التراجع الأميركي في الشرق الأوسط بين حرب تموز2006وبدء "الربيع العربي"في كانون ثاني2011ولولاالأزمة المالية- الاقتصادية التي بدأت في نيويورك بمنتصف أيلول2008.أتاحت الأزمة السورية مجالاً لروسيا لكي تثبت أن الأحادية الأميركية غير ممكنة في أزمة كثفت مجمل صراعات الاقليم وكانت مجالاً قاد إلى أربع مبارزات أميركية- روسية في مجلس الأمن عندما استخدم الفيتو الروسي- الصيني،وهوماخلق ثنائية روسية- أميركية في الأزمة السورية برزت في اتفاقية موسكو يوم7أيار2013ثم ترجمت في اتفاقية 14أيلول2013حول السلاح الكيماوي السوري التي قادت بعد ثلاثة عشر يوماً إلى قرار مجلس الأمن2118الذي تضمن نصه آلية نزع الكيماوي السوري بالترافق مع النص الكامل ل(بيان جنيف1)الذي وضع في متن نص القرار كملحق له،وهوماقاد إلى (جنيف2) يوم22كانون ثاني2014.
قادت الأزمة الأكرانية ،البادئة بمظاهرات تشرين ثاني2013وصولاً إلى اسقاط يانوكيفيتش في 22شباط2014 ،إلى اسقاط التوافقات الأميركية – الروسية حول سوريا البادئة في اتفاقية7أيار2013وإلى تدمير (جنيف2).قرأ زعيم الكرملين ماحدث في كييف بأنه ضربة أميركية بأدوات محلية أوكرانية موجهة أساساً ضد موسكو وبأنها اعلان عن بداية جهد أميركي لوضع حد للاستيقاظ في القوة الروسية البادىء مع الحرب الروسية- الجيورجية في آب2008.لم يكتف بوتين بالرد على ضربة كييف بالتصلب في دمشق وإنما نقل المواجهة إلى حدود تغيير الجغرافية عندما ضم القرم للاتحاد الروسي في يوم18آذار2014وبدأ بدعم الانفصاليين من أصول روسية في الشرق الأوكراني.أوحت حركة الزعيم الروسي الذي تجاوز معاهدة بودابست عام1994حول أوكرانية بأنه مستعد للوصول إلى تجاوز الخطوط الحمر عبر تغيير الجغرافية التي رست في مرحلة مابعد السوفيات وبأنه من خلال السابقة الشرق أوكرانية مستعد من أجل مصالح روسيا الخاصة أن يستخدم عود ثقاب المكون الروسي في جمهوريات الاتحاد السوفياتية السابقة:أوكرانية17%مولدافيا6%قرغيزيا13%كازاكستان30%إستونيا26%لاتفيا30%ليتوانيا6%أوزبكستان6%.
كان رد أوباما من خلال الاقتصاد وليس من خلال السلاح كمافعل بوش الأب وبوش الابن أمام(الكويت)و(11أيلول2001):ساهم في تشكيل تكتل عالمي قام بدفع أسعار النفط إلى القاع وفق تعبير أحد وزراء النفط مؤخراً من 114دولاراً لبرميل برنت في 15حزيران2014إلى48 دولاراً في 15كانون ثاني2015 لدولة مثل روسيا يعتمد اقتصادها على النفط بنسبة52%مماساهم مع سحب الاستثمارات الغربية بمعظمها من روسيا في هبوط الروبل خلال مجرى عام2014أمام الدولار من 33إلى80روبل.روسيا دولة اقتصادها ريعي وليس صناعي أويعتمد على الهاي- تكنيك، ويشكل النفط مع الغاز والخشب والمعادن الثمينة ثلاثة أرباع مداخيل الاقتصاد الروسي. حاول بوتين الالتفات نحو صفقة غاز مع الصين واتفاقية أنبوب غاز مع أردوغان لتحويل خط ساوث ستريم الآتي من روسيا عبر البحر الأسود من الساحل البلغاري للتركي وصولاً إلى أوروبة مستغلاً الخلاف الأميركي- التركي حول (داعش) وتفادياً لأن تكون تركية ممراً لأنبوب غاز منافس للروسي سواء ايراني(وهو أحد ماتخشاه موسكو من نتائج اتفاق أميركي مع طهران حول الملف النووي)أوتركمنستاني عبر أذربيجان وجيورجيا وتركية إلى أوروبة.لم يعدل هذا كثيراً في الوضعية الروسية التي أصبحت عام2015دفاعية أمام واشنطن التي دفعت كييف مؤخراً إلى الغاء وضعية الحياد الأوكراني التي تضمنتها معاهدة بودابست وهو مايعني انضمام أوكرانية إلى (الناتو)بكل مايعنيه من اغلاق النافذة الأوكرانية في وجه روسيا وبالتالي جعل الأخيرة عملياً دولة آسيوية وليست دولة أوروبية - آسيوية وهو ماكان منذ الحاق أوكرانية بروسيا الموسكوفية في عام1654مماسمح لبطرس الأكبربعد نصف قرن ببدء تغريب روسيا ونقل العاصمة إلى ساحل البلطيق(الذي أغلق عملياً أمام روسيا المعاصرة من خلال انضمام جمهوريات البلطيق الثلاث السوفياتية السابقة:إستونيا،لاتفيا،ليتوانيا ،إلى الناتو).
في يوم18آذار2014ظهر بوتين وهو يضم شبه جزيرة القرم وكأنه في وضعية الخليفة لبطرس الأكبر وجوزيف ستالين:خلال عشرة أشهر تلت ذلك اليوم بان ضعيفاً أمام ذلك السلاح الفتاك الذي استخدمه الرئيس الأميركي ،وهو(الاقتصاد)،الذي عملياً كان أيضاً السلاح الرئيسي لرونالد ريغان أمام ميخائيل غورباتشوف وهو الذي قاد إلى الهزيمة السوفياتية في الحرب الباردة لمالم تستطع موسكو تحمل التكلفة الاقتصادية لسباق تسلح (برنامج حرب النجوم)الذي طرحه ريغان عام1983وهو ماعنى انهيار التعادل النووي القائم بين واشنطن وموسكو منذ عام1949. لم يصل بوتين إلى ضعف يلتسين،ولكن (كييف) أظهرت بأن شمس تعدد الأقطاب من الصعب أن تشرق في المدى المنظور.

بيان القاهرة من أجل سوريا
2412015

عاشت سورية في الأعوام الأربعة الأخيرة تصاعدا في العنف والتدمير وخرابا شاملا للدولة والمجتمع. وكان لإصرار السلطة منذ البداية على تجاهل المطالب الشعبية في الإصلاح والتغيير الدور المركزي في زيادة حدة العنف والتطرف والإرهاب وإغلاق أفق حل سياسي لأزمة المجتمع والدولة.إن الأوضاع السورية تتطلب من قوى المعارضة استنهاض قواها ومؤيديها من أجل إعادة برنامج التغيير الديمقراطي إلى مكانته الطبيعية لأنها وحدها قادرة على تخليص الإنسان السوري من آفات الاستبداد والفساد والإرهاب.
بدعوة من المجلس المصري للشؤون الخارجية، اجتمع في القاهرة جمع من القوى السياسية والشخصيات الوطنية السورية في 22-24/01/2015 من أجل التداول في الأوضاع المصيرية التي تمر بها سورية، بهدف وضع رؤية وخارطة طريق مشتركة تعبر عن أوسع طيف من المعارضة، وتوحيد الجهود والمساعي لإحياء الحل السياسي التفاوضي طبقا لـ "بيان جنيف" وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
بعد الإطلاع على بعض المشاريع المطروحة التي تداولتها القوى السياسية والشخصيات الوطنية قبل الاجتماع جهد المجتمعون على التوافق على ما هو مشترك فيها باعتباره الأرضية الأساس لخلق أجواء العمل المشترك والتحرك الجماعي لإنقاذ البلاد. كما اتفق المجتمعون على أهمية اتخاذ الخطوات العملية مع مختلف أطراف المعارضة السورية على أسس موحدة ترى أن الخيار السياسي الوطني ينطلق من مقومات جوهرية أساسها الحفاظ على وحدة سورية أرضا وشعبا، وتأكيد استقلالها واحترام سيادتها، والحفاظ على الدولة السورية بكامل مؤسساتها من خلال تنفيذ "بيان جنيف" وخاصة البند الخاص بإنشاء هيئة حكم انتقالية مشتركة كاملة الصلاحيات تكون مهمتها الإشراف على عملية الانتقال الديمقراطي ضمن برنامج زمني محدد وبضمانات دولية، ضمن "النقاط العشر" التالية:
1- الهدف من العملية التفاوضية هو الانتقال إلى نظام ديمقراطي ودولة مدنية ذات سيادة، وأن الحل في سورية هو حتماً حل سياسي وطني.
2- الاتفاق على عقد اجتماعي وميثاق وطني مؤسس لدولة ديمقراطية حديثة تؤصل الحريات السياسية والحقوق المدنية وتقوم على مبدأ المواطنة والمساواة بين السوريين في الحقوق والواجبات والمساواة بين الجنسين وضمان حقوق كامل المكونات القومية للشعب السوري في إطار اللا مركزية الإدارية.
3- يحتاج أي حل سياسي واقعي الغطاء الدولي والإقليمي الضروريين، والاحتضان الشعبي الواسع، الأمر الذي يتط لب تسوية تاريخية تجسد طموحات الشعب السوري وثورته وتبنى على أساس "بيان جنيف" وبضمانات دولية واضحة مع الترحيب بالجهود الدولية المختلفة للتسوية.
4- إن عدم اتحاد جهود المعارضة كان عاملا سلبياً و سببا من أسباب استدامة النزاع، لذلك نرى أن وحدة موقف المعارضة واجبً ومطلبً وطني.
5- إن انطلاق العملية السياسية يحتاج إلى إجراءات ضرورية تتطلب من كل الداعمين لإنجاح الحل السياسي العمل المشترك للإفراج عن جميع المعتقلين والمعتقلات، والمخطوفين والمخطوفات، والتعهد باحترام القانون الدولي الإنساني، بوقف جرائم الحرب وقصف المدنيين وحرمانهم من شروط الحياة الطبيعية، ووصول الاحتياجات الغذائية والدوائية والإغاثة إلى كل المناطق المحاصرة، ورفع العقوبات الاقتصادية الجائرة التي تمس حياة المواطنين، وتأمين الشروط الضرورية لعودة النازحين والمهجرين.
6- لا بد من اتفاق مبدئي بين كل الأطراف السورية لإنهاء مختلف أشكال الوجود العسكري غير السوري من أي بلد أو طرف جاء ولأي طرف انضم، باعتبار وجود المقاتلين غير السوريين، ضاعف من حجم الكارثة ودمر وحدة النسيج المجتمعي السوري وحرم السوريين من مباشرة حل مشكلاتهم بأنفسهم.
7- إن إنجاز الحل التفاوضي سيفرض على جميع الأطراف الالتزام بمبدأ حصر حمل الدولة للسلاح. الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية، ودمج القوى المعارضة العسكرية المشاركة في الحل السياسي، مما يضمن تحول مهمة هذه المؤسسات إلى حماية استقلال وسيادة الوطن وتوفير الكرامة والأمان لكل السوريين.
8- مطالبة الشرعية الدولية بتحمل مسؤولياتها القانونية في تجفيف منابع الإرهاب. ومطالبة جميع الدول باحترام قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب، وبشكل خاص القرارين رقم 2170 و 2178.
9- إن الحل السياسي الذي يضمن التغيير الديمقراطي الجذري الشامل ويجرم العنف والطائفية هو الشرط الموضوعي لاستنهاض وتعبئة السوريين في محاربة التنظيمات الإرهابية التي انتشرت في سورية مهددة حاضرها ومستقبلها.
10- التحضير لمؤتمر وطني سوري يعقد في القاهرة في الربيع المقبل وتشكيل لجنة تتابع الاتصالات مع أطراف المعارضة السورية للتحضير للمؤتمر والمشاركة فيه، والترويج لمخرجات لقاء القاهرة بالتواصل مع الأطراف العربية والإقليمية والدولية للمساهمة بالوصول إلى الحل السياسي المنشود وفق بيان جنيف.
النصر للشعب السوري العظيم في تطلعه لتحقيق أهدافه في الحرية والديمقراطية والكرامة، والمجد للشهداء.
------------------------------------------------------------------------------------------------------


القاهرة... قاهرة
هيثم مناع
السفير، 17/02/2015

هرج ومرج، بكاء وعويل، وتحليلات "موضوعية" (إقرأ موضعية) وصيحات استنكار تبعت اجتماع القاهرة الذي جمع لأول مرة أسماء قيادية في تنظيمات أساسية من المعارضة السورية مع شخصيات وطنية مستقلة للتباحث في القضية السورية ومحاولة استنباط خارطة عمل لتوحيد المعارضة الوطنية الديمقراطية على الأقل تحت سقف برنامج عمل مشترك وفي مؤتمر وطني جامع.
ثمة أسئلة مشروعة طرحها مخلصون للإنسان السوري والوطن السوري تستحق التوقف عندها والإجابة عليها. أما الذين انفصلوا عن آلام شعبهم ووضعوا لكل نشاط وموقف لهم تسعيرة في السوق السياسية والإقليمية وتحولوا لأدوات "تحت الطلب" في تحالفات المحاور وسياسات الآخرين. الذين حولوا أي اجتماع للسوريين إلى علبة كلينكس يتم استلام كلفتها وأرباحها المالية في الصباح ويلقى بمحارمها قبل غياب الشمس، الذين ربطوا "القطب والانتقال الديمقراطي" بمشيئة أجهزة هذا البلد أو ذاك، هؤلاء يبقون تحت مستوى الرد وتحت مستوى النقد، وإن كانوا موضوع نقدٍ وشجبٍ من كل مواطن سوري شريف دفع وطنه الفاتورة التي لم يدفعها بلد في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فكما جاء في القرآن الكريم، "والذي خبث لا يخرج إلا نكدا".
بدأت مخاضات الفكرة في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2013. كان السفير الأمريكي قد اتخذ قراره بالمشاركة في مؤتمر جنيف 2 بوفد حصري من الائتلاف السوري ووافق الطرف الروسي على ذلك مقابل عقد المؤتمر بالأيقونة الروسية المأثورة "دون أية شروط مسبقة". اجتمعنا سرا في مطعم للبيتزا في مدينة مونترو السويسرية وقد وضع في الاجتماع ثلاث نقاط أساسية:
الأولى أننا لا نبحث عن مقعد في مؤتمر جنيف. ولن نشارك حتى لو تمت الموافقة على مقترحاتنا لأن القضية أكبر وأنبل من أن تكون شخصية. ولكننا دافعنا رغم كون أحدنا في المجلس الوطني والائتلاف والآخر في هيئة التنسيق الوطنية عن بيان جنيف منذ الأيام الأولى. وها نحن نرى أمام ناظرنا محاولة دولية لقتل البيان والمؤتمر عبر صفقة دولية بين الراعيين الكبيرين. صفقة تقوم على اعتبار عقد المؤتمر هو الأساس وليس نجاح هذا المؤتمر. وأهم معالم هذه الصفقة اتفاق بين الطرفين على إغماض العين عن إجراءات بناء الثقة والتحضير الجيد وتوفير جملة عوامل تعطي الحياة للحل السياسي. وكان الاستنتاج بكل بساطة، بأن من يأتي إلى جنيف قبل الإفراج عن إمرأة أو معاق أو طفل، ليس على برنامج عمله لا وقف جرائم الحرب ولا مناقشة هيئة حكم انتقالية.
ثانيا: بما أن مآل جنيف 2 هو الفشل حكما، فإن هذا الفشل بعد احتفالية دولية أعدت بعناية هوليودية فائقة، ومهما فعلنا، سيجرف في إعصاره الحل السياسي ويعطي الساحة لمزيد من العسكرة والدمار والتطرف في الجانبين. وكون الساحة العسكرية قد وصلت إلى طريق مسدود، فإن ترجمة اغتيال السياسة على الصعيد المجتمعي ستكون بدفع الشبيبة نحو التطرف والإرهاب أو الهجرة من جحيم هذه الحرب القذرة.
ثالثا: لقد فشلت كل محاولات توحيد المعارضة عبر جسم يتم تركيبه من فوق ومن الخارج. فرغم إشراف مساعد الإبراهيمي بنفسه على محاولة توسيع المجلس الوطني، وإشراف الدول الفاعلة في مجموعة أصدقاء الشعب السوري مباشرة على إعادة التكوين في بناء الائتلاف. لم ولن تنجح دول العالم كلها في فرض جسم تمثيلي ووازن للمعارضة السورية دون أن تكون عناصر النشأة والنمو والاستمرار عناصر وطنية القرار سيادية التصور. لذا لا بد من النضال من أجل مؤتمر للمعارضة الوطنية الديمقراطية المدنية بمبادرة سورية وأيد سورية ومال سوري. لأن تدويل القضية السورية لا يجوز بحال من الأحوال أن يجرف معه قرار السوريين في تقرير مصيرهم بأنفسهم.
حاول كل منا التحرك في الفضاء المحيط به لخلق نواة صلبة بعيدة عن الإعلام والإعلان تهدف إلى استعادة المعارضة الوطنية الديمقراطية لدورها المركزي في إنقاذ البلاد والعباد وتهدف إلى تنظيم مؤتمر وطني جامع يرفض تفاهة الممثل الشرعي والوحيد والفكرة القائلة بأن أي من التنظيمات الموجودة قادر لوحده على التصدي للمهمات الوجودية للديمقراطيين السوريين.
بعد فشل مؤتمر جنيف 2 وتصاعد قوة التنظيمات الإرهابية في الساحة السورية وقرار السلطة السورية بتصعيد المواجهة العسكرية الأمنية والاعتماد أكثر فأكثر على قوات حليفة غير سورية باسم الحرب على الإرهاب، نجحت الأفكار الأولى لاجتماع مونترو بأخذ مكانها في العديد من التنظيمات السياسية وأولها، لله والتاريخ، وليس بداعي أية عصبية تنظيمية، هيئة التنسيق الوطنية التي وضعت استراتيجية عمل واضحة من أجل لقاء وطني جامع. وقد دخل في فلك هذه الحوارات من يسميهم الصديق وليد البني (الموالون لسورية في تجربة الائتلاف السوري). وتشكلت لجنة تحضير لهذا اللقاء كان أول نشاط لها في المجلس المصري للشؤون الخارجية في مصر في أيار/مايو 2014. ثم تابعت عملها في عدة اجتماعات شملت شخصيات أدبية وفنية وفكرية ورموز من المجتمع المدني وعدد من رجال الأعمال في جنيف وغيرها. وقد توافقت هذه الجهود وتعززت باتفاقيات ثنائية وحوارات بين عدد من التكوينات السياسية فيما بدأ يعطي للفكرة وسائل عملية لتحقيقها. لم يكن هناك كاميرات ولا صحافة. وكان ديدننا "أن نزرع نخلا لا أن نزرع فجلا".
لم يستبعد عن هذه اللقاءات إلا من استبعد نفسه، ولكن وبكل أمانة، لم يكن هناك اعتماد كبير فيه على من وضع هذه الفكرة ورقة يستعملها لتحسين موازين القوى في تنظيمه السياسي أو زيادة مخصصاته الشهرية من هذا البلد أو ذاك أو ورقة ضغط عند مموليه وداعميه. لأننا نرفض بشكل صارم أن يكون هذا المشروع وسيلة استخدام من أي طرف أو دولة أو محور لخدمة مآربه الخاصة بعيدا عن آلام وأوجاع الإنسان السوري الذي أصيب بحالة قرف من كل من تاجر به وتعيش من مأساته.
لم ندع يوما بأننا منزهين عن الخطأ وفوق النقد. بل سمعنا حتى من أطراف تنتمي لتنظيمات مشاركة بأننا فشلنا ومن الضروري تجاوزنا بأساليب مختلفة. وقد حاولت أطراف دولية عدة ثنينا عن عقد اجتماع القاهرة أو على الأقل تأجيله. ولكن كان القرار بأن آخر موعد لعقد اجتماع القاهرة هو الذكرى الأولى لمؤتمر جنيف 2 وقد نجحنا في احترام هذا الالتزام الداخلي بيننا.
خرجت أصوات تتحدث عن الدخول الجماعي للمشاركين في اجتماع القاهرة في محور مصري سعودي إماراتي في وجه المحور التركي القطري، وأخرى تعتبر كل ما جرى في القاهرة مجرد تمهيد لإنجاح منتدى موسكو وتهيئة له.
من المعروف للجميع، أن الرموز الداعية والمشاركة في اجتماع القاهرة لم تكتب على ظهرها يوما "للبيع". وقد رفضت منذ اجتماع تونس لاصدقاء الشعب السوري في شباط/فبراير 2012 بناء محاور وأقطاب تحول المواجهة بين الشعب والدكتاتورية إلى مواجهة بين الأقطاب والمحاور. هذا الرفض لتحويل الصراع في سورية إلى صراع على سورية دفعنا ثمنه حملات إعلامية مغرضة وظالمة وتهميشا ممنهجا في الإعلام ومقاطعة شرسة في العلاقات السياسية مع دول عديدة. ليس بيننا من يستقيل من تنظيم لمجرد أنه أرسل برقية تهنئة للرئيس المصري بانتخابه ولم يقدم استقالته عندما كان وزير خارجية بلد إقليمي يفرض عليه بقاء شبه حكومة بأشباه وزراء فيحني رأسه للباب العالي ويخضع. ليس بيننا من يلغي اتفاقا يقرر مصير العلاقة بين هيئة التنسيق والمجلس الوطني بمكالمة تلفونية من رئيس وزراء لم نعد نعلم في أي منتج يمضي إجازاته بعد انتهاء مدة صلاحيته الإقليمية والدولية...
لقد انعقد اجتماع القاهرة بمبلغ متواضع غطى سفر وإقامة غير القادرين على السفر. ومن دواعي الاعتزاز القول بأن المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية ونوابه الثلاث الذين حضروا المؤتمر دفعوا ثمن بطاقات سفرهم في الدرجة السياحية وهذا حال أكثر من ثلثي المشاركين. وأن الحكومة المصرية لم تدفع مليما واحدا لانعقاد المؤتمر، وإن كان الجهد والوقت الذي قدمه الأخوة المصريين من أجل إنجاح هذا المؤتمر لا يقدر بثمن. ومن الأمانة أن نذكر بأن تعامل الأخوة المصريين في المجلس المصري ووزارة الخارجية كان تعامل الحريص على استقلالية قرار المجتمعين باعتبار المجتمعين في وطنهم وليسوا مجرد ضيوف.
نعم، لدى المنظمين والمجتمعين حرصا كبيرا على دور عربي فاعل في القضية السورية. ومصر هي المكان الطبيعي لهذا الدور بغض النظر عن طبيعة وهيكل الحكومة فيها. فمَن مِن السوريين طرح السؤال: لماذا انعقد المؤتمر الوطني السوري للمعارضة السورية في القاهرة في تموز/يوليو 2012؟ بل مَن مِن القوى الإقليمية والدولية تجرأ على الاحتجاج على انعقاد هذا المؤتمر في مصر. وللتذكير فقط فقد احتجت هيئة التنسيق وقتها على انعقاد الاجتماع التحضيري لمؤتمر القاهرة في اسطنبول، واحتج المجلس الوطني ومن بعده الائتلاف السوري وهيئة التنسيق على عقد أية اجتماعات بين أطراف المعارضة السورية في طهران وموسكو. بينما لم نسمع أية أصوات احتجاج على القاهرة كمكان جامع لمختلف أطراف المعارضة السورية. فهل ما نجم عن مؤتمر القاهرة 2012 كان تحت سيطرة الخارجية المصرية أو خضع لأية ضغوط منها؟ وهل تدخلت القاهرة في المنتديات والاجتماعات التي عقدت على أراضيها؟
كتب أحد الناقدين لاجتماع القاهرة بأن هذا الاجتماع تم إعداد طبخته في الرياض وعقد في القاهرة. نود فقط أن نعلمه ونعلم غيره، بأننا ما زلنا في مرحلة الرد على التساؤلات السعودية حتى كتابة هذه الورقة. وليس بالإمكان الادعاء بأن المملكة العربية السعودية تبارك ما جرى حتى الآن. وأن اللجنة المنبثقة عن اجتماع القاهرة ستتواصل مع كل العواصم للتعريف بإعلان القاهرة والمؤتمر الوطني القادم. وهي حريصة على نقل الصورة الصحيحة عما جرى لكل معني بالقضية السورية.
هناك مثل إيطالي قديم يقول بأن "الداعرة ترى في كل امرأة مومسا". والحقيقة أنني لا ألوم من يعمل سمسارا لهذا البلد أو تابعا لذاك بأن لا يعتقد بإمكانية الإنسان السوري على الحفاظ على قراره السياسي المستقل. ولكنني مضطر لتذكيره وتذكير غيره، بأن الملايين التي عرضت على بعض "بائعي القناعات والمزاودات" عرض أكثر منها على من كان في القاهرة. وأن خيارنا كان ومازال وسيبقى، لن نكون خدما إلا للوطن والمواطن مهما كانت التكاليف ومهما كانت الصعوبات. ونقولها للصديق والحليف والعدو: لا يوجد في العالم ثمن يوازي ما قدم الشعب السوري من تضحيات...
ثمة انتقادات وجهت إلى النقاط العشر التي أقرت في إعلان القاهرة. بعضها يعتمد المثل الشعبي (عنزة ولو طارت). بعضها يحاول إبراز مهاراته الشخصية في الكتابة والخطابة، وآخر ينتقد غياب الرصانة الأدبية واللغوية. ويمكن القول أن النقد الأساسي الذي يشكل نقطة خلاف سياسية جدية يتعلق بغياب موضوع تنحي بشار الأسد عن رئاسة الجمهورية قبل أية مفاوضات سياسية. هذا النقد يستحق توضيحا سياسيا من المشاركين والموقعين: لقد كانت النقطة الجامعة الأولى للحاضرين أن توحيد المعارضة بمختلف تكويناتها يحتاج إلى توافق كامل على أكثر من 90% في البرنامج السياسي المشترك. هذا ما جرى في كل تجارب الشعوب وهذا ما سمح بتكوين جبهات واسعة قادرة على الفعل والتأثير. أما النقطة الثانية فتنطلق من ضرورة أن يكون مشروع المعارضة في توافق مع القرارات الدولية المتعلقة بالقضية السورية. لأن مأساتنا لم تعد وطنية أو إقليمية بل صارت دولية. ولكي نكون أمناء مع الإنسان السوري علينا أن نقول بكل صدق أن الشعب السوري غير قادر بإمكانياته الذاتية على وقف تدفق المقاتلين الأجانب وإعادة بناء البنيات التحتية التي دمرت وضمان انتقال سلس من نظام دكتاتوري إلى نظام ديمقراطي دون توافق دولي قوي وضمانات والتزامات دولية فعلية. وليس بالإمكان تحقيق هكذا توافق بالخروج عن البيان الدولي الوحيد واليتيم الذي قدمته الأمم المتحدة كخارطة طريق. وبقدر ما نلتزم بهذا التوافق بقدر ما نضع الجماعة الدولية أمام مسئولياتها. لذا لم يتطرق إعلان القاهرة لما لم يتطرق له بيان جنيف. وكان ثمة حرص من المشاركين على أن أي تحديث أو تعديل في بيان جنيف إنما يكون داخل سيرورة جنيف نفسها وليس خارجها.
لقد وجهت السؤال لبرلمانيين ألمان في جلسة في البرلمان الألماني في نوفمبر الماضي: هل لدى أحزابكم القدرة على مواجهة عجز حكومي يصل إلى 350 مليار دولار، فأجاب أحدهم بأن الاتحاد الأوربي غير قادر على ذلك. لإعادة إعمار وبناء سورية نحن بحاجة لدول البريكس كما نحن بحاجة للاتحاد الأوربي وبحاجة لتعاون يشمل الدول الكبرى. ولعل من المؤشرات الواضحة لقصر نظر النظام السوري اعتقاده بأن من يدعمه عسكريا قادر على إعادة بناء سورية، وأن الخارطة العسكرية في الميدان تسمح بنصر عسكري على أنقاض البلاد وجثث العباد. لا يمكن أن تعود سورية دولة ذات سيادة وكرامة لأبنائها دون خطة ماريشال أممية وعربية. ولا يمكن لأي محور أن ينجح في إعادة الاستقرار وتوفير شروط إعادة البناء. لهذا يوجد لدى المعارضة الوطنية الديمقراطية حرص كبير على وضع كل الدول أمام مسئولياتها عبر تناغم برنامجها للخلاص مع القرارات الدولية. من نافل القول أن الائتلاف السوري قد قبل ببيان جنيف وتوجه للتفاوض مع السلطات السورية على أساسه.
غاب عن اجتماع القاهرة من لم يمتلك الجرأة على احترام قناعته الداخلية بضرورة المشاركة، وغاب عنه من ما زال ينتمي لحقبة ما قبل فشل جنيف 2. وغاب عنه من قال بأن دور الائتلاف ليس ضئيلا بل لا دور له وما زال يقدم الأوراق والاقتراحات للإصلاح بسقف ينتمي للعهد القديم، غاب عنه من ما زال يعتقد بأن منظمة الشلة وتنظيم أصابع اليد الواحدة سيضيعان في أي تجمع وطني ديمقراطي جامع. هؤلاء لم يكونوا طرفا يوما لا في بناء عمل كبير ولا في مشروع وطني استراتيجي فوق الأهواء والتقلبات اليومية لحالة الطقس السياسية. لكن من الضروري الاعتراف بغياب عناصر ارتكاز هامة، لأسباب مؤقتة تنظيمية حينا، وضعف تنسيق وتواصل، أو أسباب قاهرة أحيانا أخرى. مناضلون ومناضلات مكانهم الطبيعي في صلب هذا المشروع وسيكونون بالتأكيد في مؤتمر المعارضة الوطنية الديمقراطية في القاهرة في نيسان/أبريل المقبل.
*هيثم مناع عضو اللجنة المنبثقة عن مؤتمر القاهرة ونائب المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية.

- هيئة التنسيق:خطوات تكتيكية صغيرة قفزات نحو الحل أكبر -
محمد العطار

تحظى هيئة التنسيق منذ ولادتها باحترام مقبول من الجميع رغم الخصام معها وذلك مرده الى البعد التاريخي لمعارضة احزاب الهيئة وعقلا نية نضالها في الازمة وربما الى صوابية اهدافها بالتحول الديمقراطي ومبادئها بعدم التسليح وضد العنف والطائفية والتدخل الخارجي
ونحن هنا نحاول رصد الهيئة وتفهم طريقها ومحاولة ايجاد طرق جديدة في سبيل تقدم البلد .
نقاط القوة :
اعتمدت الهيئة على الاحزاب بشكل عام اضافة الى مستقلين. اظهرت الاحزاب خبرة في تجاوز العوائق الداخلية وبنية متينة في مواجهة الضغوطات الخارجية والاغراءات المادية و اعتمدت الهيئة على السياسة الواقعية فلم تجنح نحو الاقصاء لأي من اطراف الصراع باستثناء المتشددين واعتمدت في أديباتها على الحل السياسي الذي يضمن مشاركة الكل باطار واضح وهو دولة ديمقراطية تعددية ونهجت منذ البداية نهجا يماثل شعاراتها ضد التسليح والعنف والطائفية والتدخل الخارجي وهذا ما سبب لها مقاطعة كثير من الدول الداعمة للحل العسكري وحتى محاولة اقصائها كما جرى بجنيف اثنين
وضمن العالم الدبلوماسي برعت الهيئة بكثير من المبادرات منها ورقة توحيد المعارضة ومبادرة نزع الكيماوي التي جرى عليها تعديلات من روسيا لضمان نجاحها والورقة الاولية لما بات يعرف بجنيف واحد
بالإضافة للمبادرة العربية التي كتبت من ثلاث شخصيات في الهيئة في مصر وهناك مبادرات لم تخرج للعلن
ويحسب للمشرفين على الهيئة أنهم نجحوا في المحافظة على استقلالية قرار الهيئة رغم الضغوط من قبل المعارضة ومن قبل السلطة ومن قبل الدول الاقليمية والدولية ورفضوا التمويل الخارجي لكي لا يؤثر على قراراتهم
وبذلك استطاعت الهيئة عدم تغيير أشرعتها بوجه الضغوط
من المحق القول أنه في التجربتين الليبية والعراقية لم تبرز هناك معارضة وطنية رفضت التدخل الخارجي والاحتلال فعليا على خلاف الحالة السورية والتي مثلتها هيئة التنسيق بشكل واضح في رفض التدخل الخارجي عبر ادوات او عبر التدخل المباشر (العسكري) كما كان يحضر له في عواصم عدة
نجحت الهيئة في بناء علاقات جيدة مع روسيا ومقبولة مع الصين والهند وايران وبنت علاقات جيدة مع الهيئات غير الحكومية وخصوصا في اوروبا وبدأت العديد من الدول الاوربية المتشددة اتصالات مع الهيئة اضافة الى دول سابقة لم تنقطع العلاقة بها رغم عدم تغيير الهيئة لمواقفها وهذا يعزز من المساحة الدولية في علاقات الهيئة وفيما تظل العلاقة شائكة مع دول الخليج خصوصا السعودية. تبدو مصر الاقرب عربيا ويجري الحوار معها حول مبادرتها وحول توحيد المعارضة
نقاط الضعف:
- بعد تاريخ طويل من الملاحقات الامنية والسجن المديد والتضييق على الاحزاب نفر القسم الاغلب من السوريين من السياسة فاصبح العالم الحزبي شبه سري. اصبحت شعبية الهيئة من موقفها المعارض للنظام وموقفها المتمثل باللاءات الثلاثة( والطائفية والتسليح والتدخل الخارجي) وليس من الشعبية الحزبية (ماعدا حزب الاتحاد الديمقراطي وهو امتداد لحزب اوجلان) لذلك تم وصفها برأس من دون جسد
ويحسب على الهيئة انخفاض فعالية المكتب الاعلامي وعدم ظهور أعضاء الهيئة في الاعلام المرئي بطريقة مناسبة باستثناءات قليلة وكذلك يكمن خلل كبير في غياب رؤى حول مستقبل الهيئة لما بعد الاتفاق بين السلطة والمعارضة وبسبب ذلك قد تفقد وحدتها واحتمال كبير لانزياح احزابها مستقبلا باتجاهات مختلف.
الاخطاء:
تبدو الاخطاء بمسيرتها قليلة وتبدأ بالموافقة على حماية المظاهرات من قبل ( الجيش الحر) وذلك تحت ضغط المستقلين و التنسيقيات والشباب الاقل خبرة بالسياسة وعند الحديث مع افراد الهيئة عن ذلك البند يأتي الجواب انه كان هناك ضرورة لاستيعاب الشباب المندفع والداخل حديثا للسياسة رغم معارضتهم لذلك في البداية
ايضا رغم مكانة الهيئة قبلت الانضمام مبدئيا الى وفد الائتلاف قبل لقاء جنيف وان كان الائتلاف كعادته رفض تنفيذ الاتفاق
النصائح:
((مع كل الرصانة والوطنية التي تتمتع بها الهيئة ولكنها تبدو احيانا معطلة والمتحدثين باسمها على منابر الاعلام المرئي كرجالآليين مهمتهم افراغ ما بجعبتهم من قناعات من دون الالتفات الى اهمية الاعلام في صياغة الاحداث وتوثيقها في عقول المشاهد))
ان الرصيد الحقيقي للهيئة والذي يمكن تنميته هو اعضائها وعلى الهيئة استغلال المنابر الاعلامية بشكل جيد وتدريب اعضائها على التعامل مع وسائل الاعلام بشكل أفضل ومراكمة الخبرات بدورات متلاحقة لأعضائها من كل الاحزاب والمستقلين في الداخل والخارج حيث ستكون النتائج رصيد اضافي للهيئة يمكن استغلاله في الاوقات المناسبة ومن المجالات المقترحة للتدريب:
- الاعلام المرئي والمسموع و الصحافة والاقتصاد وكيفية التعامل مع الاحصاءات المختلفة , وحقوق الانسان وأيضا القوانين الناظمة لذلك وأساليب العمل السياسي والعلاقات الدولية
- من المهم العمل مع على انشاء مبنى معارض طابقي مع أطياف المعارضة تقوم فيه الهيئة بدور محوري وكذلك العمل على تشكيل مجموعة اصدقاء هيئة التنسيق وهم الاشخاص الذين يلتقون مع الهيئة بالكثير من الرؤى وممكن ان يشكلوا رافدا وداعما للهيئة
- عدم الارتهان لفكرة تشكيل وفد معارض مع الائتلاف بل العمل عليه كفكرة ضمن أفكار عديدة موازية
- عدم اغلاق الباب بشكل كامل مع السلطة والانتباه لفكرة الصفقات الدولية او الاحداث المفاجئة وخصوصا مع اتساع ظاهرة الارهاب الدولي
- محاولة تأسيس منبر اعلامي معارض مفتوح على شرائح المجتمع (مثلا قناة فضائية تبث الاغاني وتنقل الصورة مقالات مختارة وتحقيقات لأعضاء الهيئة ولغيرهم حول الاوضاع السياسية والمحلية مما يساهم في الوصول لشرائح اكبر من المجمع السوري)
ايضا يجب تشكيل مركز دراسات تابع للهيئة يشكل الارضية العلمية للكثير من النواحي التي تهتم بها الهيئة السياسية والاقتصادية والديموغرافية وغيرها داخل وخارج الوطن وحتى للوصول الى رؤى استراتيجية عن مستقبل سوريا
الخلاصة:
على الهيئة التحلي بسياسة القفزات الصغيرة ومراكمتها لانجاز المهمات الاكبر وعدم الركون فقط للسياسات السابقة المبنية على التوازنات والانتظار ،فمن خلال تشكيل طوابق مختلفة للمعارضة فان كفة هيئة التنسيق هي الغالبة ورؤاها هي التي ستتخذ طريقا للتفاوض ومن خلال تحجيم الائتلاف سيكون الطريق للتسوية السورية مجالا اكبر وسيضعف وضع اليد على البلد وايضا من خلال وجود ائتلاف (ضعيف) سيكون المفاوض المعارض اقوى بمواجهة السلطة وبمتابعة نهج الهيئة وصبرها خلال الازمة فان اواني الحل السياسي بدأت ترتفع وعليها ان تلاقي الحل السياسي ليس بالبرامج فقط بل من خلال فتح قنوات تفاوضية غير رسمية تهتم بالتفصيلات التي يتعذر مناقشتها في المؤتمرات لضيق الوقت وللحساسية العالية لكثير من التفاصيل ويجب فتحها في وقت مناسب ومدروس ومع مختلف الاطراف السورية من الائتلاف الى النظام بحيث ستكون هذه التفاصيل هي الارضية التي يسير عليها اي اتفاق وبدونه فان العثرات ستكون عديدة ومريرة على العملية السياسية والبلد
وبالنسبة للاقتصاد ربما يمكن الانتباه لحركة الاميركيين من خلال الاسكوا ومسؤولها عن سوريا عبدالله الدردري الذي يروج للمشاريع الدولية التي تربط مستقبل سوريا بالديون للمنظمات الدولية المتحكم بها من قبل الغرب
وايضا يمكن ملاحظة النشاط الايراني والروسي في ا تجاه اخر. المهم ان يكون للهيئة رأي بمحاولة لحماية البلد من الاستعمار الاقتصادي رغم وضع البلد
ويجب الانتقال في وقت قريب للمستوى الدولي والقيام بزيارات لدول تجمعها بالهيئة علاقات ودية مثل الصين والهند والبرازيل وايطاليا وحتى الدول التي تتدخل بالشأن السوري مثل ايران وحزب الله وتوضيح رؤية الهيئة للحل السلمي ولموقع سوريا التاريخي بعدم تغيير التحالفات بالمسائل الاستراتيجية وهذا يترك للهيئة مناخ ضامن لنشاطها وسندا لسوريا في استعادة اراضيها ويجب بعث رسائل للأميركيين عبر حلفائهم الاوروبيين.
في عام 1928 تشكلت الكتلة الوطنية وضمت في أعضائها الكثير من الشخصيات الوطنية أمثال هنانو وسعدالله الجابري وسلطان باشا الاطرش وصالح العلي وفازت الكتلة بالانتخابات عدة مرات وشكلت الوزارة عدة مرات وهي الجهة التي فاوضت على الاستقلال ولم ترضى ببقاء اي جندي فرنسي على الارض السورية ولكن بعد الاستقلال لم تستطع الحفاظ على وحدتها فهل يكرر الزمن نفسه مع هيئة التنسيق؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملف عن فوز حزب(سيريزا)اليساري اليوناني بالانتخابات اليونانية الأخيرة:
ائتلاف اليسار الراديكالي (سيريزا) (عن ويكيبديا)


التأسيس تأسس سنة 2004
الشخصيات القادة أليكسيس تسيبراس
المقرات مركز القيادة أثينا، اليونان
الأفكار الإيديولوجيا اشتراكية ديمقراطية[1] ، إيكولوجيا اشتراكية[1][2]
مناهضة الرأسمالية[1] عولمة بديلة[2]
الموقع الرسمي http://www.syriza.gr

ائتلاف اليسار الراديكالي (سيريزا) (باليونانية: Συνασπισμός Ριζοσπαστικής Αριστεράς، الشهيرة باختصارها ΣΥΡΙΖΑ التي تشكل جناساً مع لفظ σύρριζα التي تعني «نحو الجذور») هو ائتلاف بين عدد من الأحزاب اليسارية في اليونان. يرأسها حالياً أليكسيس تسيبراس، رئيس ائتلاف الحركات اليسارية والإيكولوجية أكبر أحزاب الائتلاف، وتأتي الحركة الشيوعية اليونانية (حركات ومجموعات منشقة عن الحزب الشيوعي بين الستينيات والتسعينيات)في المرتبة الثانية بين أحزاب الائتلاف. منذ الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 يناير 2015 ، أصبح الحزب الأكثر تمثيلاً في برلمان اليونان.
البرلمان اليوناني
برلمان اليونان

انتخابات عدد الاصوات % المقاعد +/– البرلمان
2004 241,539 3.3 (#4) 6 / 300
2007 361,211 5.0 (#4) 14 / 300 8

2009 315,627 4.6 (#5) 13 / 300 1

ماي 2012 1,061,265 16.8 (#2) 52 / 300 39

يونيو 2012
1,655,022 26.9 (#2) 71 / 300 19

2015
2,246,064 36.3 (#1) 149 / 300 78
في الائتلاف


تسيبراس.. السياسي المتمرد عدو التقشف في أوروبا
أثينا: عبد الستار بركات- "الشرق الأوسط"-3شباط2015

أصبح أليكسيس تسبيراس حديث الساعة على الساحتين اليونانية والدولية بعد فوز حزبه اليساري المتطرف في الانتخابات التشريعية اليونانية الأخيرة معتمدا على أجندة سياسية موضوعها الرئيسي هو مكافحة التقشف وعدم الخضوع لشروط الجهات الدائنة الدولية.
بات تسيبراس، 40 عاما، زعيم حزب سيريزا المناهض لإجراءات التقشف، أصغر من يتولى هذا المنصب في تاريخ اليونان. وكسر تسيبراس الذي يرتدي في العادة بدلة زرقاء اللون من دون ربطة عنق، التقليد المتبع بأداء القسم الديني في اليونان البلد المسيحي الأرثوذكسي، إذ اختار أداء قسم مدني متعهدا «خدمة مصالح الشعب اليوناني دائما». وقال قبيل أدائه القسم أثناء اجتماع مقتضب مع رئيس الدولة «إن طريقا وعرا ينتظرنا». وتسيبراس رئيس حزب سيريزا منذ 2008 ونائب رئيس اليسار الأوروبي منذ 2010. هو أول حزب حاكم في أوروبا يرفض صراحة سياسات التقشف التي تدعو إليها خصوصا ألمانيا. كما يدعو سيريزا إلى خفض الدين اليوناني الذي يلقى رفضا بين دائني البلاد، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وقبل أدائه قسم اليمين قال تسيبراس لرئيس الدولة إنه اتفق مع الحزب السيادي لليونانيين المستقلين الذي يحظى بـ13 مقعدا نيابيا لتشكيل حكومة. وبعد أدائه القسم، توجه تسيبراس إلى جدار كيسارياني القريب من أثينا حيث أعدم 200 شيوعي رميا بالرصاص في 1944 على يد النازيين.
كان عضوا في الحزب الشيوعي للشباب قبل أن يتجاوز السابعة عشرة من عمره، كما قاد اعتصامات الطلاب التي كانت في بداية التسعينات من القرن الماضي، والتي كان الهدف منها الاعتراض على نظام التعليم والمطالبة بإدخال إصلاحات، وحينما طالب وزير التعليم آنذاك وفدا منهم من أجل التفاوض حول مطالبهم من أجل تطوير النظام التعليمي، كان تسيبراس على رأس الوفد وتفاوض بشكل مذهل وكأنه رجل محنك سياسيا، وشهد تسيبراس أول نجاح سياسي له عندما استجاب الوزير وقتها لعدد من مطالبه.
شارك تسيبراس في عدد من التنظيمات السياسية الطلابية في اليونان ذات الأفكار اليسارية، كما كان نائب رئيس اتحاد الطلبة بالجامعة، وبعد تخرجه عام 2000 ابتعد عن العمل السياسي لعدة سنوات من أجل الحصول على عدد من الشهادات العليا في مجال البناء والتخطيط العمراني، وشارك في بناء الكثير من الشركات والمؤسسات والمباني بأثينا. وفي عام 2006 لم يستطع تسيبراس الابتعاد عن السياسة أكثر من ذلك، فرشح نفسه للانتخابات البلدية بأثينا من خلال عضويته بحزب ائتلاف اليسار الراديكالي «سيريزا»، وحقق فوزا ساحقا، وقد كان من المتوقع أن يرشح نفسه في الانتخابات البرلمانية لعام 2007 إلا أنه فضل إثبات نجاحه وقدرته علي القيادة من خلال الحزب وعضويته بالمجلس المحلي.
وبعد نحو 5 سنوات من عنفوان ألكسيس تسيبراس في صفوف المعارضة اليونانية، وبعد مغازلاته المتنوعة للناخبين، الذين عانوا طويلا من تدابير التقشف المفروضة على البلاد بضغوط من الدائنين، واستمرار خفض المرتبات والمعاشات وتسريح الموظفين والعمال وزيادة الضرائب، تمكن من تحقيق فوز تاريخي على غريمة أندونيس ساماراس الذي قاد حكومة ائتلافية عمرها عامين ونصف فقط.
قطع ألكسيس تسيبراس، رئيس حزب سيريزا المناهض للتقشف الفائز في الانتخابات التشريعية اليونانية، شوطا كبيرا منذ أيام شبابه الشيوعية، لكنه ما يزال يزدري ربطات العنق ويكن حنينا لتشي غيفارا، وبالإجابة عن سؤال لأحد الصحافيين المقربين له بارتداء رابطة عنق بعد فوزه، قال تسيبراس «بشرط واحد فقط.. إلغاء ديون اليونان».
قد يكون تسيبراس البالغ 40 عاما أصغر رئيس وزراء لليونان منذ 150 عاما، ويشكل أمل اليسار الأوروبي المناهض لليبرالية والذي توجه عدد من ممثليه إلى أثينا مؤخرا للتضامن معه وللمساعدة في نجاحه، ولم يكن هناك أي شك لدى تسيبراس في النصر، حيث بدا في لقائه الانتخابي الأخير في أثينا بصورة رئيس حكومة، معربا عن «الإدراك بالكامل في بداية مهمة شاقة»، ورغم أنه غير منحدر من عائلة سياسية على عكس شخصيات يونانية كثيرة، فقد استهواه النشاط السياسي في مرحلة مبكرة.
وقد اكتشفته اليونان ممثلا لحركة تلاميذ في برنامج تلفزيوني عام 1990، مؤكدا بحزم رغم أعوامه الـ17 «نريد الحق في اختيار متى ندخل الحصة»، وأطلق الرجل الذي يحتفظ بملامح شابة، اسم اروفيوس على أحد أبنائه تعبيرا عن إعجابه بتشي غيفارا، وهو أب لولدين، كما أنه يقيم مع شريكته بالمساكنة، في بلد محافظ من حيث التقاليد الاجتماعية. ولد ألكسيس تسيبراس في أثينا يوم 28 يوليو (تموز) 1974 وتخرج في المدرسة الثانوية في امبيلوكوبي بالقرب من وسط أثينا، وشارك في الاحتجاجات الطلابية عامي 1990 و1991 وانضم لليسار وحصل على الدراسات العليا في التخطيط المدني والإقليمي (هندسة معمارية) وتولي تسيبراس رئاسة الحزب في فبراير (شباط) عام 2008 حيث حصل على نسبة 70 في المائة من الأصوات مقابل منافسة فوتيس كوفيليس (زعيم حزب اليسار الديمقراطي) حاليا.
تأسس حزب تحالف اليسار الراديكالي (سيريزا) (SYRIZA) الذي يترأسه ألكسيس تسيبراس عام 2004. وللحزب حاليا 149 مقعدا في البرلمان اليوناني من إجمالي 300، ويسيطر على نصف أقاليم اليونان تقريبا ويتكون الحزب من مجموعة من التحالفات والمنظمات ذات الاتجاه اليساري.
ويحاول الحزب معالجة عدد من القضايا التي شغلت المجتمع اليونانية مثل الديون السيادية - الأزمة التي تسببت في تجويع وفقر اليونانيين -
القضية القبرصية - الناتو - اسم يوغسلافيا السابقة - الخصخصة -الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكحركة يونانية مناهضة لليبرالية في العالم، وآيديولوجية هذا الحزب الاشتراكية الديمقراطية والايكولوجيا الاشتراكية ومناهضة الرأسمالية.
وقال المحلل السياسي مسعود الغندور، الدبلوماسي الفلسطيني السابق في أثنيا والمطلع بشكل جيد على الوضع السياسي في اليونان بحكم إقامته فيها منذ 1968، إن تسيبراس زعيم جديد استطاع أن يعبر ويستفيد من حالة الإحباط التي هيمنت على حياة المجتمع اليوناني، والمعاناة التي تحملها الشعب من الإجراءات الاقتصادية المجحفة طوال السنوات السابقة. وأضاف الغندور لـ«الشرق الأوسط» «إننا اليوم أمام أصغر رئيس وزراء في تاريخ اليونان، وهو أنهى الثنائية التي كانت تهيمن على حكم البلاد ممثلة في حزبي الديمقراطية الجديدة المحافظ والباسوك الاشتراكي، وكذلك وعد بعلاقات خاصة مع الكنيسة رغم أدائه يمينا دستورية مدنية، وأعطى وعودا سياسية كبيرة لمصلحة المهاجرين والجاليات الأجنبية.
يذكر أن اندلاع أزمة الديون في 2010 وسنوات التدهور الاقتصادي التي رافقتها، أدى إلى إعلاء صوت اليسار المتشدد وزعيمه الذي ندد «بالأزمة الإنسانية» الناجمة عن إجراءات التقشف القاسية التي فرضها الدائنون، أي البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية.
في غضون 3 سنوات تضاعفت حصيلة سيريزا الانتخابية 5 أضعاف، ففي انتخابات 2012 التشريعية حل ثانيا خلف «الديمقراطية الجديدة» برئاسة إندونيس ساماراس، وتصدر الانتخابات البرلمانية الأوروبية في الربيع الماضي، ومنذ هذه الانتخابات بدأ تسيبراس يصقل صورته دوليا، وبعد تحسن كبير في إتقانه اللغة الإنجليزية كما كثف رحلاته إلى الخارج، وزار رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي ووزير المالية الألماني وولفغانغ شاوبله المدافع عن سياسة التقشف التي يرفضها، وكذلك البابا فرنسيس.
وأعلن تسيبراس خلال خطاب الفوز أن «الشعب اليوناني سطر التاريخ» وهو «يترك التقشف وراءه»، معلنا فوز حزبه اليساري في الانتخابات التشريعية، وقال أمام الآلاف من أنصاره الذين تجمعوا في ميدان جامعة أثينا بعدما رفض الذهاب إلى مقر قصر زابيو الذي دوما يعلن من داخلة الفائزين في الانتخابات منذ عشرات السنين «إنها إشارة مهمة لأوروبا التي تتغير والفوز هو أن الشعب اليوناني يعني نهاية الترويكا».
وبعد أكثر من 6 سنوات تذوق خلالها اليونانيون مرارة التقشف وخفض الرواتب وزيادة الضرائب، لم يجدوا سبيلا سوى تسيبراس وحزبه، الذي طالما هاجم خطط التقشف التي لجأت لها الحكومات السابقة من أجل تصحيح الوضع المالي، وإعلانه مرارا وتكرارا من خلال خطاباته الرنانة وظهوره في وسائل الإعلام مدى تعاطفه مع المواطن اليوناني الذي أرهقته خطط التقشف، كما أن انتقاده الدائم لارتفاع نسبة البطالة بين المواطنين بصفة عامة وبين الشباب بصفة خاصة، والتي جعلت عددا كبيرا منهم يلوذ بالفرار خارج البلاد، ومطالباته في البرلمان بزيادة المرتبات ورفع معاشات التقاعد، جعل اليونانيين يشعرون بأن تسيبراس هو الوحيد الذي يشعر بمأساتهم. وقال تسيبراس إنه يعي جيدا بأن اليونانيين لم يعطوه شيكا على بياض، موضحا أنه أمام فرصة مهمة من أجل اليونان وأوروبا، وعلى صعيد المفاوضات الحاسمة مع دائني البلاد، قال إن الحكومة اليونانية الجديدة مستعدة للقيام بحوار جدي ووضع خطة وطنية وخطة حول الديون، حيث إن من بين النقاط الرئيسية للبرنامج الاقتصادي وضع نهاية للإجراءات التقشفية والتفاوض مجددا حول الديون الضخمة.
وأوضح ألكسيس تسيبراس أنه لا يوجد فائزون ومهزومون في الانتخابات، فالأولوية هي مواجهة جروح الأزمة وتحقيق العدالة ومحاربة الفساد، وطرد الخوف والعيش بكرامة للشعب اليوناني كله، مشيرا إلى هؤلاء الشباب وأساتذة الجامعات والأطباء الذي غادروا البلاد كمهاجرين إلى دول العالم الأخرى بحثا عن حياة أفضل. وأكد تسيبراس أن أولويته تكمن في إعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على جزء كبير من دين بلاده العام (175 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي) من أجل الانتعاش ووضع حد للتقشف، الأمر الذي يقلق الدائنين والأسواق.
-----------------------------------------------------------------
اليونان: “سيريزا” والدولة
الجمعة 6 فبراير 2015 بقلم أليكس كالينيكوس ترجمة ضي رحمي الناشر وحدة الترجمة – مركز الدراسات الاشتراكية
http://revsoc.me/arab-and-international/33813/

(في هذا المقال يبحث الكاتب الاشتراكي الثوري البريطاني أليكس كالينيكوس التحديات التي تواجه الحكومة اليونانية اليسارية الجديدة – وفي الأفكار التي تبني عليها استراتيجياتها(.:
من الصعب بمكان وصف الأهمية التاريخية لفوز الحزب اليساري الراديكالي سيريزا في اليونان الشهر الماضي. لقد اقترب اليسار من السلطة في اليونان من قبل، وذلك بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حين أصبح الحزب الشيوعي اليوناني على رأس ائتلاف شعبي واسع بعد دوره البطولي في مقاومة الاحتلال الألماني الغاشم.
حينها تدخلت بريطانيا، ثم الولايات المتحدة، لإعادة فرض النظام الملكي في حرب أهلية دامية. وفي بداية عقد الستينيات قادت الاحتجاجات الطلابية والإضرابات العمالية الحركة الجماهيرية ضد النظام الملكي. ومرة أخرى، لعب الحزب الشيوعي اليوناني دورًا محوريًا جدًا ومؤثرًا. ونتيجة لذلك، استولى الجيش على السلطة في أبريل 1967، للحيلولة دون انتصار اليسار. اليوم، يترأس الحكومة حزبٌ نشأ عن سلسلة من الانشقاقات عن الحزب الشيوعي اليوناني القديم. فهل سيسمح له رأس المال اليوناني والدولي بالبقاء على قيد الحياة، رغم سحق كل الحركات اليسارية السابقة؟
في صحيفة الجارديان البريطانية الأسبوع الماضي، أرجع بول ماسون انتصار سيريزا إلى كاريزمية “واحترافية وانضباط” زعيمه أليكسيس تسيبراس. لكن الزلازل الاجتماعية والسياسية لها جذور أعمق من ذلك بكثير. لقد دخل المجتمع اليوناني في عصر الليبرالية الجديدة، وهو متصدع بالفعل جراء الصدمات الناجمة عن الاحتلال والحرب الأهلية والديكتاتورية. ولقد شهدت اليونان على مر الثلاثين عام الماضية أقوى النضالات الاجتماعية في أوروبا في ظل حكومات كل من يسار الوسط (باسوك)، ويمين الوسط (الديمقراطية الجديدة). بلغت هذه النضالات ذروتها الفترة من 12 – 2010، وكان ذلك ردًا على فرض نظام التقشف القاسي بناء على طلب من “الترويكا”، أي بناء على طلب من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
اضطرابات كبيرة
نحو 32 إضراب عام، بالتزامن مع احتلال الميادين العامة والاحتجاجات الجماهيرية، اندفعت اليونان إلى حالة من الغليان والاضطراب. وكان صعود سيريزا، من حزب هامشي إلى حزب ينافس من أجل تشكيل الحكومة في أقل من عامين، نتاج لهذه الحركات الاجتماعية. لقد تبددت وتلاشت القاعدة الاجتماعية لحزب الباسوك المهيمنة في السياسة اليونانية منذ أوائل الثمانينيات. وأصبح سيريزا الحزب الرئيسي للطبقة العاملة الحضرية في انتخابات مايو ويونيو 2012. لكن، سمحت حملات الخوف المكثفة لأنطونيس ساماراس بالهجوم وبتشكيل حكومة مؤيدة لخطط التقشف مرة أخرى. إن المعاناة المادية شديدة الوطاة التي تسبب فيها التقشف لهي أمر لم يشهده المجتمع الرأسمالي منذ ثلاثينيات القرن العشرين.
وذلك قد جعل الميزان الانتخابي يرجح كفّة اليسار أكثر من أي وقتٍ مضى. كذلك فعلت بعض النضالات القوية، بما في ذلك النضال ضد حزب الفجر الجديد الفاشي، ومحاولة ساماراس لوقف إرسال الإذاعة اليونانية. حصد التصويت الموحد لليسار الراديكالي نحو 42,5%، وذلك يتضمن الحزب الشيوعي اليوناني وجبهة اليسار المناهض للرأسمالية أنتراسيا التي كان لها بالغ الأثر على العمال والحركات الطلابية. لقد قدّم سيريزا برنامجًا يشتمل على تدابير تهدف إلى عكس الآثار الأسوأ للتقشف.
لكن الحكومة الجديدة تواجه مشكلة استراتيجية. فاليونان مقيدة بأغلال التقشف وفقًا لـ”مذكرات التفاهم” التي وقتعها الحكومات اليونانية المتعاقبة والمفوضية الأوروبية خلال 10 – 2012. وفي البداية وعد سيريزا بإلغاء هذه المذكرات مع الحفاظ على اليونان داخل منطقة اليويو. لكن مؤخرًا، فإن المتحدثون باسم الحزب – على سبيل المثال، يانيس فارفيكس، وزير المالية الجديد – قد نكثوا الوعد بإلغاء المذكرات، وأصبحوا يؤكدون بدلًا من ذلك على إعادة التفاوض على الشروط التي ستسدد اليونان بها ديونها. ودعم العديد من الاقتصاديين التقليديين هذه الفكرة.
ومن المعترف به من قِبل الكثيرين أن الدين العام اليوناني، الذي يبلغ حوالي 175% من إجمالي الدخل القومي، دين ضخم جدًا بحيث يصعب، بل من المستحيل، سداده. والمشكلة هي أن رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والشخصيات المهيمنة الأخرى في الاتحاد الأوروبي يرفضون هذا الحل رفضًا قاطعًا. بالنسبة للطبقة الحاكمة الألمانية، التقشف وسيلة للحفاظ على معدلات تصدير مرتفعة، ومعدلات تضخم منخفضة في إطار نموذجها الاقتصادي.
ولقد كان قرار البنك المركزي الأوروبي الآخذ بالتيسير الكمي مؤخرًا – طباعة النقود لإنعاش اقتصاد منطقة اليورو – بمثابة هزيمة سياسية لميركل. وأعربت ميركل عن قلقها من أن التنازل أمام اليونان سوف يؤدي إلى مطالب مماثلة تنادي بالتخفيف من إجراءات التقشف في أماكن أخرى في أوروبا. ويأمل حزب بوديموس، الحزب الجديد الناشئ في اسبانيا، في أن يحذو حذو سيريزا. وفي الواقع، فإن الكثير من الساسة التقليديين في البرتغال وإيطاليا وحتى في فرنسا، سيسعدون كثيرًا برؤية القبضة الألمانية على منطقة اليورو وهي تضعف. وهكذا تواجه حكومة تسيبراس ضغوط خارجية قوية جدًا. فكيف ستتغلب عليها؟
جادل مؤخرًا المنظر السياسي الماركسي ستاثيس كوفيلاكيس، وهو شخصية بارزة على اليسار من سيريزا، قائلًا: “إننا نشهد في اليونان اليوم تأكيدًا للخيار الجرامشي البولانتازي، حيث الاستيلاء على السلطة عن طريق الانتخابات، مع الجمع بينه وبين التعبئة الاجتماعية”.
استيلاء
وتابع: “يجب الاستيلاء على الدولة من الداخل والخارج، من أعلى ومن أسفل”. بينما دعا نيكوس بولانتازاس، وهو منظّر سياسي ماركسي يوناني أيضًا، في أواخر السبعينيات إلى “نضال من داخل الدولة”. وهذا من شأنه “شحذ التناقضات الداخلية للدولة، لإجراء تحول عميق الجذور داخلها”، بدعم من “هياكل ديمقراطية قاعدية” جديدة. لكن، هناك مشكلتان فيما يخص هذه الاستراتيجية.
الأولى أن هناك حدود لـ”التناقضات الداخلية للدولة”. فبشكل خاص، تحتاج الدولة الرأسمالية للأجهزة القمعية -الجيش، والشرطة، وأجهزة الأمن والاستخبارات – لتحافظ على النظام القائم. الماركسيون الثوريون – بما فيهم أنطونيو جرامشي مثله مثل لينين وتروتسكي – جادلوا دائمًا على شيء مختلف. فالسبيل الوحيد لمواجهة هذا الجوهر القسري للدولة لن يكون إلا من خلال بناء نماذج بديلة للسلطة يشكلها العمال في سياق نضالهم.
وهذا يأخذنا للمشكلة الثانية، فالنمط المعتاد للحكومات اليسارية يميل لمنع هذه العملية، من أجل الحفاظ على سلطتهم ولزيادة المساحة التفاوضية بينهم وبين الطبقة الحاكمة. على ىسبيل المثال، أحبطت حكومة الوحدة الشعبية برئاسة سلفادور الليندي في تشيلي تشكيل الروابط التي أنشأها نشطاء الطبقة العاملة (التي أُطلق عليها اسم كوردونات) تمهيدًا للانقلاب العسكري في سبتمبر 1973.
وفي مايو 2013، منع انصار سيريزا إضرابًا عامًا للمعلمين، كان من نتائج هذا الإضراب، حال حدوثه، استئناف نشاط حركة مناهضة التقشف. يعترف كوفيلاكيس: “لا نملك منظمات قوية ومستقرة داخل الطبقات التابعة التي يمكننا النضال من خلالها في حالات المواجهات طويلة الأمد”. والحقيقة أن الأساس الاستثنائي الذي تشكلت عليه الحكومة الجديدة، وهو تحالف مع الجناح اليميني المناوئ للتقشف ممثلًا في حزب اليونانيين المستقليين ينذر بمزيد من منع التحركات. برر ميسون هذا القرار بأنه وسيلة لـ”تشكيل حكومة مستقرة لسيريزا”، في حين تحتاج مقعدين لحوز الأغلبية البرلمانية.
لكنه يقوّض حجته بنفسه بقوله “يمكن لسيريزا الاعتماد على دعم أو امتناع خمسة عشر نائبًا شيوعيًا فيما يتعلق بأية إجراءات اقتصادية ضد التقشف”. لم يكن هذا التحالف لا لزوم له وحسب، لكنه جلبت إلى الحكومة ما يسميه كوفيلاكيس “حزب اليمين، الحزب الذي يهتم اهتمامًا خاصًا بحماية والحفاظ على النواة الصلبة لجهاز الدولة”. وزعيمه، بينوس كتمينوس، المعاد للسامية والرافض للمثليين، ذو الصلات الوطيدة مع كبار ملاك السفن اليونانيين، يترأس الآن واحدًا من أهم أقسام النواة الصلبة للدولة وهي وزارة الدفاع. ووجوده سيصعّب كثيرًا من بناء الوحدة بين العمال اليونانيين “الأصليين” والمهاجرين، وهي الوحدة التي يسعى لها نشطاء حركة مناهضة العنصرية جاهدين.
وفي الوقت نفسه، من المعروف أن جهاز الشرطة يضم العديد من أنصار حزب الفجر الجديد الفاشي في صفوفه. ورغم أن زعيمه، جولدن داون سيبقى في السجن لمدة طويلة، إلا أن الحزب حصد المرتبة الثالثة في الانتخابات بنسبة 6,28% من إجمالي الأصوات، أقل قليلًا مما حصل عليه عام 2012. وهكذا، فإن سيريزا يواجه خصومًا أقوياء داخليًا وخارجيًا على حد سواء. لكنه قطعًا لن يتغلب عليهم بفضل سحر وزرائه أو مهاراتهم في التفاوض.
إن قوة اليسار في اليونان تعتمد على إعادة إحياء وتوسيع الحركة الجماهيرية التي تبلورت وتطورت بشدة خلال الفترة من عام 2009 وحتى عام 2012. وبالطبع، على الاشتراكيين الثوريين الاحتفال بانتصار الحكومة الجديدة ودعم إجراءاتها وتدابيرها القادمة، لكن سيتم الحكم على اليسار الراديكالي اليوناني بأكمله بمدى نجاحه في تعزيز التنظيم الذاتي للعمال. فهنا تكمن القوة التي ستضع حدًا للتقشف.
* المقال منشور باللغة الإنجليزية في 3 فبراير 2015 في جريدة العامل الاشتراكي البريطانية
--------------------------------------------------------------------------------------------------
ليس مقالاً للدفاع عن سيريزا، اليونان تنتصر!
"راديكال" العدد التاسع والخمسين 01-28 شباط 2015-
http://radicaly.net/ /
طلال عبدالله

ما إن تم الإعلان عن فوز حزب سيريزا بالانتخابات البرلمانية اليونانية، حتى بدأ اليسار العربي بالانقسام مجدداً حيال تبني موقف من فوز الحزب، وهو الأمر الجديد القديم لدى اليساريين العرب!
الماركسية يا رفاق منهج علمي للتحليل، قد نضطر إلى العودة إلى هذه المبادئ الرئيسية البسيطة لنذكر الماركسيين بحقيقة منهجهم في التحليل، وبصفته منهج علمي، فهو يدرس الواقع وينطلق من ممكناته في تحليل الأحداث، وهنا، هنا بالتحديد يكمن مربط الفرس!
سيريزا .. حزب راديكالي
يضم حزب سيريزا اليوناني، أو حزب اليسار الراديكالي (كما يحلو لمناصريه تسميته) طيفاً واسعاً من اليساريين، حيث بدأ كائتلاف لليساريين الراديكاليين وعلى رأسهم الماويين والخضر، وجميع الشيوعيين الذين تركوا الحزب الشيوعي في الأعوام ما بين 1956 و 2010، وانضم لهم فيما بعد الكثير من الأناركيين، فيما قضى زعيم الحزب أليكسيس تسيبراس فترة طويلة من شبابه في صفوف شبيبة الحزب الشيوعي.
لسنا هنا في معرض التعريف بالحزب، ولا بزعيمه الشاب الذي يبلغ من العمر أربعين عاماً، بل سنسعى من خلال هذه المادة إلى تفكيك خبر فوز الحزب بالانتخابات البرلمانية، وفك الاشتباك لدى اليساريين العرب فيما يتعلق بذلك الإنجاز التاريخي.
إن إحدى أبرز الأزمات التي تضرب جذور اليساريين العرب هو أخذهم لمواقف الأحزاب الشيوعية كالنصوص المقدسة، متناسين بأن منهجهم العلمي في التحليل لا يقبل النصوص الجامدة، وبأن مواقفهم تأتي عقب دراسة مستفيضة للواقع، وانطلاقاً من ممكناته، وللأسف هم يرون بأن من يعارض أي موقف للحزب يصير “تحريفياً”!
نعم، للحزب الشيوعي اليوناني موقف من سيريزا، موقف مبني على وقائع داخلية وسياسية سنتناولها في هذه المادة، ولكننا قد نعود قليلاً إلى جذور تاريخية لمعرفة كيف حقق سيريزا هذا الانتصار التاريخي، ونجيب على السؤال الأكثر تعقيداً، هل سيبدأ الحلم من أثينا هذه المرة؟
بداية الظهور .. سيريزا في مواجهة الاتحاد الأوروبي
خلال ثمانينيات القرن الماضي، ضربت أزمة ديون القارة اللاتينية، وذلك في ظل وجود سلطات حاكمة ليبرالية في تلك الدول آنذاك، أزمة الديون تلك وما تبعها من سياسات تجويع وإفقار (سياسات تطلق عليها الرأسمالية سياسات تقشفية) للشعوب اللاتينية قادتهم للبحث عن عالم آخر ممكن، فلم يجدوه إلّا في صفحات اليسار.
تكرر الأمر في أوروبا مع اليونان أولاً، ومن ثم مع البرتغال وإسبانيا وإيرلندا وإيطاليا، حيث ارتفعت مستويات الديون العامة في تلك الدول بشكل كبير، فيما بات يعرف بأزمة الديون السيادية في أوروبا 2010، لتبدأ دول أوروبا الشمالية بتعزيز سلطتها على دول أوروبا الجنوبية، مرة أخرى، في صراع دول الشمال مع دول الجنوب!
ارتفاع مستويات الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي هدد اليونان بإعلان إفلاسها، لتتوجه الحكومة اليونانية آنذاك إلى ما بات يعرف بالـ “ترويكا” والتي تضم الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
مطالبات الاتحاد الأوروبي لليونان تمثلت بتطبيق سياسات “إصلاحية” أو “تقشفية”، وبالطبع ما هي إلا سياسات تدمير للمجتمع تتمثل في رفع الضرائب وخفض الإنفاق العام وتخفيض الأجور وتقليص ميزانيات القطاعات الاجتماعية، الأمر الذي قاد ارتفاع معدلات البطالة في اليونان إلى أكثر من 25%.
في عام 2009، أي قبيل اندلاع أزمة الديون، حصل سيريزا على 5% من أصوات اليونانيين في الانتخابات البرلمانية، وفي عام 2010، انشق عن الحزب أربعة برلمانيين بسبب تباين مواقفهم مع الحزب إزاء النظرة إلى الاتحاد الأوروبي، فيما حصل الحزب على 27% من أصوات اليونانيين في انتخابات العام 2012 و 2014، واليوم يتربع سيريزا على عرش السلطة في اليونان بعد حصده لأكثر من 36% من أصوات اليونانيين.
ارتفاع شعبية سيريزا في اليونان ترافق على مدار السنوات الخمس الأخيرة مع ارتفاع نسب البطالة ومعدلات الفقر بسبب السياسات التي تنتهجها السلطة الحاكمة في اليونان للوفاء بمتطلبات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، حيث تبنى الحزب خطاباً رايكالياً جذرياً فيما يتعلق بتلك المؤسسات، رافضاً لخطط التجويع والإفقار المسماه “خطط تقشف”، تماماً كرفضه للمساعدات الأوروبية أو ما يسمى بـ “حزم الإنقاذ”.
هي كذلك، الليبرالية تقوم على التجويع والإفقار، وتعزيز هيمنة الشمال على الجنوب، أو المراكز على الأطراف، والجنوب هنا ليس بالضرورة جنوباً جغرافياً، وإنما جنوباً اقتصادياً كذلك، وفي المحصلة لا يمكنني اعتبار من يرفض ذلك إلّا بالراديكالي، ولفظة راديكالي هنا لا تعني التطرف كما يحلو لوسائل الإعلام المأجورة ترجمتها، آن لنا أن نعيد لمصطلح الراديكالية بريقه، تماماً كما يفعل الرفاق القوميين مع مصطلح الجذرية!
التغيير يأتي من الجنوب
هو حوار دائر منذ زمن، من أين تنطلق الثورات؟ من الحلقات الأقوى أم الحلقات الأضعف؟
خلال العقدين الماضيين، ابتداءً من أمريكا اللاتينية وانتقالاً إلى الدول الأضعف في أوروبا، تتلخص الإجابة عن تلك التساؤلات بأن الشرارة ستبدأ من الأطراف، ولكن هل ستتمكن من تحقيق أهدافها في ظل حصارها مالياً وعلمياً وتكنولوجياً؟ يبقى هذا هو السؤال الأهم!
هي أزلية صراع الشمال مع الجنوب، وهنا نعيد للتذكير، نحن لا نتحدث عن الشمال أو الجنوب من ناحية الجغرافيا، بل هو صراع بين كتلتين على مستوى العالم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، في جنوب العالم اليوم دول تجنح صوب الاشتراكية والتحرر من سطوة الإمبريالية العالمية من خلال الانخراط في محور مناهض لها، دون أن نتناسى بأننا اشتراكيون!
أمريكا اللاتينية التي تحررت من وطأة الإمبريالية هي خير مثال على التغيير الذي انطلق من الجنوب (بالمناسبة تحرر أمريكا اللاتينية بدأ كما في اليونان، ونتذكر كلنا بأن ثورة تشافيز البوليفارية بدأت بمحاولة انقلاب عسكري في العام 1992 ومن ثم من خلال تأسيس حزب الجمهورية الخامسة والمشاركة في الانتخابات عام 1999)، واليوم ينطلق تغيير أوروبا من جنوبي القارة.
هو التغيير كذلك، إما أن تقوى على حمل السلاح والقيام بثورة كما في ثورات أمريكا اللاتينية منتصف القرن الماضي أو روسيا في بداية القرن، وإما أن تخوض غمار النضال السياسي دون التخلي عن المنهج الماركسي في التحليل والنظرة تجاه كل ما يخص المجتمع براديكالية.
موقف الحزب الشيوعي .. ومواقف سيريزا
يتبنى حزب سيريزا مواقف تجاه كافة القضايا اليونانية، بل ولربما الدولية، هو يرفض خطط الإفقار والتجويع “الخطط التقشفية” بشكل تام، ويريد الوصول إلى تسوية حيال الديون اليونانية المستحقة، وهو مستعد لذلك حتى لو قاد ذلك إلى خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي!
“إعادة النظر في العلاقة مع المقرضين الدوليين” التي أعلن عنها الزعيم الشاب لحزب سيريزا تتمحور حول إسقاط بعض الديون عن اليونان، أو لربما يلجأ الزعيم الشاب إلى التخلف عن سداد الديون للدول الأوروبية، قد تبدو آلية ذلك غير واضحة تماماً، ولكن المؤكد أنه لن يتفاوض حيال رفع “الخطط التقشفية” عن الشعب اليوناني.
ويتضمن برنامج الحزب أيضاً رفع الحد الأدنى للأجور إلى سابق عهده 750 يورو، وخفض الضرائب، وإعادة منح العلاوات السنوية للمتقاعدين، وتقديم العلاج المجاني، ومنح الكهرباء بشكل مجاني للشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً، ودعم أسعار الطاقة لتلك الشرائح أيضاً.
خطاب تسيبراس أمام آلاف اليونانيين إبان الإعلان عن فوز الحزب كان واضحاً: “الشعب اليوناني أعطى تفويضاً واضحاً، اليونان ألقت وراء ظهرها التقشف والخوف، وخمس سنوات من الحرمان، سنمضي قدماً مع الأمل والاستقرار، ترويكا المقرضين أصبحت من الماضي”!
وقال: “نحن سنخلق مستقبل نصرنا، وانتصار جميع الشعوب الأوروبية، التي تكافح ضد التقشف لمستقبل مشترك”.
يأخذ الحزب الشيوعي اليوناني على سيريزا تحالفه مع حزب اليونانيين المستقلين”، وذلك باعتباره “حزباً يمينياً”. في واقع الأمر احتاج سيريزا إلى مقعدين فقط لتأمين الثقة لحكومته، وبذلك اتجه إلى حزب صغير منفصل عن حزب ساماراس بعد انتخابات 2012، وهو حزب يعرف عنه العداء الشديد لألمانيا وغطرستها ولسياسات التقشف، وبالمناسبة يعتبر الحزب في داخل اليونان “حزباً قومياً” بطريقة أو بأخرى.
وضمن حرب الحزب الشيوعي غير المبررة على سيريزا، يدعي الحزب بأن سيريزا يؤمن بمبادئ “الكينزية”، مع أن سيريزا صرّح في الكثير من المناسبات عن مسؤولية “النيوليبرالية” عن الأزمة ومشاكل العمّال في اليونان.
تجنح الكينزية باتجاه إيجاد حلول للأنظمة الاقتصادية الرأسمالية، وذلك عبر تطوير الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية بحيث تتدخل الدولة لإحداث التوازن الاقتصادي، الأمر الذي شوهد في الولايات المتحدة من خلال تطبيق سياسات التخفيف الكمي (طبع النقود)، ومؤخراً في أوروبا، وذلك وفق مزاعمهم لدعم مستويات النمو المتدهورة في تلك المناطق.
الكنزية ليست حلماً لأي اشتراكي بالتأكيد، ولكن لا يخفى علينا بأن السياسات الكنزية التي وسعت دور الدولة في بعض الدول الأوروبية في منتصف القرن الماضي أسهمت في الجنوح نحو الاشتراكية، أي أنها كانت جسراً له، على الأقل في عدد من دول أوروبا الغربية!
في الواقع تعيش الرأسمالية العالمية أزمة بنيوية تعود جذورها إلى ما قبل العام 2008 وتتواصل حتى يومنا هذا، وبذلك فهي أزمة لا يمكن للكينزية أن تحلها، وبالأخص إذا ما تحدثنا عن وصول الرأسمالية الاحتكارية إلى طريق مسدود، حيث لم تعد حلولها تجدي نفعاً.
خلاص البشرية من هذا الدمار يتلخص في استنهاض القوى اليسارية الراديكالية، بخطاب جديد يتكيف مع ممكنات الواقع وينطلق منها، خطاب يعرف جيداً كيف يصل بالبشرية إلى بر الأمان بحلول منطقية وواقعية، بالإمكان اعتبارها جسراً نحو الاشتراكية ومن ثم مجتمع الشيوع الأخير!
من تلك الزاوية بالتحديد وجد سيريزا موطئ قدم له على الساحة اليونانية، هو يرفض السياسات التقشفية ولو قاد ذلك خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي، نعم؛ سيتفاوض الحزب مع المقرضين على شطب جزء من الديون وإعادة جدولة الباقي، ولكنه لن يتنازل عن إلغاء الخطط التقشفية، الأمر الذي تتمسك به قيادات الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها ألمانيا، وبذلك قد يكون خروج اليونان من منطقة اليورو، أو استقلالها عن أوروبا كما يحلو لأنصار سيريزا تسميته، هو الحل الأمثل.
الانخراط في الخط السياسي والاقتصادي الذي يمثله سيريزا مهم، وبالأخص إذا ما تحدثنا عن بدء حديث الإمبريالية العالمية على إسقاطه عبر تثوير الشارع نظراً لعدم قدرة الحزب على الوفاء بالوعود التي قطعها على نفسه، ومن هنا لا يمكن أن يكون من يحاول إسقاط التجربة إلّا في معسكر الإمبريالية.
نحن نعي تماماً بأن تلك التجربة ستنجح وستحارب، ونحن نعي ما هي الأخطاء التي قد تشوب تلك التجربة، ومن هنا، من هذه الزاوية بالتحديد يجدر بنا الانخراط ضمنياً فيها لدعمها وتصحيح أخطائها، لا في سبيل إسقاطها، كما تريد الإمبريالية وأنصارها.
حرب على كل الجبهات .. في اليونان أيضاً!
لا تريد البرجوازية اليونانية خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي، ذلك بأنها المستفيد الأكبر لبقاء اليونان ضمن الاتحاد، وبذلك فهي ستكشر عن أنيابها وتبدأ هجمة شرسة على سيريزا، تماماً كما هو الحال بالنسبة لإسبانيا وإيطاليا والبرتغال، والتي بدأت البرجوازية فيها بالتخطيط لمنع انتقال تجربة اليونان إلى جنوب القارة العجوز.
في اليونان، وعلى مدار خمس سنوات، شهدنا ثورة حقيقية، إضرابات عامة وتحركات جماهيرية، أمور قادت إلى تجذر للوعي والفكر، وبالتالي ميل نحو اليسار، ومن أجل ذلك، على الماركسيين أن يواصلوا النضال من أجل دعم سيريزا وتحويله إلى حزب جماهيري حقيقي للطبقة العاملة، بدلاً من انتقاده في العلن من أجل أسباب في معظمها سياسية.
ببساطة، هي اليونان من جديد، طليعة الثورة الأوروبية، مدريد ليست بالبعيدة يا أثينا.
“سيريزا تعني الحرية، سيريزا تعني الحرية، اليونان ليست للبيع” تهتف امرأة في شوارع أثينا احتفالاً بفوز سيريزا في الانتخابات.
الحزب الشيوعي الإيطالي أبرق برسالة إلى سيريزا يهنئه بالفوز، والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يؤكد “للرفيق تسيبراس” على حد تعبيره على استعداد فنزويلا الكامل للعمل مع اليونان.
ألمانيا “العظمى” ترتعد، والكثير من دول الشمال الأوروبية، وعلى رأسها السويد، تأكيدات متواصلة من تلك الدول بأنها “لن تسمح لليسار باجتياح أوروبا مهما كلّف الأمر”!
هذا ليس بالإمكان يا ألمانيا، فالعالم الجديد متعدد الأقطاب -والذي تناولته في الكثير من المواد في راديكال- يكسب عنصراً جديداً، من جنوب القارة الأوروبية هذه المرة. بوديموس قادم يا أسبانيا!
المعركة الرئيسة في اليونان اليوم هي المعركة ضد الخطط التقشفية، الجماهير في دول الجنوب الأوروبية وعلى رأسها اليونان وعلى اختلاف وجهات نظرها تجمع على شيء واحد، العدالة، واسترجاع مفاتيح الدول الأوروبية التي سلّمت قبل أكثر من 40 عاماً للأسواق المالية.
انتصار سيريزا هو انتصار لليسار، الصحف الأوروبية تصف تسيبراس بجيفارا عصره، وما بين هذا وذاك لا يخفى عليك يا أليكسيس توسيع قاعدة التأميمات وتوسيع مظلة الاشتراكية.
سياسات سيريزا لا يمكن أن توصف إلّا بالمناهضة للنيوليبرالية، على الأقل هي لن تسمح باستمرار الحلول الكارثية التي وضعها اليمين الرجعي وأسهمت في المزيد من الكوارث للشعب اليوناني. اليونان لا تنتمي إلى الشرق المتعصب، وليست أرثدوكسية!
المحور المناهض للإمبريالية كسب ضيفاً جديداً اليوم، ولكنه في هذه المرة يتحدث لغة الحكيم زوربا.
سيريزا .. ثورة في أوروبا
سرعان ما ستنتشر نار سيريزا في أوروبا، ورياح التغيير باتت في أوروبا أقرب من أي وقت مضى، تغيير يجنح نحو اليسار، تغيير سيقلب معادلة الإمبريالية العالمية بكل تأكيد.
نعم، قد لا يجنح سيريزا باتجاه الاشتراكية التي نتمنى أن نراها في اليونان بشكل فوري، ولكنه على الأقل يمتلك خطاباً يتسامى فوق الخطاب الرث للأحزاب الاشتراكية في أوروبا، أو أحزاب الاشتراكية-الليبرالية! سيريزا ليس حزباً على أقصى اليسار بالمناسبة، ولكن وفق الواقع المتاح، فإن انتصار سيريزا يعد انتصاراً لنا جميعاً.
نحن اليوم نناصر سيريزا كما نناصر روسيا، روسيا ليست اشتراكية، ولكنها طرف في معادلة القضاء على هيمنة الإمبريالية وخلق عالم متعدد الأقطاب، وسيريزا؛ كما هو الحال في روسيا، ليس حلماً نهائياً بالتأكيد، ولكنه الجسر الذي سيصل بنا إلى عالم اشتراكي.
لأول مرة في التاريخ لا يقسم رئيس الوزراء على الإنجيل بحضور القساوسة، هي كذلك رؤية سيريزا للعلمانية أيضاً، علمانية حقيقية، ليكون سيريزا بذلك اسم على مسمى، فسيريزا في اللغة اليونانية تعني (نحو الجذور)، فإلى الجذور يا تسيبراس.
في الختام لا يسعني إلا التوجه بالشكر لرفيقي وصديقي محمد أبو شاشية على بحثه من قلب أثينا عن إجابات لبعض التساؤلات التي أسهمت في بناء هذه المادة، وعلى المواد المصوّرة التي وصلتني منه، كما لا يسعني إلّا التعبير عن فرحة غامرة، بانتصار اليسار في جنوبي أوروبا، اليسار الراديكالي!
بوديموس قادم يا أسبانيا، والجبهة الحمراء قادمة يا فرنسا.
آن الأوان أن يعمم اليسار الراديكالي في العالم (وبالتحديد في الأطراف) شعاراً واحداً: “لن نشد الأحزمة بعد الآن، نحن سنوقف السداد وأكثر…. فأنتم مطالبون بدفع تعويضات مالية عما جرى في حقبة (شد الأحزمة) من تدمير للبنية التحتية بأكملها”.
لكل عصر أممية، وأممية هذا العصر هي “أممية الأطراف”، فمن يخرجها إلى النور ومن يديرها؟ من يا سيريزا؟
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني حول نتائج إنتخابات 25/01
28 Janvier 2015

اجتمعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني للنظر في نتيجة الانتخابات. و حيَّت في بيان لها ذي صلة، الآلاف من أعضاء وأصدقاء وأنصار الحزب و شبيبته، كما و أعوانه و ناخبيه الذين خاضوا المعركة و تجنَّدوا مُسهمين في تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني.
حصل الحزب الشيوعي في النتيجة النهائية على 338.138 صوتاً(5.5%) مُسجِّلاً صعوداً في نسبته قدرها (+ 1٪) ما يعادل (61 ألف صوتاً) و بزيادة (+3) نواب مقارنة مع انتخابات شهر حزيران/يونيو 2012، أي أن له الآن ما مجموعه 15 نائبا.
يقول تقدير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني أن التداول الحكومي واستلام حزب سيريزا للحكم لا يُشكِّل تغييراً سياسياً لصالح الشعب. حيث ستتابع الحكومة الإئتلافية لحزبي سيريزا "اليساري" و اليونانيين المستقلين "اليميني" القومي، التي كانت قد تحددت ملامحها فترة (قبل الانتخابات)، تنفيذ التزامات البلاد الضد شعبية تجاه الاتحاد الأوروبي، والمقرضين، وكذلك تجاه حلف شمال الاطلسي و في خدمة رأس المال الكبير. و دفع هذا التداول النظام السياسي البرجوازي لتنفس الصعداء، خلال سعيه تحقيق اندماج و احتواء عميق للشعب عبر عملية إعادة صياغة النظام الحزبي البرجوازي في مرحلة حرجة بالنسبة للشعب وحركته.
إن الحزب الشيوعي اليوناني ثابت على ما قاله قبل الانتخابات، بأنه لن يدعم الحكومة الجديدة أو يمنحها تساهلاً. و سوف يستخدم التفاف القوى الذي حققه في هذه المرحلة، ليفي بوعده للشعب، أي لحضور معارضة عمالية شعبية قوية في صالح الشعب أيضاً ضمن البرلمان عبر مقترحاته، ولكن قبل كل شيء ضمن صفوف الحركة لتعزيز التحالف الشعبي في سبيل الحاضر و المنظور.
يدعو الحزب الشيوعي اليوناني أولئك الذين صوتوا لصالحه تقديراً منهم لثباته و صموده و كفاحيته ونكرانه للذات خلال كفاحه في سبيل مصالح الشعب العامل، على الرغم من عدم اتفاقهم مع مجمل مواقفه، لمتابعة خطوتهم و ملاقاة الحزب في النضالات اليومية و عموما في النضال من أجل إجراء تغيير كامل في موقع السلطة.
أدناه نقدم لكم النص الكامل لبلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني:
1. تُحيِّي اللجنة المركزية آلاف أعضاء الحزب و شبيبته و أصدقائهما و أتباعهما و أعوانهما و الناخبين الذين خاضوا المعركة و تجندوا و أسهموا في تعزيز الحزب الشيوعي اليوناني. لقد سجَّل الحزب زيادة في نسبته (+1%) و بعدد الأصوات (+61 ألفاً) و بزيادة (+3 نواب) بالمقارنة مع ما كان قد حققه في انتخابات حزيران/يونيو 2012 ما يعني أن عدد نوابه بلغ اﻠ15. مما يؤكد النزعة الإيجابية لإعادة الإلتفاف حول الحزب الشيوعي اليوناني و استعادة خسائر الأصوات و تدفق الشباب.
و نودُّ على وجه الخصوص، شُكرَ الناخبين الذين صوتوا لأول مرة لصالح الحزب الشيوعي اليوناني، تقديراً منهم لثباته و كفاحيته و صموده ونكرانه للذات خلال الكفاح في سبيل مصالح الشعب العامل، حتى مع عدم اتفاقهم مع مجمل مواقفه.
إننا ندعو أولئك الذين قاموا بخطوة إلى الأمام وصوتوا لأول مرة لصالح الحزب الشيوعي اليوناني لمتابعة هذه الخطوة عبر ملاقاة الحزب في النضالات اليومية، والنقابات في مواقع العمل والشباب و في صفوف الحركة في سبيل المطالب الملحة من أجل استرداد الخسائر، و عموما في النضال من أجل إجراء تغيير كامل في موقع السلطة. إن توثيق روابط الحزب مع جميع هؤلاء العمال والمتقاعدين والشباب الذين أقدموا على هذه الخطوة و تواجدوا بجانب الحزب معززين أياه خلال الإنتخابات، موسعين لروابطه مع قوى عمالية شعبية جديدة، هو عبارة عن واجب و مهمة ذات أولوية فورية تقع على عاتق الحزب اعتباراً من اللجنة المركزية وصولاً إلى مستوى كل تنظيم حزبي.
لم تكن العوامل التي صاغت نتيجة الانتخابات نتاج الشهر الماضي حصراً. بل تمثلت بعمل الحزب بأكمله مع الشبيبة الذي سبق إتمامه كل الفترة السابقة و كان ذي أهمية خاصة وأولوية في العمل الفكري والسياسي والتنظيمي القوي الهادف للتحصين الأيديولوجي لصفوفنا و لمحيط الحزب الأوسع. و أسهم الثبات الذي أبداه الحزب الشيوعي اليوناني، وخاصة منذ عام 2012 على الرغم من خسائره الكبيرة، في ترويج و إبراز استراتيجيته و معارضته الثابتة لحكومة حزبي الجمهورية الجديدة و الباسوك الإئتلافية كما و لحزب سيريزا و كشف تقلباته المستمرة، بشكل هام في تحقيق النتيجة الحالية. حيث بالإمكان و يجب أن تشكل هذه الخبرة الثمينة عنصراً دائماً في عمل جميع المنظمات الحزبية القاعدية و في مثيلاتها في الشبيبة الشيوعية اليونانية.
2. يُعبِّر مجمل نتيجة الانتخابات من خلال صناديق الاقتراع، عن استياء وغضب كبير للشعب من حزبي الجمهورية الجديدة و الباسوك، الذين أغرقاه في الفقر والبطالة خلال أعوام الأزمة الاقتصادية.
لقد تشكلت نتيجة الانتخابات تحت ضغط تيار قوي مطالب بتغيير حكومي فوري. حيث سيطر منطق "أية حكومة – أي مفاوض" و دائما داخل جدران في الاتحاد الأوروبي الضد شعبية و بعيدا عن المشاكل الحقيقية للشعب.
إن الصوت لصالح سيريزا هو صوت رفض لحكومة حزبي الجمهورية الجديدة و الباسوك السابقة الضد شعبي. و هو محتوٍ على أمل ذي مطالب منقوصة وأوهام حول سمة الاتحاد الأوروبي. و هو ليس بصوت قبول كامل أو مُطالبٍ بتلبية الحاجات المعاصرة الفعلية للطبقة العاملة. و إلى حد ما هو صوت اشتراط و اختبار لمسار الحكومة الجديدة، التي ستنحاز لمصالح رأس المال المتعارضة مع مصالح العاملين بأجر و باقي القوى الشعبية.
هو صوت يعكس إلى حد كبير أملا كاذبا بإمكانية حكومة حزب سيريزا الجديدة اتباع سياسة صديقة للشعب. حيث كان و لا يزال تقدير الحزب الشيوعي اليوناني أن صياغة سيريزا لحكومة إئتلافية مع حزب اليونانيين المستقلين، ستتحرك فوق ذات قضبان المسار الإجباري الإتحادي الأوروبي والالتزامات تجاه رأس المال الكبير، والاحتكارات والاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي، و ما تتضمنه من تبعات سلبية على شعبنا. حيث تستلم الحكومة الإئتلافية الجديدة "عصا" السياسة الضد شعبية لضمان السيولة لرأس المال من خلال رزمة دراغي من دون استعادة الخسائر الواقعة خلال الأزمة.
3. إن تغييرالحكومة واستلام الحكم من قبل سيريزا لا يشكل تغييراًسياسياً لصالح الشعب. حيث ستواصل حكومة حزب سيريزا و اليونانيين المستقلين التزاماتها الضد شعبية تجاه الاتحاد الأوروبي والمقرضين وبالطبع يتنفس النظام السياسي البرجوازي الصعداء عبر هذا التغيير، ضمن سعيه لاحتواء أعمق للشعب من خلال إعادة تشكيل النظام البرجوازي الحزبي، في لحظة حرجة بالنسبة للشعب وحركته. فقد اعترف حزب سيريزا سلفاً بوجود برنامج له سيصاغ بالإتفاق مع المقرضين في اليوم التالي. و حتى في حال عدم تسمية هذا البرنامج بمذكرة أو عدم امتلاكه للصيغة الشكلية للمذكرة الحالية أو سوى ذلك، فهو سيحتوي على شروط مناهضة للشعب.
ليس برنامج سيريزا صديقاً للعمال أو الشعب. فهو برنامج يسير في كِلا توجهاته الاستراتيجية ومقترحاته المحددة في أفق أربع سنوات، فوق سكة مسار خدمة مصالح المجموعات الاحتكارية، واستراتيجية الاتحاد الأوروبي التي تقول للشعب أن ينسى إمكانية استعادة كافة خسائره و تَعِده حصراً بتقديم بعض فتات "دار الفقراء" إلى مجموعات أشد الفقر المدقع، هو فتات سيتبخر بدوره نتيجة السياسات الضد شعبية الأشمل. أما بالنسبة لغالبية العمال والأسر الشعبية فإن برنامج سيريزا هو عبارة عن مزيد من اقتسام للفقر والبطالة على الأكثرية.
هذا و كان حزب سيريزا أيضا قد صرَّح بأنه سيحافظ على التزامات اليونان تجاه حلف شمال الأطلسي و تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. و هو أمر خطير خصوصا في وقت يتطور خلاله باضطراد كِلا حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي كعاملي تقويض لحقوق البلاد السيادية، حيث تتفاقم المنافسة على الأسواق والمواد الأولية و تتلبد غيوم الحرب في مناطق شرق المتوسط والشرق الأوسط وأوكرانيا، مع تورط لليونان فيها.
4. و يُستغلّث التداول الحكومي في اليونان من قبل قوى سياسية برجوازية داخل البلاد و في منطقة اليورو، ولكن أيضا على الصعيد الدولي، أي من قبل قوى تسعى نحو سياسة نقدية و مالية أكثر تساهلاً، باعتبارها أداة للخروج من الركود الإنتاجي. هذا و كان الحزب الشيوعي اليوناني قد أشار خلال مؤتمره اﻠ19 إلى منظور تغيير خليطة الإدارة البرجوازية، بصدد ضرورة معالجة تردد و تحفظ المجموعات الإقتصادية عن تحريك رؤوس أموالها الراكدة التي رُوكِمت خلال فترة من النمو الرأسمالي، و اشتراطها تشديد الاستغلال الطبقي و تقليص الضرائب المفروضة على رأس المال، و رفع المعدل المتوسط الربح في نهاية المطاف. حيث يشكل كل ذلك في مجمل الأحوال، مضمون ما يعرف ﺑ"إعادة إقلاع" الاقتصاد الرأسمالي.
لقد غذى حزب سيريزا و بشكل منهجي على وجه الخصوص، موضوعة مضللة وكاذبة بالكامل، تقول بأن الاتحاد الأوروبي يتغيَّر نحو اتجاه إيجابي مؤيد للشعب، لأنه ينتقل نحو سياسة أقل انكماشية أي تلك المعروفة باسم سياسة التيسير الكمي. و لذلك فإن هذا الحزب يحتفل بمناسبة تدابير دراغي و شراء السندات الحكومية من قبل البنك المركزي الأوروبي. و مع ذلك، فإن مثل هذا التغيير ليس صديقاً للشعب. إنه في صالح المجموعات الاحتكارية والبنوك والصناعيين، التي ستتلقى الحزم المالية الموجهة التي سيُحمَّل العمال أوزارها و لمرة أخرى.
و يرمز التغيير الحكومي أيضا ويخدم ضغط الولايات المتحدة وفرنسا وايطاليا الممارس على الحكومة الألمانية من اجل تغيير توزيع الأعباء والمكاسب عبر إدارة الدول المثقلة بالديون في منطقة اليورو. حيث كانت رابطة الصناعيين اليونانيين قد تحركت ضمن سياق هذا التوجُّه قبل الانتخابات.
5. وترسم النتيجة الاجمالية للانتخابات مسار عملية إعادة صياغة النظام السياسي البرجوازي، التي بدأت خلال الإنتخابات المزدوجة عام 2012 في ظروف أزمة رأسمالية اقتصادية عميقة. حيث كانت عملية إعادة الصياغة هذه ضرورية بالنسبة لسلطة الرأسماليين السياسية، في ظروف تضعضعت بشدة خلالها قدرة الفصيلين الإشتراكي الديمقراطي التقليدي، و الليبرالي البرجوازي على التلاعب السياسي بالجماهير العمالية الشعبية، بسبب الموجة الكبيرة الجديدة من البطالة والفقر التي أنتجت معوقات في وظيفة تناوب حكومات الثنائية الحزبية. حيث سارت عملية إعادة صياغة الإشتراكية الديمقراطية على نحو أسرع في جوهرها مع حلول سيريزا في موقع الباسوك و عدم تمكنه من امتلاك درجة تأثير حزب الباسوك كحزب حاكم. و تستمر عملية إعادة صياغة الفصيل الليبرالي، على الرغم من تعرضه سلفاً لانشقاقات هامة من قوى قومية و فاشية انسلخت عنه.
6. أما بالنسبة للحزب الشيوعي اليوناني، فقد تشكلت النتيجة في ظروف تعرُّض قواه لهجمات جانبية و معضلات ابتزازية تقول بوجود مسار "جيدٍ" و "سيئٍ" داخل منطقة اليورو، و وجود منظور تغيير "يساري" داخل الاتحاد الأوروبي، أو أوهام زاعمة بأن حكومة سيريزا "اليسارية" سوف تغير المسار لصالح القوى الشعبية.
هذا و كان و لا يزال وضع جماهيرية الحركة العمالية و الشعبية و توجُّهِها، يُشكل عاملاً سلبياً حاسماً في موازين القوى، وبالتالي في التأثير السياسي للحزب الشيوعي اليوناني. و لطالما واقع هو استمرار تراجع مشاركة العمال في الحركة، على الرغم من المبادرات المتخذة من قبل الحزب الشيوعي اليوناني و غيره من القوى الجذرية ذات الوعي المتوجه طبقياً، فستستمر سيطرة منطق الانتظار و الإتكالية و البحث عن"المنقذين" و عن حلول وهمية من الأعلى. و في سياق هذا المسار و من واقع الأمور عينها، ستعيد الطبقة العاملة والشرائح الشعبية تفكيرها في توقعات وتقديرات الحزب الشيوعي اليوناني، و ستتماشى معه من اجل إعادة تشكيل الحركة العمالية الشعبية، وتعزيز التحالف الاجتماعي الشعبي.
7. على الرغم من نزعة الإلتفاف الإيجابية لصالح الحزب الشيوعي اليوناني، يبقى ميزان القوى الإجمالي سلبياً، حيث لا تعبر نتيجة الانتخابات عن نزعة تحرر قوى عمالية شعبية من الاتحاد الأوروبي و مسار رأس المال ومصالح الاحتكارات.
و يشكل حلول حزب منظمة الفجر الذهبي ذات النشاط الإجرامي في المرتبة الثالثة، أحد تعابير ميزان القوى السلبي هذا. حيث يحافظ هذا الحزب الذي هو صنيعة أجهزة النظام، على مستوى أصوات عالٍ، على الرغم من الخسائر التي أصابته. و تتحمل حكومة حزبي الجمهورية الجديدة و الباسوك مسؤولية خاصة حول تشكيل النسبة الانتخابية لمنظمة الفجر الذهبي عبر تغذيتها العداء للشيوعية و ترويج نظرية الطرفين، على حد السواء مع الخط الضبابي "المعادي للمذكرة" الذي روج له سيريزا الذي يبرئ الخصم الحقيقي للشعب المتمثل بالرأسماليين. حيث نمت و تطورت ضمن هذه التربة الأيديولوجية تلك المنظمة الإجرامية الفاشية. و يبقى الحزب الشيوعي اليوناني الخصم الثابت للفاشية، و ذلك لكونه بالتحديد معارضاً للرأسمالية إجمالاً، أي للنظام الذي يَلُد الفاشية والقومية والعنصرية.
هذا و لا يزال النظام والاحتكارات و سلطتهم ممتلكين لاحتياطيات كافية للإيقاع بالشرائح الشعبية، في وقت لم يتم الانتهاء بعد من عملية إعادة صياغة المشهد السياسي.
هناك حاجة ضمن صفوف الطبقة العاملة و الشباب و الحركة إلى مزيد من تعزيز خط الهجوم المضاد و القطع مع مسار التطور الرأسمالي والاتحاد الأوروبي والسياسة التي تدعم هذا المسار عبر الإحتواء والانتظار السلبي. حاضرة هي اليوم في مواجهة الشعب هي مذكرات الاتحاد الأوروبي المستمرة، و أهداف التنافسية و الانتعاش الجديد لربحية رأس المال، التي تقود بالشعب نحو إفلاس أكبر، و في غير استطاعتها حل المشاكل الحادة للشعب، كمشكلة البطالة. حيث ستحاول حكومة سيريزا و اليونانيين المستقلين مع باقي الأحزاب الخادمة لهذا المسار تجميله في نظر الشعب.
8. إن الحزب الشيوعي اليوناني ثابت على ما قاله قبل الانتخابات، بأنه لن يدعم الحكومة الجديدة أو يقدم تساهلا لها. و سيستخدم الحزب التفاف القوى المحقق في هذه المرحلة، ليفي للشعب بوعده، أي بوجود معارضة عمالية شعبية القوية تعمل لمصلحة الشعب ضمن البرلمان، عبر مقترحاتها، ولكن قبل كل شيء ضمن صفوف الحركة في سبيل تعزيز التحالف الشعبي من أجل الحاضر و المنظور. و لتعزيز النضال ضد الاتحاد الأوروبي، والمذكرات المستمرة، والاحتكارات ورأس المال وسلطته، التي هي هنا حاضرة. كما و لاسترداد خسائر العمال الكبيرة التي وقعت خلال فترة الأزمة، لكي لا يسدد العمال و صغار الكسبة ثمن أي فتات سيقدم نحو مجموعات الفقر المدقع، بل ليدفع ثمنه رأس المال و المجموعات الاحتكارية.
سوف يعزز الحزب الشيوعي اليوناني جهوده و مبادراته الرامية إلى حل المشاكل الحادة للشعب، و للتخفيف من معاناة العاطلين عن العمل والأسر الشعبية. وسيعزز محاولاته الرامية إلى إعادة صياغة الحركة العمالية الشعبية لتطوير التضامن الشعبي، و لبناء تحالف الشعبي ضد الاحتكارات والنظام الرأسمالي.
وسيواصل الحزب الكفاح لتقديم المنفذ الوحيد الصديق للشعب: حيث يكون الشعب سيداً فعلياً في موقع السلطة، وقادراً على إظهار حكمه الخاص، حكم السلطة العمالية الشعبية، مع إلغاء الملكية الرأسمالية. حيث بإمكان الشعب و حصراً عبر فرض التملك الاجتماعي لوسائل الإنتاج والبنية التحتية المركزة، دعم مسار بديل للتطور في صالح الحاجات الشعبية، مع تخطيط مركزي و حوافز مختلفة تماما في توزيع الموارد. حيث بإمكان مسار فك الإرتباط عن الاتحاد الأوروبي، وإلغاء الديون من جانب واحد أن يكتسب محتوى شعبياً. و أن يبني و يطور أيضاً علاقات مع شعوب و بلدان على أساس المنفعة المتبادلة.
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني
26/1/2014
http://fr.kke.gr/ar/articles/--00268/
----------------------------------------------------------------------------------------------


اليسار اليوناني كتعويض عن خيبات "يسارنا"!
ماجد كيالي –
جريدة"عُمان"- مسقط-13شباط2015
http://omandaily.com/?p=202007

شكّل فوز أحد الأحزاب اليسارية في الانتخابات التشريعية في اليونان مناسبة لبعض «اليساريين» العرب للاحتفاء، كأن هذا فوزهم، بل إن ذلك جعلهم يجددون صوابية مواقفهم، التي تتناسب مع حركة التاريخ، وسمة العصر، والنظرة الطبقية، للواقع والعالم، بحسب الترسيمات النمطية للماركسية اللينينية، التي تم صوغها في العالم الأوروبي قبل أكثر من قرن. واضح أن هذا الموقف ينطلق من وجهات نظر أيديولوجية، في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع، مفادها أن تلك النظرية، تصلح لكل زمان ومكان وظرف، ما يضفي عليها طابعا «دينياً، وهو ما ينزع عنها علميتها، وحيويتها، وقابليتها للتكيف والتطور.
ويمكن تشبيه هؤلاء المحتفين بـ«القرعة التي تتباهى بشعر ابنة خالتها»، بحسب المثل المعروف، إذ ليس ثمة أوجه شبه بين اليسار في المجتمعات الأوروبية، واليسار المحنّط عند العرب، الذي بات شغله الشاغل محاباة نظم الاستبداد، والتمسّح بمواقفها ضد الإمبريالية والصهيونية، والاشتغال في مديح فصائل المقاومة الإسلامية والطائفية.
ناحية أخرى يفترض الانتباه إليها جيداً، وهي أن اليسار في المجتمعات الأوروبية، وضمنه في اليونان، لا صلة له باليسار الأيديولوجي الكلاسيكي، إذ لن ينجم عن صعوده، لا ديكتاتورية البروليتاريا، وحزبها «الطليعي»، ولا تأميم وسائل الإنتاج وتحولها إلى ملكية عامة، ولا إلغاء نمط العلاقات الرأسمالية. فقط فإن ذلك قد ينتج عنه تحجيم النيوليبرالية المتوحشة، وتعزيز الليبرالية السياسية المتعلقة بالحريات الفردية والعامة، وتوزيع افضل للموارد، وزيادة التقديمات والضمانات الاجتماعية.ما يجدر ببعض يساريينا ملاحظته، أيضاً، أن نظم الليبرالية السياسية في الدول الغربية (وحتى الآسيوية)، هي التي تتيح صعود أحزاب يسارية (اليونان ودول أمريكا اللاتينية)، أو إسلامية (تركيا أو غيرها)، في حين أن النظم الشمولية: القومية أو الدينية أو الشيوعية، لا تتيح ذلك البتّة.
والحال، يستحق حزب «سيريزا» الفائز الاحتفاء به، كتجربة سياسية واعدة، لحزب يقوده شاب مهندس، هو الكسيس تسيبراس، في مطلع الأربعينات من عمره، ويتحدر من أسرة عادية، لا تتمتع بنفوذ في المكانة السياسة أو المالية. ولا بد أن يتضاعف الإعجاب مع علمنا أن هذا الحزب لا يبلغ من العمر سوى عقد من السنين، تمكن خلالها من الصعود بشكل تدريجي بفضل حيوية قيادته ودأبها وأهليتها الكفاحية.
مع ذلك، ربما أن الحماس والإعجاب والتعاطف الزائد والمتسرع، على جري عادتنا، لا يفيد، فنحن إزاء دولة صغيرة، مساحتها أقل من مساحة سوريا، وعدد سكانها 12 مليون نسمة، ودخلها الإجمالي السنوي 333 بليون دولار، ما يساوي الناتج الإجمالي لإسرائيل تقريبا. وفي حين أن حصة الفرد من الناتج الإجمالي السنوي في اليونان أقل من 30 ألف دولار، تبلغ في إسرائيل 36 ألف دولار، وربما يجدر أن نذكر، في هذا السياق، أن الاقتصاد التركي الناهض أكبر بكثير من الاقتصاد اليوناني.
أما في أوروبا فإن مكانة اليونان محدودة، فإلى مساحتها الصغيرة، وقلة عدد سكانها، فهي من الدول الضعيفة اقتصاديا في القارة الأوروبية، فحجم اقتصادها يقارب حجم اقتصاد تشيكيا والبرتغال، مثلا، علماً أن حجم الناتج السنوي لهولندا 711 بليون دولار، ولبلجيكا 440 بليون دولار، في حين أن حجم الاقتصاد الألماني يبلغ 3.4 تريليون دولار، وفرنسا 2.4 تريليون دولار، وبريطانيا 2.2 تريليون دولار، وإيطاليا 2 تريليون دولار، وإسبانيا 1.5 تريليون دولار.
حتى على صعيد العملية الانتخابية فإن حزب «سيريزا» لم يحقق تلك النتيجة الباهرة، رغم أهميتها، فهو مضطر للدخول في تحالفات لتشكيل الحكومة، إذ لم يحصل سوى على 36.34 بالمائة من الأصوات (في انتخابات 2012 حاز على 27 بالمائة و3.3 بالمائة عام 2004)، أما حزب اليونانيين المستقلين اليميني، الذي اختاره سيريزا حليفا، فحاز المرتبة السادسة بـ4.75 بالمائة من الأصوات، مع التذكير بأن الحزب الشيوعي حاز المرتبة الخامسة بـ6 بالمائة من الأصوات فقط.
وبحسب الكسيس تسيبراس فإنه سيركز، في المجال الداخلي، على رفع الحد الأدنى للأجور من 684 إلى 751 يورو، وإعادة منحة عيد الميلاد للمتقاعدين، ومجانية الرعاية الصحية والكهرباء وتخصيص تذاكر غذاء للفقراء، أما على الصعيد الخارجي فيتركز في مواجهة المطالبات بالتقشف من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وفي كل الأحوال فإن هذا الحزب سيقف في وضع صعب، بالنظر لإمكانيات اليونان الضعيفة، ان بما يتعلق برفع مستوى الدخل، للحاق بالمستويات الأوروبية، أو بما يخص النهوض باقتصاد اليونان، أو في مسألة جدولة الديون، وتقدر بحوالي 300 بليون يوريو، علماً أن ثلث السكان تحت خط الفقر ونسبة البطالة عالية. هكذا، يبدو «اليسار» لدينا، في أغلب الأحوال، بعيداً عن واقعه، وعن حاجات مجتمعه، وحتى عما يجري في العالم من حوله، مؤكداً أنه مجرد يسار أيديولوجي، لا أكثر، وهذا ما يفسر احتفاؤه بنجاحات الغير في حين لا يرى إخفاقاته المروعة.
طوال نصف القرن الماضي، ظهرت في أوروبا اجتهادات في إطار الأحزاب الشيوعية واليسارية، على خلاف مع الأفكار النمطية السوفييتية، وهي اجتهادات قاربت بين أفكار العدالة الاجتماعية والإدارة العامة للاقتصاد لفائدة النفع العام، والنظرة الليبرالية للحريات السياسية والفردية، وللديمقراطية في النظم السياسية، وهي المقاربات التي لم تنجح تماما في بلادنا، رغم الجهود المبذولة من مفكرين من وزن إلياس مرقص وياسين الحافظ ومهدي عامل، وقادة الحزبين الشيوعيين اللبناني، والسوري (المكتب السياسي)، على سبيل المثال. المشكلة أن سيادة النظم الاستبدادية، وتخلف السياسة والثقافة والاجتماع في بلادنا، انعكست على الأحزاب والفصائل اليسارية (وأيضا القومية والدينية)، التي لم تتأثر بشيء مما يجري في العالم، وضمنه التحولات في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وأثرها على الاقتصاد وعلى البنى الطبقية، والتي لم تستوعب حتى معنى انهيار الاتحاد السوفييتي، كنموذج للدولة الشمولية.
المهم أن فوز اليسار في بلد ما لا يغطي عورات «اليسار» عندنا ولا يعوّض بؤسه.


حتى نلتقي .....
فضاء الرأي الآخر :
إما كراكوزي .. وإلا فالمقص..!؟
* الشيخ *



كفى ..
لا أحد منكم يمثلني
أنا المهجر المقتلع الجذور
أنا الضحية المراق دمها
في بلاد هدرها مغتصبها منذ عقود
كفى ..
أنا الطفل
أنا العجوز
أنا الجائع المشرد
في أصقاع الدنيا
لا أحد منكم يمثلني
تُتجارون ، وتتنافخون
على المنابر ، وفي الأروقة ، والصالونات
بأنكم الأكثر صفاقة
في التاريخ
وأنني المسيح الأزلي .... !!!؟
كفى .

















تجمع اليسار الماركسي " تيم "

تجمع لأحزاب وتنظيمات ماركسية . صدرت وثيقته الـتأسيسية في 20 نيسان2007.
يضم (تيم) في عضويته:
1- حزب العمل الشيوعي في سوريا .
2- الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي .
3- الحزب اليساري الكردي في سوريا .
4- هيئة الشيوعيين السوريين .
الموقع الفرعي لتجمع اليسار في الحوار المتمدن:
htt://www.ahewar.org/m.asp?i=1715




للاطلاع على صفحة الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي على الفيسبوك على الرابط التالي:
https://www.facebook.com/pages/الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي/1509678585952833








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة