الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسرائيل وامريكا استراتيجيات متداخلة ادواتها عرب الاعتدال

خالد خليل

2015 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ليس صدفة ان رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو يصر على امتداد فترة حكمه ان يضع المحور الذي تقوده ايران على راس اهتمامات الأمن القومي الاسرائيلي، فهذا المحور يشكل موضوعيا ووفقا للقراءة الاسرائيلية الخطر الاساسي على وجود الكيان الاسرائيلي في المنطقة. خاصة وان هذا المحور ينظر الى اسرائيل كحالة استعمارية وكدولة مارقة يجب مواجهتها حتى الزوال.
الا ان الاستراتيجية الأمنية الاسرائيلية اتسعت بعد حرب 2006 على لبنان لتشمل مناطق واسعة في شرق المتوسط وصولا الى اليونان وقبرص ودول البلقان وحتى شرق افريقيا بما في ذلك اثيوبيا وكينيا وجنوب السودان وأوغندا . في السنوات الاخيرة عمقت اسرائيل تعاونها مع هذه الدول وعززت علاقاتها الثنائية معها على كافة المستويات ضمن رؤيتها للصراع الجيوسياسي الاقليمي. 
نتائج حرب 2006 وتوازن الردع الذي حققه حزب الله اضطر اسرائيل الى اعادة صياغة رؤيتها الاستراتيجية للصراع آخذة بعين الاعتبار التطور النوعي للجمهورية الاسلامية في ايران وتداعيات ذلك على المحور المناهض لإسرائيل والمشروع الامريكي في المنطقة والذي ازداد خطورة من وجهة النظر الاسرائيلية في اعقاب انسحاب امريكا من العراق وبروز دور إيراني فاعل وكبير على الساحة العراقية. 
لم تركز اسرائيل نشاطها الاعلامي والسياسي فقط على الملف النووي الايراني الذي نال قسطا وافرا من اهتمامها ، وانما خاضت حربا إعلامية ودبلوماسية واسعة في دول شرق حوض المتوسط والعالم وخاصة الدول المسيحية في شرق افريقيا من خلال استخدام الترهيب والتخويف من الاسلام الراديكالي المتمثل بإيران تارة وبالتنظيمات الإيرانية تارة اخرى والتي ساوت اسرائيل بينها وبين قوى المقاومة دولا وتنظيمات ، كما برز ذلك في خطاب نتنياهو الاخير امام الكونجرس الامريكي قبيل الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة. الاستراتيجية الاسرائيلية الجديدة في الشرق الاوسط تلعب على التناقضات والنزاعات الدائرة في المنطقة بعد ما سمي بالربيع العربي من خلال مساهمتها البارزة في التأليب وتاجيج الصراعات المذهبية من جهة ونسج تحالفات جديدة ضد ايران وحلفائها من سورية وحتى اليمن. ولا تخفي اسرائيل علاقاتها المميزة والتنسيق الامني مع السعودية ومعظم دول الخليج. 
العقيدة الأمنية الاسرائلية التي تهدف استمرار التفوق العسكري نجحت في العقود الماضية بتصميم الراي العام الرسمي لمعظم الدول العربية ان هذه عاجزة عن محاربة اسرائيل وحسم الصراع معها لصالحها ، ونجحت اسرائيل كذلك بمساعدة الارهاب التكفيري بإشعال سورية على طريق استمرار الصراعات المسلحة وتفتيت الأقطار العربية واستمرار ما يعرف بالفوضى الخلاقة.
مراكز البحث الاستراتيجي في الدولة العبرية أجمعت خلال المرحلة الراهنة ان الرهان الاساسي ينبغي ان يتمحور حول استمرار هذه الحالة العربية وصولا الى الاشتباك الفعلي مع ايران بعد أضعاف وضرب حلفائها في سورية ولبنان وفلسطين واليمن والبحرين والعراق. من الواضح ان الاستراتيجية الاسرائيلية تلتقي مع الاستراتيجية الامريكية الحالية فيما يتعلق بالفوضى والتفتيت للاوطان والجيوش العربية واستمرار الهيمنة والسيطرة على مقدرات الامة دون الدخول في حروب مباشرة وانما من خلال التخطيط والدعم للحروب بالوكالة كما هو حاصل حاليا في اليمن وسورية. 
الخلاف بين نتنياهو واوباما حول الملف النووي الايراني حقيقي لكنه تكتيكي ومن المستحيل ان يصل الى درجة التناقض الجذري او القطيعة ، فاوباما رغم الاستياء جهارا من سلوك نتنياهو الا انه يؤكد صبح مساء على التزامه والتزام بلاده بحماية اسرائيل وامنها كشريك استراتيجي لا يمكن للولايات المتحدة التخلي عنه. 
نتنياهو يريد الوصول الى هدف ضرب ايران حتى عن طريق التوريط المباشر لأمريكا بالحرب، فيما يعي أوباما ان هذه الحرب في ميزان الربح والخسارة اكثر كلفة من حروب الوكالة. 
 لذلك كان من الطبيعي ان تلائم اسرائيل نفسها وتستخدم خطابا جديدا في معارضة الاتفاق النووي الحالي بين ايران والدول العظمى وفي هذا السياق تأتي مطالبة الكابينيت الاسرائيلي لهذه الدول بوضع شرط اعتراف ايران بحق اسرائيل بالوجود والتوقف عن الدعوة لإزالتها من الوجود كشرط لتوقيع الاتفاق النووي النهائي في نهاية حزيران القادم. ورغم ان المطالبة لن تثمر الا انها جزء من الاستراتيجية الإعلامية لإسرائيل في مواجهة المحور الايراني العربي الرافض لها ولوجودها. 
من الواضح ان الاستراتيجية الاسرائيلية الحالية تضع في سلم أولوياتها رفع مستوى التنسيق مع أنظمة الاعتدال العربية الى درجة التحالف في مواجهة ايران والمقاومات المرتبطة بها وبنفس الوقت استمرار التنسيق والتعاون العسكري والاستخباري مع جبهة النصرة والجيش الحر وتيارات مسلحة اخرى في سورية من اجل أشغال وإضعاف الجبهة الشمالية، اي حزب الله وسوريا، تحضيرا للحرب القادمة عندما تحين الفرصة لذلك، اي عندما تحصل تطورات ميدانية حاسمة لصالح سوريا وحزب الله. ولا شك ان لإسرائيل مساهمة ودورا استخبارية ولوجستيا في العدوان الحالي على اليمن خاصة وأنها منذ سيطرة انصار والقوى الثورية المتحالفة معه على المشهد اليمني لم تخف قلقها واهتمامها بهذه الساحة واعتبرت هذا التطور سيطرة إيرانية على اليمن وتحديدا على مضيق هرمز ومضيق باب المندب البحري التي تعتبره اسرائيل خطرا مباشرا على التجارة الدولية القادمة من البحر . فبحسب القراءة الجديدة للوضع الامني فقد بدات اسرائيل في السنوات الاخيرة بالاهتمام بشكل مكثف بالمعابر البحرية خاصة وان 97٪-;- من الواردات والصادرات الاسرائيلية تمر من البحر المتوسط والبحر الأحمر كما جاء في ورقة الباحث الاسرائيلي في الأمن القومي يتسحاق بن يسرائيل التي قدمها لمؤتمر هرتسليا 2014.
اضافة الى ان 80٪-;- من سكان اسرائيل يعيشون على طول الشاطئ من الناقورة وحتى إيلات . اضافة أيضاً الى الثروة الغازية البحرية التي اصبحت مركبا هاما في الاقتصاد الاسرائيلي.
اسرائيل في المرحلة ووفقا لرؤيتها الاستراتيجية الجديدة تلائم دفاعها وهجومها ليتناسب مع طبيعة قوى المقاومة في لبنان وفلسطين وأساليبها القتالية التي تختلف المواجهة التقليدية بين الدول. فهذه الاستراتيجية على قناعة ان ضرب والقضاء على المقاومة وتدمير سورية وكل حلفاء ايران في المنطقة هي مقدمات ضرورية لضرب وتحطيم ايران. 
رغم ان عرب الاعتدال أسرى لهذه الرؤية الاسرائيلية الا ان التجارب الماضية في لبنان وفلسطين وتجارب التاريخ تثبت عكس ذلك وان الشعوب تنتصر عاجلا ام آجلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست