الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد عشرين عاماً ..؟

سيمون خوري

2015 / 3 / 31
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لما بلغ الثمانين من العمر كتب " جيته " الأديب العالمي في يومياته العبارة التالية:
.
التغيير أو ما اصطلح على تسميته في الفلسفة الماركسية " الديالكتيك " هو ما نثق به كقانون للحياة وهو الذي يحملنا على التفاؤل بمستقبل البشر.والتغيير هو سر تقدم وتطور الإنسان .
حتى العقائد الدينية أكدت على أهمية التغيير وفي القرآن قوله " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “. وهي من " الآيات " التي تحمل روحاً مسيحانية. بيد أن التغيير دائماً يتجه نحو الأمام ، ولا يوجد تغيير نحو الماضي ، فالماضي لا رجعة له .
في العشرين عاماً الماضية حدث تغيير كبير في أولويات النضال السياسي . وانتقل اهتمام مختلف الحركات السياسية من مفهوم الثورة بمعناها الانقلابي الى مفهوم الإصلاح السياسي للنظام . خاصة في أعقاب تفكك بنية كتلة البلدان الاشتراكية.والتحولات الإقتصادية في الصين " الشيوعية ".
ويبدو لي أننا في مرحلة تجاوزت ذهنياً فكرة الثورة بمعناها الكلاسيكي القديم . لكل عصر سمته ولغته المعبرة عنه. رغم ان المفكر الايطالي " انطونيو غرا مشي " تنبأ بذلك مبكراً لكن يبدو الأن أن حصاد السنين والاتجاهات الفكرية الراهنة ، تجاوزت الى حد بعيد ذلك الإعلان القاطع المعروف في الأدبيات الإعلامية القديمة ، ان هذا العصر هو عصر انتقال البشرية من الرأسمالية الى الاشتراكية ..الخ وهكذا بعد عدة سنوات قد لا تتجاوز العشرين عاماً القادمة ، ستبدو مفاهيمنا ومعارفنا ، وحتى قناعاتنا الراهنة في نظر الأجيال القادمة أفكار صبيانية ، وربما مضحكة مثل خرافات وأساطير العقائد الفضائية .
عشرون عاماً..! وهي عبارة عن جيلين لأن سرعة تطور العلوم والتكنولوجيا الكاسح وانعكاساته على المجالات الإجتماعية والاقتصادية والحريات العامة ، تترك أثرا كبيراً في الوعي العقلاني المتزايد لدى الناس والمستند الى فكرة الحرية السياسية والديمقراطية والعلم .
لكن والاهم هو تطور دور المعلومة والفكرة ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها. وانتقال المجتمعات من عصر المعلومة المذاعة الى عصر الصورة. وعلى ما يبدو أن عالمنا الأن دخل مستوى جديد من تطور المعرفة الإنسانية . ترى هل نحن على أبواب " مجتمع معلوماتي " على رأي عدد من الباحثين اليابانيين..؟ بأن فضاءنا الكوني يتألف من ثلاثة عناصر أساسية هي " المادة، والطاقة، والمعلومات "..!؟ وبطبيعة الحال التكنولوجيا المتطورة.
خلال فترة وجودي في المستشفى مؤخراً قال أحد الأطباء المشرفين على علاجي..
" حسناً لقد جرى شحن " البطارية " الخاصة التي تزود قلبك بالطاقة وتحافظ على مستوى آداه وصلاحيتها لمدة عام كامل ، بعدها سنجرى فحصاً أخر ... أما الأن فالأمور تحت السيطرة ".
هذا جزء من التغيير الذي حققه الإنسان، بفضل العلم والمعلومة والمثابرة واحترام قيمة الإنسان. قبل سنوات لم يكن بالإمكان إجراء عمليات من هذا النوع . بل أن في عالمنا العربي، لا زال هناك من يعالج بالرقى والتعاويذ، وقراءة الفنجان ؟؟.فيما العالم انتقل الى ثقافة الصورة الحية منذ سنوات .
وبتقديري فإن امتلاك المعرفة والمعلومات واستخدامها في المنافسة الإقتصادية والسياسية وفي التكنولوجيا ستلعب دوراً حاسما في نتائج الصراع في عالم تسوده تغييرات وتبدلات عميقة تمس مختلف الأسس البنيوية للمعارف السابقة . وعلى ما يبدو من وجهة نظري ان السلطة الفعلية في المجتمعات المعاصرة، تنتقل تدريجياً الى أيدي العلماء والمفكرين وأجهزة الأتمتة ذاتية الضبط والحركة .طبعاً قد يعتبر البعض أن هذه الأفكار تجسد في جوهرها أيديولوجية الرأسمالية المنظمة ..؟
ربما..؟! لكني في الجوهر مع تعبير " هيغل " القائل : أنا هو أنا :
تعبير أنا ليس كمصطلح نرجسي بل أنا التي تجسد روح الفرد وتحافظ على إنسانيته، وستعري كل الوعي الزائف بفكرة الأحزاب والجماعات السياسية. وكافة الأشكال التي تلغي الفرد لصالح الجماعة، أو تلك المؤيدة لفكرة العنف والتعصب الديني. سيتضاءل دور العنف في مقابل الدعوة لإرساء أساس اجتماعي عقلاني لحل المشكلات الإجتماعية . ورفض المنطق الطبقي أو " الديني " في حسم الخلاف.
وفي أوربا نحن نلمس بدايات حقيقية لقبول فكرة التعايش الأيديولوجي بين مختلف التيارات السياسية ذات التوجهات المتباينة. لصالح إرساء أسس مشروعة لمستقبل مشترك بين مختلف شرائح المجتمعات الأوربية، قائم على فكرة احترام حقوق المواطن بشكل عام.
والتأكيد على العلاقة المتبادلة بين فكرة الحرية والديمقراطية، فالحرية هي نتاج للديمقراطية والديمقراطية بدورها هي نتاج لفكرة الحرية. وعلى أهمية التحرير الذاتي من أوهام الماضي والنرجسية كأساس موضوعي لتفاعل الإنسان مع المستقبل. ومن اجل عالماً متحرراًً من كافة أشكال الخوف والإكراه والقهر. فلا توجد حرية أقل أو حرية أكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ سيمون خوري المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 3 / 31 - 15:13 )
سلامات
نتمنى لكم الصحة و العافية
سررنا بطلتكم اليوم


2 - هل كنتَ بحاجة لبطارية للقلب أم لممرضة حسناء ؟
الحكيم البابلي ( 2015 / 3 / 31 - 19:27 )
صديقي العزيز سيمون .. تحية
أين أنت يا رجل !؟ الكل قلق على أخبارك وصحتك .. وجنابك نايم في المستشفى تتغازل مع الممرضات اليونانيات الجميلات !؟ شو قصتك يا دون جوان ... تدخل إلى المستشفى بحجة القلب والصحة من شان تعيش كم يوم في رعاية الممرضات الحلوات وأنت تتدلل وتتغنج عليهم حتى يلتمون كلهم عليك، وإبتسامة من هنا وضحكة من هناك ولمسة وقرصة وآه ... ثم تقول لهم: خلاص طلعوني شُفي القلبُ بقلوب أخرى
على مين عل مين على مين يا سي سيمون ....روح بيع العشق بقى في مستشفى الحلوين وليس في موقع المساكين الغلابة من أمثالنا ههههههههههه

كم أنا سعيد بعودتك يا صديق النفس والروح، أنا أيضاً كنتُ في ( الخستخانة ) وحشكوا لي ثلاثة ( ستنتات ) جديدة لفتح شرايين قلبي ومجاريها وصونداتها!! ولا يهمك يا سمسم، ويا جبل ما تهزك ريح، فقلبي لا زال قادراً على العشق، ويوم يعجز عن عشق الجمال والحياة والبشر حينئذٍ دعه يتوقف حيث لن يكون بحاجته أحد، فالقلب الذي لا يعشق الحياة ومن فيها قلب لا يستحق الحياة

بَطِل كتابة مواضيع توجِعُ قلبك، إكتب شعراً أو حباً أو ذكريات أو أشياء أخرى جميلة لا علاقة لها بالسياسة والفواجع
محبتي .. طلعت ميشو


3 - عالم خالي من الخوف والاكراه
عبله عبدالرحمن ( 2015 / 3 / 31 - 21:08 )
المبدع سيمون خوري دمت بخير وبتمام الصحة
شكرا على هذه المقالة الرائعة
وان كنا على ابواب التغيير فأننا نتمنى ان يكون هذا التغيير لصالح الانسانية التي باتت تتوحش في عصر البندقية والبارود والمقاومة التي ضلت طريق الحرية
امنيات بتمام الصحة والعافية


4 - الف سلامة أستاذنا الغالي سيمون
قارئ مبتدئ ( 2015 / 3 / 31 - 21:50 )
سررت بتواجدك اليوم
الحمد لله على سلامك ونتمنى انك تكون دوما بخير
العلم يتطور بشكل مذهل حقا وكل المفاهيم تتغير بسرعة
ربما دخل العالم مرحلة الترانزيمان transhumain
حتى قبل أن ندرك ذلك وريما ما في القريب سيتمكن الانسان من تغيير اعضاءه ما لم يرضه أداءها ويتم زرع شرائح في الدماغ تغير الوظائف او تسرعها او تزيد من قوتها
لكن ألا ترى ان هذا المستقبل على قدر ما يبدو مغريا يحمل كما مهولا من الدمار لكل ما هو انساني واخلاقي ان تجرأنا واستعملنا هذا المصطلح؟
الشعوب التي تخلصت من قداسة المعتقد ووهم التمايز وكونها محور الكون تتطور نحو بناء مجتمعات تتقبل الاخر وتتعايش بسلام مع المختلفين
مجتمعاتنا العربية الثقافة يوما ما ستتغير بدورها وتدخل عالم المستقبل مع كل ما يمنحه من تعايش سلمي مع الاخرين لكن أتعتقد أن ذلك سيكون بارادة حرة أم سيفرض ككل شيء فرض علينا ولا يزال يفرض وسيستمر الامر الى النهاية؟
مع الترانزيمان والانسان المثالي هل ستنتهي الاديان وينتهي هذا الصراع الوحشي وإن انتهت حقيقة فألن تخلق الثلة المتحكمة بالكون والتي سينحسر عددها اكثر فأكثر أوهاما أخرى تتحكم بها في الجماهير؟
خالص الود
رويدة


5 - كـــلــمــة إلى ســــيــمــون خــــوري
غـسـان صــابــور ( 2015 / 4 / 1 - 14:35 )
سيمون يا صديقي الطيب
بعودتك للكتابة اطمأنيت عنك.. وهذه علامة جيدة.
أما عن العشرين سنة؟... فلهذا لي رأي آخــر... وبتشاؤمي الإيجابي.. أرى أن العرب سيعودون أيضا إلى غياهب أفكارهم المغموسة بالدين والقات... فلا تأمل منهم أن يقبلوا بأي فكر حــر.. ولا بأي تطور ديمقراطي... وأن العلمانية عندهم سوف تبقى كفرا وزندقة... إذن تابع نصيحة أحد المعلقين بترك السياسة.. وكتابة الشعر والبحث عن الجمال.. وأنا ســوف أتبعك... حتى لا أصاب برابع انسداد بشرايين القلب...
وحتى نلتقي... لك ديمومة صداقتي ومودتي واحترامي...
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا


6 - رد الى الاصدقاء
سيمون خوري ( 2015 / 4 / 1 - 15:06 )
الاحبة جميعاً اعتذر عن هذا التأخير في التواصل معكم منذ يوم أمس وحتى اليوم . المهم شكراً الى أخي عبد الرضا حمد جاسم الذي يشرفني دائماً بزيارته الجميلة .
والى أخي الحكيم البابلي هذا الرجل المخلص تحية لك وللعائاة الكريمة . وما أود قوله هو أننا وصلنا الى حالة اشباع في هذه المرحلة وأحياناً تبدو المغامرة الجنسية نوع من الأشغال الشاقة في حالات مرضية معينة لكن ذلك الحب نعطية دائماً لمن نحبهم من الأصدقاء والأهل وللعالم .. ساحاول العودة الى كتابة النصوص الأدبية لكن ما يجري في المنطقة العربية يؤلمني جداً . المهم أنك بخير بعد تلك الفحوصات الطبية وأتمنى لك وللعائلة كل خير ومحبة
العزيزة عبلة المحترمة تحية لك وسررت بتعليقك بيد أن انتظر كتابك الجديد الذي سبق وتحدثنا حوله . ولا زلت مصراً على ضرورة مواصلتك للكتابه . تحية للعائلة
اختي المحترمة رويدا تحية لك سررت جدا بتعليقك الذكي واتفق معك حول مخاوفك وما يحمل العصر القادم من جفاف روحي وهذه الخشية قائمة وربما تذكرين الفيلسوف نيتشه والافكار النازية حول نقاء الجنس البشري والتخلص من المرضى ومن حسن حظي ااني في عصر مختلف اما الغد فهو مجهول وربما مخيف تحية لك


7 - ليس هنالك -نفس- او أنا اصيلة في بلداننا
طلال الربيعي ( 2015 / 4 / 1 - 21:10 )
الاستاذ العزيز سيمون خوري
تهاني القلبية لاستعادة صحتك وعافيتك!
اما عن ال - أنا-, او النفس, فانه ليس هنالك -نفس- كمفهوم وجودي في بلداننا, فمفهوم النفس هو من اختراع عصر الحداثة, كما يؤكد ذلك مؤرخ الفكر وعالم النفس ميشيل فوكو, عندما دشن عصر الحداثة نفسه باعلان رائد العلم الحديث, رينيه ديكارت, -اني افكر فاني اذن موجود-. اما في بلداننا فلا وجود للنفس الاصيلة -غير المزيفة- في العموم, وما يتحكم في الشخص هو (لا)عقل القطيع كما يتمثل ذلك في العشيرة او الطائفة او الحزب الديني او القومي او الشيوعي الخ. ولذلك فان دعاة المدنية (التي تشترط وجود الأنا المستقلة) في بلداننا, ومنها العراق على سبيل المثال, يخدعون الآخرين كخداعهم لانفسهم.
يتبع


8 - ليس هنالك -نفس- او أنا اصيلة في بلداننا
طلال الربيعي ( 2015 / 4 / 1 - 21:14 )
كما ان زعمهم ان مفهوم -الانا- هو مفهوم نرجسي يؤكد تماما اعتبارهم وجود النفس رذيلة ويعبر ايضا عن رغبة قاهرة ما قبل حداثوية (اقطاعية) تهدف الى نفي النفس الاصيلة او المستقلة, اي تلك التي تفكر بنفسها ولا تتحكم فيها عقلية القطيع. فالنفس الاصيلة اما ان يكون مصيرها القتل كأسوء احتمال او بتهميشها ورميها في سلة المهملات كاحسن احتمال, وبذلك يسجل القطيع انتصارا بعد انتصار وتسجل الأنا او النفس الاصيلة هزيمة بعد الاخرى. لذا لا عجب عندها ان يزداد ويتفشى الفساد السياسي والاداري والمالي, مترافقا بتفشي التدين وكثرة عدد الجوامع وتصاعد زعيق المؤذنين خمسة مرات على الاقل في اليوم بندائهم المكرر في كل آذان:
-حي على الفلاح, حي على خير العمل-!
والنداء واقعا يعلن في كل مرة انتصار عقلية القطيع وهزيمة الأنا.
مع وافر مودتي واحترامي لكم شخصيا وللمعلقين الكرام.

اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في