الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اذكروا محاسن موتاكم

ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )

2005 / 9 / 19
كتابات ساخرة


قبل أن أدخل إلى المجلس سمعت صوتا مألوفا لدي من عادته أنه يتحدث في العزوات بكل شجاعة , لا يهاب أحدا , يتمنى الخير للجميع ، يكره التملق ، شخصية معروفة لدينا جميعاًً ، تجاوز السبعون من العمر أحاديثه جريئة وشيقة وأمثلته جد واقعية ليس لديه غني أو فقير ، لا كبير إلا الله ، يزور عزاوات الجميع ، والعزاء عندنا تبقى عادة ثلاثة أيام واحيانا تدوم لأسبوع ، حسب الوضع المادي والعشائري للأسرة ، حيث تنصب خيمة أو اكثر، طول الواحدة منها عشرون مترا وعرضها خمسة أمتار للرجال ،وواحدة ينصبونها للنساء .

سلمت عليهم وجلست قبالته , كان الجميع يتنصتون له منهم مرغما لاستماع أحاديثه إلا أنني أحببت حديثه الواقعي والجريء عن الإنسان المسلم وعن الشريعة الإسلامية وعن أمور الدين والدنيا . وتبين لي أن الحديث يدور حول شرح أية قرآنية : أن الله غفور رحيم وهو شديد العقاب أيضا .
كان البعض يتأفف وقد انتفخت اوداجهم غيظا ، لاصراره على ان يؤيدوه بالرأي، الا ان احدهم وبذكاء حاول أن يغير مجرى الحديث الديني الى واقعنا الحالي ، واستلم شيخنا الحديث وانتقل الى واقعنا المزري في هذه المنطقة العشائرية . و التي لم تعد كسابق عهدها حيث كانت منطقة معروفة بكرمها وعطاءها وإنسانيتها . أما الآن الفساد والنميمة والربا واللانسانية قداستفحل في المجتمع ، كما لن أخفيكم سروري البالغ جدا لدى سرده هذه الحكاية القديمة :

يحكي أن ثلاثة أشخاص نزلوا ضيوفا على رجل واثناء وقت صلاة الظهر أراد الأول أن يتوضأ
فخرج معه صاحب البيت ليدله إلى مكان الوضوء فقال له الضيف:
- لا تهتم كثيرا بالباقي أنا الشيخ وهم كلابي ،
- ?……………( لم يرد صاحب البيت سوى بابتسامة باردة ) .
خرج الثاني للوضوء فاصطحبه صاحب البيت إلى المكان ، همس الضيف وقال:
- أنا الشيخ لاتهتم بهؤلاء الكلاب
- …………؟.(ابتسم ابتسامة صفراء وهز رأسه ) .
خرج الثالث أيضا همس في أذنه وقال:
- لاتهتم بهم كثيرا انهم كلابي والشي…..
- سبقه صاحب البيت وقال:أنت الشيخ والزعيم وابن الأصول من بينهم.وهم كلابك ؟

انزعج صاحب البيت كثيرا من تصرفاتهم ،ومن سوء أخلاقهم ومعاملتهم للبعض ، فذهب لزوجته لإحضار الطعام وذبح شاة وقال لها: عليك تحضير الغداء بسرعة ؟. وهمس في أذنها.
- استغربت المرأة وقالت لزوجها : ماذا تقول ! ؟
- لا عليك افعلي مثلما أطلبه منك ؟ .
جاء وقت تناول الغذاء , حيث قدم صاحب المنزل السفرة إلى الضيوف وقال لهم تفضلوا، تقدموا للطعام ؟!
– نظروا إلى بعضهم وقالوا : ما هذا ؟ عظام فقط . ماذا نفعل بها؟
– لتأكلوها !؟ لقد قمت بواجب منزلي وذبحت وأمرت زوجتي بفصل اللحم عن العظم وتقديمها لجنابكم لأنها طعامكم المفضل ،كونكم انتم الثلاثة كلاب.
خيم الصمت قليلا على مجلس العزاء ونظر بعضهم إلى بعض ،اصفر وجوه بعض , واثلج صدور بعض , انتصب أحدهم وحمل عباءته و خرج ، ثم تلاه شخص ثاني وثالث ورابع و هم يحدقون بالمتحدث نظرة كلها حقد وازدراء.

ماهين شيخاني
[email protected]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع