الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق ... بين اذارين

محمد السيد محسن

2015 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


العراق... بين اذارين
محمد السيد محسن ... لندن
تمتاز العمليات التي تقوم بها القوات العراقية المشتركة في تكريت بانها اكبر عمليات حقيقية تحتاز على تفاعل شعبي واقليمي وسياسي في العراق منذ الحملة الكاذبة التي قام بها رئيس الوزراء السابق لقتل احد القادة فاتجه الى حوض حمرين وبعد ذلك غير بوصلته الى الانبار ليعود الجيش مخلفا وراءه مساحات شاسعة تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي
العمليات التي اطلق عليها العراقيون عمليات "لبيك يارسول الله " لاتنفك تلزمنا بالتاريخ القريب حيث انتفاضة اذار عام 1991 تلك الانتفاضة التي تعد الام الشرعية لكل ثورات ما سمي بالربيع العربي والتي تم استغلالها من قبل الاسلام السياسي ومن ثم سيطرت عليها كتائب الاسلام الجهادي المتشدد
في اذار عام 1991 انتفض العراقيون على طول محافظاتهم ولم يتخلف عن الانتفاضة يومذاك الا محافظات بغداد والموصل وصلاح الدين والانبار وما عدا العاصمة التي كان النظام السابق يسيطر عليها بقبضة من حديد تمتاز المحافظات الثلاثة الاخرى بانها محافظات التفريخ لكل عناصر الامن والمخابرات والموالين للنظام السابق وهي المحافظات التي لم تقتنع بعد بالتغيير الذي حدث في العراق بعد احتلاله من قبل الامريكان عام 2003
اذار 1991 خلف في قلوب العراقيين خصوصا في المحافظات الجنوبية وحصرا المحافظات السبع , البصرة, ذي قار , ميسان , الديوانية , السماوة , النجف وكربلاء خلفت في قلوب سكان هذه المحافظات ذكريات مرة وكانت تداعياتها على كل البيوت خصوصا وان العالم وقف موقف المتفرج حتى ان الاميركان سمحوا للنظام السابق باستخدام سلاحه الجوي في معالجة التمرد الذي قامت به جماهير هذه المحافظة الامر الذي ساعد على وأد الانتفاضة وسط سكوت اقليمي ودولي
واعترف رئيس لجنة السلم والتضامن وقتذاك لطيف نصيف جاسم حين قال : لقد فقد العراق في صفحة الغدر والخيانة - وهي التسمية التي اطلقها النظام السابق على المتتفضين – اكثر من 280 الف وكان هذا اعترافا صريحا على ان النظام قتل في الانتفاضة هذا الرقم الكبير وسط صمت دولي واقليمي
اليوم , العراقيون يعيدون ذكرى الانتفاضة ويأخذون حيف ايام صعبات من القوات التي جاءتهم من الانبار وصلاح الدين والموصل واخترقت جدران بيوتهم بالنار والدبابات وقتلت وفتكت بهم على مدى 14 يوما ولم يتحدث صوت لا من الاميركان ولا من هيومن رايتس ووتش ولا من الامم المتحدة بل ان البعض مازال يشكك بعراقية الانتفاضة , وهذا ما دأبت عليه الماكنة الاعلامية العراقية التي كانت مميزة في التعامل مع الاحداث
ولشدما كان اداء الاعلام الذي قام به " الفيلق الثامن" وهو جيش الاعلاميين في زمن النظام السابق محط تعجب المتابعين حيث قال احد الصحفيين الفرنسيين خلال زيارته لبغداد في حديثه عن العلاقة بين اعلام الدولة وحقيقة الاحداث الجارية في البلاد حيث قال : اشد ما اثارني في العراق ان الايرانيين احتلوا مدينة الفاو بكاملها والاعلام العراقي لم يصدم مثل مواطنيه ولم يكن الاعلام انعكاسا لصدمة مواطنيه بل اطلق اسم " الفاو المنتصر " على معركة استعادة اهم ميناء عراقي وقتذاك ولم تفلح القوات العراقية من استعادته الا بعد عامين . هذا الامر يدعونا لعدم الاتستغراب من ان بعض العراقيين يعتقدون جازمين بان ايرانيين هم الذين قاموا بانتفاضة اذار عام 1991 حتى ذهب البعض ممن تتراخى عندهم القيم احيانا مثلما يتراخى لباسهم الداخلي .. يعتقدون جازمين بان المقابر الجماعية التي خلفتها العمليات الانتقامية لوأد الانتفاضة وقتذاك وحالة الهخستريا التي كانت تعتري النظام السابق ورجالاته ما زال البعض يصر على انها من الحرب العراقية الايرانية ولا ادري كيف تكون مقابر جماعية عند اطراف الناصرية او السماوة او الديوانية او كربلاء والنجف لكنها مكابرة الامس تحتفي بغبائها اليوم
المشهد اليوم ليس بعيدا عن مشهد عام 1991 ولكنه في وجهه الاخر حيث ان الاعلام العراقي اليوم وقف بكل ما لديه من دعم للقوات العراقية المشتركة على اساس انه يقف مع جيشه ومع المتطوعين الذين جاوز مداهم الوطن بل ووصل الى العقيدة والدين والمذهب لكن اذار 1991 لم يغب عمن خطط لساعة الصفر لمعركة تكريت , اليوم تستهدف السيطرة على تكريت مدينة صدام حسين ومدينة الدور مدينة عزت الدوري وما لهذين الحدثين من قيمة رمزية تعيد الى الاذهان انتفاضة اذار عام 1991
ومثلما قام عبد القادر الدليمي خطيب جامع الفلوجة عام 1991 وصاح بجموع المصلين انه سيغلق الجامع ولا صلاة الا في كربلاء ورفع شعار "لاشيعة بعد اليوم" وهو الشعار الذي كتبه بعض افراد الحرس الجمهوري والامن الخاص والاستخبارات على الدبابات ... اليوم نجد النداءات حتى من قبل السياسيين السنة تاتي للانقضاض على تنظيم فتك بالسنة قبل الشيعة على الرغم من الاصوات التي نسمعها بتحويل المعركة ضد داعش وحواضنها في تكريت والدور من البعثيين والمستبعثين الجدد في العراق في محاولة تحويل المعركة الى معركة شيعية ضد السنة في العراق الا ان الكثير بدأ يعي خطورة ضياع القرار السني في العراق على حساب دمار مدنهم وقراهم واستحواذ الفكر الديناصوري عليهم
العراق بين اذارين يرى نفسه اليوم متشرذما رغم دعوات الوحدة الا ان خط الشروع الذي فرضته صدمة الموصل وهو خط سامراء هو الذي ينبئ بخطر التقسيم ولكون ان التقسيم خطيئة تأريخية فان شيعة العراق لن يقبلوا به لكنهم في دواخلهم متحمسون لطرد شريكيهم في العملية السياسية العرجاء السنة والاكراد لان هذه العملية العرجاء لم تفلح بعد في جمع الاخوة الحقيقية منذ احد عشر عاما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط