الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأدبة أبليس

عقيل الواجدي

2015 / 4 / 7
الادب والفن


مأدبة أبليس

لازمةُ لاانفكاك لها مابين عدنان عزيز دفار ككاتب ومابينه كأنسان ، الفصل مابينهما و قراءته منفصلا ككاتب يوقعك في فخ عدم الادراك لقيمة ما يكتنزه هذا الانسان من بعد ندر ان يوجد عند سواه ، فهو الواعي والمدرك لما يكتب غير مبال لتجنيس كتاباته فهو لم يعلن عن نفسه متبنيا لجنس ادبي ما ، هو محترفُ حرفٍ وحسب ، ولحم ابليس المائدة المستفزة لوعينا والمأدبة الغنية بقيمةٍ فنية تراكمية لم تأت عن فراغ ، فهو صاحب الاسلوب الاروع في الطرح وفق مبتنياته الوعوية التي لم تنسلخ عن واقعها فقد كان رساما بارعا في نسج لوحاته بالوان الواقع الذي تجلى برمادية الغد الذي غاب عنه نور الامل .
لحم ابليس كتابه الثاني بعد ( ديوان رماد الالم ) بنصوصة الخمس والستين هي رحلة انسان تجسد وجعاً وحزناً وخيباتٍ اَجاد كاتبنا ( عدنان عزيز دفار ) في تصويرها بلقطات انسانية متنقلا بنا عبر عوالمه التي تخفي خلف صرير ابوابها ريحا عاتية متنبئاً بها ( في الجوار كان ثمّة من يحاول ان يشعل الفتيل من ظهر انبوب ممتد باتجاه المدينة ! ) ص 7
الهدوء الذي يمتاز به كاتبنا تجلى واضحا عر كتاباته فبالرغم من كونها معبّراً حقيقيا عن واقع متشنج قلق الا ان كاتبنا اجاد قيادة رسن كلماته بالاتجاه الذي يرغب وبالايقاع الذي لم ينفلت حتى وهو في قمة انفعالاته تجد ان الهدوء ملازما له كانما يبحر بك في زورق يسير على مهل بين ضفتي غابة ،
(( احتضن القبر كاحتضان الام للرضيع ، الدموع تنهمر بغزارة ، قلبه يكاد يفرّ من صدره ، رفع راسه وصرخ :
ايها الرب
ارسل اولادك الى الحرب
لنرى مدى شجاعتك )) ص 92
( اَكثم ) وجعهُ الاكبر ، ضحية السقيفة ، وخيانة الطف ، تشظّى في اغلب نصوصه ، بل كان المحرّك لها ، هو الوجع الذي لم يفلح كاتبنا في ايجاد ما يناسبه من كلمات ، اخفاقٌ واضح للكلمات امام الوجع ، واَيّة كلمات يمكنها ان تفصح عن مكنون وجع ابٍ فقد ابنه البكر !!
واي شيء يمكن ان يكون جديرا بهذا الثمن في زحمة التناقضات والتلاص بأسم الدين و الوطن !! اي دين هذا يستحق ان يكون اكثم ثمنه !! واي وطن جدير بدمه !! ونحن من امة تسرق العناوين مما سبقها !! فشهداء الامس خونة اليوم ، وشهداء اليوم خونة الغد ، وهكذا .. !!
(( يا وطناً
حيث لا انا سوى انتَ والبقايا من شجنْ
حيث لا انا والتوابيتُ اَراجيحَ الطفولة )) من قصائد ( فلسفة الطين للشاعر ) عقيل الواجدي
فماعاد الوطن سوى تابوت يتنقل بين البيوت ليوصدها على حزن ، واي حزنٍ اكبر من فقد الابناء !!
القدرة على ترويض المفردة احدى ملكات كاتبنا الذي عرفته من عشرين عاما ، مبهر بطرحه وطريقة ايصال المعنى حتى انك لتستهل مايقول حتى تخذلك التجربة ، انها احدى ميزاته انه يقول لا كما يقول الاخرون ، فقد كان لنا في ابليس المتهم الاول عن اخطائنا مأدبة تمنيت على كاتبها لو انه ادامها لنا اكثر لنستمتع اكثر ،
في زحام الحزن والاسى ومرارة الواقع تكاد لا تغفل ان ترى بين كل هذا السواد ملامح المراة في نصوص كاتبنا ، فالمراة مرتكز اساسي لكل كاتب لكنها عند عدنان عزيز دفار لها الاسبقية في ان تكون منفذا لأغلب كتاباته ، فهي العاشقة والسارقة على حد سواء
( تلك المراة لم تعطه فرصة لأن يكون عاشقا .. كانت ترغب في محفظته اكثر ) ص 53
من نصوص المجموعة
النص 25 ص 35
( يعلم تماما ان لااحد يهتم بما يكتب لكنه بعد ان فرغ من سيجارته التي انهى فصلها القصير في مرمدته المكتظة باعقاب صريعة مماثلة ، كتب وهو ينظر الى صورة رجل معلقة بالحائط ببزته العسكرية يراقبه بحذر، السياسة امراة عاهر شقي من ظفر منها بقبلة ، رفع رأسه الى صورة العسكري وجده مبتسماً لأول مرة منذ اعوام خلت )

ستبقى مأدبة ( لحم ابليس ) التي لاتُرد او يُعتذر عنها فهي جديرة بالقراءة بما يتناسب وعمق ووعي كاتبها والكتابة عنها لتأخذ حقها من الاهتمام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد