الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة لقرية الوزير سين

كاظم فنجان الحمامي

2015 / 3 / 25
كتابات ساخرة



ربما يظن البعض أننا سنتحدث هنا عن قرية الوزير التابعة لمركز (ميت غمر) في محافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، أو القرية الفلسطينية التي حملت اسم الوزير (زياد أبو عين) جنوبي بيت لحم.
لا نريد التحدث عن قرية بعينها، ولا عن وزير بشخصه، لذا فأننا سنشير إليها بالرمز (سين) أو (صاد)، فالقرية التي سنتحدث عنها تكاد تكون موجودة في معظم المدن العراقية، ولها أكثر من اسم، لكنها تشترك مع بعضها البعض بعلاقاتها الحميمة مع بعض الوزراء وكبار المسؤولين الذين ينتمون إليها، فهي أما تمثل نواة لعشيرة الوزير، أو تمثل مسقط رأس المسؤول الكبير.
ما يميز قرى بعض الوزراء والمسؤولين (القدامى والجدد) أنها شهدت قفزات عمرانية هائلة في المحاور الزراعية والهندسية والخدمية، فتحولت بحكم الظروف المتأرجحة إلى مراكز نموذجية في التحضر والتطور، وتحول بعضها إلى منتجعات فردوسية وارفة الظلال، وقرى نموذجية معزولة. تطوقها الأسوار الأمنية المشددة.
حتى المدارس في هذه القرى تختلف اختلافاً صارخاً عن المدارس البائسة القريبة منها، ناهيك عن المراكز الطبية التخصصية المطورة، والأسواق العامرة، والأزقة المرصوفة بالحجارة الملونة. والمضايف العربية المحاطة بشبكات متكاملة لمنظومات التكييف المركزي، ومفروشة بأفخم قطع السجاد الكاشاني ووسائد الحرير والديباج.
عندنا محافظات فيها أكثر من قرية بهذه المواصفات البرمكية الممتازة، خصوصا بعدما شملها أصحاب المناصب الرفيعة برعايتهم العشائرية المنطلقة من مبدأ (الشجرة التي لا تفئ على أهلها تستحق القطع)، وهكذا ظلت القرى المحرومة ترزح تحت تراكمات الجهل والتخلف، بينما ازدهرت الأحوال المعيشية في قرى الوزراء والوجهاء، ففازت بكأس الرفعة والتفوق.
كانت (العوجة) قرية معزولة تعيش في الستينيات تحت خط البؤس، فوضع النظام السابق ثقله كله للنهوض بها نحو المراتب العليا، فتحولت في ليلة وضحاها إلى قلعة مخيفة، محصنة بقصورها الفخمة، وبواباتها العباسية المزركشة بالنقوش والزخارف، وأسوارها المحمية بمنظومات المراقبة الالكترونية. وما أن سقط النظام السابق حتى ظهرت عندنا عشرات القرى المدللة، المحفوفة بالرعاية والعناية. المثير للدهشة أن البطالة انحسرت تماما من تلك القرى، وأن سكانها صاروا يعملون كلهم أو معظمهم في الوظائف الحكومية المرموقة.
لا نريد تحديد عناوين تلك القرى المحظية، بقدر ما نريد تشخيص هذه الحالة المؤسفة، التي اختفت فيها أبسط معايير العدالة الاجتماعية في تحقيق المساواة بين أفراد الشعب الواحد. مما يؤسف له أن بعض المسؤولين لا يرون مآسي الفقراء، ولا يسمعون شكواهم. وربما انصبت اهتماماتهم على تحسين أوضاع أبناء عمومتهم، وتلبية احتياجاتهم، وضمان سعادتهم، فالأقربون أولى بالمعروف في دفاتر أبطال السيرك السياسي.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في