الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حاضرون غائبون

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2015 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


اللهم قد بلغت
حاضرون غائبون


قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم حكومة بنكيران:
الحكومة خلقت أزيد من تسعين ألف منصب شغل في القطاع العام خلال ثلاث سنوات...
لكنه في واقع الأمر أعدمت أكثر من ٦-;-٢-;- ألف منصب في القطاع العام على امتداد سنتين. وهذا حسب أرقام واردة من وزارة الاقتصاد والمالية.
وقد سبق للفيلسوف اليوناني الطبيعي الغامض ، هراقليط ، وهو أول من أقرّ بالصراع والتناقض في الفكر الإنساني ، كمبدأ وأسس ، أن قال :
لا يتأمل العامة في طبيعية الأشياء التي يصادفونها و لا يعرفونها معرفة حقيقية، ولكن يظنون أنهم يعرفونها...
والقائل أيضا:
من لا يعرف أن يسمع لا يعرف أن يتكلم... فقد شبّه هراقليط العامة من البشر بالصم والبكم ، لا يمكنهم الكلام لأنهم لا يملكون السمع. وفي حالة الصم والبكم يكون النقص عضوي. أم في حالة العامة فالنقص نتج عن حديثهم المبالغ فيه دون أن يضيفون أي شيء جوهري، فيكون حديثهم مجرد ثرثرة يومية... قد فقدوا المقدرة على التمييز بين حشد الكلمات التي تصل إلى آذانهم كل يوم وبين الكلمات الحقيقية والتي هي خلاصة ـ النوس ـ أي العقل أو الفكر. وعندما يستمعون لا يفهمون ولذلك ينطبق عليهم قول: حاضرون غائبون.
نعود إلى ما قاله الخفي بخصوص فرص الشغل...
إحصائيات وزارة الاقتصاد والمالية تكذب ما قاله الوزير الخلفي، فقد أكدت أن القطاع العام فقد ما يناهز 63 ألف منصب فيما بين 2012 و 2014 .
كلشي عندنا بالمقوب في هاد البلاد السعيدة ... قيل إن المواطنين قاموا برفع دعوة قضائية ضد المغنية الشعبية الداودية، إذ اعتبروها تنشر الفساد عندما قدمت على ترويج أغنيتها ـ اعطيني صاكي ـ فهل هذا دافعه الغيرة على الأخلاق والقيم؟
بالتأكيد لا وألف لا ... لكنه إن كان الأمر كذلك ، وإن كان هؤلاء مواطنون فعلا بكل معنى المواطنة المتعارف عيها ، وغيورين على القيم والنزاهة وحسن السلوك ، لكانت لهم الجرأة والشجاعة على رفع دعوة قضائية ضد الفساد الفعلي والحقيقي الذي ينخر المجتمع ومؤسساته ويهدم سس قيم المواطنة الفعلية ببلادنا . فكان عليهم ن يرفعوا دعوة ضد ناهبي ولصوص مال الشعب وثرواته وضد انتهاكات حقوق الإنسان وضد الرشوة والدوس على الكرامة وهم جرا...
ويتعقد الأمر أكثر اعتبارا لواقع عالمنا الحالي.
في عالم اليوم غير المحتمل والذي سيصبح غير محتمل أكثر مستقبلا ، لا يمكن انتظار أي شيء من أي شخص ومن أية جهة . على المرء إذن أن يأخذ زمام أموره بيده و أن لا يعتمد إلا على نفسه.
فعلى المرء أن لا يقتصر على انتظار حماية اجتماعية من الدولة، وعليه أن يتخلص من روتين وخرافة الدولة الحامية التي تختار مكانه وعوضه كل شيء في حياته.
في عالمنا الرديء الحي، وجب التصرف حسب القاعدة أنه لا يمكن انتظار ي شيء من رجال السلطة، لكن دون الارتماء في غمار قبول الأمر الوقع والانهزامية . حاليا لا خيار للمرء سوى الاعتماد على نفسه، هذا هو السبيل الوحيد في عالمنا الرديء الحالي، أي بكلمة الثقة في الصيرورة الذاتية الفردية في ذاتها.
إن عالمنا أضحى ملغوما بأخطار تتزايد باستمرار، والعنف أصبح في كل مكان وشبحه يحوم من كل جانب ومواطن الخلاف والكره والعداء تتفاعل هنا وهناك. ولم تعد الاختلافات تحيي وتطور بعضها البعض كما كان حاصلا في السابق نسبيا.
البيئة تتدهور باستمرار، الشغل وفرصه تنمحي وتغيب ونسبة النمو لم تعد قادرة البتة على الاستجابة لانتظارات المواطنين والتي يتسع مدها باستمرار، والفوارق الاجتماعية بين الأكثر غنى والأكثر فقرا سائرة نحو المزيد من التعمق والتباعد بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية ، وكل سياسات التضامن الاجتماعية في طريقها إلى الانحلال والانهيار، و الاعتماد على القروض والهبات أضحى المخرج للاستمرار في الحياة، سواء بالنسبة للأفراد أو المؤسسات أو الدولة بعد أن تم التفريط في الثروات الوطنية وتبديدها.
في ظل هذه الوضع أصبح الجميع لا يفكر إلا في تدبير الحياة يوما تلو اليوم دون التمكن من إعداد الغد بأي حال من الأحوال. ويبدو أن الشر أضحى سيد الموقف، وغالب ما يتقمص وجه العنف وبطالة الشباب وانتشار دوائر الفقر المستدام...
رغم كل هذا مازال سياسيونا يبشرون بغد أفضل ويصرون على تنظيم حملات انتخابية مرصوة بوعود وبرامج متخمة مقرين أنه لو تم اختيارهم سيكونون قادرين على تغيير واقع الحال وتحسين المآل والحد من الفوارق الاجتماعية الصارخة وخلق فرص الشغل وإعادة التوازنات لتحقيق النمو ... وعندما يحبط الحزب المنتصر انتظارات المواطنين المشاركين في اللعبة السياسية يتم اختيار حزب آخر يدعي ما سبق وأن ادعاه سابقه وهكذا دواليك... وعبر هذا مسار يتآكل جسم المشاركين في اللعبة السياسية ويتقلص جراء الاحباطات المتتالية، و سيتي يوم، ولعله قريب، سيكون أغلب المغاربة خارج اللعبة السياسية، وآنذاك ستتجمع شروط تخليص الجن المارد من قمقمه... علما ن عدم المساهمة في اللعبة السياسية مآلها واحد حاليا، الارتماء في أحضان التطرف بأنواعه الدينية والعلمانية والفوضوية..
لسان حال سياسيينا في الوقت الراهن لا يكف عن القول: لا جديد تحت الشمس ... فهل هذا يعني أنه محكوم عينا بالعيش في خضم تناسل الأزمات وتوالي خيبات الأمل واغتيال الطموحات ؟
لكن الجوب يجب ن يكون: لا... الجديد يقبع فوق الشمس، ويكفي التخلص من النخب التي قدتنا إلى ما نحن عليه الآن ليبزغ من جديد فجر الأمل الذي سوف يقودنا إلى اختيار سبل جديدة، ربما غير مسبوقة، تخلصنا من الخوف من اعتماد تجارب أخرى لم يسبق أن خضناها ... علينا اكتساب وتفعيل الشجاعة والجرأة للسير عبر مسارات أخرى غير التي سرنا عليها إلى حد الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254