الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة لقضية اسلام البحيرى الاعلامية فى ضوء فكر محمد آركون

فاطمة الحصي

2015 / 4 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




لا اهوى مشاهده برامج التلفزيون التى لا ُتعد ولا ُتحصى ،فعلاقتى بالتلفزيون ترتبط عندى منذ فتره بالكوميديا ،مثل الافلام القديمه او مسرحيات الاستاذ التى احفظها عن ظهر قلب ( فؤاد المهندس) ،او محمد صبحى الى اخر هؤلاء العباقره العظام ،ولكن امام جحافل المشاركات على الفيس بوك ،والانتقادات الحاده بخصوص برنامج اسلام البحيرى ،والردود على تلك الانتقادات ،وجدت لزاما على ان اشاهد ما كان يتفوه به هذا الرجل لا لشئ الا لادراك الصوره التى يتحدث عنها المتحدثون !! وهكذا فتحت على طريقة "حادى بادى " فيديو لحلقة من حلقاته الكثيره ،والحقيقة ان اسلوبه استوقفنى فهو يتحدث فى قضايا عظيمه ومهمة للغايه ،ولكن بطريقة فهلوية ،وما اعنىيه هنا عدم وجود او وضوح منهج فكرى محدد يسير عليه ، ومن خلاله يمكن اقناع الاخرين بما يقول ...
هذا مبدئيا اول ما استوقفنى ،ولكن بما اننى اقرأ بكثافة هذه الأيام للمفكر الجزائرى محمد اركون بحكم اعدادى لرسالة الدكتوراه حوله ،فإننى ودون أن أدرى وجدتنى أقارن بين الحالتين ( مع الفارق الشاسع الذى يظلم محمد اركون بإداخاله مثل هذه المقارنه ) ولكن ما دفعنى للمقارنه شيئان : الأول ،ان محمد اركون "استاذ الدراسات الإسلامية بجامعة السوربون الذى ارتبط اسمه بنقد العقل الإسلامى" لم يتجرأ أبدا على التراث، فالرجل
كان مهتما بتحديث العقل الاسلامى واعادة بناء الفكر الاسلامى ويعتبره الكثيرون رائدا فى هذا المجال فقد أفنى حياته فى محاولة تحقيق هذا الهدف .
والثانى هو :طريقة حوار كلا منهما ،فلو انك حاولت الاستماع الى محمد اركون وهو يدافع عن وجهة نظره وعن افكاره ،فلن تجد منه كلمة خارجه ،او لفظ يحتقر فيه التراث ،او يقلل من شأن مفكر من هؤلاء المفكرين الفطاحل امثال ابن تيميه الذى يقول عنه اسلام البحيرى بأنه الرجل الذى " ودا الاسلام فى داهية على حد تعبيره"،كما لن تجده يتحدث الا بكل الحب والاحترام عن التوحيدى ومسكويه وبقليل من البحث ستجد ان رساله الدكتوراه الخاصه بأركون والتى أعدها فى الستينات حملت عنوان "نزعة الأنسنه فى الفكر العربى الاسلامى ، جيل التوحيدى ومسكويه نموذجا "،بل انه فى احد الحوارات التى اجريت معه نادى بوجوب دراسة كتاب ( الهوامل والشوامل) للتوحيدى فى جميع المدارس والجامعات العربية بشرط تمكن المعلم وقدرته على تفسير كل كلمة فى هذا الكتاب تفسيرا بالقواعد النقديه الخاصة بالمنهاج التاريخى ،مبررا ذلك بآن هذا التراث يساعد على تكوين الاجيال والتدرب على المناهج الحديثة ، قائلا اننى عندما أتسلح بأسلحة التحليل السوسيولوجى واللغوى والأنتربولوجى يصبح هذا الكتاب الذى أنُتج منذ القرن الرابع الهجرى يصبح جديدا معاصرا ،بل ان هذا الكتاب قد يغذينى أكثر من كتب تصدر اليوم !! ففى رأى اركون أن هذا الكتاب يغذى العقل والفكر ويربى الفكر تربيه شاملة كاملة ،ويصبح الطالب اى التلميذ فى حالة دراسته قادرا على قراءة النصوص المعاصرة بطريقة أكثر إكتشافا للمحتويات السلبية والإيجابية لكل نص على حدة ،ولكن كل هذا يربطه المفكر الجزائرى بشرط أساسى هو التسلح بأحدث المناهج العلمية كالألسنيات ،والانتربولوجى ،والاثنوجرافى ،والتاريخى النقدى .. الخ .

لقد دعا أركون الى نقد العقل الاسلامى وكانت مرجعيته تتوزع بين الإلمام بقضايا التراث وعلومه ومناهجه وتحصيل طرق جديده أو ترسانه منهاجيه جديده لقراءة ذلك التراث فأستخدم النقد التاريخى المقارن والتحليل الألسنى التفكيكى والتأمل الفلسفى المتعلق بإنتاج المعنى وتوسعاته وتحولاته وإنعدامه،واتبع منهجية تعددية ،لم يكن أركون متعاليا على الإسلام وأشاد بدوره كدين وتراث فكرى له دورا بارزا مثله فى ذلك مثل المسيحية واليهودية ،ومن شدة اهتمامه وتعمقه توصل الى مفهوم الإسلاميات التطبيقية كعلم جديد يدرس الفكر الإسلامى بما يتناسب مع معطيات العلم الحديث وبشكل لا يتنكر لنجاحات الفكر المعاصر ولكن يستفيد من هذة النجاحات ،وقد نادى أركون بالحداثة الجديدة التى تحول موقفها من القطيعة مع التراث الى العناية والإهتمام بالتراث قراءة ونقد ومراجعة ......

كل ما أذكره هذا يجعلنى أتساءل اين يقع اسلام البحيرى من كل هذا الحديث؟ وما هو المنهج العلمى الذى يسير عليه ؟ وما هى الدراسات التى ساهم بها فى هذا المجال ؟ ولماذا يحقر من شأن التراث ؟ واذا كان للتراث كل هذا الاحتقار والاشمئزاز من قِبل باحث متخصص فكيف ستكون الصوره لدى عامة الشعب ؟
وهل يصل به الحال من العنجهيه الى التفوه بكلمه ( هذا التراث لا يجب أن يُحترم ) وهو ماسمعته وشاهدته فى هذه الحلقة؟ الا يعتبر هذا تجنى على تاريخنا ؟ أرى ان اسلام البحيرى إن هو إلا باحث ضعيف ،ليس لديه منهج علمى أو فكرى ،أراد خيرا بكل تأكيد ولكن عدم تسلحه بالاسلحه التى نادى بها محمد أركون أوقعه فى شر أعماله ضحية لجهله ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أسلوب المهادنة
ياسين المصري ( 2015 / 4 / 7 - 10:19 )
الأستاذة فاطمة
أعتقد أن تغيير النظر إلى التراث العروبي المقدس لن يتأتى بأسلوب المهادنة الذي إتبعه الدكتور محمد أركون كما إتبعه الكثيرون غيره وهو أسلوب أو منهج يتقدم خطوة إلى الأما ويرجع خطرتين إلى الخلف.
لقد أصبح الكثيرون من الشعوب الإسلاموية وغير الإسلاموية على قناعة الآن أننا نتعامل مع نفوس مريضة وعقول متحجرة ومرتزقة يقتاتون من التجارة بالدين ولا سبيل لمواجهتهم والحد من طغيانهم سوى بالصدمات القوية من التراث نفسه الذي ما زالوا يدافعون عنه بكل ضراوة حفاظا على سطوتهم وتأكيدا لنفوذه المزيف .
الأمر برمته لم يعد يحتمل المهادنة.
مع أطيب تحياتي

اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و