الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رد على الكاتب انيس منصور

علي عبد السادة

2005 / 9 / 18
الصحافة والاعلام


ما لا يدركه انيس منصور... هذا هو (ا ل ع ر ا ق)
اغلب العراقيين عزفوا، تماما، عن متابعة ما يكتبه بعض الصحفيين والاعلاميين في الصحف العربية وغيرها عندما يتناولون الشأن العراقي، سوى مجموعة نخب ما زالت تعتمد هذه المتابعة كتقليد قديم يمارسونه مع افطار الصباح.
السبب في هذا العزوف هو ذلك الاخفاق الكبير في مخاطبة العراقيين بلغة تبتعد كثيرا عن اللغة التي يفترض بها ان تتعاطى بموضوعية واخلاقية مع حقيقة معاناة اهل العراق. وربما يعود ذلك الى وجود نخب عربية تباينت بين غير عارفة بتفاصيل ما يجري، او انها لاتستطيع الاقتناع بالتغيير وزوال حكم شمولي ارتدى ثوب "العروبة" واساء اليها، او اخرين فقدو امتيازاتهم كما أظهرتها العديد من الوثائق التي نشرت مؤخرا.
فالسيد انيس منصور قلما يكتب في الشان السياسي- على الاقل ما ينشر له في جريدة الشرق الاوسط- فهو غالبا ما يلجا الى منهج اقرب الى مذكراته من أي شيء اخر، وفي عدد الشرق الاوسط الصادر يوم الثلاثاء المصادف 13/9/2005 وكالمعتاد في الزاوية اليسرى من الصفحة الاخيرة كتب مقالا يحمل عنوان ( ا ل ع ر ا ق- لم يعد دولة).
من الصعب ان نعتبر هذا المقال بانه يستهدف موضوعا واحدا اراد منصور قول شيء فيه، لذا اود تسجيل ملاحظات اتمنى ان تجد في صدر الكاتب مكانا جيدا لاستقبالها.
*حدد الكاتب انيس منصور صورة العراق بانه مقسم الى اجزاء لايربطها أي رابط وذلك واضح من طريقة كتابته للعنوان- استخدم الحروف المنفصلة في خط كلمة العراق- وهي لافتة للنظر تدل على ان منصور لايرى في العراق أي وحدة اطلاقا.
عموما.. لم اتذكر يوما ان اقرأ – الا ما ندر- مقالا يتحدث عن مصائب العراق في فترة حكم صدام حسين؛ هل كان الصحفيون في تلك الفترة ،ومنصور منهم، يرون في العراق دولة واحدة؟. في وقت شرد فيه الالاف وقتل مثلهم تحت مرأى ومسمع الجميع، عشرات القرى والقصبات ابيد اهلها وتحول الناجون منهم الى لاجئين احتفظوا بصور بلدهم وذويهم يتاملونها خلسة في بلدان المهجر مخافة ان يكون ضابط مخابرات عراقي يسكن في المنزل المجاور هناك.
السؤال.. هل كانت هذه الاساليب بنظر هؤلاء الكتبة صمام امان لوحدة العراق؟، ليروه الان مجزئا بعد سقوط نظام صدام حسين وقد فقد العراق صمام وحدته "الخاوي" .
*في العراق تخرج يوميا عشرات المظاهرات بشتى اشكالها وانواعها؛ مظاهرة في السماوة تطالب بتحسين الاوضاع المعيشية، في الرمادي خرجت مجموعة من العشائر العراقية تندد بالارهاب وتصب غضبها على الزرقاوي، في اربيل وبغداد اعتصمن نسوة عراقيات يطالبن بحقوقهن في الدستور.
