الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرة دفن رقم 1

محمد عبد الله دالي

2015 / 3 / 14
الادب والفن



مذكرة دفن رقم (1)

بعد يوم شاق من العمل المتواصل ،والرائحة التي تزكم الأنوف ألقى بجسده المتعب على فراش يكاد يقي جسده من ألم الخشب المصفوف بدون اعتناء ،وهو يتحسس كتفيه ويسمع صوت أضلاعه من كثرة استعمال المعول ،وبين نصف اغماضة لعينيه وهي تستسلم الى النوم ، استفزه طرق خفيف على الباب الخشبي ، لم يستجب أول الأمر لنداء الباب ضنا منه إن الهواء يحركه أحيانا ويلعب معه لعبة الغميضه ، لكن عاود الطرق ثانية وبقوة هذه المرة ، عدل من جلسته وهو يتثاءب ويفرك عينيه بظهر كفه .
ـــ من يطرق الباب في هذه الساعة المتاخره من الليل ، فتح جزء من الباب وأطل برأسه وهو يُكُور عينيه المتعبتين ، نعم تفضل أخي ؟
ـــ هل أنت أبو سرحان الدفان ؟
ـــ نعم انا هو ! ما المطلوب أخوان ؟
ـــ لدينا توجيه من الرفيق ، وأرسل معنا هذه الهدية .
ـــ دفع بجسمه إلى خارج الباب لينظر ما لديهم من هدية ،وإذا بسيارة بيك أب وفي حوضها جنازة ملفوفة بالعلم العراقي ، تنفس الصعداء والتفت إليهم قائلا : ــ
ـــ قبل قليلا انتهيت من العمل ،وأنا متعب جداً وبحاجة إلى الراحة قليلا وليس لدي القدرة على العمل تفضلوا استريحوا قليلا ، الصبح قريب
ـــ التفت اليه احدهم وبنظرة حادة ،شَدَهُ من يدهِ قائلاً
ـــ أبو سرحان ، لا تماطل ، الوضع لا يتحمل ،والرفيق ينتظرنا بفارغ الصبر ، ولدينا أوامر ليست بصالحك .
ابتلع ريقه وحبس أنفاسه قائلاً : ــ
ـــ أدللوا ، دعوني ألبس ملابس العمل .
تململ قليلاً وهز كتفه بعدم الرضا ، لكن الأمر لا يستوجب الرفض وإلا نال نصيبه من العقاب ، اضطر إلى السكوت وتنفيذ الأمر ، خرجَ وعلى كتفه معوله معلقاً به زنبيل التراب .متمتما بكلمات لا يفهم معناها اختار مكانا منفردا هذه المرة وأتم عمله ، دسَ احدهم مبلغا من المال ومعه ورقة صغيرة في جيبه ،سألهم ما نوع البناء تريدون طابوق جيري أو مرمر أو أسمنت فقط ؟
ـــ ضع عليه تله من التراب فقط . ونوصيك بكتمان الأمر .
سركم في بئر ..أخوان نحن بالخدمة .
ــ عفية ضحكوا وبصوت خافت ، بارك الله بيك أبو سرحان .. أودعناكم !
وبعد ان ركبوا سياراتهم ,وتركوه في المقبرة وحيدا وتأكد من ابتعادهم التفت حوله خوفا من مراقبته .اخرج النقود وأشعل قداحته ليرى المبلغ ويقرأ الورقة .
بعد أن عَدَ النقود وقرأ محتوى الورقة نطق بالاسم قائلاً ( حيدر فقط ) احتفظ بسره ورجع ماشياً وكأنه يحمل على كتفيه جبلا وهو يبسمل ويحوقل مرة ويستغفر مرة أخرى ،ويلعن اليوم الذي ولد فيه .أكمل نومه وهو لا يفقه مما عمله شيئاً .وبعد ايام قليلة وبنفس الوقت ..وبنفس الوجوه لكنهم كانوا اشد قسوة في تعاملهم هذه المرة .وسألوه لم نتعرف على اسمك الحقيقي أبو سرحان
ــ قال لهم اسمي حيدر بن ......؟ ،وبعد إتمام العملية وجه الفجر سلموه مبلغا أكثر من السابق وورقة صغيرة وبالاسم نفسه .(حيدر) ، ازدادت مخاوفه وحيرته من الأمر، وبان على محياه الخوف من المستقبل وكأنه يقرأ الطالع .غيب النوم من عينيه ،وما هي إلا ليالي قليلة سمع طرق على بابه المتهالك ، نهض وهو يفكر بهؤلاء الرجال ،الذين رسموا على وجهه الحزن ، فتح الباب قائلاً : ـــ
ــ نعم تفضلوا ..هل لديكم جديد ؟
نظر يمينا ويسارا ولم يجد أحد .ازدادت مخاوفه ،وعند محاولته غلق الباب وقع نظره على قصاصة ورق ، تناولها وأضاء مصباح الغرفة وقرأها بصوت مسموع ( ابو سرحان يا حيدر يا ....... غادر المكان فورا لأنك ستحفر قبرك هذه المرة بيدك ...فاعل خير ) أصابته الدهشة من هذه الأحداث المتلاحقة ، لملم حاجياته وغادر الغرفه وهرب إلى مكان مجهول ...!!
الكاتب والقاص ــ محمد عبد الله دالي الرفاعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | على الهواء.. الفنان يزن رزق يرسم صورة باستخدا


.. صباح العربية | من العالم العربي إلى هوليوود.. كوميديا عربية




.. -صباح العربية- يلتقي نجوم الفيلم السعودي -شباب البومب- في عر


.. فنان يرسم صورة مذيعة -صباح العربية- بالفراولة




.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان