الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخيرا عاصفة الحزم

خليل كلفت

2015 / 3 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



بعد شهور من الانتظار بدهشة إزاء بطء رد الفعل السعودى والعربى والإيرانى والدولى، وبمخاوف قيام دولة حوثية فى اليمن تنقل القوة الإيرانية إلى قلب دول الخليج، وبصورة تهدد طريق باب المندب، والتجارة العالمية النفطية وغير النفطية، وإغلاق قناة السويس، وكذلك أمن المنطقة المعنية، جاء أخيرا رد الفعل وبقوة لافتة، وبمجموعة من النتائج العسكرية السريعة وجهت ضربات قوية إلى الفتح الحوثى بالتحالف مع الرئيس اليمنى الذى خلعته الثورة الشعبية اليمنية فيما كان يقمعها بوحشية.
ومن المعطيات السابقة، بكل نتائجها الخطيرة الممتدة، لا يمكن لعاقل، مهما كان موقفه من السعودية ودول الخليج، ومن السياسة المصرية الراهنة، إلا أن يستنتج أن التدخل العربى العاجل كان قد صار ضروة قصوى.
وإذا اتخذت الدول المعنية موقف اللامبالاة فسيكون معنى هذا أننا نتخذ موقف اللامبالاة إزاء مصير الشعوب العربية. حيث لا يمكن لعاقل أن يبنى تصوراته على هذيانات الفيسبوك الخفيفة الدم عند من يتذوقونها.
وكان المبدأ المستقر إلى الآن هو أن نواجه بكل قوة أىّ تهديد مباشر أو غير مباشر يتهدد دُوَلنا أو شعوبنا، ولا يمكن تفاديه بوسائل أخرى. ويعنى سقوط اليمن أو السعودية أو ليبيا دون شك سقوط مصر. ويتصور هؤلاء الساخرون أننا لا نملك دولة ينبغى أن نحرص عليها. فهم يرون أن انهيار دولتنا أو خضوعها هى وشعبنا لقروسطية الإخوان المسلمين أو إيران لا ينبغى أن يزعجنا. ذلك أنهم يتصورون أن حالتنا الراهنة لا تقلّ سوءًا عن حالتنا المحتملة تحت غزو إيرانى، لنا أو لمن حولنا.
ويعتقد مفكرو الفيسبوك هؤلاء أن الصراع يدور ضد دُولنا وليس ضد شعوبنا. وإذا كان الصراع يدور ضد شعوبنا فسيقولون إن شعوبنا محكومة الآن على كل حال بديكتاتوريات عسكرية أو پوليسية. فلا فرق بين أن تحكمنا هذه الديكتاتوريات أو أن تحكمنا ديكتاتوريات غيرها.
وإذا كان من الصعب أن نتصور أن جمهورية إيران الإسلامية ستحكمنا مباشرة، فإننا سنكون على كل حال خاضعين للنفوذ الإيرانى من خلال توابعها فى العراق وسوريا ولبنان واليمن، وكل الأغلبيات أو الأقليات الشيعية التى تتلاعب بها إيران بزعم حمايتها.
أما إذا كان الصراع يدور ضد دولنا فسيكون هذا أدعى للتجاهُل التام لدولنا لأنه فى هذه الحالة سيكون الصراع ضد الدول التى تضطهدنا. ويعنى هذا فصلًا تاما بين الشعوب من ناحية والدول من ناحية أخرى.
فهل يمكن أن نتصور الشعب بلا دولة أو الدولة بلا شعب؟
والحقيقة أننا لن نتخلص من الدولة قبل انتهاء انقسام المجتمع إلى طبقات. ونحن لا نعلم كم من العقود أو القرون ستمرّ قبل أن نصل إلى المجتمع الخالى من الطبقات. ومع أن الدولة هى دولة الطبقة الحاكمة، فإن لها وظائف أساسية تَحُول دون أن يهبط المجتمع البشرى إلى غابة أسوأ من غابة الحيوانات.
وأنا لستُ مطلقا من عَبَدة الدولة. ولا أتعاطى تقديس أو تكريس الدولة، ولا يكون هذا إلا بإدراك واضح لوظيفة الدولة، وهى وظيفة مؤقتة بالمعنى التاريخى. ونحن نقاوم هذه الدولة والطبقة الحاكمة التى تمثلها فى سبيل ضرورات النضال السياسى والاقتصادى والاجتماعى للطبقات الشعبية وفى سبيل حقوقها وحرياتها فى حدود ما يمكن تحقيقه فى مجتمع طبقى. وهناك من يخلطون بين الدولة فى مفهوم القانون الدولى أو الدستورى، والدولة بالمفهوم الاجتماعى الطبقى. وتتهم الدول معارضى الطبقة الاجتماعية الحاكمة بأنهم يريدون تدمير الدولة والوطن، مع أنه لا أحد يريد تدمير الدولة بهذا المعنى الدستورى.
وإذا عُدنا إلى الأحداث الأخيرة فى اليمن فسيكون لدينا غزو حوثى مفاجئ منذ عدة شهور بالتحالف مع الرئيس الذى خلعته الثورة. وأخذ الغزو يتطور بسرعة ليشمل اليمن من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وكان غزوا همجيا واسع النطاق، إلى حد اعتقال رجال الدولة، ورفض كل عروض التفاوض والصلح. ولا يمكن بالطبع أن يجرؤ الحوثيون على هذا العمل الكبير دون اعتماد على الرئيس اليمنى السابق بحكم طموحه إلى العودة إلى السلطة بابنه، ودون اعتماد على إيران.
وكانت النتائج المحتملة خطيرة. وإذا التفتنا إلى المصلحة المصرية فإن انتقال القوة الإيرانية إلى قلب دول الخليج يمثل تهديدا مباشرا لمصر التى لا يفصلها عن المنطقة المعنية سوى البحر الأحمر. كما أن السيطرة الإيرانية على باب المندب والبحر الأحمر تعنى احتمال إغلاق قناة السويس ووقف التجارة العالمية، ويعنى هذا كارثة اقتصادية على مصر. أىْ أن مصلحة مصر هى المشاركة فى الحرب وليس فى تفاديها.
ولا شك فى أن هناك مخاوف من تورُّط مصر فى حرب مع اليمن فى وقت تواجه فيه حصارا حربيا من الغرب الليبى والشرق السيناوى والحمساوى والجنوب السودانى ومن الداخل المصرى. غير أن نتائج حرب اليمن يمكن أن تكون كارثة حقيقية. ولا مبالغة فى هذا فمن كان يتخيل هذه التطورات المفاجئة إلى جانب السيطرة الإيرانية على العراق وسوريا ولبنان؟ ولا مناص من الحرب لحماية الدولة والشعب.
28 مارس 2015









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام فارغ!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2015 / 3 / 31 - 13:25 )
اخي الكريم بعد التحية. ايران اصبحت بعبعا يخوف به الامريكان العرب لحاجة في نفس يغقوب. ايران لا تستطيع احتلال اي بلد سوى من الدخل او الخارج وانت تعرف ان الدول المتحافة على اليمن لديها اتفاقات امنيه مع الامريكان وان قواعد الامريكان موجودة في الدوحة وفي السعودية وفي البحرين وفي البحر الاحمر كما لا تنسى ان الدول التي اعترفت باسرأئيل ومنها ام الدنيا ـ التي اصبحت امعة تقودها دولة التخلف مقابل نصيبها من سهم المؤلفة قلوبهم من عآئدات النفط لديها تحالف امني مع اسرآئيل.انه من المعيب حقا ان تغزى بلاد عربية مستضعفة تعمها الفوضى وللآن ليس لديها استقرآر داخلي لتنصيب عميل من عملاء الامريكان والصهآينة.عجبا كيف تنطلي عليكم الاكاذيب ايها المثقفون وانتم تعلمون علم اليقين ان القطب الاوحد الذي يتدخل في شؤون الدول هي امريكا وامريكا لا تسمح لاي كان بالعبث بمصالحها. السعودية ودول الخليج هم دمى بيد الامريكان تحركهم متى ما شآءت وما غزوة الحزم الا لاجل التدخل لتنفيذ الشرق الاوسط الجديد.
. بئس الزمن الذي يقود فيه نظام الجهل والتجهيل والرجعية والتطرف نظام آل سعود قادة العرب وبئس -القادة- هم.
هو الريال السعودي.


2 - كل التقدير لفهد العنزي
رائد ( 2015 / 4 / 1 - 12:21 )
لا فض فوك يابن شبه الجزيرة العربية فهد لعنزي ردك هذا افحم هذا الكتيتيب الذي اعتقد يوما انه مثقف ومحسوب على الانتلجنسيا العربية يكفي ان تكون في صف ال سلول الوهابيين حتى اقول لك من انت


3 - كلها رأسماليات تابعة وعميلة ولكنْ
خليل كلفت ( 2015 / 4 / 1 - 13:27 )
كلها رأسماليات تابعة وعميلة ولكنْ لديها جميعا مطامح ومطامع يجرى تحليلها هنا


4 - السيدخليل المحترم
حسين المولى ( 2015 / 4 / 1 - 21:00 )
كنت من المعجبين بكتاباتك فهي على درجه عاليه من العلميه والواقيعه الا اني اختلف معك هذه المره --جنابك يعرف بان الواقع العربي لايتحمل مزيدا من الهزات فهو واقع مريض محملا بالعديد من العقد والمشاكل المستعصيه-وياتي تدخل السعوديه واذيالها النفعيين ليغرقوا المنطقه بمحن وويلات تزيد الطين بله-فمن واجب المثقفين وهم النخبه المعول عليهاان تستنكر أي عمل عدواني على سيادة الدول واحترام حقوق شعوبها في اختيار ارادتهادون فرض الوصايه عليها من أي طرف كان -اليست هذه الديمقراطيه باوضح صورها أتمنى على الجميع ان لايتعاملوا مع العواطف والتوجهات الشخصيه او الطائفيه في مثل هكذا أمور خطيره -والسلام


5 - الخلاف فى الرأى وارد
خليل كلفت ( 2015 / 4 / 1 - 21:38 )

الخلاف فى الرأى وارد وكل حدث يمكن أن تتعدد فيه الآراء ولا مشكلة فى أن يعبر كل شخص عن رأيه فى الموضوع المطروح وهذا هو معنى الحوار المتمدن


6 - لا أصدق
الباشت ( 2015 / 4 / 2 - 05:15 )
أستاذ كلفت، هل حقا انت من كتب هذا المقال؟ مقارنة بسيطة بين العمق والواقعية في باقي كتاباتك وبين هذا المقال يكتشف المرء بونا شاسعا وفرقا واضحا...عجبي

اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم