الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب المفكر -محمد عمامي-: تونس: الثورة في مواجهة عولمة الأصوليات المعاصرة

بلقاسم عمامي

2015 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يتناول محمد عمامي في كتابه، مفهوم "الأصولية" فيعطيها أبعادا واسعة مدققا ملامحها مدعومة بأمثلة منحت بعدا "أكاديميا" للمقاربة بما مسّ تقريبا معظم القوى الفاعلة على الساحة السياسية العالمية والإقليمية والمحلية. وهو يصنفها إلى ثلاثة أصناف:

1- الأصولية الرأسمالية الليبرالية المتوحشة والتي تتصدى بطبيعة وجودها لكل محاولات التغيير الاجتماعي والاقتصادي، والتي - توكل بعضا أو جلّا من هذه المهام اقتصادا في جهدها- لحلفائها والدائرين في فلكها وأذرعتها المختلفة. كما تعمد أحيانا إلى (دائما لاقتصاد الجهد) إلى "رسكلة" فئات من خارجها و"إعادة تأهيلها" تحت مسميات متعددة: منظمات أهلية أو ما يعرف "بالمجتمع المدني"، نقابات شبابية وعمالية، منظمات حقوقية وحتى مهنية (عمادة المحامين... مثلا....) وفي أحالة تونس، منظمة الأعراف (الفاسخ والمفسوخ).


2- الأصولية الدينية ممثلة في الأحزاب والتنظيمات والجمعيات ذات المرجعية الدينية (الإسلامية طبعا فالديانات الأخرى مستباحة أو على الأقل دونية التموضع) والتي بطبيعة تكوينها وظهورها الهجينين كإجابة عن فشل البدائل اليسارية (ماركسية وقومية)، فإنها تسعى إلى إسقاط قوانين وقواعد حياة وأنماط ثقافة وتفكير وحكم لم تك حتى موجودة زمن ظهور الإسلام ولا حتى بعده بقرون تقوم على "نفي الآخر واستعباده وقتل الحياة".


3- الأصولية الثالثة والتي عبر عنها محمد عمامي هي "أصولية الدولة "المتبرجزة" كنتاج ل"رأسمالية الدولة الاشتراكية" كنتاج للثورات العمالية المغدورة في الاتحاد السوفييتي "سابقا" والأنظمة التي دارت ولا تزال في فلكها بما هي تعبيرة عن مصالح فئة قليلة تستمد وجودها من "الإنابة عن الطبقات العمالية" والتي حازت / سطت على امتيازات هائلة تجعلها تقف عائقا أمام انتصار ثورات اجتماعية لاحقة وذلك بشتى الذرائع والتبريرات، ك"الأمن القومي، معاداة الرأسمالية، مكاسب العمال، الدولة الوطنية...إلخ
هذه الأصولية – وفق محمد عمامي- سيكون لها التأثير الأخطر على سحق "ثورات عديدة في العالم" وبالتالي "انتصار الرأسمالية المطرد" نتيجة تردد القوى المنحازة تاريخيا للثورات بحكم "ارتباط قرارها وقراءتها وبرامجها" بما سعت إلى بثه وترسيخه هذه الأصولية.. وهي ما تؤكده حالة اليسار التونسي في التعاطي مع "ثورة 17/14 وكل المحطات اللاحقة" حين ترددت في التوجه نحو افتكاك السلطة المحلية والجهوية وتركيز هيئات تسيير ذاتية في الإدارة والبنوك والمصانع والأراضي الفلاحية الشاسعة، وبدل هذا، هي دعت إلى مفاهيم ليست من تراثها الإيديولوجي ك"السلمية والدولة الوطنية والانتقال الديمقراطي والانتخابات البرلمانية..."
ولعل هذه الأصولية بما رسّخته في معتقدات اليسار التونسي والنقابيين هي التي أجهزت على كل أمل لانتصار الثورة التونسية... لا يعني هذا تبرئة الأصوليتين الأولى والثانية، بحكم طبيعتها اليمينية والمعادية للتحرر والإشباع والإبداع... غير أن ما توفق محمد عمامي في تشريحه، هو الدور السلبي لليسار في كبح الثورة وبالتالي في هزيمتها، وهو لا يحمل اليسار وحده هذا الخطأ التاريخي بل "الاتحاد العام التونسي للشغل" الذي تحول إلى "طفاي حرايق" منذ أحداث الحوض المنجمي حتى اندلاع شرارة الثورة في 17 ديسمبر، حيث سعى في مرحلة أولى إلى احتضان الحراك الشعبي في الجهات، ثم توجيهه (القصبة 1و2) ثم احتوائه وأخيرا تبريكه والإنابة عنه في مهزلة "الحوار الوطني" الذي جلب للسلطة راسي اليمين في شاشية واحد.

• شكرا محمد عمامي على هذا التحليل، وأرجو أني توفقت في ترجمة أفكارك ونقلها










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان