الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقارب السعودي – التركي هل سيعيد صياغة خارطة التوازنات الإقليمية

علي مسلم

2015 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


اعتبرت الإدارة التركية أن الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي في 30 يوليو 2013 ضد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي والذي لم يكن مضى على فترة حكمه سوى عام واحد انقلاباً على الشرعية , حيث جاء ذلك بمثابة انتكاسة لمشروعها في المنطقة كون تركيا كانت تنظر الى التجربة الوليدة في مصر على انها امتداد لحكم حزب العدالة والتنمية الاسلامي التركي , واعتبر بعض المراقبين أن سقوط حكم الاخوان المسلمين في مصر يمثل نهاية للدور التركي في المنطقة .

في الجهة المقابلة كانت المملكة العربية السعودية من أشد الداعمين للنظام الانقلابي في مصر سياسياً ومالياً وإعلامياً , لقد شكل هذا الاختلاف الحاد في المواقف بين الجانبين بالإضافة الى جملة من القضايا الخلافية الاخرى (كملف حركة الاخوان المسلمين في سوريا وملفات اخرى عربية وفلسطينية ) كمقدمة لخلاف و بداية لقطيعة دامت لفترة ربما لم تكن طويلة لكنها كانت مهمة .

فور وصول نبأ وفاة العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز , أعلنت الحكومة التركية أن رئيسها رجب طيب أردوغان قطع جولته الإفريقية وتوجه للسعودية لتعزية الملك الجديد ولحضور جنازة الملك الراحل الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في الوسط الدبلوماسي الدولي والذي اعتبره البعض أنها بداية لفتح صفحة جديدة من العلاقات التركية – السعودية في عهد الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز ربما تكون أكثر حيوية مما كانت عليه في عهد الملك السابق ورئيس ديوانه خالد التويجري , وما زاد من إمكانية حدوث ذلك قيام الملك الجديد بإقالة الحاشية القديمة بما فيهم إعفاء الأمير بندر بن سلطان من مهامه والذي تسبب في قطع الدعم السعودي عن المعتدلين من الجيش السوري الحر الذي كان يدعمها تركيا وتحويل الدعم السعودي إلى جهات إسلامية ذات ميول متطرفة وكذلك تغيير السفير السعودي لدى أنقرة ,وتعيين بديل عنه من أوليات مهامه البحث في الملفات العالقة بين السعودية وتركيا .

ومن الجدير ذكره أن العلاقات التركية – السعودية كانت تعاني على الدوام من بعض التجاذبات السياسية والمتعلقة في جوهرها بالهوية المذهبية الإسلامية السنية المشتركة بينهما , فتركيا البلد القوي الصاعد الذي شكل عامل التوازن أمام طموحات ايران الاقليمية والشريك السعودي في دعم المعارضة السنية المسلحة ضد نظام الاسد , حيث أن الليبرالية الاسلامية التي تسير عليها تركيا والتي تشكلت عبر التفاعل بين الحضارة الاسلامية الصوفية والقيم الدينية العثمانية والعلمانية الكمالية والتي توفر مساحة أكبر للممارسات العلمانية واعتماد ذلك كممر للحكم واستخدام ذلك للتأثير على حركة الاخوان المسلمين في سوريا واللذين يحاولون بدورهم طرح مسألة الصراع في سوريا للتصويت مقابل الحصول على دعم الدول الغربية , بالمقابل تحاول السعودية أن تبقي جماعة الاخوان المسلمين في سوريا مهمشين في المعارضة السورية خوفاً من وصولهم إلى الحكم في سوريا والذي سيقود مستقبلاً الى خلخلة بنيان العائلة المالكة , خصوصاً بعد ما جرى من تحول في مسار الأحداث في دول الربيع العربي وصعود الاخوان المسلمين في الانتخابات في تونس ومصر والمغرب بعد عام 2011 وما سبق ذلك من فوز كاسح لحركة حماس في غزة عام 2006 في أول ظهور انتخابي لهم . قبل اكثر من عشرين عاماً نشر الباحث الأمريكي ( فيليب روبنس ) كتابه الشهير( تركيا والشرق الأوسط ) وركز فيه على حركة المملكة العربية السعودية المطردة في أسلمة تركيا.

وأكد روبنس – في ذلك الوقت- أن الإسلاميين سيصلون إلى السلطة في تركيا كنتيجة حتمية لعملية الاجترار الديني الذي تقوم به السعودية في تركيا . اللافت في الأمر أن الباحث الأميركي في كتابه (الذي لا تتجاوز صفحاته 150 صفحة)، أكد أن السعودية ستكون هي المتضرر الأكبر من عملية الأسلمة هذه، باعتبار أن تركيا ما إن تتأسلم حتى تبدأ في التفكير في استدعاء تراثها العثماني من جديد، ومن ثم سوف تقوم بمنازعة بل وانتزاع الزعامة الدينية السنية من السعودية مما سيشكّل خطورة كبيرة على مركزها الإقليمي، وعلى تماسك نظام آل سعود في الحكم.

وقد بدأت هذه المرحلة بالفعل عبر حلفاء العثمانيين الجدد «الإخوان وقطر». السعودية والاشكالية المزدوجة : تعاني المملكة العربية السعودية من اشكالية مذهبية ربما تعود في جذورها الى بداية تأسيس جماعة الاخوان المسلمين بقيادة حسن البنا عام 1928 والذي استند على الفكر الاسلامي السياسي لأكثر من جيلين في الفترة الاخيرة من الحكم العثماني والمستند أساساً على دمج المذهب السياسي المعاصر بالموروث الثقافي الاسلامي , مما شكل استجابة ضرورية للعلمانية الاوربية وهذا ما شكل أول تحدي اسلامي حقيقي شهدتها المملكة العربية السعودية وكان بداية لانقسام فكري وسياسي حقيقي بين الاخوان المسلمين والعائلة المالكة في السعودية حيث أن عقيدة أغلب المواطنين في السعودية هي عقيدة تستند على المذهب الوهابي الذي اسسه محمد عبد الوهاب والتي ترتكز على التفسير الصارم لتعاليم السلف ( اصحاب الرسول محمد وما تلاهم بجيلين ) لذلك نجد أنهم يفضلون مصطلح السلفيين لوصف اتباعهم حيث أنهم ينظرون الى أي انحراف عن المبادئ الدينية الجوهرية بمثابة نقض للدين ويتم رفضها فوراً .

وهذا ما دعت المملكة العربية السعودية الى أن تنظر بعين الريبة الى الانتشار المتألق لجماعة الاخوان المسلمين , حيث يدعون إلى شكل جمهوري للحكم الاسلامي كما حدث في تركيا بعد عام 2002 وهذا يتعارض تعارضاً مطلقاً مع النظام الملكي التي تقوم عليها نظام العائلة المالكة في السعودية . كما أن الثورة الاسلامية في ايران والتي أدت إلى تأسيس الجمهورية الاسلامية عام 1979 والتي شكلت بدورها تهديداً إضافياً للمملكة العربية السعودية حيث أنها برهنت على أن الدولة يمكن أن تحكم طبقاً لمبادئ اسلامية .

كما أن الاضطرابات في سورية ساهمت في خلق تعقيد آخر جديد أمام النظام في السعودية حيث أن المملكة منجذبة بقوة نحو احتمالية إضعاف قوة نفوذ إيران في الشام ولكنها في نفس الوقت لا يمكن أن تتجاهل تنامي دور جماعة الاخوان المسلمين كقوة ذات اعتبار في حركة المعارضة السورية , لذلك فالسعودية باتت مجبرة لاحتواء حركة الاخوان المسلمين ومن خلفها تركيا وبات ذلك من الضرورات الملحة بغية الوقوف ما أمكن في وجه التمدد الالتهابي لإيران في المنطقة العربية حيث سيوفر ذلك للسعودية المزيد من وسائل التأثير في التطور السياسي لدول المنطقة ومن جهة أخرى تحافظ عبر ذلك على التوازن المذهبي السني المتشكل بينها وبين الجماعات الاسلامية المعتدلة والتي كانت تعتمد في ذلك سابقاً على دول الاستبداد العربي في مصر وسورية وتونس واليمن في استمرار قمعها لتلك الحركات الاسلامية المتصاعدة , وسوف تتخلص من الاحراجات الامريكية المتكررة والتي ما انفكت تطرق الباب السعودي من أجل توفير المزيد من الاصلاحات الديموقراطية الامر التي تعتبرها السعودية كمقدمة لبداية انهيار المنظومة التي تستند عليها العائلة المالكة في حكمها كونها تعتمد على المذهب السلفي الصارم .

بقي أن نقول أنه لا يمكن في أي حال قراءة العلاقة المتجددة بين السعودية وتركيا بمعزل عن الاحداث التي تحدث في المنطقة والتي سوف تحدد مساراً ربما يكون جديداً للأحداث يكون عنوانها تقليص الدور الايراني في المنطقة وترويض الحركات الاسلامية المعتدلة الصاعدة ما أمكن لفترة قد لا تكون بعيدة ...؟ 3- 3 –








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في