اعتقد ان مثل هذه الاجواء- رغم صعوبة الوضع في العراق- تفتقر اليها العديد من الدول العربية. كل هذه المظاهرات تجاهلها الاستاذ منصور وراح يركز على مظاهرة قام بها مجموعة لايتجاوز عددها اقل من ربع المتظاهرين الذين طالبوا بعراق ديمقراطي متعدد خالي من" الارهاب الاجنبي" والقوات المحتلة على حد سواء.0 هؤلاء( القلة) خرجوا يحملون صور صدام حسين وفي اذهانهم حلم لن يتحقق في عودة الظلم والطغيان، ورغم ذلك لم يقمعهم احد في العراق. واشارة الكاتب منصور في هذا الجانب قد توحي للقارئ بأمور أخرى لا يتقبلها الغالبية المطلقة من العراقيين. وهنا لا يمكن ان نعذر الكاتب الا في حال ان تكون حدود معرفته تنحصر في هؤلاء القلة الذين تابع مظاهراتهم. او قد يكون يعرفهم .
* وصف منصور العراق بأنه بلد رافض للعروبة، وهنا لاداعي لتذكيره بالمواقف العربية الصامتة تجاه ما يجري في العراق الا انني ساذكره بملاحظات معروفة لدى الجميع:
دون استخدام تسميات، فهناك انظمة عربية تعلم جيدا ان في بلدانها (دعاة ارهاب) يحثون الشباب على الذهاب الى العراق لغرض الالتحاق بما يسمونه "المقاومة" والتي لم نجني ثمارا منها سوى مجازر في الحلة وبغداد الجديدة وحي العامل واربيل والكاظمية، وقائمة الضحايا الابرياء في العراق تطول. هذه الانظمة لم تحرك ساكنا في اتخاذ أي اجراء يدل على انها تريد للعراق حياة امنة ومستقرة.
العروبة التي تحدث عنها الاستاذ منصور,التي اثارت حفيظة امنائها والمحافظين عليها منذ لم يرد في الدستور العراقي اي كلمة تدل على عروبة هوية العراق،و بعد ايام قليلة من تصريحات عمر موسى في هذا الشان سقط 1005 شهيد ضحايا كارثة جسر الائمة في بغداد، فسكت الجميع دون ان تحركهم عروبتهم في الاستنكار والمواساة مثلما دفعتهم للاعتراض على جملة لاياكل العراقيون منها ولايشربون.. ربما لايعرف الاستاذ انيس منصور ان الالاف من العراقيين من غير العرب قتلوا وشردوا باسم "العروبة".رغم ان مسودة الدستور قد اشارت الى تمسك العراق بالجامعة العربية والتزامه بميثاقها ، هذه العبارة تخلو منها العديد من الدساتير العربية نفسها.
* كل الشعوب التي تنشد التحرر والسلام تجدها في الغالب رافضة لسياسةا الولايات المتحدة الامريكية في الهيمنة والاستغلال. وهذا الرفض يتخذ اشكالا عديدة تباينت بين العنف والصراع السلمي من اجل انتزاع الحقوق. هذا لايعني ابدا ان مصائب الامريكيين جراء كارثة طبيعية كاعصار كاترينا، يمكن استخدامها وتدويلها للتعبير عن ازدراء لسياسة امريكا. لكي نستحق ان نعيش في مجتمعات متحضرة لابد من ادراك قيمة الانسان وعدم الاستهانة بحياته، وهذا لايفهم على انه توافق مع السياسة الامريكية بل انه تعاطي انساني مع كارثة بشر مهما اختلفنا عنهم في الجنس او اللون أو حتى اختلفنا مع سياسة حكوماتهم ، ونحن- بالتأكيد- مختلفون مع سياسة امريكا في مواقف ومواقع متعددة.
اخاطب السيد انيس منصور، اخيرا، واقول له : ان كنت ترى في العراق اعصارا لن ينتهي حتى بعد عشرات السنين.فنحن نرى على الرغم من صعوبة المخاض وشكل الصراع ومدياته في العراق فأن هذا الصراع سيخلق دولة ديمقراطية يحكمها العراقيون انفسهم بعيدا عن الظلم، وستشكل للعالم العربي نموذجما يحتذى به في التحضر والسلام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي