الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال التقدم والتنمية، من يجيب؟

هشام حمدي

2015 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


التقدم والتنمية، مجموعة من الأسئلة تشمل العالم العربي الإسلامي برمته، فمن يجيب؟
منذ أكثر من مائة سنة والعرب يفكرون في التقدم والتنمية، يومها كان العالم يولد من محرك بخاري وهاتف لاسلكي "غولييلمو ماركوني صاحب نوبل للفيزياء برفقة كارل فردنان براون عن اختراعهم التلغراف اللاسلكي" وأول فيلم قصير صامت، صار المحرك ذريا والتلفون فضائيا والفيلم ثلاثي الأبعاد ولم يتقدم العرب.
الأسئلة كثيرة لماذا لم يتقدم العرب؟ وهل نتقدم بالدعاء والصلاة وتقديم القرابين؟ هل نتقدم بالذبابة والمدرعة وتكديس لأسلحة؟ هل نتقدم بالهجرة السرية؟ هل نتقدم بقطاع تقديم الخدمات الاستهلاكي؟ هل نتقدم بتغريب اللغة أم بتعريبها أو تشريقها؟ هل نتقدم بالأحزاب السياسية أم بالمجتمع المدني؟ وكيف بإمكاننا فعل ذلك حاليا؟
هناك العديد من المخارج من كل المآزق الإنسانية منها وحتى الحضارية، لكن هل العرب يريدون فعلا الخروج من ذاك الحال وحالتهم تلك، وهل يملكون الإرادة بالتصريح والاعتراف بأن عدم اتفاقهم مشكلة وعقم اتفاقياتهم معضلة.
إن بعض الحكام العرب وبعض منظريهم وغالبية خدمهم من مثقفيهم يرون أنفسهم فوق النجوم وهم جالسون في قصور مكاتبهم تحت مكيفات بريطانية وسقوف من هندسة إيطالية وستائر من خيوط هندية، يسمعون موسيقى ذات ألحان ألمانية ويلبسون سترات آخر موضة بتفصيلة فرنسية ويدخنون سيجارة بنكهة كوبية ويستقلون سيارات من ماركة يابانية ويحملون جوازات ذات جنسية أمريكية ويملكون أرصدة في حسابات بنوك سويسرية، ولهم حصص من أسهم في شركات صينية لإنتاج الملابس الداخلية، هذا هو الحال وحتى الإنسان الغبي لا يقدر على إنكاره.
عندما يصل الغرب وشرق آسيا إلى الفضاء ونحن نفكر بالتقدم والنهوض فهذا معناه أننا متأخرون؛ عندما نجد غزوا لسلع استهلاكية ومنتوجات معلوماتية وتكنولوجيا متطورة ومتحكمة بنسبة كبيرة في تربية أطفالنا وأبنائنا هذا يفسر أننا متأخرون؛ عندما تجد بعض من نخبتنا تفتخر وتفاخر بنيل شهاداتها الجامعية من تلك العاصمة الأوروبية أو الأمريكية أو غيرهما تأكد أننا متأخرون؛ عندما يتم تسخين الرأي العام وتبريده على إيقاع خطبة صلاة جمعة جافة وجوفاء من منبر جامع يعتليه الدهماء من ذوي اللحى الذين لا يعرفون ما يقولون فهذا يشرح أننا مازلنا نراوح في مقامات تراث الأسلاف والأجداد؛ عندما تفرقنا القبيلة والعشيرة والطائفة وتقسمنا المنطقة الجغرافية وتجمعنا اللغة وتوحدنا القصيدة هذا معناه أننا نفتقد وسائل وإمكانات التقدم والتنمية؛ عندما نجد علماءنا مجهولين والجهلة مشهورين هذا يعني رفض للتقدم والرقي؛ عندما يقرأ العربي في السنة صفحة ويقرأ الغربي في اليوم كتابا هذا معناه أننا لا نتملك ولا نملك معرفة التقدم والتنمية؛ عندما تتواجد وتوجد آلاف القنوات الفضائية وتتحكم بنا وتكاد تحكم علينا فضائية واحدة كيف السبيل للتقدم والتنمية؛ عندما تكون حقوق الإنسان والحرية والديموقراطية ومقاومة الصهاينة موقف خلاف بيننا لا ينبغي ولا يجوز التفكير في التقدم والتنمية؛ عندما نكون أبناء وطن عربي يبلغ تعداد سكانه الملايين نسمة ويملك ثروات تقدر بآلاف المليارات ويقتل الفلسطينيون والعراقيون والسوريون واللبنانيون ووو... أمام أعيننا أطفالا ونساء شيبا وشبابا بأسلحة صهيونية ويموت أطفال صوماليون جوعا هذا معناه أننا خارج زمن التقدم والتنمية.
التقدم والتنمية يحتاج أمرين لا ثالث لهما: المعرفة والقوة، ولكل منهما مكوناته وعناصره وفروعه، هذه الثنائية تستوجب أن نكون عارفين كيف نصبح أقوياء وأن نكون أقوياء فنعرف كيف نحمي ونصون معرفتنا ومعارفنا، نعم التقدم والتنمية بحاجة لعقول علمية وتقنية وليس لعقول بيانية كما يقول محمد عابد الجابري في كتابه المعنون العقل العربي، فالمعرفة التقنية يحتكرها الغرب ولا يريد اقتسامها ويرفض تعميمها وملف إيران النووي خير برهان، كما يحتاجان لتطوير وسائل وآليات الإنتاج الكلاسيكية، كما بحاجة ماسة للحرية السياسية من أبوابها المتسعة ونوافذها الواسعة، وبحاجة لاحترام الدستور وسيادة القانون ومبدأ المواطنة، وأيضا بحاجة لإعادة لقراءة العلاقة مع الدين وتحديد دوره في المجتمع، بحاجة لفهمنا لمعاني العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية بغية تحقيقها على أرض الواقع، بحاجة لنظرة مختلفة تماما للمرأة وإعطائها حقوقها كاملة لا نقصان فيها، بحاجة لحرية التفكير والتعبير والتطوير والتنوير وإن لزم الأمر التثوير لإنتاج بنك من أفكار مستجدة وجديدة بدل استيراد أفكار الآخرين.
التقدم والتنمية يوجب: أن نكون مشاركين في الاستقرار لا في الاضطراب، أن نكون مناضلين مبالين لا مستسلمين هاملين، أن نكون معتدلين محاورين متحاورين لا مكرِهِين متعصبين متطرفين، أن نكون قارئين متعلمين قابلين للثقافة لا جاهلين أميين مقلدين، أن نكون تكنولوجيين ودعاة سلم وسلام ووحدويين واستقلاليين في آن واحد حتى لا تفرقنا التحزبات وتقسمنا الخيارات.
أخيرا يجب أن نعلم أننا لن نتقدم بالخطابات والمؤتمرات والمؤامرات، ولن تتحقق التنمية بالإرهاب ونشر ثقافة الخوف وانعدام الأمن والأمان ولا بالضعف والتشرذم والشتات، لن نتقدم بالرجوع للسلف ولبس جلباب الماضي ولا بتقليد الغرب واستيراد منتوجاتهم وآليات إنتاجهم، فكل هذا لا يجدي نفعا. فليكن الإنجاز هو الحكم ومدى تحقيق التقدم والتنمية هو الأهم، ولأن الوقت لم يعد يسمح بمزيد من التجريب فإن الجواب الوحيد على أسئلة تحقيق التقدم والتنمية يبقى هو المعرفة والقوة شريطة عدم الخلاف والاختلاف على الترتيب، فهل نقبل ونوافق ونتوافق بتقدم وتنمية قائمان على التعددية، سؤال برسم وحجم عالم عربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل